العربي نيوز - عدن:
سجل الريال اليمني بختام التداولات المسائية مفاجأة لجميع المهتمين والمتعاملين بالعملة الاجنبية وبخاصة الدولار الامريكي والريال السعودي، عبر سعر صرف غير متوقع وتحليق غير مسبوق باتجاه تجاوز 2000 ريال مقابل الدولار الامريكي الواحد.
وأفادت مصادر صيرفية في كبرى شركات الصرافة في عدن وعدد من محافظات جنوبي البلاد، ان "سعر صرف الريال واصل التراجع، متجاوزا 1830 ريالا مقابل شراء الدولار الامريكي و480 ريالا مقابل الريال السعودي".
يتزامن هذا مع طرح قضية العملة اليمنية والحرب الاقتصادية المالية والمصرفية بين البنك المركزي اليمني في كل من العاصمة صنعاء والعاصمة المؤقتة عدن، على طاولة النقاش في هيئة الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي.
واتفقت منظمات الامم المتحدة العاملة لدى اليمن في التحذير من عواقب كارثية لتفاقم اتساع الانقسام المالي والمصرفي بين مركزي صنعاء وعدن، على حياة اليمنيين، وفي المطالبة بـ "وقف التصعيد المصرفي والمالي فورا".
جاء هذا في تقرير لهيئة الامم المتحدة، صادر عن منظمتها للأغذية والزراعة (الفاو)، بشأن الآثار المحتملة لأزمة القطاعين المصرفي والمالي المتصاعدة في اليمن على تعريض الاسرة اليمنية في عموم البلاد لانعدام الأمن الغذائي وخطر المجاعة.
تفاصيل: إعلان لمجلس الامن بشأن عملة اليمن
يأتي هذا في ظل مواصلة البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، اصدار قرارات واتخاذ اجراءات تسعى الى احكام الحصار على جماعة الحوثي الانقلابية، ماليا واقتصاديا، واجبارها على الاستجابة لمساعي السلام بموجب المرجعيات الثلاث.
تفاصيل: كماشة اميركية تطبق على الحوثيين
لكن اجراءات البنك المركزي في عدن، بشأن نظام الحوالات ونقل البنوك وومزادات بيع ملايين الدولارات اسبوعيا، لم تكبح الانهيار المتسارع لقيمة الريال اليمني، ليتجاوز سعر صرفه 1825 ريالا مقابل الدولار الامريكي و480 ريالا مقابل الريال السعودي.
واعلنت السعودية، منتصف يونيو، تقديم دعم مالي كبير، لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية المعترف بها، لحل ازمة دفع رواتب الموظفين وانهيار العملة اليمنية المتسارع وتجاوزه سقف 1800 ريال يمني مقابل الدولار، وتبعات ذلك على اسعار السلع والخدمات.
تفاصيل: السعودية تدعم البنك المركزي بهذا المبلغ
ومنذ العام 2022م يواصل البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن،طرح عشرات الملايين من الدولارات اسبوعيا للبيع بمزادات للبنوك، وباع وفق اقتصاديين قرابة ملياري دولار امريكي، حتى نهاية العام 2023م.
لكن وعلى الرغم من ان مزادات البنك المركزي لم تكبح تدهور سعر الريال اليمني إلا أن فريق خبراء البنك الدولي اوصى بختام مشاوراته مع قيادة البنك المركزي بالاردن، بـ "ضرورة استمرار مزادات بيع العملة الاجنبية".
وتسبب استمرار تدهور قيمة الريال اليمني امام العملات الاجنبية، في ارتفاع فاحش لأسعار السلع الغذائية والمواد التموينية والمشتقات النفطية والخدمات العامة، قدرته تقارير البنك الدولي بنسبة 300%.
مشيرة في الوقت نفسه إلى أن " نحو 50% من سكان مناطق سيطرة الحكومة اليمنية باتوا عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الغذائية الاساسية جراء التدهور الاقتصادي المتسارع وعجز الحكومة المالي المتزايد".
ويتزامن هذا مع انباء صادمة وغير سارة بالمرة، بشأن عجز الحكومة عن صرف رواتب الموظفين في عدن والمناطق المحررة، خلال الاشهر المقبلة، بفعل ما وصفته مصادر حكومية "ازمة مالية حادة".
أكد هذه الانباء، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، في اجتماعه الاربعاء (8 مايو) مع رئيس الحكومة ووزيري الخارجية والمالية ومحافظ البنك المركزي في عدن، بحضور عبدالرحمن المحرمي.
وتحدث الرئيس العليمي عن "ضرورة الوفاء بالتزامات الدولة بما فيها انتظام دفع مرتبات الموظفين، وتحسين الخدمات الاساسية، وفي الاولوية منها توفير المشتقات النفطية اللازمة لتشغيل محطات الكهرباء".
شاهد .. العليمي يتحدث عن ازمة دفع الرواتب
يشكو قطاع واسع من قرابة 700 ألف موظف وموظفة في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، تأخر صرف رواتب ديسمبر يناير فبراير، وعدم انتظام مواعيد صرف مرتباتهم، بينما يشكو منتسبو قوات الامن والجيش من تراكم المرتبات المتأخرة،
تفاصيل: توجيه رئاسي عاجل لابن مبارك بشأن الرواتب
وأدت ازمة تأخر صرف رواتب الموفظين بالمناطق المحررة، الى تدخل السعودية، مطلع فبراير الفائت، عبر "إطلاق الدفعة الثانية من منحة دعم الموازنة العامة للدولة والبالغة 250 مليون دولار أمريكي". حسب مسؤول بالبنك المركزي في عدن.
تفاصيل: انفراج كبير بشأن رواتب الموظفين (اعلان)
يترافق انهيار قيمة الريال اليمني وتأخر صرف رواتب الموظفين وارتفاع اسعار السلع والمشتقات النفطية، مع تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية وانقطاع الكهرباء مع اشتداد حرارة الصيف اللاهب.
بالتوازي، تتصاعد مظاهر حالة من الفوضى في عدن بعد انتشار كبير للحبوب المخدرة والحشيش، وانتشار النازحين الأفارقة في عدة أماكن في عدن أغلبهم من فئة الشباب، وعودة بيع السلاح في مديرية الشيخ عثمان بعد أن تم منعها خلال الفترة الماضية.
وأرجع مراقبون تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية إلى ما سموه "الفساد وحماية شركاء السلطة للمفسدين". متهمين التحالف ومجلس القيادة الرئاسي والحكومة والمجلس الانتقالي بأنهم "شركاء في حرب الخدمات واخضاع المواطنين لهذا الفساد الجاري".
من جانبهم، يرجع سياسيون واقتصاديون تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في عدن والمحافظات الجنوبية الى "اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة بجانب تبادل اتهامات الفساد".
ويتهم "المجلس الانتقالي" الحكومة بـ "صفقات فساد تتجاوز عدم ايداع ايرادات الدولة في البنك المركزي اليمني إلى نهب المساعدات والمنح المالية وانشاء شركات استثمارية خاصة خارج البلاد، بجانب المضاربة على العملة".
في المقابل، تتهم الحكومة "الانتقالي" بأنه "يعيق عمل الحكومة بإصراره على استمرار انتشار ونفوذ فصائل مليشياته المتعددة" منذ انقلابه على الشرعية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الامارات وطيرانها الحربي.
مؤكدة أن "استمرار تمرد ‘الانتقالي‘ على الشرعية واستحواذه على قدر كبير من ايرادات الدولة، في عدن وعدد من مدن جنوبي البلاد، فاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار العملة وارتفاع اسعار السلع والخدمات والمشتقات النفطية".
وتبنت الامارات في 2017م إنشاء "المجلس الانتقالي" ورئيسه عيدروس الزُبيدي، وتمويل تجنيد وتسليح ما يقارب 50 لواء من المليشيات المسلحة، ليغدو الذراع السياسي والعسكري لها في جنوب البلاد، وأداة فرض انفصال جنوب اليمن، بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن.
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.