الاثنين 2025/06/02 الساعة 02:58 م

اعلان بريطاني عن اليمن يفاجئ امريكا

العربي نيوز:

تفاجأت الولايات المتحدة الامريكية، بإعلان صادر من حليفتها بريطانيا، بشأن اليمن والتطورات المتسارعة التي يشهدها، جراء ما سماه "الفشل الامريكي العسكري في اليمن"، وتصاعد "ضخامة الفوضى التي تحولت إليها الحرب الجوية ضد الحوثيين" على نحو يتجاوز استمرار الجماعة بما تسميه "فرض الحصار البحري والحظر الجوي على الكيان الاسرائيلي" إلى اذلال امريكا عسكريا والايذان بنهاية هيمنتها عسكريا.

جاء هذا في تقارير مكثفة نشرتها وسائل الاعلام البريطانية، وتحليلات لكبار السياسيين والعسكريين البريطانيين، لخلفيات وتداعيات اعلان الرئيس الامريكي دونالد ترامب الثلاثاء (6 مايو) ايقاف حملته العسكرية البحرية والجوية على الحوثيين في اليمن مقابل ايقافهم استهداف السفن الامريكية الحربية والتجارية، دون ايقاف استهداف الكيان الاسرائيلي ومنع عبور سفنه والمتجهة اليه من مضيق باب المندب والبحر الاحمر.

واتفقت وسائل إعلام بريطانية في وصف حرب أميركا ضد جماعة الحوثي في اليمن، بالفاشلة وأن "أميركا جرى اذلالها عسكريا ولا تستطيع حتى الاقتراب من النصر في اليمن". وقال موقع "UnHerd" البريطاني في تحليل سياسي وعسكري: إن جماعة الحوثي كشفت عن إذلال أمريكا العسكري وتراجع قوتها". وأردف: "في عالمنا الحالي، لا تملك أميركا سلاحاً جديداً يمكنه حتى الاقتراب من تحقيق النصر في اليمن".

مضيفا: "عندما بدأ الحوثيون في اليمن، ردًا على حرب غزة، بفرض حصارهم على البحر الأحمر، اعتُبر ذلك علامة أكيدة على تراجع القوة الأمريكية: قوة عالمية مهيمنة تسمح بالتنافس على سيطرتها على طريق بحري حيوي. وفي خضم اندفاعهم لفهم سبب حدوث ذلك، زعم منتقدو الرئيس آنذاك أنه ببساطة ضعيف للغاية، ومُهادن للغاية، لدرجة أنه لا يستطيع استخدام كامل القوة العسكرية الأمريكية للقضاء على المشكلة".

وتابع: "في الواقع، ردًا على ذلك، أذن بايدن بحملتين عسكريتين. الأولى كانت عملية ‘حارس الرخاء‘، التي هدفت إلى الجمع بين القوة البحرية الأمريكية وتحالف من الدول الراغبة في حماية الملاحة وكسر الحصار. تحول ذلك إلى كارثة محرجة، إذ انسحب معظم شركاء التحالف، واستمرت صواريخ الحوثيين في قصف السفن. ثم في يناير 2024، أُطلقت عملية ‘رامي بوسيدون‘ والتي شملت طائرات بريطانية وأمريكية".

مستطردا: "حاولت العملية قصف الحوثيين لإخضاعهم. لكنها باءت بالفشل، ولم تُحقق أي تقدم يُذكر في كبح هجمات الحوثيين أو فتح البحر الأحمر أمام حركة الملاحة. ولكن حتى في ذلك الوقت، أُلقي باللوم على بايدن؛ إذ كان الجيش الأمريكي الجبار يُعاق بطريقة ما. وهكذا، كان الاستنتاج الطبيعي أنه بمجرد تولي ترامب منصبه، ستُنزع القفازات. كان منتقدو بايدن مُحقين جزئيًا. فبمجرد تولي ترامب منصبه، سُحبت القفازات". 

الموقع البريطاني مضى قائلا في تحليله السياسي والعسكري: "أعقبت عملية ‘بوسايدون آرتشر‘ عملية ‘راف رايدر‘، في مارس 2025م، والتي حاولت إظهار رد عسكري أمريكي جديد وأكثر قوة ضد أهداف الحوثيين في اليمن ولمدة ستة أسابيع فقط قصفت الطائرات الحربية الأمريكية اليمن على مدار الساعة، مع قاذفات شبح نادرة وباهظة الثمن تُحلق في مهمات من دييغو غارسيا لدعم الطائرات الموجودة على حاملات الطائرات". 

وتابع قائلا: "مع ذلك، بمجرد انتهاء تلك الأسابيع الستة، أعلن ترامب بفخر أن اليمن ‘استسلم‘ وأنه لم تعد هناك حاجة للولايات المتحدة لمواصلة القصف". ساخرا من اعلان ترامب بقوله: "لقد توسطت عُمان في وقف إطلاق النار. وتم الترويج لهذا على أنه انتصار مجيد للجيش الأمريكي، حيث وعد الحوثيون أخيرًا بعدم مهاجمة السفن الأمريكية بعد الآن، وأعادت أمريكا بلطف... لفتة. بالطبع، لم يذكر ترامب شروط ‘الاستسلام‘".

مفندا الرواية الامريكية: "كان على الحوثيين فقط التوقف عن مهاجمة السفن الأمريكية مقابل توقف أمريكا عن القصف؛ وكانوا أحرارًا في مواصلة حصار البحر الأحمر أو إطلاق الصواريخ على إسرائيل. بمعنى آخر، منحت أمريكا الحوثيين حرية مطلقة لمواصلة السلوك الذي كان سببًا لشن الحرب في المقام الأول. لذا، كان وصف هذه الصفقة بالاستسلام أمرًا مناسبًا تمامًا؛ لكن الحوثيين لم يكونوا هم من يرفعون الراية البيضاء".

وزاد الموقع البريطاني موقع "UnHerd" في تحليله السياسي والعسكري: إن "عملية ترامب ‘الراكب الخشن‘، على عكس عمليات بايدن، استخدمت العديد من الأسلحة الأمريكية الأكثر محدودية وتكلفة وتطورًا في محاولة لإخضاع الحوثيين. ومع ذلك استسلمت. وبالتالي، فإن الدروس هنا قاتمة للغاية. لم تعد طريقة الحرب المفضلة لأمريكا والوحيدة القابلة للتطبيق بشكل متزايد - الحرب الجوية - فعالة من حيث التكلفة ولا عملية".

مختتما بقوله: "لكن الولايات المتحدة ليس لديها أساليب حرب بديلة تعتمد عليها، ما يعني أن أيامها كقوة عسكرية مهيمنة ربما تقترب من نهايتها". وأردف: "لفهم مدى ضخامة الفوضى التي تحولت إليها الحرب الجوية ضد الحوثيين، من المهم فهم قاعدة أساسية للمخزونات العسكرية الأمريكية. فأمريكا تمتلك نظريًا 11 حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية، وهو رقمٌ هائلٌ يفوق بكثير أي دولة في العالم، لكنه بجملته لا يُذكر عمليًا".

شاهد .. بريطانيا تعلن نهاية هيمنة امريكا عسكريا

يأتي هذا بعدما تلقت الولايات المتحدة الامريكية، قبل ايقاف حملتها العسكرية بأيام، اتهاما مفاجئا وصادما من بريطانيا، للرئيس الامريكي دونالد ترامب بارتكاب جرائم حرب في حملته العسكرية البحرية والجوية المتواصلة على مواقع افتراضية لجماعة الحوثي في اليمن، بعد اعلانها "استئناف عمليات اسناد غزة"، بالتزامن مع بدء استجابة بريطانيا لتهديدات زعيم الحوثيين.

تفاصيل: اتهام بريطاني لترامب بجرائم حرب باليمن !

في السياق، وعلى نحو يكاد يتطابق مع ما ذهبت اليه وسائل الاعلام البريطانية، اعلن المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية، في وقت سابق، موقفه من اعلان الرئيس الامريكي دونالد ترامب "الايقاف الفوري" لحملته العسكرية على جماعة الحوثي في اليمن، مقابل ايقاف هجماتها على السفن الامريكية الحربية والتجارية. ووصف الاعلان الاوروبي حملة ترامب وايقافها بأنه "ساهم بتقوية الجماعة لا اضعافها".

تفاصيل: اوروبا تتهم ترامب بتقوية الحوثيين (اعلان)

والخميس (15 مايو) كشف مسؤولون بوزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) لصحيفة "نيويورك تايمز"، عن نجاه طائرات F-35  الامريكية من الاسقاط في اجواء اليمن، بصواريخ دفاع جوي اطلقتها جماعة الحوثي، بعد تمكنها من اسقاك 7 طائرات من طراز طراز MQ-9 (بتكلفة حوالي 30 مليون دولار للطائرة)،تضاف الى 15 اخرى منذ اكتوبر 2023م. وأن استهداف طائرات F-35  "كان احد الاسباب الرئيسة لإعلان الرئيس الامريكي دونالد ترامب الثلاثاء (6 مايو) عن الايقاف الفوري لحملته العسكرية على اليمن".

وأكد المسؤولون الامريكيون إن "الدفاعات الجوية الحوثية كادت أن تصيب عدة طائرات أمريكية من طراز F-16 وطائرة مقاتلة من طراز F-35، مما زاد من احتمال وقوع خسائر بشرية أمريكية". ونوهوا إلى "سقوط ثلاث طائرات امريكية مقاتلة من طراز F/A-18E سوبر هورنيت، التي تبلغ قيمتها 67 مليون دولار، خلال الحملة العسكرية على اليمن". مشيرين إلى أن "خطة الحملة على اليمن، كانت عملية طويلة الأمد من المتوقع أن تستمر من ثمانية إلى عشرة أشهر"، لكن ترامب بعد الاطلاع على تقرير مرحلي للحملة، قررإلغاء الخطة والاتفاق مع الحوثيين".

في المقابل، انتقدت الصحيفة الامريكية، في تقريرها، طريقة اعلان ترامب ايقاف حملته، وقالت: إن "ترامب قدّم وقف إطلاق النار للجمهور بطريقة مضللة. فقد قال إن الحوثيين ‘استسلموا ولم يعودوا يرغبون في القتال‘. في الواقع، كان ترامب هو من لم يعد يرغب في القتال، وكان يُخفي أن عمليته التي كلّفته مليار دولار لم تُضعف القدرة العملياتية للمسلحين المعروفين بصمودهم". وأردفت: إن "جوهر قرار ترامب كان مهم أيضًا، وكان قرارًا حكيمًا. كما كان قراره بشن الضربات في المقام الأول أحمقًا ومدمرًا، فالقصف كان استباقيا، وتسبب بخسائر بشرية بين المدنيين".

شاهد .. اعلان امريكي عن نجاة "الشبح" في اليمن

عززت هذه التصريحات الامريكية، ما كشفته الاربعاء (14 مايو) مجلة "فوربس" الأمريكية المتخصصة نقلا عن مسؤولين امريكيين، عن مخاطر نيران كثيفة تعرضت لها طائرات F-35 الامريكية بجميع نسخها الأربع خلال مشاركتها لأول مرة في معارك بمنطقة الشرق الاوسط، ضمن عمليات الحملة العسكرية البحرية والجوية على جماعة الحوثي في اليمن. منوهة بأن هذا الاستهداف دعا لاعادة النظر بمقاتلات الشبح بأنوعها الاربعة. وقالت: "لا شك أن احتمال فقدان طيار مقاتل أو أسره على يد الحوثيين كان بمثابة صداعٍ أرادت الإدارة الحالية تجنبه".

شاهد .. مخاوف امريكية من اداء F-35 في اليمن 

والثلاثاء (13 مايو) جدد الرئيس الامريكي دونالد ترامب في خطابه بمنتدى الاستثمار السعودي الامريكي في الرياض؛ تبرير قراره بإيقاف فوري لحملته العسكرية على الحوثيين بقوله: "سددنا أكثر من 1100 ضربة على الحوثيين". مضيفا: "لم أكن أود ضرب الحوثيين، لكنهم كانوا يستهدفون السفن، وكانوا سابقا يستهدفون السعودية".

مضيفا في تبرير قراره من دون تحقيق الحملة بعد 52 يوما اهدافها المعلنة والمحددة بـ "تدمير القدرات العسكرية للحوثيين وانهاء هجماتهم": إن "الحوثيين أظهروا أنهم مقاتلون اشداء". مؤكدا طلب امريكا الاتفاق معم بقوله: "وقد وافقوا على وقف استهداف السفن الأميركية". مقابل ايقاف الحملة العسكرية الامريكية عليهم.

شاهد.. الرئيس ترامب يبرر الاتفاق مع الحوثيين (فيديو)

يشار إلى أن سلطنة عمان، كانت حسمت رسميا، الجدل المثار بشأن اتفاق ايقاف اطلاق النار والهجمات المتبادلة بين امريكا وجماعة الحوثي الانقلابية، وكشفت خلفيات الاتفاق ومضامينه، والجهة التي سعت اليه وطلبت وقف اطلاق النار، مؤكدة رواية ناطق الحوثيين بأن امريكا هي من طلبت وليس جماعته.