الاثنين 2024/12/16 الساعة 03:46 م

السعودية تمول قوات جديدة في اليمن

 العربي نيوز:

بدأت المملكة العربية السعودية، ضمن قيادتها التحالف العربي لدعم الشرعية، وتوجهاتها الجديدة، تمويل انشاء وتجنيد وتسليح قوات جديدة من عناصر تنتمي الى المحافظات الجنوبية والتيار السلفي، لتكون بموازاة مليشيا الامارات، في احدى اهم المحافظات المحررة. 

أكدت هذا مصادر محلية متطابقة في محافظة المهرة، الواقعة على حدود اليمن مع سلطنة عُمان. أفادت بأن "بدء المملكة العربية السعودية ترتيبات متعددة لتدريب وإنشاء معسكرات من عناصر تابعة للتيار السلفي الديني المتشدد الذي ترعاه المملكة ويدين لها بالولاء".

موضحة أن "التيار السلفي المتواجد في المهرة حاليا لم يكن موجودا قبل احداث دماج في صعدة عام 2013م، ونزحت مجاميع كبيرة للمحافظة من مركز دار الحديث بصعدة الذي أسسه الأب الروحي للحركة السلفية في اليمن مقبل هادي الوادعي، عقب عودته من السعودية".

ولفتت إلى أن "موجة نزوح السلفيين من صعدة الى المهرة قوبلت برفض مجتمعي عبرت عنه تظاهرات شعبية في 2017م منعت تأسيس مركز سلفي في مديرية حصوين، قبل ان تمكنهم السعودية من الانتشار بالمحافظة عقب وصول قواتها نهاية 2017م وتوفر لهم الدعم المالي والمساكن".

منوهة إلى أن "مشكلة تمكين السعودية للسلفيين طغت على السطح عقب اصدار عدد من مشايخهم أحكاما تكفيرية بحق شخصيات محلية، والترويج للسياسة السعودية، بما فيها نظرة الرياض للعدوان الاسرائيلي على غزة، قبل ان تتدخل الحكومة وتلزمهم بعدم التحريض الطائفي".

لكن احتجاجات اطراف محلية في المهرة تصاعدت مع بدء توجه السعودية لتشكيل قوات من العناصر السلفية في المحافظة، ستحمل اسم "قوات درع الوطن"، التي مولت السعودية انشاءها والحاقها برئيس مجلس القيادة الرئاسي، وتنتشر عدد من ألويتها في حضرموت، وشبوة وعدن.

ومع ان مسؤولين بالحكومة الشرعية ووزارة الدفاع رفضوا التعليق "لحساسية الموضوع"، إلا أن مصادر حكومية أكدت "وجود توجيهات رئاسية صدرت بتجنيد هذه القوات الجديدة في محافظة المهرة"، وأن "السعودية التي تملك سلطة كبيرة على مجلس القيادة الرئاسي تضغط لتشكيلها".

سبق للإمارات عقب وصول قواتها الى المهرة، ثم السعودية، إنشاء معسكرات ونقاط أمنية في مختلف مديريات المحافظة، اثارت حفيظة السكان واحتجاجاتهم وتنفيذ اعتصامات مناهظة لها، ما اضطر السعودية لسحب قواتها تدريجيا من المواقع والنقاط والاحتفاظ بها في مطار الغيظة.

ووفقا لوسائل اعلام محلية في المهرة، فإن "قيادة القوات السعودية في مطار الغيظة تتولى التنسيق لتشكيل القوات الجديدة السلفية وانشاء معسكرات لها في المهرة". وتسوق قيادات سلفية لها بوصفها "مكسبا للمهرة" وبزعم أنها "قوة محلية من ابناء المحافظة المهريين سيتم تشكيلها لأول مرة".

في المقابل، تعالت الاصوات المعارضة لتشكيل هذه القوات السلفية في محافظة المهرة، معتبرة أنها "تفتح الباب لإثارة الطائفية والنزاع المذهبي باوساط المجتمع المهري غير الطائفي ولا المذهبي بطبيعته" بينما يرى المؤيدون أنها "تعيد امجاد جيش امارة المهرة قبل استقلال الجنوب 1967م".

وتصدر معارضة انشاء هذه القوات، وكيل محافظة المهرة لشؤون الشباب بدر كلشات، بوصفها "ستورط المهرة بتشكيلات عسكرية ومليشيا ذات طابع طائفي ومتشدد دينيا". بينما لم يصدر حتى الان بيان رسمي عن لجنة الاعتصام السلمي بالمهرة المناهضة لتواجد القوات السعودية والاماراتية.

لكن رئيس الدائرة الأمنية بلجنة اعتصام ابناء المهرة، مسلم رعفيت، أكد في مداخلة مع قناة "المهرية"، أن "لجنة الاعتصام ترفض بشكل قاطع عملية تجنيد السلفيين، وكل العمليات التي تتم خارج مؤسسات الدولة الرسمية" باعتبارها "تحقق مصالح أجنبية، وتقوض أمن المحافظة بنهجها المتطرف".

وتجسيدا لصراع بسط النفوذ المحتدم بين السعودية والامارات في اليمن، عمد الإعلام الاماراتي الى السعي لتأجيج الخلافات بين السعودية والاطراف المحلية في المهرة، زاعما تصدي حزب الاصلاح لتشكيل القوات السلفية في المهرة. في حين يؤيد الحزب السياسة السعودية في اليمن ويتقاطع مع السلفيين.

من جانبهم، ابرز مراقبون تداعيات خطيرة لانشاء السعودية هذه القوات من العناصر السلفية في محافظة المهرة، "تتجاوز المحافظة الى سلطنة عُمان الواقعة على الحدود معها". مشيرين إلى أن "وتصدير هذا التيار السلفي إلى حدود سلطنة عمان من شأنه أن يثير حساسية كبيرة لدى مسقط".

وعمَّدت الامارات إلى تمويل انشاء وتجنيد تشكيلات عسكرية في جنوب اليمن من ذوي الانتماء السلفي تمثلت في "الوية العمالقة الجنوبية" و"كتائب أبي العباس" في تعز، والوية مليشيات "الانتقالي الجنوبي"، ودفعت باتجاه سيطرتها على شبوة وحضرموت والمهرة، ما اعتبرته السعودية "تهديدا يمس امنها القومي".

 سعت السعودية، في مقابل تحركات الامارات ومليشياتها في اليمن، الى اتباع النهج الاماراتي نفسه، وعمدت مع بداية العام 2022 الى تمويل إنشاء ما بات يعرف باسم "قوات درع الوطن"، من سلفيي الجنوب لتكون قوات موازية لمليشيات الامارات السلفية باختلاف مسمياتها وتشكيلاتها المتعددة في جنوب اليمن.

وأكد عسكريون وسياسيون، في وقت سابق، تصاعد نُذر ما وصفوه "معركة حسم استعادة الدولة اليمنية وسيادتها على كامل اراضيها بدءا من المحافظات المحررة"، ورجحوا ان يبدأ "اندلاع نيرانها من محافظة حضرموت، بين قوات الشرعية ومليشيا الانتقالي الجنوبي، مالم يتدخل التحالف بقيادة السعودية".

مشيرين إلى أن "اصرار الانتقالي الجنوبي بدفع اماراتي على بسط سيطرته ومليشياته على محافظة حضرموت، ورفض تواجد قوات الجيش الوطني وانتشار قوات درع الوطن الرئاسية، ينذر بمعركة حسم وشيكة". ولفتوا إلى أن "بيانات الانتقالي بهذا الشأن تشي بانقلاب جديد وتسير باتجاه التصعيد العسكري".

وتوقعت المصادر العسكرية والسياسية "تدخل التحالف بقيادة السعودية لاحتواء التوتر المتصاعد في حضرموت قبل انفجار الموقف". لافتة إلى "تصاعد الخلافات السياسية والحدودية بين السعودية والامارات، قد ينفجر عسكريا على الاراضي اليمنية، بدءا من المحافظات الشرقية، وبخاصة محافظة حضرموت".

يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة ومليشيات "العمالقة الجنوبية"، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.