العربي نيوز :
سجل قاض بارز، ولأول مرة، بشجاعة غير مسبوقة، موقفا جريئا، عبر فضحه رسميا وعلنيا، جرائم المليشيا الانقلابية والمتمردة على الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، وكشفه تجاوزاتها وانتهاكاتها في سجونها الخاصة، غير القانونية.
جاء هذا في مذكرة رسمية، أصدرها وكيل نيابة الامن والبحث في العاصمة المؤقتة عدن، القاضي بسام غالب علي، بتاريخ (25 سبتمبر) الفائت، ورقم (605)، إلى رئيس نيابة جنوب العاصمة المؤقتة عدن، عنونها بـ "مخالفات وتجاوزات رئيس الدائرة الأمنية للمجلس الانتقالي".
وقال: إن رئيس الدائرة الأمنية في "المجلس الانتقالي" العميد احمد حسن المرهبي ارتكب "مخالفات وتجاوزات للقانون"، ذاكرا بين ابرزها "إنتهاك حريات الأشخاص وإمتناعة عن تنفيذ توجيهات النيابة بعرقلة سير العمل وإنشاء سجون خاصة". وأكد ثبوت الانتهاكات بمحاضر قضائية.
مضيفا: "بالاشارة إلى الموضوع أعلاه والشكاوي المحالة علينا من قبل فضيلة معالي النائب العام وفضيلتكم بشأن المحتجزين لدى الدائرة الأمنية من قبل المذكور (رئيس الدائرة الامنية للمجلس الانتقالي) بالمخالفة للقانون، وهم علي الريمي وحمزة ياسر العزيبي وصبري احمد سعيد".
وتابع القاضي غالب: "مرفق محاضر إثبات وقائع حجز الحرية وعرقلة سير العمل وإنشاء سجون خاصة وتقييد حريات الأشخاص. وعليه تكرموا بالاطلاع على المحاضر المرفقة وما أثبت فيها لمتابعة الشكاوي المحالة علينا من قبل فضيلة النائب العام وفضيلتكم للاطلاع والتوجيه بما يلزم".
مردفا: "وفقاً بما أنتهينا فيها من قرارات لمصلحة العمل والقانون والحفاض على الحقوق والحريات وسيادة القانون، وتقبلوا تحياتنا. القاضي/ بسام غالب علي وكيل نيابة الأمن والبحث محافظة عدن". وسط انباء عن تحرير مكتب النائب العام مذكرة استدعاء للقيادة في الانتقالي "المرهبي".
شاهد .. قاضي بالعاصمة يفضح جرائم المليشيا (صور)
وأفادت مصادر محلية متطابقة، بأن "حراسة معسكر بدر في خور مكسر بعدن، منعت وكيل النيابة من دخول المعسكر للاطلاع على وضع السجون والسجناء فيه، تنفيذا لتوجيهات النائب العام للجمهورية ورئيس نيابة جنوب محافظة عدن". كاشفة أن "سجن المعسكر يضم 200 معتقلا".
وفقا للمصادر، فإن "اكثر من 200 مواطن محتجزين داخل احد الهناجر في المعسكر بعد تحويله إلى سجن خاص تابع الدائرة الأمنية للمجلس الانتقالي، بعض السجناء لهم اكثر من عام دون معرفة ذويهم لمصيرهم ومنع الزيارة عنهم مع عدم الرفع بهم الى النيابة لتقديهم لسلطة القضاء".
يأتي هذا عقب تسليم الامارات، إدارة عشرات الألوية لمليشياتها المحلية في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات الجنوبية إلى احد ابرز قياداتها الذي يوصف بأنه "اخر اقوى رجال الامارات في جنوب اليمن"، بعدما اطاحت بأبرز قيادات مليشياتها التابعة إلى "المجلس الانتقالي الجنوبي".
تفاصيل: الامارات تسلم امن الجنوب لرجلها الاخير
وجاء توجيه الامارات لرئيس الانتقالي" عيدروس الزُبيدي، بتكليف القائد العام لـ "الوية العمالقة الجنوبية" الشيخ عبدالرحمن المحرمي (ابو زرعة) بـ "الاشراف على القوات الامنية ومكافحة الارهاب واعادة هيكلتها" على خلفية فضيحة اخر ضحايا جرائم اختطافات مليشيا الانتقالي واغتيالاتها.
فرض هذا التوجيه الاماراتي، تصاعد السخط الشعبي والسياسي بين اوساط المواطنين في عدن والمحافظات الجنوبية حيال ما سموه "اجرام وفساد قيادات الانتقالي السياسية والامنية"، وما اعتبروه "عجز الزبيدي عن وضع حد لفساد زمرته"، واطلاق وصف "كوز مركوز" على الزُبيدي على منصات التواصل الاجتماعي.
دأبت مليشيا "الانتقالي" على تكميم افواه منتقدي فسادها وجرائمها ونفوذ الامارات وقمعهم بالقوة وتنفيذ المئات من عمليات الاغتيالات والمداهمات والاختطافات والاعتقالات في سجون غير قانونية وسرية أبرزها في كل من معسكر النصر بمديرية خور مكسر وسجن بئر احمد وقاعة وضاح، وغيرها، من السجون المكتظة بآلاف المعتلقلين والمخفيين قسرا.
والسبت (24 اغسطس)، اختطفت مليشيا "الانتقالي الجنوبي" السياسي بالحراك الجنوبي سامي باوزير، وقبله شيخا اخر من ابرز مشايخ قبائل طوق العاصمة المؤقتة عدن، هوالشيخ هيثم حسين البشيري، على خلفية رسائل صوتية له تدعو إلى تصحيح الأوضاع المعيشية الخدمية والاقتصادية والامنية التي يعاني شعب الجنوب من تدهورها المستمر.
تفاصيل: المليشيا تعتقل شيخا من مشايخ الطوق (اسم)
تزامن اعتقال السياسي سامي باوزير والشيخ هيثم البشيري، مع ظهور سفاح مليشيا "الانتقالي الجنوبي" الابرز، المتهم بجرائم اختطاف وتعذيب واغتيال مواطنين، يسران المقطري، رسميا، في الامارات، متحديا قرارات اللجنة الامنية العليا وأوامر الضبط القهري الصادرة بحقه من امن عدن والنيابة العامة، في جريمة اختطاف واخفاء المقدم علي عبدالله عشال.
تفاصيل: ظهور "يسران" رسميا في هذه الدولة (فيديو)
في المقابل، انطلقت على منصات وتطبيقات التواصل الاجتماعي، حملة واسعة، حملت وسم #سلم_يسران_يا_بن_زايد ، تطالب دولة الامارات الاسراع في تسليم يسران المقطري وجميع قيادات مليشيا "الانتقالي الجنوبي" الفارين من وجه العدالة على ذمة جرائم اختطاف وتعذيب واغتيال مواطنين يمنيين.
شاهد .. انطلاق حملة تطالب الامارات تسليم مجرمي "الانتقالي"
وعمَّدت مليشيا "الانتقالي" الانقلابية والمتمردة على الشرعية، إلى التغطية على تصاعد السخط الشعبي من اعتداءاتها وانتهاكاتها لكرامة وحرية المواطنين وتصاعد جرائم اختطافها واخفائها المعتقلين، بالحديث عن "مؤامرة لاسقاط عدن" زعمت ان "جماعتي الحوثي والاخوان تقفان وراءها".
تفاصيل: "الانتقالي" يبرر قتل المواطنين بـ "مؤامرة" (فيديو)
بدورها، أدانت "اللجنة التحضيرية لمليونية عشال"، والمجلس الاعلى للحراك الثوري الجنوبي، ولجنة اعتصام المهرة، في بيانات مستقلة "الاعتداءات والاعتقالات التي شهدتها عدن اثناء مليونية المطالبة بكشف مصير المختطف المقدم علي عشال الجعدني وجميع المختطفين والمخفيين قسرا في سجون المجلس الانتقالي الجنوبي".
تفاصيل: شاهد .. مجزرة جديدة للمليشيا على الهواء (فيديو)
عُرف ما يسمى "قائد قوات مكافحة الارهاب" يسران المقطري، بعنصريته ودمويته، اختطافا وتعذيبا واعداما للمعتقلين. وجاء قرار اللجنة الامنية بإحالته للتحقيق، بعدما اثبتت تحريات امن محافظة ابين وتحقيقاتها مع المتهمين باختطاف عشال، تورطه واشرافه على الجريمة، بدوافع "عنصريته المناطقية وقضايا نهب اراضي".
قاد مدير امن ابين العميد علي ناصر باعزب الكازمي (ابو مشعل) عملية مداهمة لوكر يضم عناصر تابعة ليسران المقطري، اختطفت المقدم علي عشال في عدن واخفته (بتاريخ 12 يونيو)، وشهدت العملية اشتباكات اصيب فيها مرافق العميد الكازمي، وضبط عدد منهم، لتصدر وزارة الداخلية، تعميما بضبط المتهمين الفارين.
وجاءت عملية امن ابين، بعدما فضحت كاميرا مراقبة، مليشيا "الانتقالي الجنوبي" الانقلابية ، وأثبتت اعتراضها في حي التقنية بعدن، المقدم علي عشال الجعدني، واقتياده على متن سيارة نوع فوكسي، الى جهة غير معلومة، ورفضها الاستجابة لمطالب اسرته وذويه بإطلاق سراحه.
تفاصيل: كاميرا مراقبة تفضح المليشيا بالجرم (صور)
تتابعت هذه التطورات، بعدما استأنفت قبائل محافظة ابين، فجر الاربعاء (3 يوليو)، قطع الطريق الدولي بين حضرموت وعدن، بعد فشل الوساطات وتعنت مليشيا "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات، في الافصاح عن مصير المقدم علي عشال وتعمد تمييع قضيته.
تفاصيل: بدء حصار مسلح خانق للعاصمة (الجهات + صور)
ومولت الامارات علنا، منذ بدء مشاركتها في التحالف العربي لدعم الشرعية، وعبر قيادة قواتها المشاركة في "التحالف العربي لدعم الشرعية باليمن"؛ انشاء تشكيلات عسكرية محلية وتسليحها، بينها نحو 15 لواء باسم "العمالقة الجنوبية" نكاية بألوية "العمالقة" التي حسمت حرب صيف 1994م ضد انفصال جنوب اليمن.
عقب انتهاء معركة تحرير عدن في مايو 2015م، من قوات جماعة الحوثي والرئيس الاسبق علي عفاش؛ نقلت الامارات الوية "العمالقة الجنوبية" إلى الساحل الغربي لليمن، لمواجهة الحوثيين والسيطرة على الساحل، ضمن سعيها للهيمنة على المنطقة، عبر الاستحواذ على الموانئ وفرض نفوذها على الملاحة البحرية.
بالتوازي، مولت الامارات في 2017، القيادي السابق في وزارة الداخلية، عيدروس الزُبيدي لانشاء ما سمته "المجلس الانتقالي الجنوبي" ونحو 50 لواء مسلحا بمسميات "الاحزمة الامنية" و"الدعم والاسناد" و"النُخب"، ضمن مسعاها الى فرض انفصال جنوب اليمن بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن والمنطقة.
ودعمت الامارات بطيرانها الحربي، تنفيذ مليشيات "المجلس الانتقالي" انقلابا عسكريا على الشرعية اليمنية، بدءا من منتصف مايو 2019، مرورا بإسقاط العاصمة المؤقتة عدن (اغسطس 2019)، ثم محافظة سقطرى، ووصولا للسيطرة على محافظتي ابين ولحج ثم شبوة نهاية العام 2021م.
تسبب الانقلاب الاماراتي بواسطة ذراعها "الانتقالي الجنوبي" ومليشياته، في سيطرة الاخيرة على مؤسسات الدولة ومقدراتها، ومنع الحكومة الشرعية من مزاولة عملها في عدن، وتبعا انهيار الاوضاع المعيشية والادارية والخدمية والاقتصادية والامنية في عدن ومدن جنوب اليمن.
وتعاني مدينة عدن وعدد من مدن جنوب اليمن، انفلاتا امنيا واسعا، منذ انقلاب "المجلس الانتقالي الجنوبي" ومليشياته على الشرعية في اغسطس 2019م بدعم عسكري اماراتي، تصاعدت معه جرائم الاعتداءات والاختطافات والاغتيالات دون ضبط ومحاكمة أي من الجناة، لانتمائهم الى مليشيا "الانتقالي".
تفاصيل: غضب شعبي يباغت المليشيا بكل شارع (صور)
عمَّدت مليشيا "الانتقالي الجنوبي" و"العمالقة الجنوبية" الممولة من الامارات، الى السيطرة على مدن ومديريات الجنوب بغطاء "مكافحة الارهاب" وارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق المواطنين والعيب الاسود، شملت اقتحام المنازل وانتهاك حرماتها، واعتقال واغتيال عشرات من المواطنين الابرياء.
وأطلقت مليشيا "الانتقالي" بدعم اماراتي نهاية 2021م حملة لاجتياح محافظة شبوة سمتها "اعصار الجنوب"، وأخرى لاجتياح محافظة أبين سمتها "سهام الشرق" وقوبلت انتهاكاتها لحرمات منازل المواطنين واعتقالهم، بردود فعل قبلية خلفت عشرات القتلى والجرحى من المليشيا بينهم القيادي عبداللطيف السيد.
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة ومليشيات "العمالقة الجنوبية"، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.