العربي نيوز:
قبلت محكمة ابتدائية ولأول مرة، دعوى قضائية ضد وزير بارز في المليشيا الانقلابية، ووجهت له امر استدعاء للمثول امامها في جلسات المحاكمة، ومنحه فرصة تقديم الدفاع القانوني في الاتهامات الموجهة ضده، بالتوازي مع اعلان آلاف المتضررين منه بدء ترتيبات مقاضاته.
وتداول سياسيون وناشطون وثيقة استدعاء المحكمة التجارية الابتدائية في عدن، وزير الخدمة المدنية والتأمينات، القيادي في "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات، للمثول أمامها والرد على دعوى قضائية ضده باستحواذه على عقار المواطن زيد ثابت النقيب.
وفقا لإعلان المحكمة التجارية المُحرر إلى المُدعى عليه الوزير عبدالناصر الوالي، فقد ألزمته بالمثول أمامها في جلسة محددة بتاريخ 8 ديسمبر المقبل للرد على الاتهامات المتعلقة برفضه إخلاء العقار المؤجر له واستغلال النفوذ". في اشارة إلى مليشيا "الانتقالي الجنوبي".
وتفيد الدعوى القضائية المرفوعة ضد الوالي، احد اقرباء محسن الوالي قائد ما يسمى "الوية الدعم والاسناد" التابعة الى "الانتقالي"؛ فقد أجر النقيب عقاره الكائن في شارع التسعين بمديرية المنصورة للوزير الوالي لاستخدامه كمطعم، لكن الوزير رفض اخلاءه بعد انتهاء عقد الايجار.
في المقابل، اضطر مالك العقار المؤجر للوزير الوالي إلى اللجوء للقضاء لاستعادة ملكيته، واتهم الوزير الوالي، باستخدام نفوذه وموقعه الرسمي لممارسة ضغوط عليه لتجديد عقد الإيجار، وهو ما رفضه المالك، مؤكداً على حقه القانوني في استعادة العقار والتصرف به كما يريد.
وتأتي هذه الدعوى القضائية لمحاكمة وزير وقيادي بارز في "الانتقالي" في ظل استخدام قيادات المجلس نفوذ مليشيات للبسط على الممتلكات العامة والخاصة؛ بالتوازي مع بدء عشرات الآلاف من الموظفين النازحين ترتيبات رفع دعوى قضائية ضد "تعسف " الوزير الوالي بحقهم.
أكد هذا ملتقى الموظفين النازحين من العاصمة صنعاء ومحافظات ومناطق سيطرة جماعة الحوثي إلى العاصمة المؤقتة عدن، في وقفة احتجاجية نظمها الأحد (17 نوفمبر) أمام بوابة قصر معاشيق الرئاسي، تنديدا بما سموه "التعسفات والابتزازات من قبل وزارتي الخدمة المدنية والمالية".
ورفع الموظفون النازحون في ظروف نزوح مريرة، لافتات مناشدات بصرف رواتبهم الموقوفة وتعثر جهود إطلاقها منذ خمسة أشهر. مطالبين بـ "صرف مرتبات الموظفين النازحين جميعاً دون قيد أو شرط، والعمل على تمكين من لم يتمكن من العمل في جهات أعمالهم بالمحافظات النازحين إليها".
متهمين وزير الخدمة المدنية والتأمينات، القيادي في "الانتقالي الجنوبي" عبدالناصر الوالي، بـ عرقلة "اعتماد وصرف العلاوات السنوية للموظفين النازحين في المناطق المحررة أسوة ببقية الموظفين في مناطق الحكومة الشرعية"، و"عرقلة صرف رواتبهم منذ شهر يوليو الماضي"، و"حرمانهم من كافة الحقوق".
وقالوا: إن "آخر التعسفات التي يتعرضون لها كان تشديد إجراءات إصدار كشوفات مرتبات الموظفين النازحين في المناطق المحررة التابعين للسلطات المحلية بالمحافظات المحررة من جانب وزارة الخدمة المدنية، مختلقة شروطا للصرف في مخالفة صريحة لقانون السلطة المحلية وتدخل سافر في صلاحياتها".
مضيفين: "ليلحق هؤلاء الموظفين بإخوانهم الموظفين في دواوين الوزارات والهيئات الحكومية الذين يتعرضون للتعسف بمصادرة وإيقاف مرتباتهم أو رضوخهم للابتزاز من ممثلي وزارتي المالية والخدمة المدنية منذ عامين". مشيرين إلى "اضطرار الموظفين النازحين الى العودة لقراهم نتيجة غلاء المعيشة ووقف رواتبهم".
وطالب الموظفون النازحون بـ "صرف جميع حقوقهم من زيادات غلاء معيشة وعلاوات سنوية وتسويات وعلاوات وظيفية وبدل إنتقال وبدل سكن وحافز شهري لمواجهة متطلبات الحياة الصعبة". متهمين وزير الخدمة المدنية بـ "عرقلة صرف زيادة الـ 30% غلاء معيشة المعتمدة لجميع الموظفين منذ 2018م".
كما طالبوا في بيان صادر عن وقفتهم الاحتجاجية بـ "صرف بدل السكن والإنتقال للموظفين النازحين وفقاً لقوانين الخدمة المدنية كون مؤسساتهم نقلت من العاصمة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن بقرار سيادي". و"تشكيل لجنة حكومية لإستيعاب بقية الموظفين النازحين الذين لم تصرف مرتباتهم حتى الآن".
شاهد .. الموظفون النازحون يلوحون بمقاضاة الوالي
جاءت الاحتجاجات بعد عامين ويزيد من عرقلة وزارة الخدمة المدنية ووزارة المالية انتظام صرف مرتبات الموظفين النازحين، وقيامهما بصرف الرواتب كل ثلاثة أشهر، دون تمكين الموظفين النازحين من اعمالهم، او اعتماد بدل غلاء المعيشة والسكن والعلاوات، قبل أن ترفضا منذ يوليو الماضي صرف رواتبهم.
في السياق، بدأت السبت (9 نوفمبر) ترتيبات اتفاق نهائي بين جماعة الحوثي الانقلابية والشرعية اليمنية ممثلة في مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، برعاية المبعوث الاممي، لاستئناف صرف رواتب جميع موظفي الدولة في عموم البلاد. ضمن خطوات معالجة قضايا الملف الاقتصادي، في خارطة طريق احلال السلام.
تفاصيل: بدء ترتيبات اتفاق صرف رواتب الجميع
يأتي هذا في وقت كشف عسكريون بينهم ضباط عن "اجتياح الجوع صفوف منتسبي قوات الجيش الوطني في عموم المحافظات المحررة وبصورة اكبر في المنطقة العسكرية الثالثة في محافظة مارب"، وقالوا إنه ناجم عما سموه "سياسة ممنهجة لتركيع الجيش بتأخير رواتبه".
تفاصيل: يحدث الان في صفوف الجيش الوطني
ويترافق هذا، مع انباء صادمة وغير سارة بالمرة، بشأن عجز الحكومة عن صرف رواتب الموظفين في عدن والمناطق المحررة، خلال الاشهر المقبلة، بفعل ما وصفته مصادر حكومية "ازمة مالية حادة". وهو ما أكده رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، في اجتماع موسع، الاربعاء (8 مايو) .
شاهد .. العليمي يتحدث عن ازمة دفع الرواتب
برزت الازمة مع شكوى قطاع واسع من قرابة 700 ألف موظف وموظفة في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، تأخر صرف رواتب ديسمبر يناير فبراير، وعدم انتظام مواعيد صرف مرتباتهم، بينما يشكو منتسبو قوات الامن والجيش من تراكم المرتبات المتأخرة،
تفاصيل: توجيه رئاسي عاجل لابن مبارك بشأن الرواتب
وأدت ازمة تأخر صرف رواتب الموظفين في المناطق المحررة، الى تدخل السعودية، مطلع فبراير الفائت، عبر "إطلاق الدفعة الثانية من منحة دعم الموازنة العامة للدولة والبالغة 250 مليون دولار أمريكي". حسب ما اعلنه مسؤول بالبنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن.
تفاصيل: انفراج كبير بشأن رواتب الموظفين (اعلان)
كما اعلنت السعودية، منتصف يونيو الفائت، تقديم دعم مالي كبير، لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية المعترف بها، لحل ازمة دفع رواتب الموظفين وانهيار العملة اليمنية المتسارع وتجاوزه سقف 1800 ريال يمني مقابل الدولار، وتبعات ذلك على اسعار السلع والخدمات.
تفاصيل: السعودية تدعم البنك المركزي بهذا المبلغ
وتتزامن ازمة دفع رواتب الموظفين مع تفاقم معاناة الصيادين اليمنيين من حظر التحالف الصيد، وارتفاع اسعار الاسماك في عدن وعدد من المحافظات الجنوبية، واستمرار تدهور الخدمات وفي مقدمها الكهرباء والمياه، وانهيار قيمة الريال وتخطيه 1900 ريال للدولار و500 ريال للريال السعودي.
تسبب استمرار تدهور قيمة الريال اليمني امام العملات الاجنبية، في ارتفاع فاحش لأسعار السلع الغذائية والمواد التموينية والمشتقات النفطية والخدمات العامة، قدرته تقارير البنك الدولي بنسبة 300%. ما جعل نحو 50% من سكان مناطق سيطرة الحكومة اليمنية عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الغذائية الاساسية".
وتتصاعد، بالتوازي، تحذيرات الامم المتحدة وبعثات منظماتها العاملة في اليمن من "تداعيات كارثية لاتساع الانقسام المالي والمصرفي وخسارة الريال 38% من قيمته وانعكاساتها على الامن الغذائي لعشرات الملايين من اليمنيين باتوا تحت خط الفقر ويعتمدون المساعدات الاغاثية للبقاء احياء، وباتوا مهددين بالمجاعة".
تفاصيل: إعلان لمجلس الامن بشأن عملة اليمن
جاء هذا التحذير، امتدادا لتحذير اطلقته الامم المتحدة في وقت سابق، مما سمته “عواقب كارثية محتملة” في اليمن "بسبب وجود سلطتين نقديتين متنافستين في اصدار توجيهات متنعنة" و"تهديد الحكومة بقطع وصول البنوك في مناطق سيطرة جماعة الحوثي لشبكة سويفت لنظام التراسل المالي الدولي".مطالبة بـ "وقف التصعيد المصرفي والمالي فورا".
شاهد .. مجلس الامن يطلع على عواقب حرب العملة
تتجاوز تداعيات انهيار قيمة الريال اليمني وتأخر صرف رواتب الموظفين، ارتفاع اسعار السلع والمشتقات النفطية، إلى تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية وانقطاع الكهرباء في ظل الصيف اللاهب، وتتصاعد مظاهر حالة من الفوضى في عدن بعد انتشار كبير للحبوب المخدرة والحشيش، وانتشار النازحين الأفارقة.
ويرى مراقبون للشأن اليمني، أن تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية "سابق لتوقف تصدير النفط جراء استهداف الحوثيين موانئ التصدير"، مرجعين التدهور إلى "الفساد وحماية شركاء السلطة للمفسدين". متهمين التحالف ومجلس القيادة الرئاسي والحكومة والمجلس الانتقالي بأنهم "شركاء في حرب الخدمات واخضاع المواطنين لهذا الفساد".
من جانبهم، يُرجع سياسيون واقتصاديون تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في عدن والمحافظات الجنوبية الى "اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة بجانب تبادل اتهامات الفساد بين شركاء الحكومة".
ويتهم "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي، الحكومة التي يستحوذ نصف مقاعدها بـ "صفقات فساد تتجاوز عدم ايداع ايرادات الدولة في البنك المركزي اليمني إلى نهب المساعدات والمنح المالية وانشاء شركات استثمارية خاصة خارج البلاد، بجانب المضاربة على العملة".
في المقابل، تتهم الحكومة "الانتقالي" بأنه "يعيق عمل الحكومة بإصراره على استمرار انتشار ونفوذ فصائل مليشياته المتعددة" منذ انقلابه المسلح على الشرعية اليمنية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الامارات ومشاركة طيرانها الحربي ضد الجيش الوطني.
مؤكدة أن "استمرار تمرد ‘الانتقالي الجنوبي‘ على الشرعية واستحواذه على قدر كبير من ايرادات الدولة، في عدن وعدد من مدن جنوبي البلاد، فاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار قيمة العملة المحلية وارتفاع اسعار السلع والخدمات العامة والمشتقات النفطية".
وتبنت الامارات في 2017م إنشاء "المجلس الانتقالي" ورئيسه عيدروس الزُبيدي، وتمويل تجنيد وتسليح ما يقارب 50 لواء من المليشيات المسلحة، ليغدو الذراع السياسي والعسكري لها في جنوب البلاد، وأداة فرض انفصال جنوب اليمن، بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن.
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.