العربي نيوز - عدن:
اندلعت أخيرا شرارة انتفاضة شعبية واسعة، رغم كل المحاولات لقمع مقدماتها ومنع حدوثها خلال الفترة الماضية، وباغتت الانتفاضة، السبت (25 مايو) المليشيا الانقلابية في كل شارع وحي وحارة بعموم مديريات العاصمة المؤقتة عدن.
وفوجئت مليشيا "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات، منذ الساعات الاولى لصباح السبت (25 مايو)، بإضراب كلي للمخابز والافران في جميع مديريات عدن، واغلاق ابوابها احتجاجا على رفع اسعار المواد الداخلة بصناعة الروتي.
جاء اضراب المخابز والافران الالية في العاصمة المؤقتة عدن، بعدما تسبب رفع اسعار المواد الداخلة بانتاج الخبز في ارتفاع سعار الروتي الى ١٠٠ ريال للقرص الواحد (1000 ريال لعشرة اقراص) في سابقة اولى من نوعها محليا.
ومن المقرر أن يتبع اضراب المخابز والافران في عدن، عصيان مدني شامل، تشارك فيه وسائل النقل العامة، ومحالات الصرافة وشركات التحويلات المالية، ثم البنوك والمصارف، وباقي المرافق الخدمية في عموم مديريات عدن.
يأتي هذا الاضراب في عدن، في ظل تفاقم أزمة تدهور خدمة الكهرباء والتي تضم خمس محطات لتوليد الطاقة، وتصاعد ساعات انقطاع التيار الكهربائي الى 10 ساعة يوميا في عدن و20 ساعة في ابين جراء نفاد وقود محطات الكهرباء.
تسبب هذا التفاقم لأزمة تدهور خدمة الكهرباء في ظل الصيف اللاهب، بإندلاع احتجاجات شعبية غاضبة متواصلة منذ بداية مايو، في عدن وبصورة اكبر مديريات صيرة (كريتر) والمعلا والمنصورة والشيخ عثمان، اضرمت النيران بإطارات السيارات التالفة وقطعت الطرقات.
تفاصيل: العاصمة تشتعل والمليشيا تعلن الطوارئ (صور)
من جانبها، نفذت مليشيا "المجلس الانتقالي" التابع للامارات، انتشارا واسعا في احياء وشوارع عدن، "وفرقت الاحتجاجات الشعبية بالقوة وضربت المحتجين بالهراوات واطلاق النار عليهم" حسب، تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" الامريكية لحقوق الانسان.
وقال الخبير في شؤون اليمن والبحرين بالمنظمة، نيكو جافارنيا: "عندما احتج السكان على التخفيضات لساعات خدمة الكهرباء في عدن، ردت قوات الأمن بإطلاق النار عليهم". مُعتبرا أن "نقص الكهرباء يسلط الضوء على الفشل في تزويد السكان بالحقوق الاساسية في الماء والكهرباء".
بالتوازي، كشفت وكالة عالمية عن لغز ازمة الكهرباء في عدن وأنها "مفتعلة"، وأزاحت الستار عن هوية جهة افتعالها، وأنها شركات وقود تتبع "المجلس الانتقالي الجنوبي" تقف وراء الازمة، ردا على اعلان رئيس الحكومة احمد بن مبارك عن مناقصات عامة لشراء وقود محطات الكهرباء.
تفاصيل: وكالة عالمية تفضح مفتعل ازمة كهرباء عدن
يترافق تصاعد ساعات انقطاع الكهرباء في عدن مع اشتداد حرارة الصيف اللاهب، واستمرار انهيار قيمة العملة المحلية وتجاوزه سقف 1755 ريالا مقابل الدولار الامريكي، وتبعا استمرار ارتفاع اسعار السلع والخدمات والمشتقات النفطية، وتفاقم تدهور الاوضاع المعيشية للمواطنين.
ويتزامن هذا مع تصاعد مظاهر حالة من الفوضى في العاصمة المؤقتة عدن بعد انتشار كبير للحبوب المخدرة والحشيش، وانتشار النازحين الأفارقة في عدة أماكن في عدن أغلبهم من فئة الشباب، وعودة بيع السلاح في مديرية الشيخ عثمان بعد أن تم منعها خلال الفترة الماضية.
كما يتزامن هذا التدهور المتصاعد للأوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في عدن وجنوب البلاد، مع بوادر أزمة عجز الحكومة عن دفع رواتب موظفي الدولة، بعد تأخر صرف رواتب المعلمين والعسكريين لشهر ديسمبر الماضي، في ظل نُذر امتداد الازمة لرواتب الاشهر المقبلة.
تفاصيل: اعلان رئاسي بشأن صرف الرواتب (بيان)
يشكو قطاع واسع من قرابة 700 ألف موظف وموظفة في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، تأخر صرف رواتب ديسمبر يناير فبراير، وعدم انتظام مواعيد صرف مرتباتهم، بينما يشكو منتسبو قوات الامن والجيش من تراكم المرتبات المتأخرة،
تفاصيل: توجيه رئاسي عاجل لابن مبارك بشأن الرواتب
وأدت ازمة تأخر صرف رواتب الموظفين في عدن والمناطق المحررة (ديسمبر، يناير، فبراير)، الى تدخل السعودية، مطلع فبراير الفائت، عبر "إطلاق الدفعة الثانية من منحة دعم الموازنة العامة للدولة والبالغة مائتان وخمسون مليون دولار أمريكي". حسب مسؤول بالبنك المركزي في عدن
تفاصيل: انفراج كبير بشأن رواتب الموظفين (اعلان)
يرى المواطنون المشاركون في الاحتجاجات، أن سبب تدهور الاوضاع ما سموه "الفساد وحماية شركاء السلطة للمفسدين". واتهموا "التحالف ومجلس القيادة الرئاسي والحكومة والمجلس الانتقالي بأنهم "شركاء في حرب الخدمات واخضاع المواطنين لهذا الفساد الجاري".
مطالبين في هتافات ولافتات الاحتجاجات المتكررة، بـ "تقديم الفاسدين لمحاكمات علنية، وقيام السلطات بواجباتها وتنفيذ حلول سريعة ونهائية لأزمة الكهرباء، وتحسين الخدمات العامة، ووضع حد لانهيار قيمة الريال وارتفاع اسعار السلع وتأخر صرف الرواتب".
من جانبهم، يُرجع سياسيون واقتصاديون محليون ودوليون تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في عدن والمحافظات الجنوبية الى "اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة بجانب تبادل اتهامات الفساد".
ويتهم "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات، الحكومة بـ "صفقات فساد تتجاوز عدم ايداع ايرادات الدولة في البنك المركزي اليمني إلى نهب المساعدات والمنح المالية وانشاء شركات استثمارية خاصة خارج البلاد، بجانب المضاربة على العملة".
في المقابل، تتهم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، "الانتقالي" بأنه "يعيق عمل الحكومة بإصراره على استمرار انتشار ونفوذ فصائل مليشياته المتعددة" منذ انقلابه على الشرعية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الامارات وطيرانها الحربي.
مؤكدة أن "استمرار تمرد ‘الانتقالي‘ على الشرعية واستحواذه على قدر كبير من الايرادات الضريبية والجمركية للدولة، في عدن وعدد من مدن جنوبي البلاد، فاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار العملة وارتفاع اسعار السلع والخدمات والمشتقات النفطية".
وتبنت الامارات في 2017م إنشاء "المجلس الانتقالي" ورئيسه عيدروس الزُبيدي، وتمويل تجنيد وتسليح ما يقارب 50 لواء من المليشيات المسلحة، ليغدو الذراع السياسي والعسكري لها في جنوب البلاد، وأداة فرض انفصال جنوب اليمن، بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن.
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.