العربي نيوز - عدن:
أصاب مسؤول مصرفي بارز، البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن بمقتل، عبر اصداره اعلانا غير متوقع، فاجئ الاقتصاديين والسياسيين والمهتمين، بانتقاد مباشر وغير مسبوق لسياسات البنك المركزي، واصفا اجراءاته بالفاشلة، وحمله المسؤولية المباشرة لانهيار قيمة العملة الوطنية.
جاء هذا في تصريح مثير للجدل، نشره نائب الرئيس التنفيذي لقطاع العمليات المساندة، مدير فرع عدن، الأستاذ شكيب عليوة؛ الجمعة (24 مايو)، على حائطه الرسمي بموقع "فيس بوك" للتواصل الاجتماعي.
وقال شكيب عليوه: "يكفي مبررات وتبريرات ويكفي فهلوه وخريط ومريط اليوم سعر الدولار 1755 ريال.. خذوا بعين الإعتبار الآتي : قبل نقل البنك المركزي إلى عدن، كانت : العمله الأجنبية 5 مليار دولار".
مضيفا: كانت "الكتله النقدية المتداولة 3 تريليون ريال، الدولار = 215 ريال. وبعد نقل البنك المركزي: العمله الأجنبية 6 مليار دولار، الكتله النقدية الجديده 3 تريليون، الدولار = 1755ريال" سعر الصرف اليوم.
وتابع شكيب عليوه، في تصريحه المنشور قبل ساعات، قائلا: "وخزائن البنك المركزي خاوية على عروشها من النقد المحلي والأجنبي. شي معكم أعذار ومبررات جديده مش مبررات قد شبع الناس منها.. أفيدونا".
معقبا على التعليقات، بقوله: "ردا على كثير من الإتصالات والمراسلات والاستفسارات حول أسباب ماجاء في هذا المنشور.. إننا تكلمنا مرارا وتكرارا من ضرورة إعادة النظر في الإجراءات وآليات المعالجات المتخذه".
ومضى شكيب، قائلا: إن آليات المعالجات المتخذة "لم تجدي نفعا بهدف الحد من تدهور قيمة الريال مقابل العملات الأجنبية. والإستمرار بنفس الإجراءات وآليات المعالجات يفاقم من إستمرار التدهور الإقتصادي".
مختتما تعقيبه على تعليقات اقتصاديين وسياسيين ومهتمين، اتفق معه معظمهم، بقوله: "وكان يمكن في وقت سابق ان يستقر الصرف للدولار مابين (650 - 700) ريال". متعهدا بما سماه "التفاصيل في وقت لاحق".
شاهد .. مصرفي بارز يهاجم سياسات البنك المركزي بعدن
وأعلن البنك المركزي اليمني على موقعه الالكتروني، الخميس (16 مايو) إقراره سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار الامريكي، بواقع 1706 ريالات مقابل الدولار الواحد، بموجب نتائج مزاد بيعه 30 مليون دولار للبنوك.
موضحا أن العطاءات المقدمة الى المزاد الالكتروني عبر منصة (Refinitiv) رقم 7 لسنة 2024م والمعلن عنه الخميس (9 مايو) رسا على ادنى سعر مقدم (1677 ريالا للدولار) بينما كان اعلى سعر (1702) ريالا للدولار.
شاهد .. مركزي عدن يعلن سعرا جديدا للريال (وثيقة)
كما اجرى البنك المركزي اليمني في عدن، الخميس (23 مايو) المزاد رقم 8 لسنة 2024م، لبيع مبلغ 30 مليون دولار، عبر منصة Refinitiv الإلكترونية، ولم يعلن حتى الان نتائج المزاد وسعر بيع الدولار الجديد المعتمد.
شاهد .. "مركزي" عدن يطرح 30 مليون دولار للبيع
جاء اعلان البنك المركزي اليمني عن المزادين الجديدين لبيع العملة الأجنبية، للبنوك وشركات الصرافة والتحويلات البنكية، عقب ايام على تحويل دفعة جديدة من الوديعة السعودية النقدية لدعم الإقتصاد الوطني وفاتورة الاستيراد.
شاهد .. البنك المركزي ينفذ اجراء لانقاذ الريال
ويواصل البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، منذ العام 2022م طرح عشرات الملايين من الدولارات اسبوعيا للبيع على البنوك، وباع وفق اقتصاديين قرابة ملياري دولار امريكي، حتى نهاية العام 2023م.
لكن وعلى الرغم من ان مزادات البنك المركزي لم تكبح تدهور سعر الريال اليمني إلا أن فريق خبراء البنك الدولي اوصى بختام مشاوراته مع قيادة البنك المركزي بالاردن، بـ "ضرورة استمرار مزادات بيع العملة الاجنبية".
وتسبب استمرار تدهور قيمة الريال اليمني امام العملات الاجنبية، في ارتفاع فاحش لأسعار السلع الغذائية والمواد التموينية والمشتقات النفطية والخدمات العامة، قدرته تقارير البنك الدولي بنسبة 300%.
مشيرة في الوقت نفسه إلى أن " نحو 50% من سكان مناطق سيطرة الحكومة اليمنية باتوا عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الغذائية الاساسية جراء التدهور الاقتصادي المتسارع وعجز الحكومة المالي المتزايد".
ويتزامن هذا مع انباء صادمة وغير سارة بالمرة، بشأن عجز الحكومة عن صرف رواتب الموظفين في عدن والمناطق المحررة، خلال الاشهر المقبلة، بفعل ما وصفته مصادر حكومية "ازمة مالية حادة".
أكد هذه الانباء، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، في اجتماعه الاربعاء (8 مايو) مع رئيس الحكومة ووزيري الخارجية والمالية ومحافظ البنك المركزي في عدن، بحضور عبدالرحمن المحرمي.
وتحدث الرئيس العليمي عن "ضرورة الوفاء بالتزامات الدولة بما فيها انتظام دفع مرتبات الموظفين، وتحسين الخدمات الاساسية، وفي الاولوية منها توفير المشتقات النفطية اللازمة لتشغيل محطات الكهرباء".
شاهد .. العليمي يتحدث عن ازمة دفع الرواتب
يشكو قطاع واسع من قرابة 700 ألف موظف وموظفة في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، تأخر صرف رواتب ديسمبر يناير فبراير، وعدم انتظام مواعيد صرف مرتباتهم، بينما يشكو منتسبو قوات الامن والجيش من تراكم المرتبات المتأخرة،
تفاصيل: توجيه رئاسي عاجل لابن مبارك بشأن الرواتب
وأدت ازمة تأخر صرف رواتب الموظغين بالمناطق المحررة، الى تدخل السعودية، مطلع فبراير الفائت، عبر "إطلاق الدفعة الثانية من منحة دعم الموازنة العامة للدولة والبالغة 250 مليون دولار أمريكي". حسب مسؤول بالبنك المركزي في عدن.
تفاصيل: انفراج كبير بشأن رواتب الموظفين (اعلان)
يترافق انهيار قيمة الريال اليمني وتأخر صرف رواتب الموظفين وارتفاع اسعار السلع والمشتقات النفطية، مع تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية وانقطاع الكهرباء مع اشتداد حرارة الصيف اللاهب.
بالتوازي، تتصاعد مظاهر حالة من الفوضى في عدن بعد انتشار كبير للحبوب المخدرة والحشيش، وانتشار النازحين الأفارقة في عدة أماكن في عدن أغلبهم من فئة الشباب، وعودة بيع السلاح في مديرية الشيخ عثمان بعد أن تم منعها خلال الفترة الماضية.
وأرجع مراقبون تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية إلى ما سموه "الفساد وحماية شركاء السلطة للمفسدين". متهمين التحالف ومجلس القيادة الرئاسي والحكومة والمجلس الانتقالي بأنهم "شركاء في حرب الخدمات واخضاع المواطنين لهذا الفساد الجاري".
من جانبهم، يرجع سياسيون واقتصاديون تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في عدن والمحافظات الجنوبية الى "اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة بجانب تبادل اتهامات الفساد".
ويتهم "المجلس الانتقالي" الحكومة بـ "صفقات فساد تتجاوز عدم ايداع ايرادات الدولة في البنك المركزي اليمني إلى نهب المساعدات والمنح المالية وانشاء شركات استثمارية خاصة خارج البلاد، بجانب المضاربة على العملة".
في المقابل، تتهم الحكومة "الانتقالي" بأنه "يعيق عمل الحكومة بإصراره على استمرار انتشار ونفوذ فصائل مليشياته المتعددة" منذ انقلابه على الشرعية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الامارات وطيرانها الحربي.
مؤكدة أن "استمرار تمرد ‘الانتقالي‘ على الشرعية واستحواذه على قدر كبير من ايرادات الدولة، في عدن وعدد من مدن جنوبي البلاد، فاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار العملة وارتفاع اسعار السلع والخدمات والمشتقات النفطية".
وتبنت الامارات في 2017م إنشاء "المجلس الانتقالي" ورئيسه عيدروس الزُبيدي، وتمويل تجنيد وتسليح ما يقارب 50 لواء من المليشيات المسلحة، ليغدو الذراع السياسي والعسكري لها في جنوب البلاد، وأداة فرض انفصال جنوب اليمن، بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن.
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.