العربي نيوز:
اصدر رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها، سالم صالح بن بريك، رسميا، اعلانا جريئا تضمن شروطا رئيسة لعودته الى العاصمة المؤقتة عدن وضمان سير عمل الحكومة كما ينبغي في اداء واجباتها الدستورية ووظائفها الاساسية تجاه البلاد والمواطنين، وعلى رأسها "كف التدخلات والعراقيل لعمل الحكومة"، وتوفير الدعم المالي.
جاء هذا في حوار اجرته صحيفة "الشرق الاوسط" السعودية مع رئيس مجلس الوزراء سالم صالح بن بريك، أكد فيه: "إن اليمن يعيش حاليا مرحلة صعبة"، وقال: إن هذا المرحلة الصعبة "تفرض على الحكومة خوض معركة موازية لمعركة استعادة الدولة، تتمثل في معالجة الأوضاع المعيشية والاقتصادية والخدمية والأمنية".
مشددا على "ضرورة تمكين الحكومة من ممارسة صلاحياتها بعيداً عن العراقيل والتدخلات".في اشارة الى تدخلات "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي التابع للامارات. وقال بريك: إن "نجاح الحكومة مرهون بغطاء سياسي قوي من المجلس الرئاسي، يتيح لها ممارسة صلاحياتها كاملة، ودعمه للإصلاحات الاقتصادية والمؤسساتية".
وأكد رئيس الحكومة هذا، بقوله: "إن المرحلة الحالية تتطلب إتاحة الفرصة للحكومة للعمل بكامل صلاحياتها بعيداً عن العراقيل، إلى جانب إسناد الشركاء لتعزيز موقف العملة الوطنية". وأردف: "العملة لا تتحسن بالشعارات، بل بالقرارات الصعبة والانضباط المالي". مشيرا إلى أن "تحسن سعر صرف العملة الوطنية مؤخراً لم يكن مصادفة".
مضيفا: إن تحسّن سعر صرف العملة جاء نتيجة تكامل السياسات المالية والنقدية التي اعتمدتها الحكومة بالتنسيق مع البنك المركزي". وتابع: "نجحنا في كبح المضاربة وضبط السوق وإدارة الموارد المحدودة بكفاءة، وفرض آليات شفافة لتمويل الواردات". واعتبر أن "ما حدث يُبرهن على أن الإصلاحات المؤسسية قادرة على إحداث فارق".
لكنه رفض الاكتفاء بهذا التحسن وشدد على أنه "بحاجة إلى إجراءات هيكلية إضافية لضمان استدامته". وقال: "المطلوب ضمان استدامة هذا المسار عبر إصلاحات جذرية". وأردف: "الحكومة تعتزم تنفيذ حزمة واسعة من الإجراءات أبرزها: تعزيز الإيرادات وضمان توريدها إلى الحساب العام للدولة مركزياً ومحلياً، وترسيخ الانضباط المالي والشفافية".
مضيفا: "رقابة فعالة على الإنفاق العام، ومواصلة الإصلاحات الضريبية والجمركية لزيادة الموارد المستدامة، وتحسين إدارة احتياطيات النقد الأجنبي، ومتابعة إصلاحات السياسة المالية والنقدية، وتمكين القطاع الخاص من قيادة العملية التنموية، عبر بيئة استثمارية جاذبة، واستقطاب تمويلات الدول والمنظمات المانحة، لتمويل الخدمات وفرص عمل".
ودعا إلى "قرارات استثنائية وشجاعة تتناسب مع طبيعة التحديات" التي عَّد ابرزها "الضغط الهائل على الخدمات الأساسية، وضعف الإيرادات مع توقف تصدير النفط، وتعقيدات ضبط الموارد المحلية، واتساع الاحتياجات الإنسانية". وأردف: إن "التحدي الأبرز هو استعادة ثقة المواطن، الذي يريد أن يرى نتائج ملموسة: خدمات تتحسن، وعملة تستقر".
مضيفا: "وإقليمياً: تصاعد الهجمات الحوثية في البحر الأحمر وما تحمله من مخاطر على أمن الملاحة، أما دولياً فهي الحاجة إلى حشد الدعم لليمن في وقتٍ يواجه فيه العالم أزمات متلاحقة اقتصادية وأمنية". وتابع: إن "وضعنا في اليمن لم يعد مجرد أزمة محلية، بل أصبح جزءاً من معادلة الأمن الدولي، من البحر الأحمر إلى خطوط الملاحة العالمية".
وأكد أن "السلام خيار استراتيجي للحكومة اليمنية، داعيا المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبيرغ إلى ما وصفه "مزيدا من الوضوح في تسمية المعرقلين". وفي حين "ثمن دعم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن"، حثّها على "الانتقال من بيانات القلق إلى خطوات عملية تردع المعرقلين وتمنح الحكومة أدوات أقوى لاستعادة الدولة".
لكنه شدد على أن "أي مقاربة سياسية ناجحة مرهونة بإنهاء النفوذ الإيراني المزعزع للأمن الإقليمي والدولي"، وعلى "ضرورة تصنيف الدول الحوثيين منظمة إرهابية دولية". باعتباره "شرطا لحماية فرص السلام". في وقت ترى الامم المتحدة ومبعوثها الخاص أن قرار "تصنيف جماعة الحوثي ارهابية يعرقل جهود استئناف مفاوضات التسوية السياسية للسلام".
يأتي حديث رئيس مجلس الوزراء سالم بن بريك الذي يواصل الاقامة في العاصمة السعودية الرياض منذ مغادرته عدن على متن رحلة لشركة الخطوط الجوية اليمنية، مساء الاثنين (15 سبتمبر)، إثر اقتحام مليشيا "الانتقالي الجنوبي" مقرات عدد من الوزارات والهيئات الحكومية، لتنفيذ قرارات تعيينات عيدروس الزُبيدي، شخصيات موالية له في مناصب بارزة.
واصطدم رئيس الحكومة سالم بريك، مع "المجلس الانتقالي الجنوبي" عقب رفض مليشيات المجلس، تنفيذ قرارات رئيس هيئة الاراضي، سالم العولقي، بشأن تصحيح مخالفات ارتكبتها المليشيا، واضطراره لتقديم استقالة مسببة، ومسارعة "الانتقالي الجنوبي" لتعيين بديل عنه، رغم كونه عضوا في هيئة رئاسة "الانتقالي الجنوبي" ورئيسا سابقا لهيئته الاعلامية.
تزامن هذا مع مواجهة الحكومة ازمة مالية حادة، تعذر معها صرف رواتب منتسبي قوات الامن والجيش منذ اربعة اشهر، وعدد من قطاعات الخدمة العامة، جراء ازمة السيولة النقدية من العملة الوطنية في عدن والمحافظات المحررة، حتى بعد اتخاذ البنك المركزي في عدن قرارا لمعالجة ازمة السيولة عبر مصادر تمويل تضخمية.
تفاصيل: اعلان عاجل للبنك المركزي (قرار)
وترافق القرار مع مستجدات مفاجئة طرأت الثلاثاء (9 سبتمبر)، في ازمة الخلافات بين وزارة المالية والبنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، بشأن تمويل رواتب موظفي الدولة في مختلف قطاعات الخدمة بالمحافظات المحررة، على نحو ينذر بتعذر صرف الرواتب وتأخير اضافي لموعد الصرف.
تفاصيل: مستجدات عاجلة بشأن ازمة الرواتب
جاء هذا بعدما تكشفت سريعا، أسباب ازمة تأخر صرف رواتب الموظفين في عدن وجنوب البلاد، والعوامل المؤدية إلى افراغ خزائن البنك المركزي اليمني، من النقد المحلي، وأن أبرزها يتمثل في السحب الحكومي بلا غطاء والمصارفة والمضاربة بالعملة، سعيا لتثبيت التحسن النسبي بسعر صرف الريال.
تفاصيل: كشف اسباب فراغ خزائن المركزي!
سبق هذا، انكشاف خفايا صادمة وصفت بأخطر اسرار سعر صرف العملة الوطنية وأن تحسنه مؤخرا "تحسسن اسمي" امام العملات الاجنبية، واقترابه من 1600 ريالا مقابل الدولار الامريكي بعدما كان تجاوز نهاية يوليو 2025م، سقف 2900 ريالا مقابل الدولار و760 ريالا مقابل الريال السعودي.
تفاصيل: كشف اخطر اسرار سعر الصرف!
وتتابع هذه التطورات بعدما بدأ البنك المركزي في عدن، الاحد (31 اغسطس)، اجراءات غير مسبوقة، عقب تعرض المواطنين لأكبر عملية نهب لمدخراتهم وسلبهم مليارات الريالات، عبر حيلة خفض جماعي مؤقت لسعر الريال السعودي الى 205 ريالات، دعت آلاف المواطنين الى المسارعة ببيع ما لديهم من الريال السعودي.
تفاصيل: المركزي يصادر اموال "ناهبي المواطنين"
ردت اجراءات البنك على إصدار ما يسمى "نقابة الصرافين الجنوبيين" التابعة لمليشيا "المجلس الانتقالي الجنوبي"، المدعومة من الامارات؛ بيانا خطيرا هاجم البنك المركزي اليمني وإجراءاته الإصلاحية في القطاع المصرفي، واتهمها بالتمييز ومنح امتيازات غير مبررة لبعض البنوك والشركات على حساب الآخرين.
تفاصيل: اعلان خطير بشأن سعر صرف العملة
وشهد سعر صرف الريال اليمني في المحافظات المحررة مع بداية اغسطس 2025م، تحسنا نسبيا ليقترب من 1700 ريال مقابل الدولار بعدما تجاوز 2900 ريالا، و500 ريالا مقابل الريال السعودي بعدما كان 750 ريالا. إثر الغاء البنك المركزي تراخيص شركات صرافة بالتزامن مع لقاء وزارة الخزانة الامريكية مع مسؤولي البنوك اليمنية.
تفاصيل: قرار عاجل بشأن سعر الصرف اليوم
كما أصدر البنك المركزي في عدن، الاثنين (4 اغسطس)، تعميما لشركات الصرافة والتحويلات المالية بـ "تخفيض الحد الأقصى للحوالات الشخصية الخارجية عبر شركات ومنشآت الصرافة إلى مبلغ لا يتجاوز 2000 دولار أميركي فقط، أو ما يعادله من العملات الأجنبية الأخرى". بعد يوم على تحديد البنك "سقف الحولات بمبلغ 5000 دولار".
تفاصيل: المركزي يصدر قرارا عاجلا ومفاجئا
وجاءت قرارات البنك المركزي في عدن، بعدما كشف محافظ البنك، احمد المعبقي، الجمعة (25 يوليو) ما وُصف بـ "اعترافات قاسية"، في لقاء صحفي تضمن اعلانه حقيقة اسباب تدهور الاوضاع الاقتصادية والخدمية والمعيشية في عدن والمحافظات المحررة، ذكر بين ابرزها "نهب 75% من ايرادات الدولة، وافتقاد الحكومة لموازنة، ونفوذ شركات صرافة".
تفاصيل: رسميا..الكشف عن جرعة سعرية قاتلة!
لكن مصرفيين واقتصاديين، حذروا في تعليقهم على التحسن النسبي لسعر الريال من "ارتدادات عكسية خطيرة متوقعة" للتحسن السريع الذي شهدته قيمة الريال اليمني في عدن والمحافظات المحررة، وقالوا: إنه "لا يستند الى اصلاحات جوهرية في السياسة المالية والموارد الاقتصادية، تؤمن العملة الصعبة، بقدر ما يستند الى قرار سياسي لمواجهة السخط".
وتتابعت هذه التطورات بعد تصاعد السخط الشعبي في المحافظات المحررة على نحو يتجاوز التظاهرات الاحتجاجية الى مظاهر غضب وقطع للطرقات ودعوات للعصيان، تنذر بخروج الامر عن السيطرة، جراء تدهور الخدمات وغلاء المعيشة بفعل انهيار سعر الريال اليمني إلى 2900 ريال للدولار و750 ريال مقابل الريال السعودي.
تطالب احتجاجات المواطنين المتصاعدة في عدن المحافظات المحررة، السلطات "القيام بواجباتها وتنفيذ حلول سريعة ونهائية لأزمة الكهرباء، وتحسين الخدمات العامة الاساسية وفي مقدمها الكهرباء والمياه والتعليم والصحة، ووضع حل لتأخر صرف الرواتب وارتفاع اسعار السلع وغلاء المعيشة جراء انهيار قيمة الريال".
كما تطالب هتافات ولافتات وبيانات وقفات ومسيرات الاحتجاجات بـ "تقديم الفاسدين لمحاكمات علنية". وتشدد على ان تدهور الاوضاع ناتج عن "الفساد وحماية شركاء السلطة للمفسدين". متهمة التحالف بقيادة السعودية والامارات ومجلس القيادة الرئاسي والحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي بأنهم "شركاء في تدهور الاوضاع والخدمات".
وترافق تصاعد الاحتجاجات وتصاعد ساعات انقطاعات الكهرباء إلى 20 ساعة بالعاصمة المؤقتة عدن ومحافظة لحج، مع دخول الصيف اللاهب، واستمرار ارتفاع اسعار السلع والخدمات والوقود، وتوقف التعليم لاضراب المعلمين، وتفاقم تدهور الاوضاع المعيشية للمواطنين، بفعل محدودية الراتب وعدم اعتماد العلاوات السنوية.
كما يتزامن التدهور المتصاعد للأوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، مع بوادر أزمة عجز الحكومة الشرعية عن دفع رواتب موظفي الدولة في عدن والمحافظات المحررة، بعد تأخر صرف رواتب المعلمين والعسكريين والحوافز والعلاوات، في ظل نُذر امتداد الازمة لرواتب الاشهر المقبلة.
من جانبهم، يشير سياسيون واقتصاديون إلى أن تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات الجنوبية سابق لتوقف تصدير النفط، ويرجعونه الى "اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة بجانب تبادل شركاء السلطة، اتهامات الفساد". حسب تعبيرهم.
ويتهم "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع الى الامارات، وسياسييوه، الحكومة بـ "صفقات فساد تتجاوز عدم ايداع ايرادات الدولة في البنك المركزي اليمني، ونهب المساعدات والمنح المالية وانشاء شركات استثمارية خاصة خارج البلاد، بجانب المضاربة على العملة، وتعطيل مصافي عدن وغيرها من المنشآت الايرادية". حد زعمه.
في المقابل، يتهم مسؤولون في الحكومة اليمنية الشرعية "الانتقالي الجنوبي" بأنه "يعيق عمل الحكومة بإصراره على استمرار انتشار ونفوذ فصائل مليشياته المسلحة المتعددة" منذ انقلابه على الشرعية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الامارات وطيرانها الحربي، و"استحواذه على معظم الايرادات العاامة للدولة".
مؤكدين في تصريحات متلاحقة، أن "استمرار تمرد ‘الانتقالي الجنوبي‘ على الشرعية واستحواذه على قدر كبير من الايرادات العامة للدولة، في عدن وعدد من مدن جنوبي البلاد، فاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار العملة المحلية وارتفاع اسعار السلع والخدمات والمشتقات النفطية والعجز عن دفع رواتب الموظفين".
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة ومليشيات "العمالقة الجنوبية"، في فرض انفصال جنوب اليمن، لتمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.