العربي نيوز - صنعاء:
فاجأت المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر، جماعة الحوثي الانقلابية بإجراء اعتبرته الجماعة "مستفزا وتصعيدا يهدد الهدنة"، ما يعيد اجواء التوتر التي شهدها شهر يوليو الفائت وتصاعد تهديدات الجماعة للسعودية بما سمته "الرد على التصعيد بالمثل" واستهداف "المطار بالمطار والميناء بالميناء"، والمنشآت النفطية السعودية.
واستنكر سياسيون وناشطون بجماعة الحوثي اعلان مصر شرط حصول اليمنيين القادمين من عبر مطار صنعاء الموافقة الامنية المسبقة لدخولهم إلى اراضيها، "ورفع رسوم استخراج الموافقة الامنية من 200 دولار إلى 500 دولار". واعتبروا هذا الاجراء "تصعيدا سعوديا هدفه تعطيل فتح مطار صنعاء امام رحلات الى مصر".
اتفقت تعليقات سياسيي وناشطي جماعة الحوثي،على منصات التواصل الاجتماعي، في أن "السعودية طلبت من السلطات المصرية رفع رسوم الموافقة الامنية من 200 الى 500 دولار، تذهب منها 300 دولار لحكومة بن مبارك، لدفع المضطرين للعلاج في مصر إلى السفر عبر مطار عدن لتجنب زيادة رسوم الموافقة الامنية".
واستغل الحوثيون "الاعباء المالية" التي يفرضها هذا الاجراء على مئات الآلاف من اليمنيين المرضى المترقبين منذ سنوات تسيير رحلات من مطار صنعاء الى مصر، في شن حملة تشنيع بالحكومة الشرعية واتهامها بـ "التواطؤ مع السعودية ومصر "سعيا وراء جني 300 دولار من رسوم الموافقة الامنية للقادمين من صنعاء".
شاهد .. استنكار رسوم الموافقة الامنية المصرية لمسافري اليمنيين
تأتي هذه الانباء، بعدما كانت إدارة شركة طيران الخطوط الجوية اليمنية، في العاصمة المؤقتة عدن، اعلنت خبرا سارا للملايين في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة جماعة الحوثي الانقلابية، وأكدت بدء تسيير رحلات جوية إلى العاصمة المصرية القاهرة، من وإلى مطار صنعاء الدولي، عبر ترانزينت رحلات "صنعاء-عمَّان" وبشرط الموافقة الامنية المصرية.
تفاصيل: "اليمنية" بعدن تعلن بشرى للمواطنين بصنعاء
كما تأتي هذه التطورات بعدما كانت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وادارة شركة الخطوط الجوية اليمنية، حسمتا نهاية يوليو الفائت، الجدل المثار بشأن وجهات الرحلات من وإلى مطار صنعاء، الخاضع لسيطرة جماعة الحوثي الانقلابية، وإعلان الاخيرة بدء جدولة رحلات الى كل من مصر والهند، بجانب الرحلات اليومية من وإلى الاردن.
تفاصيل: حسم الجدل بشأن رحلات مطار صنعاء
وجاء استئناف الرحلات من وإلى مطار صنعاء عقب احتواء السعودية التوتر مع جماعة الحوثي، وتهديد الاخيرة بقصف منشآت النفط في السعودية والمطارات، على خلفية قرارات نقل البنوك الى عدن، وضغط المملكة على الشرعية للموافقة على اتفاق "خفض التصعيد"، وتقديم تنازلات كبرى بينها "الغاء قرارات البنك المركزي وفتح مطار صنعاء".
تفاصيل: الحكومة تعلن تقديم تنازلات كبرى ! (بيان)
كما أكدت جماعة الحوثي الانقلابية، من جانبها، على لسان متحدثها الرسمي ورئيس وفدها المفاوض، التوصل الى الاتفاق المكون من اربعة بنود، كاشفة عن مصير رواتب موظفي الدولة بعموم محافظات الجمهورية، ضمن الاتفاق الجديد بينها والشرعية، الموقع الثلاثاء (23 يوليو) برعاية مباشرة من السعودية وسلطنة عمان ودفع اطراف دولية.
تفاصيل: كشف مصير الرواتب باتفاق الشرعية والحوثيين
بالتوازي، كشف المبعوث الأممي الى اليمن، هانس غروندبيرغ، تفاصيل الاتفاق الجديد، في بيان اصدره الثلاثاء يتضمن اعلانا يتحدث عن انفراج كبير في ملف البنوك وتوحيد العملة والبنك المركزي واستئناف تصدير النفط ودفع الرواتب، وغيرها من قضايا الملف الاقتصادي. مشيدا بـ "دور السعودية في التوصل للاتفاق".
شاهد .. بيان سار للمبعوث الاممي بانفراجة كبرى
وسبق أن اعلنت السعودية، السبت (13 يوليو) أول موقف لها من قرار مجلس القيادة الرئاسي تأجيل قرارات البنك المركزي اليمني في عدن، الرامية الى تضييق الخناق اقتصاديا على الجماعة واجبارها على وقف هجماتها البحرية والاستجابة لجهود السلام وفق المرجعيات الثلاث للشرعية اليمنية.
تفاصيل: السعودية تعلن موقفها من قرارات البنك المركزي
جاء هذا عقب اعلان مجلس القيادة الرئاسي، الجمعة (12 يوليو) استجابته لدعوة المبعوث الاممي لليمن الى تأجيل قرارات البنك المركزي وعقد حوار عاجل بشأن الملف الاقتصادي (تصدير النفط والبنوك والعملة والرواتب) مع جماعة الحوثي، منعا لما سماه "مغامرات كارثية"، فوتها على الجماعة بعد ساعات من حشدها ما وصفته "التفويض الشعبي" لقصف السعودية.
تفاصيل:"الرئاسي" يعلن تأجيل قرار البنوك بشرط (وثيقة)
برر المبعوث الاممي طلبه، بقوله: “إنني أقدر ما تحملته الحكومة من مظالم اقتصادية، أكثرها ظهوراً وقف صادرات النفط الخام، لكن هذه القرارات الصادرة مؤخراً بشأن البنوك سوف توقع الضرر بالاقتصاد اليمني وستفسد على اليمنيين البسطاء معائشهم في كل أنحاد البلاد، وقد تؤدي إلى خطر التصعيد الذي قد يتسع مداه إلى المجال العسكري”.
تفاصيل: غروندبيرغ يكشف كواليس الغاء قرارات البنك (اعلان)
وأصدر البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، سلسلة قرارات ونفذ حزمة اجراءات في اطار خطة تدعمها الولايات المتحدة الامريكية لإحكام الحصار على جماعة الحوثي الانقلابية، ماليا واقتصاديا، واجبارها على ايقاف هجماتها البحرية والانصياع للسلام بموجب المرجعيات الثلاث، للشرعية في اليمن.
تفاصيل: كماشة اميركية تطبق على الحوثيين
تحظى قرارات البنك المركزي اليمني بدعم امريكي عبرت عنه واشنطن الاثنين (15 يوليو)، بإعلان موقفها من قرارات البنك بشأن نقل البنوك الى عدن والاصلاحات المالية والاقتصادية والرقابة على تحويلات الاموال من وإلى اليمن، ضمن التعاون مع البرنامج الامريكي لمكافحة الارهاب وتمويله وغسيل الاموال.
تفاصيل: اعلان امريكي حاسم بشأن البنك المركزي (وثيقة)
لكن قرارات واجراءات البنك المركزي في عدن، بشأن فرض نظام شبكة موحدة للحوالات ونقل البنوك من صنعاء الى عدن ومزادات بيع عشرات الملايين من الدولارات اسبوعيا، لم تكبح الانهيار المتسارع لقيمة الريال اليمني، ليتجاوز سعر صرفه 1880 ريالا مقابل الدولار الامريكي و491 ريالا مقابل الريال السعودي.
ومع أن البنك المركزي اليمني في عدن، يواصل منذ العام 2022م، طرح عشرات الملايين من الدولارات اسبوعيا للبيع بمزادات للبنوك، وباع وفق اقتصاديين قرابة ملياري دولار امريكي، حتى نهاية العام 2023م. إلا أن مزادات بيع العملة التي يوصي بها البنك الدولي، لم تنجح في كبح انهيار قيمة الريال اليمني.
في المقابل، تسبب استمرار تدهور قيمة الريال اليمني امام العملات الاجنبية، في ارتفاع فاحش لأسعار السلع الغذائية والمواد التموينية والمشتقات النفطية والخدمات العامة، قدرته تقارير البنك الدولي بنسبة 300%. ما جعل نحو 50% من سكان مناطق سيطرة الحكومة اليمنية عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الغذائية الاساسية".
يشار إلى أن التحالف فرض حظرا جويا على مطار صنعاء، مع بداية "عاصفة الحزم" في مارس 2015م، بدأ جزئيا عبر محطة ترانزيت في الاراضي السعودية، ثم حظرا كليا منذ اغسطس 2016م، باستثناء طائرات الامم المتحدة والمنظمات الدولية، قبل ان يعيد فتح الاجواء لوجهة وحيدة هي الاردن، عقب اعلان الهدنة، مطلع ابريل 2022م، ثم الى جدة لتفويج الحجاج اليمنيين عبر مطار صنعاء لأول مرة، هذا الموسم 1445 هـ، تنفيذا لاتفاق السلام بين السعودية وجماعة الحوثي، الذي افضت اليه مفاوضات عامين بوساطة عمانية.