العربي نيوز - الرياض:
طاف السفير الفرنسي لدى اليمن، جان ماري صفا، على أربعة من اعضاء مجلس القيادة الرئاسي، في مقر اقامتهم بالعاصمة السعودية الرياض، وعقد اربعة لقاءات متفرقة معهم خلال يوم واحد، ضمن مساع فرنسية حثيثة للبدء في استئناف تصدير الغازل اليمني المسال عبر شركة "توتال" الفرنسية المستحوذة على قطاع الغاز في البلاد.
وذكرت وكالة الانباء الحكومية (سبأ) أن سفير فرنسا لدى اليمن جان ماري صفاء، عقد في الرياض الاربعاء، أربعة لقاءات منفصلة، كل على حدة، مع اعضاء مجلس القيادة الرئاسي، الشيخ سلطان العرادة، وعيدروس الزبيدي، وطارق عفاش، والشيخ عثمان مجلي، لمناقشة مستجدات الأوضاع الراهنة والجهود المبذولة لوقف الحرب وإحلال السلام في بلادنا.
في المقابل، كشف مراقبون سياسيون واقتصاديون للشأن اليمني، أن لقاءات السفير الفرنسي المكثفة مع اعضاء مجلس القيادة الرئاسي، تنصب في المقام الاول، في مساعي فرنسية حثيثة لدعم اتفاق تمديد الهدنة في اليمن بما يؤمن نشاط استئناف تصدير الغاز اليمني المسال عبر منشآت الغاز بمناطق تنقيب وامتياز شركة توتال الفرنسية في كل من مارب وشبوة وحضرموت.
وانعكست الحرب الروسية الاوكرانية، المستمرة منذ مارس 2022م، على تصدير الغاز والنفط عالميا، جراء العقوبات الامريكية الاوروبية المفروضة على روسيا المستحوذة على تصدير 70 % من الغاز عالميا، ما استدعى بحث دول اوروبا والعالم الغربي عن مصادر بديلة لاستيراد الغاز وتغطية احتياجاتها الاستهلاكية، ومن هذه المصادر برزت اهمية استئناف تصدير الغاز اليمني.
كشف هذا نهاية مارس 2022م مسؤولون اقتصاديون، اوضحوا أن حجم إحتياجات أوروبا من الغاز يصل الى 500 مليار متر مكعب سنويا، يأتي 46% منها من روسيا، ولا تستطيع قطر ثاني اكبر مصدر للغاز في العالم (انتاجها 143 مليار متر مكعب من الغاز سنويا) لارتباطها بعقود طويلة الأمد مع الصين اكبر مستهلك للطاقة في العالم.
وتحدث المسؤولون الاقتصاديون عن صفقة ابرمت بين الحكومة والامارات لاستئناف تصدير الغاز اليمني عبر منشأة وميناء بلحاف في شبوة.أكبر مرفق لتصدير الغاز الطبيعي المسال على ساحل بحر العرب، إلى الواجهة، بعد توقف قسري عن العمل دام 5 سنوات، جراء الحرب المتواصلة وتحويل الامارات المنشأة إلى قاعدة لقواتها المشاركة في التحالف.
وحسب مصادر محلية في محافظة شبوة، فإن "منشأة وميناء بلحاف لتصدير الغاز اليمني الطبيعي المسال، التي تديرها شركة “توتال” الفرنسية، بدأت استئناف عملها، نهاية مارس 2022م بعد تحركات دولية قادتها الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا لأخلاء القوات الاماراتية منها وإعادة تشغيل المنشأة لتوفير الغاز لدول الغرب بعد الحظر الامريكي الاوروبي لاستيراد الغاز الروسي.
تسببت مطالبات محافظ شبوة السابق، محمد صالح بن عديو، مرات عدة، دولة الإمارات بإخراج قواتها من منشأة بلحاف الحيوية. في اقالته نهاية 2022م جراء تأكيده أنها “منشآة مدنية مخصصة لتخزين وتصدير الغاز الطبيعي المسال، وتشكل موردا أساسيا للدولة، واستمرار القوات الاماراتية فيها يعرضها للخطر ويحرم خزينة الدولة اليمنية قرابة 4.7 مليارات دولار سنويا".
وذكر المركز الإعلامي لمحافظة شبوة، في 20 مارس 2022م، أن المبعوث الامريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ وبخلاف مهمته السياسية "بحث مع محافظ شبوة البرلماني المؤتمري بجناح الرئيس الاسبق، عوض العولقي، العوائق الأمنية والعسكرية لإستئناف إنتاج وتصدير الغاز اليمني الطبيعي المسال من “قطاع 18” النفطي إلى منشأة بلحاف وميناء تصديره".
في السياق، كان محافظ مارب الشيخ سلطان العرادة أكد في حديث لوكالة “سبوتنيك” الروسية منتصف نوفمبر 2021م "الاستعداد الكامل لاستئناف تصدير الغاز من مارب في الفترة المقبلة لكن هناك عراقيل في [ميناء] بلحاف لا نعرف أسبابها (احتلال القوات الاماراتية للمنشآة) كذلك عدم الإنجاز مع الشركات المعنية مثل شركة توتال الفرنسية والشركة الكورية والشركة الأمريكية”.
ومن جانبهم، أفاد خبراء اقتصاديون، ومنهم حسن الزايدي، في تصريحات صحافية بوقت سابق، أن “هناك خلافات كبيرة بين الإمارات وقطر” حول استخراج ثروات اليمن. مشيرا إلى أن هذه الخلافات دفعت الامارات إلى السيطرة على موارد اليمن من الغاز، ومواقع تصديره في البلاد، بدءا من صافر في مارب ومرورا بمحافظة شبوة ووصولا إلى ميناء بلحاف لتصدير الغار المسال.
يتجاوز احتياطي «قطاع 18» من الغاز 10 تريليونات قدم مكعّبة، تستحوذ «توتال» وشركاؤها على أكثر من 7 تريليونات منها، وفق اتفاقيات أبرمتها مع الحكومة اليمنية عام 1996، قبل إنشاء مشروع الغاز المسال بعشر سنوات، وبسعر بيع مجحف بحق اليمن، بلغ 3.2 دولار للمليون وحدة حرارية بنقص 8 دولارات عن السعر العالمي حينها، في واحدة من أكبر وقائع فساد نظام الرئيس الاسبق علي صالح عفاش.
حسب مصادر اقتصادية، فإن اتفاق استئناف تصدير الغاز اليمني المسال عبر منشأة وميناء بلحاف في شبوة، يقضي بأن تتولى الامارات الاشراف على عمليات التصدير والبيع وتحصيل الايرادات، في مقابل رفد البنك المركزي اليمني في عدن بوديعة مالية توفر احتياطيا نقديا بالدولار. ويتمحور الخلاف القائم في الوقت الراهن، حول سعر بيع الغاز اليمني، المطروح من شركة توتال الفرنسية.
وتفيد المصادر الاقتصادية بأن امريكا وفرنسا تطرح سعر 3 دولارات فقط لكلّ مليون وحدة حرارية، بينما السعر العالمي يتجاوز في الوضع الطبيعي 15 دولارا ومع الازمة الراهنة 24 دولارا. حسب اقتصاديين. منوهة بأن "شركة توتال لم تورد خلال الاعوام (2009-2013) سوى 700 مليون دولار من اصل المبلغ المستحق لخزينة الدولة اليمنية، والبالغ بين 4 إلى 5 مليارات دولار سنوياً".
يشار إلى أن شركة توتال الفرنسية المدير لتصدير الغاز اليمني، تملك نسبة 39.62% من مشروع الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال، فيما تساهم مؤسسة إس كي الكورية بحصة 9.55%، وشركة كوجاز الكورية 6 %، وشركة هيونداي الكورية 5.88%، وشركة هنت الأمريكية للنفط 17.22%. بالاضافة إلى 16.73% حصة الشركة اليمنية للغاز و5% حصة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية.