الأحد 2024/11/24 الساعة 01:55 م

سعر الريال يسجل مفاجأة هذا الصباح 

العربي نيوز - عدن:

فاجأ الريال اليمني مع تباكير الصباح وافتتاح المداولات في سوق الصرافة، بسعر جديد، مقابل الدولار الامريكي والريال السعودي، فاق توقعات جميع المهتمين والمتعاملين بالعملات الاجنبية، بتجاوزه سقف 1900 ريال مقابل الدولار.

وأفادت عدد من شركات الصرافة الكبرى في العاصمة المؤقتة عدن، بأن "سعر صرف الريال اليمني سجل تراجعا جديدا صباح اليوم (الخميس) 15 اغسطس، بلغ 1905 ريالات للشراء و1918 للبيع، مع شح كبير للدولار بالسوق".

موضحة أن "سعر صرف الريال اليمني مقابل الريال السعودي، واصل ايضا التراجع نسبيا، وبلغ 499 ريالا للشراء و500 ريالا للبيع". وأشارت إلى أن "السوق تواجه شحا في العملة الصعبة المتوفرة، بفعل تأخر مزادات البنك المركزي".

وعزت المصادر الصيرفية، إلى هذا السبب (شح سيولة الدولار) امتناع عدد كبير من شركات الصرافة في عدن، عن تسليم الحوالات المالية الواردة بالدولار الامريكي، والاضطرار الى تحويلها اما بالريال السعودي او بالريال اليمني. 

في السياق، عبر مواطنون عن تفاجئهم برفض معظم شركات الصرافة والحوالات المالية في عدن تسليم حوالاتهم بعملتها الاجنبية (الدولار)، واضطرار كثير منهم إلى "دفع فارق مالي كبير من قيمة الحوالة لاستلامها بالدولار الامريكي".

وطالب المواطنون البنك المركزي اليمني بـ "توضيح عاجل لقانونية اجراءات شركات الصرافة والحوالات المالية"، و"ايجاد حل لهذه الاشكالية الجديدة التي تُضاف الى اشكالية استمرار انهيار قيمة العملة المحلية وارتفاع رسوم التحويل".

يأتي هذا رغم أصدر البنك المركزي اليمني في عدن، سلسلة قرارات وتنفيذه حزمة اجراءات في اطار خطة تدعمها الولايات المتحدة الامريكية لإحكام الحصار على جماعة الحوثي الانقلابية، ماليا واقتصاديا، واجبارها على ايقاف هجماتها البحرية والانصياع للسلام بموجب المرجعيات الثلاث، للشرعية في اليمن.

تفاصيل: كماشة اميركية تطبق على الحوثيين

وتحظى قرارات البنك المركزي اليمني بدعم امريكي عبرت عنه واشنطن الاثنين (15 يوليو)، بإعلان موقفها من قرارات البنك بشأن نقل البنوك الى عدن والاصلاحات المالية والاقتصادية والرقابة على تحويلات الاموال من وإلى اليمن، ضمن التعاون مع البرنامج الامريكي لمكافحة الارهاب وتمويله وغسيل الاموال. 

تفاصيل: اعلان امريكي حاسم بشأن البنك المركزي (وثيقة)

لكن قرارات واجراءات البنك المركزي في عدن، بشأن فرض نظام شبكة موحدة للحوالات ونقل البنوك من صنعاء الى عدن ومزادات بيع عشرات الملايين من الدولارات اسبوعيا، لم تكبح الانهيار المتسارع لقيمة الريال اليمني، ليتجاوز سعر صرفه 1900 ريالا مقابل الدولار الامريكي و 498 ريالا مقابل الريال السعودي.

ومع أن البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، يواصل منذ العام 2022م، طرح عشرات الملايين من الدولارات اسبوعيا للبيع بمزادات للبنوك، وباع وفق اقتصاديين قرابة ملياري دولار امريكي، حتى نهاية العام 2023م. إلا أن مزادات بيع العملة التي يوصي بها البنك الدولي، لم تنجح في كبح انهيار قيمة الريال اليمني.

في المقابل، تسبب استمرار تدهور قيمة الريال اليمني امام العملات الاجنبية، في ارتفاع فاحش لأسعار السلع الغذائية والمواد التموينية والمشتقات النفطية والخدمات العامة، قدرته تقارير البنك الدولي بنسبة 300%. "ما جعل نحو 50% من سكان مناطق سيطرة الحكومة اليمنية عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الغذائية الاساسية".

وتتصاعد، بالتوازي، تحذيرات منظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة (الفاو) من "تداعيات كارثية لاستمرار تدهور قيمة العملة اليمنية وانعكاسات تجاوز خسارة الريال 38% من قيمته على الامن الغذائي لعشرات الملايين من اليمنيين باتوا تحت خط الفقر ويعتمدون المساعدات الاغاثية للبقاء احياء، وباتوا مهددين بالمجاعة".

 تفاصيل: إعلان لمجلس الامن بشأن عملة اليمن

جاء هذا التحذير نهاية يوليو الفائت، امتدادا لتحذير اطلقته الامم المتحدة في وقت سابق، مما سمته “عواقب كارثية محتملة” في اليمن جراء استمرار الانقسام المالي في البلاد بين بنكي صنعاء وعدن "ووجود سلطتين نقديتين متنافستين في اصدار توجيهات متنعنة". مطالبة بـ "وقف التصعيد المصرفي والمالي فورا".

شاهد .. مجلس الامن يطلع على عواقب حرب العملة

ويترافق هذا، مع انباء صادمة وغير سارة بالمرة، بشأن عجز الحكومة عن صرف رواتب الموظفين في عدن والمناطق المحررة، خلال الاشهر المقبلة، بفعل ما وصفته مصادر حكومية "ازمة مالية حادة". وهو ما أكده رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، في اجتماع موسع، الاربعاء (8 مايو) .

شاهد .. العليمي يتحدث عن ازمة دفع الرواتب

برزت الازمة مع شكوى قطاع واسع من قرابة 700 ألف موظف وموظفة في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، تأخر صرف رواتب ديسمبر يناير فبراير، وعدم انتظام مواعيد صرف مرتباتهم، بينما يشكو منتسبو قوات الامن والجيش من تراكم المرتبات المتأخرة،

تفاصيل: توجيه رئاسي عاجل لابن مبارك بشأن الرواتب 

وأدت ازمة تأخر صرف رواتب الموظفين في المناطق المحررة، الى تدخل السعودية، مطلع فبراير الفائت، عبر "إطلاق الدفعة الثانية من منحة دعم الموازنة العامة للدولة والبالغة 250 مليون دولار أمريكي". حسب ما اعلنه مسؤول بالبنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن.

تفاصيل: انفراج كبير بشأن رواتب الموظفين (اعلان)

كما اعلنت السعودية، منتصف يونيو الفائت، تقديم دعم مالي كبير، لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية المعترف بها، لحل ازمة دفع رواتب الموظفين وانهيار العملة اليمنية المتسارع وتجاوزه سقف 1800 ريال يمني مقابل الدولار، وتبعات ذلك على اسعار السلع والمواد التموينية والمشتقات النفطية والخدمات.

تفاصيل: السعودية تدعم البنك المركزي بهذا المبلغ

تتجاوز تداعيات انهيار قيمة الريال اليمني وتأخر صرف رواتب الموظفين، ارتفاع اسعار السلع والمشتقات النفطية، إلى تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية وانقطاع الكهرباء في ظل الصيف اللاهب، وتتصاعد مظاهر حالة من الفوضى في عدن بعد انتشار كبير للحبوب المخدرة والحشيش، وانتشار النازحين الأفارقة.

ويرى مراقبون للشأن اليمني، أن تدهور الاوضاع "سابق لتوقف تصدير النفط جراء استهداف الحوثيين موانئ التصدير"، مرجعين التدهور إلى "الفساد وحماية شركاء السلطة للمفسدين". متهمين التحالف ومجلس القيادة الرئاسي والحكومة والمجلس الانتقالي بأنهم "شركاء في حرب الخدمات واخضاع المواطنين لهذا الفساد".

من جانبهم، يُرجع سياسيون واقتصاديون تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في عدن والمحافظات الجنوبية الى "اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة بجانب تبادل اتهامات الفساد بين شركاء الحكومة".

ويتهم "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي، الحكومة التي يستحوذ نصف مقاعدها بـ "صفقات فساد تتجاوز عدم ايداع ايرادات الدولة في البنك المركزي اليمني إلى نهب المساعدات والمنح المالية وانشاء شركات استثمارية خاصة خارج البلاد، بجانب المضاربة على العملة".

في المقابل، تتهم الحكومة "الانتقالي" بأنه "يعيق عمل الحكومة بإصراره على استمرار انتشار ونفوذ فصائل مليشياته المتعددة" منذ انقلابه المسلح على الشرعية اليمنية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الامارات ومشاركة طيرانها الحربي ضد الجيش الوطني.

مؤكدة أن "استمرار تمرد ‘الانتقالي الجنوبي‘ على الشرعية واستحواذه على قدر كبير من ايرادات الدولة، في عدن وعدد من مدن جنوبي البلاد، فاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار قيمة العملة المحلية وارتفاع اسعار السلع والخدمات العامة والمشتقات النفطية".

وتبنت الامارات في 2017م إنشاء "المجلس الانتقالي" ورئيسه عيدروس الزُبيدي، وتمويل تجنيد وتسليح ما يقارب 50 لواء من المليشيات المسلحة، ليغدو الذراع السياسي والعسكري لها في جنوب البلاد، وأداة فرض انفصال جنوب اليمن، بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن.

يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.