الاثنين 2024/05/20 الساعة 09:32 ص

الرئاسة تكشف كواليس مثيرة لاقالة معين (تفاصيل)

العربي نيوز - الرياض:

كشف مسؤولون برئاسة الجمهورية عن كواليس مثيرة للقرار الجمهوري لرئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد محمد العليمي بإقالة معين عبدالملك سعيد الجحش، رئيس الحكومة المُشكلة مناصفة بين الشرعية اليمنية و"المجلس الانتقالي" التابع للامارات.

وفقا للمسؤولين فإن "التحالف بقيادة السعودية والامارات، دفعوا بتغيير رئيس الحكومة مع ابقاء اعضائها، منعا لأي اضطراب اضافي، في المحافظات المحررة، لا تحتمله المرحلة الراهنة الاكثر حرجا". في اشارة لتوترات البحرين العربي والاحمر.

وجاء قرار اقالة معين عبدالملك، تأكيدا لما كان "العربي نيوز" نشره نهاية يناير الفائت، عن قرار لرئيس مجلس القيادة الرئاسي، خلال الايام القليلة بإقالة الدكتور معين عبدالملك وتكليف خلف له من بين ثلاثة مرشحين يجري التداول لاختيار احدهم.

تفاصيل: قرار جمهوري بإقالة حكومة معين

ضمت اسماء المرشحين لرئاسة الحكومة: سالم بن بريك وزير المالية، وأحمد بن مبارك وزير الخارجية، وواعد باذيب وزير النقل، والقائم بأعمال وزير الاتصالات. لكن "علاقة ابن مبارك بالولايات المتحدة رجحت كفته" حسب مصادر رئاسية.

وبثت وكالة الانباء اليمنية (سبأ) قبل قليل خبر إصدار الرئيس العليمي القرار الجمهوري رقم (56) لسنة 2024م، والقاضي بتعيين وزير الخارجية وشؤون المغتربين في الحكومة، رئيسا لمجلس الوزراء خلفا للدكتور معين عبدالملك.

موضحة أن المادة الثانية من القرار قضت بـ "استمرار أعضاء الحكومة في أداء مهامهم وفقا لقرارات تعينهم". ما يجعل القرار الجمهوري قرار اقالة لمعين عبدالملك وليس تكليفا بتشكيل حكومة جديدة أو تعديلا وزاريا في قوام الحكومة.

شاهد .. قرار جمهوري بإقالة رئيس الوزراء معين عبدالملك

يعد الدكتور احمد عوض بن مبارك، من الكوادر الشابة التي برزت وسجلت حضورا في ثورة الشباب الشعبية السلمية (11 فبراير) عام 2011م على النظام العائلي الفاسد والمستبد للرئيس الأسبق علي عبدالله صالح عفاش وأفراد اسرته.

وجرى تعيين احمد بن مبارك، الحائز دكتوراه في الادارة والتنمية البشرية، أمينا عاما لمؤتمر الحوار الوطني الشامل، واستطاع طوال قرابة العام (2013-2014م)، ادارة اعمال المؤتمر واحتواء خلافات مكوناته وصولا لاعتماد وثيقة الحوار.

بعد نجاح مؤتمر الحوار، أصدر الرئيس هادي قرار بتعيينه مديرا لمكتب رئاسة الجمهورية (11 يونيو 2014م)، ثم بتكليفه تشكيل حكومة الكفاءات (اكتوبر 2014م)، وقوبل بموجة احتجاجات قادها شريكا الانقلاب علي عفاش وجماعة الحوثي.

وأمام اعتراض المؤتمر الشعبي العام بقيادة الرئيس الاسبق علي عفاش، وجماعة الحوثي الانقلابية، بعد سيطرت مليشياتهما على صنعاء، واعتذار احمد بن مبارك، الغى الرئيس هادي القرار وكلف خالد بحاح بتشكيل "حكومة الكفاءات الوطنية".

تعرض احمد بن مبارك للاختطاف من جانب جماعة الحوثي الانقلابية، اثناء توجهه لتسليم مسودة الدستور الجديد بزعم "مخالفته اتفاق السلم والشراكة" الموقع بينها والمكونات السياسية برعاية المبعوث الاممي جمال بن عمر، بعد اجتياحها صنعاء.

وبعد تراجع الرئيس هادي، عن استقالته المسلمة لمجلس النواب، وانتقاله الى عدن وإعلانها عاصمة مؤقتة، أصدر قرارا  في يوليو 2015 بتعيين بن مبارك سفيراً ومفوضاً فوق العادة في واشنطن وسفيرا غير مقيم في المكسيك والبرازيل والأرجنتين.

لعب احمد بن مبارك دورا بارزا في الدفاع عن الشرعية وتحالف دعمها العسكري بقيادة المملكة العربية السعودية والامارات، في ذروة الحرب وحتى صدور قرار بتعيينه وزيرا للخارجية وشؤون المغتربين، في ديسمبر 2020م، ليواصل مسيرته الدبلوماسية.

ويأتي قرار اقالة معين عبدالملك، وزير الاشغال العامة سابقا، والذي جرى تعيينه منتصف أكتوبر 2018م، رئيسا للوزراء خلفا للدكتور أحمد عبيد بن دغر؛ بعد بعد تصاعد الانتقادات والاتهامات لمعين بالفشل والعجز عن كبح تدهور الاوضاع العامة.

كما وجهت مكونات سياسية وقيادات في الدولة اتهامات لمعين عبدالملك بالتورط في قضايا فساد كبرى، بينهم نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية للشؤون الاقتصادية، الشيخ احمد صالح العيسي، في حوار تلفزيوني شهير، أجري معه مطلع العام 2023م.

تحدث الشيخ العيسي لقناة "المهرية" عن تدهور الاوضاع الاقتصادية والخدمية والمعيشية والامنية في عدن والمحافظات المحررة، في وقت كان يفترض ان تكون افضل حالا واستقرارا من صنعاء ومناطق سلطة الحوثيين، مرجعا ذلك إلى الفساد.

تفاصيل: الذراع الايمن للرئيس هادي يكشف أسرارا صادمة (فيديو)

وقوبلت هذه الاتهامات بصدور قرار رئيس مجلس النواب الشيخ سلطان البركاني، رقم (4) لسنة 2023م، بتشكيل لجنة برلمانية "للتحقيق مع رئيس مجلس الوزراء معين عبدالملك وتقصي الحقائق بشأن الاتهامات الموجهة له بالفساد"، قررت لاحقا صحتها.

تفاصيل: قرار بإقالة معين عبدالملك واحالته للتحقيق ! (وثيقة)

كما تزامن القرار مع توجيه البرلمان ولأول مرة، اتهاما صريحا ومباشرا لمعين بـ "الخيانة العظمى"، داعيا إلى سحب الثقة عن حكومة المناصفة فورا، على خلفية "اصرار تمرير صفقات فساد كبرى تمس بالسيادة والامن القومي والاقتصاد الوطني".

تفاصيل: البرلمان يتهم الحكومة بالخيانة العظمى (وثيقة)

ظل الشارع العام في عدن والمحافظات المحررة عموما، وبصورة اكبر طوال السنوات الخمس الاخيرة، في حالة احتقان متصاعد، وسخط شعبي متأجج بتظاهرات لا يخلو شهر من خروجها، احتجاجا على تفاقم تدهور الاوضاع العامة.

وشهدت المحافظات المحررة تصاعد غلاء المعيشة الفاحش، وتدهور الاوضاع العامة وانقطاع التيار الكهرباء والمياه العمومية وطفح مياه الصرف الصحي والانفلات الامني، وتدهور قيمة العملة وارتفاع اسعار السلع الغذائية والمشتقات النفطية.

تسبب استمرار انهيار قيمة العملة الوطنية متجاوزة 1660 ريالا للدولار و440 ريالا للريال السعودي، وسريان قرار الحكومة رفع سعر صرف الدولار الجمركي 150%.في ارتفاع اسعار السلع الغذائية ومواد التموين بنسبة تتجاوز 350% .

بالتوازي، تصاعدت مظاهر حالة من الفوضى في عدن بعد انتشار كبير للحبوب المخدرة والحشيش، وانتشار النازحين الأفارقة في عدن أغلبهم من فئة الشباب، وعودة بيع السلاح في مديرية الشيخ عثمان بعد أن تم منعها خلال الفترة الماضية.

ويترافق هذا التدهور المتصاعد للأوضاع، مع بوادر أزمة عجز الحكومة عن دفع رواتب موظفي الدولة بالمحافظات المحررة، بعد تأخر صرف رواتب المعلمين والعسكريين لشهر ديسمبر الماضي، في ظل نُذر امتداد الازمة لرواتب الاشهر المقبلة.

تفاصيل: اعلان رئاسي بشأن صرف الرواتب (بيان)

بدوره، دعا ما يسمى "الإتحاد العام لنقابات عمال الجنوب" في (30 يناير) إلى "التصعيد العمالي والشعبي الواسع بدءا برفع الشارات الحمراء"، احتجاجا على سوء الظروف المعيشية للموظفين والعمال، ورفضا لتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية.

من جانبهم، يتفق سياسيون واقتصاديون في ارجاع تفاقم التدهور العام للاوضاع في عدن والمحافظات الجنوبية الى "اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة بجانب تبادل اتهامات الفساد".

ويتهم "المجلس الانتقالي" التابع للامارات، الحكومة التي يشارك بنصفها، وبخاصة رئيسها معين بـ "صفقات فساد تتجاوز عدم ايداع ايرادات الدولة في البنك المركزي إلى انشاء شركات استثمارية خاصة خارج البلاد، بجانب المضاربة على العملة".

في المقابل، ظلت الحكومة تتهم "الانتقالي" بأنه "يواصل اعاقة عمل الحكومة بإصراره على استمرار نفوذه بمؤسسات الدولة وانتشار فصائل مليشياته المتعددة" منذ انقلابه على الشرعية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري اماراتي مباشر.

وتتهم "الانتقالي" بـ "استحواذه على قدر كبير من ايرادات الدولة" في عدن ومدن جنوبي البلاد، و"التسبب في تفاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار العملة وارتفاع اسعار السلع الغذائية والخدمات والمشتقات النفطية".

وتبنت الامارات في 2017م إنشاء "المجلس الانتقالي" ورئيسه عيدروس الزُبيدي، وتمويل تجنيد وتسليح ما يقارب 50 لواء من المليشيات المسلحة، ليغدو الذراع السياسي والعسكري لها في جنوب البلاد، وأداة فرض انفصال جنوب اليمن، بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن.

يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.