العربي نيوز - الرياض:
استطاعت المملكة العربية السعودية، من استضافتها القمة العربية الاسلامية المشتركة وغير الاعتيادية، في العاصمة السعودية الرياض، السبت، تمرير تسوية للقضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي، وصفها مراقبون بأنها "تحقق استسلاما لا سلاما".
وأكدت خطابات قادة وحكام الدول العربية والاسلامية المشاركين في القمة، تمكن المملكة خلال اجتماعاتها التحضيرية، من اقناع الجميع برؤيتها لتسوية القضية الفلسطينية وانهاء الصراع العربي الاسرائيلي، المستندة على مبادرة العاهل السعودي الراحل عبدالله.
أعلنت خطابات جميع المشاركين في قمة الرياض، الموافقة الجماعية على السلام العربي والاسلامي مع الكيان الاسرائيلي والتطبيع الكامل للعلاقات معه بموجب "المبادرة العربية للسلام". المقدمة من العاهل السعودي الراحل عبدالله في قمة بيروت 2002م.
وتتضمن مبادرة المملكة العربية السعودية "الموافقة على السلام وتطبيع العلاقات مع الكيان مقابل اقامة دولة فلسطين على حدود 1967م وحق عودة اللاجئين والانسحاب من هضبة الجولان" وهي الشروط التي تجاوزها الكيان الى المطالبة بتهجير الفلسطينيين.
في المقابل، رفضت المملكة العربية السعودية، التي رأست اعمال القمة، وثلاث دول بينها الامارات، مقترحات تقدمت بها عدة دول عربية ابرزها قطر وعُمان والكويت والجزائر وليبيا، للضغط على الكيان الاسرائيلي وحلفائه وفي مقدمهم اميركا وبريطانيا وفرنسا.
وحسب "العربي الجديد" فإن المقترحات "تضمنت التلويح بقطع النفط والمقدرات الاقتصادية العربية ومنع استخدام القواعد الامريكية في المنطقة لتعزيز الاحتلال بالسلاح والذخائر، وقطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الاحتلال ومنع تحليق طيرانه بالاجواء العربية".
عزز هذه التسريبات، اعلان رسمي على لسان وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، الخميس، بشأن موقف المملكة من فلسطين والكيان الاسرائيلي وعدوانه الغاشم المتواصل على قطاع غزة لليوم الرابع والثلاثين ومحادثات التطبيع معه؛ اعتبره مراقبون جريئا ومفاجئا.
تفاصيل: اعلان سعودي جرئ ومفاجئ بشأن فلسطين !
وتجري المملكة العربية السعودية، منذ سنوات، محادثات مع الكيان الاسرائيلي والولايات المتحدة الامريكية، بشأن تطبيع العلاقات بين الجانبين. وتحاول الرياض، الحصول على اكبر مكاسب اقتصادية وصناعية لاتمام هذا التطبيع، بينها الحصول على تقنيات المفاعلات النووية.
من جانبه، سخر كيان الاحتلال الاسرائيلي، من القمة العربية الاسلامية المنعقدة في العاصمة السعودية الرياض ومخرجاتها، المعلنة في بيانها الختامي، بوصفها "مسرحية سياسية" لامتصاص حالة الاحتقان والتعاطف بين اوساط الشعوب العربية والاسلامية مع الفلسطينيين.
تفاصيل: الكيان يسخر من مقررات قمة الرياض (وثيقة)
وخرجت القمة العربية الاسلامية المشتركة وغير الاعتيادية في ختام اعمالها بالعاصمة السعودية الرياض، ببيان ختامي، عبَّر عن "إدانة العدوان الإسرائيلي على غزة، وجرائم الحرب والمجازر الوحشية وغير الإنسانية، التي ترتكبها حكومة الاحتلال الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني".
مضيفا: إن "القمة ترفض توصيف هذه الحرب الانتقامية بأنها دفاع عن النفس، وتطالب بإنهاء الحصار على غزة ودخول قوافل المساعدات الإنسانية بما في ذلك الغذاء والدواء والوقود على الفور، وتطالب مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة باتخاذ قرار حاسم وملزم يفرض وقف العدوان".
وتابع بيان قمة الرياض: "نطالب مجلس الأمن باتخاذ قرار فوري يدين التدمير الهمجي الإسرائيلي للمستشفيات في قطاع غزة ومنع دخول الأدوية والغذاء والوقود”. مشيرا إلى جرائم الاحتلال الاسرائيلي المرتكبة بحق الفلسطينيين "بما في ذلك في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية".
داعيا المحكمة الجنائية الدولية إلى إجراء تحقيق فيما وصفها "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة". وقال: "نحمل إسرائيل، القوة المحتلة، المسؤولية عن استمرار الصراع وتفاقمه نتيجة عدوانها على حقوق الإنسان".
كما دعا بيان قمة الرياض جميع الدول إلى وقف تصدير الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل التي يستخدمها جيشها و”المستوطنون الإرهابيون الذين يقتلون الشعب الفلسطيني ويدمرون منازلهم”. مؤكدا أن “السلام العادل والدائم والشامل” هو السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة.
شاهد .. البيان الختامي للقمة العربية والإسلامية بالرياض (فيديو)
وتجاهلت القمة العربية والاسلامية في الرياض مناشدة حركة المقاومة الاسلامية (حماس) لحكام الدول العربية والاسلامية المشاركين فيها "إلى اتخاذ قرار تاريخي وحاسم بالتحرك لوقف العدوان الصهيوني على غزة وتوظيف كل أوراق القوة العربية والإسلامية لإنفاذ ذلك". حسب بيان للحركة.
دعت حماس القمة إلى "تشكيل لجان في كل التخصصات الطبية والإنسانية والإغاثية والبرلمانية، والتوجه فورًا نحو معبر رفح المصري الفلسطيني، وتحدي الاحتلال الصهيوني، لإدخال كل المواد الإغاثية والطبية والغذائية والوقود، لإنقاذ كل المستشفيات في قطاع غزة، التي خرجت أو ستخرج عن الخدمة".
وأكدت أن "حصار المستشفيات في قطاع غزة، وقصفها الهمجي بشكل متواصل، وبكل أنواع الأسلحة الأمريكية، ومنع وصول الوقود والماء والغذاء والإنترنت ووسائل التواصل والتنقل، وكل مقومات الحياة الإنسانية عن المرضى والجرحى والنازحين جريمة نكراء ضد الانسانية وحرب ابادة جماعية".
مضيفة في بيانها: إن هذه الجريمة النكراء ضد الإنسانية وحرب الإبادة الجماعية لمليوني فلسطيني محاصرين في قطاع غزة منذ نحو ثمانية اسابيع متواصلة "يتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والسياسية كل من يقف عاجزا عن التدخل الفوري لوقف هذه المجزرة المروعة والكارثة الإنسانية”.
إلى ذلك يواصل جيش الاحتلال الاسرائيلي، لليوم الخامس والثلاثين شن غارات جوية وقصف بحري وبري بقنابل هائلة وقذائف محرمة الاستخدام دوليا، ابرزها القنابل العنقودية وقنابل الفسفور الابيض، مخلفا دمارا هائلا في البنية التحتية والمنشآت المدنية بقطاع غزة، وموقعا عشرات الآلاف من القتلى والجرحى المدنيين، علاوة على حصاره الخانق للقطاع.
وتتواصل سياسيا التنديدات العربية للعدوان الاسرائيلي المتواصل على قطاع غزة بفلسطين، واتفقت بيانات معظم الدول العربية والاسلامية، المعلنة في "الدعوة إلى الوقف الفوري للتصعيد، والتحلي بأقصى درجات ضبط النفس". بينما انضمت الامارات رسميا إلى أميركا وبريطانيا وفرنسا والمانيا ودول أوروبا في ادانة المقاومة الفلسطينية وأسر رهائن اسرائيليين.
يشار إلى أن محصلة ضحايا العدوان الإسرائيلي تجاوزت مساء الجمعة "11078 قتيل فلسطيني (بينهم 5412 طفلا و3027 امرأة و668 مسنا)، والمصابين 27000، منذ 7 أكتوبر الفائت". في مقابل "1400 قتيلا من الاسرائيلين بينهم 347 ضباط وجنود، ونحو 3000 جريح". فيما أسرت "حماس" نحو 250 إسرائيليا، حسب ناطق كتائب القسام، ابو عبيدة.