العربي نيوز - حضرموت:
كشف مراقبون سياسيون وعسكريون عن "مخاوف جدية" من اندلاع حرب اقليمية تجر اثنتين من كبرى دول المنطقة وقد تقود إلى حرب دولية، بفعل المستجدات المتسارعة في محافظة حضرموت، وفرض "المجلس الانتقالي الجنوبي" نفسه ومليشياته على المكونات السياسية والمجتمعية والقبلية في حضرموت، وتلويح الاخيرة باللجوء لخيار المواجهة المسلحة مع "الانتقالي" رفضا لهيمنته.
جاء هذا في اشارات متقرقة ضمن تعليقات على دخول مليشيات "المجلس الانتقالي" إلى حضرموت بأعداد غفيرة، ووصول ارتال من المدرعات والآليات العسكرية الثقيلة إلى حاضرة حضرموت الساحل، مدينة المكلا، ووصولها الى مديرية حورة في طريقها باتجاه حضرموت الوادي (سيئون)، تحت غطاء تأمين انعقاد الدورة السادسة للجمعية العمومية للمجلس الانتقالي.
شاهد .. مليشيا "الانتقالي" تبدأ زحفا واسعا باتجاه مدينة سيئون
وأبدى المراقبون السياسيون والعسكريون قلقهم، إزاء رد فعل المكونات السياسية والمجتمعية والقبلية الحضرمية، وإصدار لقائها التشاوري الموسع في مدينة سيئون، الخميس، اعلانا "رفض دخول قوات من خارج حضرموت"، واتهم المجلس الانتقالي بـ "السعي لنشر الفوضى وزعزعة امن واستقرار حضرموت" ولوح بخيار "التصدي لمحاولاته اتباع حضرموت".
شاهد .. "الانتقالي" يستعرض مدرعات مليشياته في المكلا
https://twitter.com/i/status/1659094797557067776
مشيرين إلى أن تضمن اعلان اللقاء التشاوري للمكونات الحضرمية، إقرار "عقد لقاء مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي د. رشاد العليمي"؛ يتجاوز "المطالبة بتمثيل حضرموت في وفد الشرعية بالمفاوضات المرتقبة لتسوية الازمة اليمنية"، إلى التحقق من موقف قوات الجيش الوطني بالمنطقتين الاولى والثانية ومساندته خيار مواجهة مليشيا المجلس الانتقالي".
ونوهوا إلى أن مما يؤكد نُذر الانفجار الوشيك للموقف عسكريا في حضرموت الوادي والساحل، إعلان لقاء سيئون التشاوري ضمن مقرراته "إقرار تشكيل وفد للقاء الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد ووزير الدفاع". ما يشي بعقد العزم قبليا على المواجهة المسلحة مع مليشيات "الانتقالي"، وأن "هذا اللقاء يسعى إلى الحصول على ضوء اخضر ودعم سعودي".
محذرين من تداعيات خطيرة للتصعيد الاماراتي عبر ذراعها السياسي والعسكري في جنوب اليمن (المجلس الانتقالي) و"تغذيته أي اضطراب أو اشتعال مواجهات مسلحة في حضرموت، تتجاوز عواقبها الداخل اليمني، إلى المحيط الاقليمي، وتهديد الامن القومي لكل من سلطنة عمان، اضافة إلى المملكة العربية السعودية، لاشتراكهما بحدود مباشرة مع حضرموت".
ولفتوا إلى أن اندلاع حرب اهلية في المحافظات اليمنية الشرقية (شبوة، حضرموت، المهرة) "سيُمكن الامارات من حصار سلطنة عمان من جهة حدودها الشرقية ومن جهة حدودها الشمالية والغربية مع اليمن، في ظل العداء غير الخفي لمسقط من جانب الامارات على خلفية طموحاتها الاقتصادية والسياسية، فضلا عن كونها دولة ناشئة على أراضٍ عمانية تاريخيا".
في المقابل، أشار المراقبون السياسيون والعسكريون، إلى أن اشتعال حرب اهلية في حضرموت سيلحق أضرارا بالغة بالأمن القومي للمملكة العربية السعودية، لكون نيرانها ستمتد بالضرورة إلى كامل حدودها الجنوبية مع اليمن في حضرموت والمهرة بجانب اشتعال حدودها طوال السنوات الماضية من جبل دخان في جيزان، مرورا بعسير وحتى صحراء البقع قبالة نجران.
وعلق مدير مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، عبدالسلام محمد، على التطورات المتسارعة في حضرموت، مغردا بقوله: "استغلت الامارات ممانعة الحوثيين لخطة السلام السعودية، إلى جانب استغلالها تهدئة الرياض جبهة التجاذب الاعلامي مع أبوظبي لانجاح القمة العربية ، ففرضت واقعا جديدا في المكلا بحضرموت ، بهدف هز القوى الرافضة للانفصال هناك".
مضيفا: "ومع أن أبوظبي تتواجد في المكلا منذ 2015 ، لكنها أرادت أن تدخل الانتقالي عسكريا مع مستجدات استقطابها لنائب مجلس القيادة فرج البحسني تمهيدا للسيطرة الكاملة على الوادي و العبر الحدودية مع السعودية. بالنسبة لرئيس مجلس القيادة الذي تربطه علاقة جيدة مع الامارات، ضربت هذه التحركات رصيده السياسي محليا واقليميا ودوليا". حسب وصفه.
وتابع : "وهي إضافة سلبية تضم الى دعمه للتحركات السابقة التي أدت بشبوة الى يد الانفصاليين". مردفا: "في اتجاه آخر لا أحد يتنبأ بردة فعل الرياض على هذه الخطوة التي قربت اليمن من انفصال يضع الشمال بيد الحوثي والجنوب بيد الانتقالي، لكن المستفيد بالتأكيد الحوثي وإيران، فالامارات مهما بدا لها أنها مسيطرة ستكتشف يوما أنها مجرد أداة تم استخدامها لتفكيك اليمن والخليج".
شاهد .. مركز دراسات يتوقع تداعيات اقليمية لتطورات حضرموت
وسبق أن نبه المحلل السياسي الامريكي سيغرد نيبور، في مقال تحليلي تحت عنوان “حياد عمان في السياسة الإقليمية قد ينتهي”، نشرته مجلة “ناشونال إنترست”، مطلع مايو 2019م، من مساع اماراتية الى محاصرة سلطنة عمان. محذرا من سيطرة الامارات عبر قوات "المجلس الانتقالي" على محافظتي حضرموت والمهرة، وأنها بذلك سوف تستكمل محاصرة عُمان بعد سيطرتها على جزيرة سقطرى.
سيغرد، قال: "يظهر الصراع الحالي ضد عُمان أن الإمارات ترغب بالضغط على عمان أو تحويلها لدويلة تابعة في لعبتها للسيطرة في محاولتها للهيمنة على شبه الجزيرة العربية ومنطقة شرق أفريقيا". منوها إلى بدء الامارات في تنفيذ عملية محاصرة سلطنة عُمان، في نيسان (إبريل) 2018 عندما قامت القوات الخاصة الإماراتية بالسيطرة على ميناء جزيرة سقطرى. كاشفا ابعاد هذه التوجهات الاماراتية.
مضيفا: "ولم يكن الهدف تسهيل وصول الإمارات إلى شرق أفريقيا حيث تستثمر الإمارات في ميناء بربرة الصومالي ولكن زعزعة استقرار عمان من خلال الحصار الإماراتي الإستراتيجي للسلطنة". وأردف: "وتهدف الإمارات بالبقاء في اليمن ذلك أن محمد بن زايد يرى فيه جزءا مهما من استراتيجية توسيع التأثير الإماراتي إلى البحر الاحمر والقرن الأفريقي" إضافة إلى البحر العربي، المطلة عليه اليمن وعُمان.
وتابع: "وستعطي سيطرة الإمارات على جنوب وشرق اليمن بما في ذلك الموانئ الرئيسية في المكلا وعدن والمخا وربما الحديدة، الإمارات القدرة على التحكم بمعابر التجارة عبر البحر الاحمر وبحر العرب". مشيرا إلى أن "هذا يحدث في الوقت الذي (كانت) تحضر فيه عمان لمرحلة ما بعد السلطان قابوس بن سعيد". ومتوقعا في مقاله التحليلي أنه "ربما أدى التوتر لمواجهة بين الكتلة الإماراتية – السعودية وعمان".
حسب المحلل السياسي الامريكي سيغرد نيبور، فإن من بين أبرز مظاهر هذا التوتر المتصاعد بين الامارات وسلطنة عمان، اصدار محكمة عمانية في 10 نيسان (إبريل) 2019م حكما على أربعة إماراتيين وعماني بتهم التجسس. وتم جر الإماراتيين إلى عمان في خريف العام الماضي بعد عملية امنية قبض فيها على العماني الذي جندوه. وبعد اعتقالهم زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مسقط بشكل مفاجيء".
مضيفا: "وعقد (نتنياهو) محادثات مع السلطان قابوس بن سعيد. رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين. وبعد شهر من كشف خلية التجسس ردت سلطنة عمان رسميا على جهود الإماراتيين شراء أراض وعقارات في مناطق استرايجية من البلاد خاصة المنطقة الشمالية. وأصدر السلطان قابوس مرسوما يحظر على المواطنين غير العمانيين ملكية أراض زراعية أو عقارات في 9 مناطق والمواقع التاريخية والاراضي الزراعية".
وتابع: "وزاد من التوتر قيام متحف اللوفر في أبو ظبي بنشر خريطة جعلت محافظة مسندم جزءا من الإمارات. ويشبه التوتر المحاولة السابقة لولي العهد الإماراتي محمد بن زايد الإطاحة بقابوس عام 2011 وإنشاء شبكة من الجواسيس تستهدف الحكومة العمانية وجيشها". مشيرا في هذا السياق إلى نشاط القوات والمخابرات الاماراتية في محافظة المهرة وفي ساحل محافظة حضرموت، ضمن مشاركتها في التحالف بقيادة السعودية.
تفاصيل: الامارات تعمل في اليمن على محاصرة عُمان
والخميس، تلقت المملكة العربية السعودية، "أكبر طعنة غادرة من اليمن"، حسب مراقبين خليجيين واقليميين، اتفقوا في أن من سددها للمملكة علنا هذه المرة "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات، عبر تنكره للمملكة رسميا وتنفيذه انقلابا مباشرا عليها، لم يتردد رئيس المجلس الانتقالي، عيدروس الزُبيدي في ابلاغه مباشرة لقيادة المملكة، وإعلانه على الملأ، بتأكيد فرض نفوذ الامارات على محافظة حضرموت.
وتوقف سياسيون وناشطون سعوديون ويمنيون، على منصات التواصل الاجتماعي، عند صور تعمد رئيس "المجلس الانتقالي" التابع للامارات، عيدروس الزُبيدي، الانتقال من مطار الريان إلى مدينة المكلا التي وصلها مساء اليوم الخميس، ودخول الاخيرة على متن مدرعة عسكرية اماراتية من مئات المدرعات التي نشرها بالمكلا، بجانب تحريك ارتال من المدرعات الاماراتية صوب مدينة سيئون، باعتباره "اعلان سيادة الامارات على حضرموت".
تفاصيل: السعودية تتلقى اكبر طعنة غادرة من اليمن (وثيقة)
وأزاح مسؤولون سياسيون ومحليون، الستار عن تفاصيل مخطط اماراتي خطير يستهدف حضرموت، والمملكة العربية السعودية وامنها القومي ومصالحها الاستراتيجية، بدأت تنفيذه باشراف ضابط المخابرات الاماراتية في اليمن، مليشيات "الانتقالي" التي انتشرت بكثافة في حضرموت ضمن تحركات للسيطرة عليها بالكامل وضمها إلى دائرة نفوذ ابوظبي، في تحدٍ صريح لتوجهات المملكة العربية السعودية، الاخيرة لتأكيد نفوذها التاريخي في حضرموت.
تفاصيل: بدء تنفيذ مخطط اماراتي ضد حضرموت (صور)
سبق هذه التحركات الاماراتية، اطلاق السعودية، اعلانا رسميا بشأن حضرموت، على لسان قائد الدعم والإسناد في التحالف اللواء سلطان البقمي، بعث فيه رسالة مباشرة للامارات استهلها بقوله: "إن حضرموت منا وفينا"، وأثار حفيظة وريبة المراقبين للشأن اليمني في الداخل والخارج، لما حواه من تصريح علني غير مسبوق بنظرة المملكة لحضرموت، وتطلعاتها التوسعية في حضرموت، القديمة المتجددة، لامتلاك منفذ بحري يطل على البحر العربي.
تفاصيل: اعلان سعودي مفاجئ بشأن حضرموت (فيديو)
وجاء هذا الاعلان السعودي الرسمي المباشر بشأن حضرموت، بعدما احتدم صراع النفوذ بين كل من السعودية والامارات في جنوب البلاد، وبخاصة في حضرموت والمهرة، إثر اصرار الامارات على اخراج قوات الجيش الوطني منها واخضاعها لسيطرة التشكيلات العسكرية المحلية الممولة منها، ودفع السعودية بتشكيلات محلية ممولة منها، تمثلت في عدد من ألوية قوات "درع الوطن"، واحلالها محل مليشيات "الانتقالي" بدءا من منفذ الوديعة.
تفاصيل: السعودية تحسم عسكرياً صراع النفوذ في حضرموت (صور)
تبنت المملكة العربية السعودية منذ بداية العام 2022م تمويل تشكيل وتسليح الوية لجيش يمني رابع موازٍ للجيش الوطني من السلفيين في المحافظات الجنوبية، باسم "قوات اليمن السعيد" ثم "العمالقة الجديدة"، قبل ان تستقر تسميتها بقوات "درع الوطن" حسب قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي بإنشائها نهاية يناير الماضي، لتكون بموازاة التشكيلات المسلحة التي مولت انشاءها الامارات وأخلت بالاستقرار في عدن والمحافظات المحررة.
تفاصيل: إنشاء جيش جديد موازٍ بهذه التسمية والقيادة
وتدعم الامارات منذ العام 2021م تمدد نفوذ "المجلس الانتقالي" ونشر مليشياته في حضرموت، عبر افتعاله مواجهات وتحريكه تظاهرات احتجاجية على تدهور الاوضاع وتردي الخدمات وارتفاع اسعار المشتقات النفطية، ودعواته لتشكيل قوات مسلحة حضرمية، وتنفيذ حملات دعائية واسعة لتبني تمويل وضع احجار اساس وتدشين مشاريع خدمية في حضرموت، تحاول من خلالها تقديم "المجلس الانتقالي" منقذا ومخلصا للمواطنين.
ويترافق هذا التصعيد الاماراتي عبر "المجلس الانتقالي" مع اعلان الاخير مطلع مايو الجاري في البيان الختامي لما سماه "اللقاء التشاوري للمكونات الجنوبية" وعقده في عدن رغم اعلان معظم هذه المكونات مقاطعة اللقاء، "توحيد الصفوف والمكونات الجنوبية بقيادة المجلس الانتقالي ودمج الحراك الثوري الجنوبي والحراك الجنوبي بقوامه" وما سماه "الاصطفاف الجنوبي ضد الاحتلال اليمني" و"إقرار وثيقة اسس بناء الدولة الجنوبية الفيدرالية".
تفاصيل: "الانتقالي" يصدر بيان الانفصال رقم (1)
من جانبها، جددت المكونات السياسية والقبلية والمجتمعية الحضرمية، تأكيد موقفها من الانتقالي ومساعيه، عبر اعلان قوي صادر عن لقاء تشاوري موسع لها، عقدته الخميس في مدينة سيئون تحت شعار "حضرموت الشراكة والندية"، وضمنته 7 مقررات رئيسة اكدت رفضها سعي "الانتقالي" لضم حضرموت ووصايته عليها، واستعدادها لمواجهة مليشياته، وتشكيل وفد للقاء قيادة المملكة، بالتوازي مع اعلان أول "ميثاق شرف حضرمي".
تفاصيل: مفاجأة تصدم الزُبيدي فور وصوله المكلا
وأعلنت كل من مرجعية قبائل حضرموت وحلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع والهبة الحضرمية، وغيرها من المكونات والشخصيات في محافظة حضرموت، في وقت سابق، رفضها تفويض "المجلس الانتقالي" كممثل للجنوب، ومقاطعتها لقاءه التشاوري، رفضا لما سمته "اتباع حضرموت بنهج الضم والالحاق والاقصاء والتهميش، وهيمنة المجلس الانتقالي وفرض وصايته على حضرموت والجنوب بقوة السلاح والمليشيا".
تفاصيل: هبة حضرمية عنيفة تلفح "الانتقالي" وتربكه (بيان)
يُعد تصعيد "المجلس الانتقالي" ورئيسه عيدروس الزُبيدي لخطاب الانفصال في افتتاح "لقائه التشاوري"، وقبلها كلمتيه بمناسبتي ذكرى تحرير عدن وعيد الفطر، "تحديا جديدا لعزم السعودية على انهاء تمرد الانتقالي واعاقته عمل مجلس القيادة الرئاسي والحكومة منذ انقلابه على الشرعية في 2019"، وتسببه في تدهور الاوضاع الادارية والخدمية والمعيشية واستمرار انهيار قيمة العملة الوطنية وارتفاع الاسعار في عدن وجنوب البلاد.
يشار إلى أن "المجلس الانتقالي" ومن ورائه الامارات، يسعى إلى ضمان السيطرة على ثروات المحافظات الشرقية لليمن النفطية والغازية، لإدراكه أن "الدولة الجنوبية" التي يسعى الى فرضها بالقوة لا يمكن ان تقوم لها قائمة دون محافظات شبوة وحضرموت والمهرة، بما تشكله من مساحة وثروات، مستغلا محدودية سكانها، ومستهينا بمقاومتها المسلحة لتوجهاته الرامية لاخضاعها وتنفيذ اجندة اطماع الامارات في اليمن، ونهب ثرواتها.