العربي نيوز - عدن:
انكشف اخيرا لغز ازمة الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن وتبين أنها مفتعلة، بإزاحة الستار عن هوية الجهة التي تقف وراء افتعالها في هذا التوقيت، ودوافعها للإقدام على ذلك، وأن شركات استيراد وقود تتبع "المجلس الانتقالي الجنوبي" تقف وراء الأزمة.
ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" الامريكية للأنباء، عن مسؤول حكومي قوله: إن شركات لها صلات بالمجلس الانتقالي الجنوبي هي من تقف خلف تفاقم أزمة الكهرباء وانطفاءاتها المستمرة في عدن، بوضعها اشتراطات معقدة لتفريغ وقود محطات الكهرباء.
مضيفا: إن "شركات استيراد وبيع الوقود التي لها صلات بالمجلس الانتقالي الجنوبي غضبت بعد أن أعلن رئيس الوزراء أن الحكومة ستفتح مناقصات عامة لشراء الوقود، لكونها ستخسر الفوائد التي كانت تتمتع بها من بيعها الوقود في العام الماضي".
وتابع المسؤول الحكومي الذي تحفظ على اسمه بسبب الخلافات الداخلية، قائلا في تصريح ادلى به لوكالة الانباء الامريكية: إنه "كان من المتوقع وصول ناقلة وقود تجارية إلى ميناء عدن، لكن المستورد يرفض تفريغ الحمولة قبل استلام المبلغ مقدما".
أكد هذا، المتحدث باسم مؤسسة الكهرباء في عدن، نوار أبكر، بإعلانه في بيان اصدره خلال الأيام الماضية أن "الوقود الذي تقله إحدى السفن الراسية منذ أيام في ميناء عدن لم يتم ضخه حتى الآن بسبب عدم استكمال الإجراءات المالية مع التاجر".
ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" الامريكية للانباء، عن أبكر قوله: إن "شحنة المازوت أيضا لا تزال في البحر وستصل ميناء المكلا بحضرموت في غضون يومين الى ثلاثة أيام". لافتا إلى "ما ستستغرقه من الوقت عملية تفريغها ونقل جزء منها إلى عدن".
مضيفة: إنه إفاد بأن "السلطات قامت بإيصال الوقود إلى إحدى محطات توليد الكهرباء في عدن صباح الأحد، وهناك خطط لجلب 800 طن من الديزل لمحطات أخرى يوم الاثنين". ونوهت بأنه "لم يكن هناك تأكيد رسمي لاحق عما إذا كان ذلك قد حدث".
شاهد .. وكالة دولية تكشف مفتعل ازمة كهرباء عدن
وأصدر رئيس الحكومة احمد بن مبارك، في فبراير الفائت، القرار رقم (20) لسنة 2024م بتشكيل لجنة مناقصات لشراء وقود محطات توليد الكهرباء، وتحديد مهامها. برئاسة وزارة المالية وعضوية وزارتي الكهرباء والنفط ومؤسسة الكهرباء ومصافي عدن.
وفقا لتصريحات رئيس الحكومة السابق معين عبدالملك، فإن "الحكومة تدفع في الجنوب ما يصل إلى مليار دولار سنويا لسبع شركات خاصة لاستيراد الوقود". ما دعا ومحافظ البنك المركزي اليمني في عدن إلى وصف قطاع الكهرباء بـ "الثقب الاسود".
بالمقابل، شهدت عدن، منذ بداية مايو الجاري، تفاقم أزمة تدهور خدمة الكهرباء والتي تضم خمس محطات لتوليد الطاقة، وتصاعد ساعات انقطاع التيار الكهربائي الى 10 ساعة يوميا في عدن و20 ساعة في ابين جراء نفاد وقود محطات الكهرباء.
وتسبب هذا التفاقم لأزمة تدهور الكهرباء في ظل الصيف اللاهب، بإندلاع احتجاجات شعبية غاضبة في عدن وبصورة اكبر مديريات صيرة (كريتر) والمعلا والمنصورة والشيخ عثمان، اضرمت النيران بإطارات السيارات التالفة وقطعت الطرقات.
تفاصيل: العاصمة تشتعل والمليشيا تعلن الطوارئ (صور)
من جانبها، نفذت مليشيا "المجلس الانتقالي" التابع للامارات انتشارا واسعا في احياء وشوارع عدن، وفرقت الاحتجاجات الشعبية بالقوة وضربت المحتجين بالهراوات واطلاق النار عليهم" حسب، منظمة هيومن رايتس ووتش الامريكية لحقوق الانسان.
وقال الباحث في شؤون اليمن والبحرين بمنظمة هيومن رايتس ووتش، نيكو جافارنيا: "إنهم "ملتزمون بتوفير الوصول إلى المياه والكهرباء الكافية في عدن،.. ومع ذلك، عندما احتج السكان على التخفيضات، ردت قوات الأمن بإطلاق النار عليهم".
ورد هذا ضمن تقرير حديث أصدرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن اليمن، اعتبر أن "نقص الكهرباء يسلط الضوء على فشل الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي في تزويد سكان عدن بالحقوق الأساسية في الماء والكهرباء".
ترافق انقطاع الكهرباء مع اشتداد حرارة الصيف اللاهب، واستمرار انهيار قيمة العملة المحلية وتجاوزه سقف 1700 ريالا مقابل الدولار الامريكي، وتبعا استمرار ارتفاع اسعار السلع والخدمات والمشتقات النفطية، وتفاقم تدهور الاوضاع المعيشية للمواطنين.
بالتوازي، تتصاعد مظاهر حالة من الفوضى في عدن بعد انتشار كبير للحبوب المخدرة والحشيش، وانتشار النازحين الأفارقة في عدة أماكن في عدن أغلبهم من فئة الشباب، وعودة بيع السلاح في مديرية الشيخ عثمان بعد أن تم منعها خلال الفترة الماضية.
ويتزامن هذا التدهور المتصاعد للأوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية مع بوادر أزمة عجز الحكومة عن دفع رواتب موظفي الدولة، بعد تأخر صرف رواتب المعلمين والعسكريين لشهر ديسمبر الماضي، في ظل نُذر امتداد الازمة لرواتب الاشهر المقبلة.
تفاصيل: اعلان رئاسي بشأن صرف الرواتب (بيان)
يشكو قطاع واسع من قرابة 700 ألف موظف وموظفة في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، تأخر صرف رواتب ديسمبر يناير فبراير، وعدم انتظام مواعيد صرف مرتباتهم، بينما يشكو منتسبو قوات الامن والجيش من تراكم المرتبات المتأخرة،
تفاصيل: توجيه رئاسي عاجل لابن مبارك بشأن الرواتب
وأدت ازمة تأخر صرف رواتب الموفظين بالمناطق المحررة، الى تدخل السعودية، مطلع فبراير الفائت، عبر "إطلاق الدفعة الثانية من منحة دعم الموازنة العامة للدولة والبالغة مائتان وخمسون مليون دولار أمريكي". حسب مسؤول بالبنك المركزي في عدن.
تفاصيل: انفراج كبير بشأن رواتب الموظفين (اعلان)
يرى المحتجون أن سبب تدهور الاوضاع ما سموه "الفساد وحماية شركاء السلطة للمفسدين". واتهموا "التحالف ومجلس القيادة الرئاسي والحكومة والمجلس الانتقالي بأنهم "شركاء في حرب الخدمات واخضاع المواطنين لهذا الفساد الجاري".
مطالبين في هتافات ولافتات الاحتجاجات بـ "تقديم الفاسدين لمحاكمات علنية، وقيام السلطات بواجباتها وتنفيذ حلول سريعة ونهائية لأزمة الكهرباء، وتحسين الخدمات العامة، ووضع حد لانهيار قيمة الريال وارتفاع اسعار السلع وتأخر صرف الرواتب".
من جانبهم، يُرجع سياسيون واقتصاديون تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في عدن والمحافظات الجنوبية الى "اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة بجانب تبادل اتهامات الفساد".
ويتهم "المجلس الانتقالي" الحكومة بـ "صفقات فساد تتجاوز عدم ايداع ايرادات الدولة في البنك المركزي اليمني إلى نهب المساعدات والمنح المالية وانشاء شركات استثمارية خاصة خارج البلاد، بجانب المضاربة على العملة".
في المقابل، تتهم الحكومة "الانتقالي" بأنه "يعيق عمل الحكومة بإصراره على استمرار انتشار ونفوذ فصائل مليشياته المتعددة" منذ انقلابه على الشرعية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الامارات وطيرانها الحربي.
مؤكدة أن "استمرار تمرد ‘الانتقالي‘ على الشرعية واستحواذه على قدر كبير من ايرادات الدولة، في عدن وعدد من مدن جنوبي البلاد، فاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار العملة وارتفاع اسعار السلع والخدمات والمشتقات النفطية".
وتبنت الامارات في 2017م إنشاء "المجلس الانتقالي" ورئيسه عيدروس الزُبيدي، وتمويل تجنيد وتسليح ما يقارب 50 لواء من المليشيات المسلحة، ليغدو الذراع السياسي والعسكري لها في جنوب البلاد، وأداة فرض انفصال جنوب اليمن، بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن.
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.