الثلاثاء 2024/11/05 الساعة 06:34 ص

اقتصادي يكاشف اليمنيين بفاجعة وشيكة

العربي نيوز :

صارح اقتصادي يمني بارز، جميع اليمنيين بفاجعة وشيكة، قال إنها لن تستثني احدا من اليمنيين، وكاشفهم بما ينبغي عليهم، في حال لم يكبح تدهور قيمة العملة الوطنية، المستمر والمتسارع امام العملات الاجنبية، واستمر تدهور الاوضاع الاقتصادية والمعيشية، لجميع اليمنيين بلا استثناء.

جاء هذا في تدوينة نشرها الخبير النفطي والاقتصادي الدكتور علي المسبحي، السبت (2 نوفمبر) على حسابه بمنصة التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، حذر فيها من عواقب وخيمة من لاستمرار تراجع قيمة الريال اليمني امام العملات الاجنبية، وفي مقدمها الدولار.

ونوه الدكتور المسبحي أن أسعار الصرف شهدت ارتفاعًا كبيرًا منذ بداية عام 2024؛ حيث كان سعر صرف الريال السعودي في يناير حوالي 400 ريال، وارتفع حتى نهاية أكتوبر ليصل إلى 535 ريالاً. متوقعا استمرار انهيار قيمة الريال الى مدى يصعب التحكم به.

مرجعا تدهور الأوضاع الاقتصادية إلى تراجع الاقتصاد على مدى عشرين عامًا، وغياب الإصلاحات الاقتصادية الحقيقية. وقال: الإصلاحات غائبة ولا توجد جهود ملموسة لخلق فرص عمل أو تحفيز الإنتاج لدفع عجلة النمو في مختلف القطاعات الاقتصادية. 

وأشار إلى تأثير قلة الإيرادات وزيادة النفقات العامة في تدهور الاقتصاد. لكنه في الوقت نفسه أكد أن "المسؤولية الكاملة لتدهور الوضع الاقتصادي تقع على عاتق الحكومة، فهي المعنية بوضع السياسات الاقتصادية، بما في ذلك السياسة المالية". حسب تعبيره. 

مشددا أن الحكومة "عليها أن تبحث عن موارد وإيرادات إضافية لدعم خزينة الدولة والبنك المركزي، خصوصاً بعد توقف صادرات النفط". وعلى أن "الحلول الاقتصادية يجب أن تأتي عبر منظومة إصلاحات شاملة تشمل جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والخدمية".

ولفت الدكتور المسبحي، إلى أن "هذا الانهيار للعملة المحلية أدى إلى فقدان المودعين والمواطنين لقيمة أموالهم الشرائية بسبب التضخم، ما كبّدهم خسائر مالية كبيرة". وأفاد أن "فائدة الودائع في البنوك التجارية، البالغة حوالي 15%، ليست كافية للتعويض عن التضخم".

مؤكدا أن هذا "أدى إلى تآكل قيمة الودائع مع مرور الوقت"، وأن "المواطنين باتوا يلجؤون للبحث عن ملاذات آمنة لحماية مدخراتهم، كشراء العملات الأجنبية أو الاستثمار في العقارات". ناصحا الجمهور في المقابل بـ "شراء الذهب في الوقت الحالي باعتباره ملاذًا آمنًا".

وأشار إلى أن "الذهب حقق مكاسب ملموسة منذ بداية العام؛ إذ ارتفعت أسعار الذهب عالميًا وفي السوق المحلي بفعل انخفاض اسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الاجنبية" وتجاوزه سقف 2050 ريالا مقابل الدولار الامريكي الواحد، و538 مقابل الريال السعودي.

مذكرا بأنه "في يناير 2024، كان سعر جرام الذهب عيار 21 حوالي 235 ريالاً سعودياً (ما يعادل 94,000 ريال محلياً)، ووصل مع نهاية أكتوبر إلى 317 ريالاً سعودياً (ما يعادل 170,000 ريال)". ومتوقعا أن "يواصل الذهب ارتفاعه في الفترة القادمة، ما يجعله استثمارًا آمنًا".

ويتواصل تراجع قيمة الريال في عدن والمحافظات المحررة، ليصل الى 2050 ريالا مقابل الدولار الامريكي و535 ريالا مقابل الريال السعودي، رغم تثبيت أخر مزاد لبيع العملة نفذه البنك المركزي سعر الريال بـ 2007 مقابل الدولار.

تفاصيل: المركزي يثبت سعرا جديدا للريال (لن تصدق)

يُعد مزاد بيع ملايين الدولار، ابرز اجراءات عاجلة اقرها، اجتماع طارئ لرئيس مجلس الوزراء احمد بن مبارك مع وزير المالية ومحافظ البنك المركزي، مساء الثلاثاء (15 اكتوبر)، بهدف "إعادة التوازن لسعر صرف العملة الوطنية وتحسين قيمتها".

تفاصيل: قرارات اجتماع طارئ لانقاذ الريال

وباع  البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، منذ العام 2022م، وفق اقتصاديين "قرابة ملياري دولار امريكي"، حتى نهاية العام 2023م. إلا أن مزادات بيع العملة التي يوصي بها البنك الدولي، لم تنجح في كبح انهيار قيمة الريال اليمني.

وفقا لخبراء اقتصاديين، بينهم الباحث الاقتصادي وفيق صالح، فإن "تضاؤل الاقبال على مزاد البنك المركزي الأخير وعدم تمكن المزاد سوى من بيع نصف المبلغ المطروح، يكشف ضعف تأثير آلية المزادات على استقرار سعر الصرف".

شاهد .. اقتصاديون يؤكدون انعدام جدوى مزادات العملة

وحذر اقتصاديون من أن "استمرار الانخفاض الحاد لقيمة الريال قد يدفع البلاد نحو مزيد من الانهيار الاقتصادي". مطالبين الحكومة بـ "خفض النفقات والتوقف عن صرف رواتب كبار موظفي الحكومة بالدولار والبالغة 110 ملايين دولار شهريا، وتوحيد السياسة المالية للبنك المركزي في عدن وصنعاء، والاتفاق بشأن تصدير النفط والغاز وايراداته والرواتب".

بالمقابل، أصدر البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، سلسلة قرارات ونفذ حزمة اجراءات في اطار خطة تدعمها الولايات المتحدة الامريكية لإحكام الحصار على جماعة الحوثي الانقلابية، ماليا واقتصاديا، واجبارها على ايقاف هجماتها البحرية والانصياع للسلام بموجب المرجعيات الثلاث، للشرعية في اليمن.

تفاصيل: كماشة اميركية تطبق على الحوثيين

وتحظى قرارات البنك المركزي اليمني بدعم امريكي عبرت عنه واشنطن الاثنين (15 يوليو)، بإعلان موقفها من قرارات البنك بشأن نقل البنوك الى عدن والاصلاحات المالية والاقتصادية والرقابة على تحويلات الاموال من وإلى اليمن، ضمن التعاون مع البرنامج الامريكي لمكافحة الارهاب وتمويله وغسيل الاموال. 

تفاصيل: اعلان امريكي حاسم بشأن البنك المركزي (وثيقة)

لكن قرارات واجراءات البنك المركزي في عدن، بشأن فرض نظام شبكة موحدة للحوالات ونقل البنوك من صنعاء الى عدن ومزادات بيع عشرات الملايين من الدولارات اسبوعيا، لم تكبح الانهيار المتسارع لقيمة الريال اليمني، ليتجاوز سعر صرفه حينها 2000 ريالا مقابل الدولار الامريكي و515 ريالا مقابل الريال السعودي.

وتسبب استمرار تدهور قيمة الريال اليمني امام العملات الاجنبية، في ارتفاع فاحش لأسعار السلع الغذائية والمواد التموينية والمشتقات النفطية والخدمات العامة، قدرته تقارير البنك الدولي بنسبة 300%. ما جعل نحو 50% من سكان مناطق سيطرة الحكومة اليمنية عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الغذائية الاساسية".

طرح تجار السلع الغذائية والمواد التموينية في عدن والمحافظات المحررة، اسعارا جديدة اعتبارا من الثلاثاء (29 اكتوبر)، عزوها الى استمرار انهيار قيمة الريال امام الدولار، ومثلت صدمة فاجعة لليمنيين وقاصمة لكواهلهم المثقلة بتداعيات الحرب على الاوضاع الاقتصادية وقيمة العملة الوطنية.

تفاصيل: اسعار جديدة وقاصمة لمختلف السلع !

ويترافق هذا، مع انباء صادمة وغير سارة بالمرة، بشأن عجز الحكومة عن صرف رواتب الموظفين في عدن والمناطق المحررة، خلال الاشهر المقبلة، بفعل ما وصفته مصادر حكومية "ازمة مالية حادة". وهو ما أكده رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، في اجتماع موسع، الاربعاء (8 مايو) .

شاهد .. العليمي يتحدث عن ازمة دفع الرواتب

برزت الازمة مع شكوى قطاع واسع من قرابة 700 ألف موظف وموظفة في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، تأخر صرف رواتب ديسمبر يناير فبراير، وعدم انتظام مواعيد صرف مرتباتهم، بينما يشكو منتسبو قوات الامن والجيش من تراكم المرتبات المتأخرة،

تفاصيل: توجيه رئاسي عاجل لابن مبارك بشأن الرواتب 

وأدت ازمة تأخر صرف رواتب الموظفين في المناطق المحررة، الى تدخل السعودية، مطلع فبراير الفائت، عبر "إطلاق الدفعة الثانية من منحة دعم الموازنة العامة للدولة والبالغة 250 مليون دولار أمريكي". حسب ما اعلنه مسؤول بالبنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن.

تفاصيل: انفراج كبير بشأن رواتب الموظفين (اعلان)

كما اعلنت السعودية، منتصف يونيو الفائت، تقديم دعم مالي كبير، لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية المعترف بها، لحل ازمة دفع رواتب الموظفين وانهيار العملة اليمنية المتسارع وتجاوزه حينها سقف 1800 ريال يمني مقابل الدولار، وتبعات ذلك على اسعار السلع والخدمات.

تفاصيل: السعودية تدعم البنك المركزي بهذا المبلغ

تتجاوز تداعيات انهيار قيمة الريال اليمني وتأخر صرف رواتب الموظفين، ارتفاع اسعار السلع والمشتقات النفطية، إلى تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية وانقطاع الكهرباء في ظل الصيف اللاهب، وتتصاعد مظاهر حالة من الفوضى في عدن بعد انتشار كبير للحبوب المخدرة والحشيش، وانتشار النازحين الأفارقة.

ويرى مراقبون للشأن اليمني، أن تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية "سابق لتوقف تصدير النفط جراء استهداف الحوثيين موانئ التصدير"، مرجعين التدهور إلى "الفساد وحماية شركاء السلطة للمفسدين". متهمين التحالف ومجلس القيادة الرئاسي والحكومة والمجلس الانتقالي بأنهم "شركاء في حرب الخدمات واخضاع المواطنين لهذا الفساد".

من جانبهم، يُرجع سياسيون واقتصاديون تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في عدن والمحافظات الجنوبية الى "اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة بجانب تبادل اتهامات الفساد بين شركاء الحكومة".

ويتهم "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي، الحكومة التي يستحوذ نصف مقاعدها بـ "صفقات فساد تتجاوز عدم ايداع ايرادات الدولة في البنك المركزي اليمني إلى نهب المساعدات والمنح المالية وانشاء شركات استثمارية خاصة خارج البلاد، بجانب المضاربة على العملة".

في المقابل، تتهم الحكومة "الانتقالي" بأنه "يعيق عمل الحكومة بإصراره على استمرار انتشار ونفوذ فصائل مليشياته المتعددة" منذ انقلابه المسلح على الشرعية اليمنية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الامارات ومشاركة طيرانها الحربي ضد الجيش الوطني.

مؤكدة أن "استمرار تمرد ‘الانتقالي الجنوبي‘ على الشرعية واستحواذه على قدر كبير من ايرادات الدولة، في عدن وعدد من مدن جنوبي البلاد، فاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار قيمة العملة المحلية وارتفاع اسعار السلع والخدمات العامة والمشتقات النفطية".

وتبنت الامارات في 2017م إنشاء "المجلس الانتقالي" ورئيسه عيدروس الزُبيدي، وتمويل تجنيد وتسليح ما يقارب 50 لواء من المليشيات المسلحة، ليغدو الذراع السياسي والعسكري لها في جنوب البلاد، وأداة فرض انفصال جنوب اليمن، بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن.

يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.