العربي نيوز:
صدر اعلان خطير بشأن سعر صرف الريال اليمني امام العملات الاجنبية في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، إثر تحسنه النسبي منذ بداية اغسطس الجاري، واقترابه من 1700 ريال مقابل الدولار الامريكي بعدما كان تجاوز 2900 ريالا مقابل الدولار و750 ريالا مقابل الريال السعودي.
جاء هذا في بيان اصدرته ما يسمى "نقابة الصرافين الجنوبيين" التابعة لمليشيا "المجلس الانتقالي الجنوبي"، المدعومة من الامارات؛ اتسم بلهجة حادة وهاجم البنك المركزي اليمني وإجراءاته الإصلاحية في القطاع المصرفي، واتهمها بالتمييز ومنح امتيازات غير مبررة لبعض البنوك والشركات على حساب الآخرين.
وقال البيان: إن عددًا محدودًا من البنوك والشركات، أبرزها بنك الكريمي وبنك القاسمي وبنك تمكين، إلى جانب شركات المحيط والمريسي والقاسمي، تحظى بـ "رعاية مزدوجة وامتيازات خاصة". وأن "هذه الامتيازات جاءت مقابل إغلاق البنك شركات أخرى وفرض قيود مشددة عليها، مثل النجم وداديه والأكوع والمنتاب".
مضيفا: إن البنك المركزي اغلق هذه الشركات "بذريعة عدم تقديم بيانات كافية، رغم أن المعايير نفسها لم تُطبق على الشركات المميزة". واتهم بيان النقابة البنك المركزي اليمني بـ "العبث في السياسات المصرفية وخلق بيئة احتكارية تسمح لبعض الجهات بالتحكم في السوق والتحويلات النقدية بين الشمال والجنوب".
وتابع: إن ما سماه الامتيازات الاحتكارية لبعض الشركات تشمل "تحويلات سوق القات والأموال التجارية، بينما تُحرَم شركات أخرى من ممارسة أنشطتها بشكل طبيعي". وأردف: إن بعض ملاك الشركات المستفيدة أصبحوا أعضاء في ‘الشبكة الموحدة‘، ما يعكس تناقضًا واضحًا وانتهاكًا لمبدأ العدالة". حد تعبيره.
كما اتهمت "نقابة الصرافين الجنوبيين" في بيانها، البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن بـ "التنسيق مع فرعه في صنعاء". زاعمة أن "هذا التنسيق منح بعض البنوك وشركات الصرافة وتحويل الاموال، امتيازات غير عادلة، سمحت لها بالاستمرار في نشاطها المالي بين المناطق المحررة وغير المحررة".
وطالبت النقابة بـ "إلغاء التمييز القائم وإعادة النظر في القرارات الممنوحة لبعض البنوك والشركات". داعية إلى "فرض العدالة والمساواة، وتحسين الرقابة والحوكمة لضمان الشفافية وحماية استقرار القطاع المصرفي في اليمن". حسب تعبيرها في ختام بيانها، الذي اثار جدلا واسعا بين اوساط المهتمين والاقتصاديين.
في المقابل، رأى اقتصاديون وناشطون يمنيون أن "مثل هذه الاتهامات تأتي في سياق صراع سياسي وتسويغ للممارسات غير النظامية لبعض شركات الصرافة". مشيرين إلى أن "البنك المركزي استهدف شركات صرافة تابعة لأعضاء بالنقابة نتيجة عدم ممارستها أعمال المضاربة بالعملة، هو ما دفعها للهجوم على البنك".
وشهد سعر صرف الريال اليمني في المحافظات المحررة مع بداية اغسطس 2025م، تحسنا نسبيا ليقترب من 1700 ريال مقابل الدولار بعدما تجاوز 2900 ريالا، و500 ريالا مقابل الريال السعودي بعدما كان 750 ريالا. إثر الغاء البنك المركزي تراخيص شركات صرافة بالتزامن مع لقاء وزارة الخزانة الامريكية مع مسؤولي البنوك اليمنية.
تفاصيل: قرار عاجل بشأن سعر الصرف اليوم
كما أصدر البنك المركزي في عدن، الاثنين (4 اغسطس)، تعميما لشركات الصرافة والتحويلات المالية بـ "تخفيض الحد الأقصى للحوالات الشخصية الخارجية عبر شركات ومنشآت الصرافة إلى مبلغ لا يتجاوز 2000 دولار أميركي فقط، أو ما يعادله من العملات الأجنبية الأخرى". بعد يوم على تحديد البنك "سقف الحولات بمبلغ 5000 دولار".
تفاصيل: المركزي يصدر قرارا عاجلا ومفاجئا
وجاءت قرارات البنك المركزي في عدن، بعدما كشف محافظ البنك، احمد المعبقي، الجمعة (25 يوليو) ما وُصف بـ "اعترافات قاسية"، في لقاء صحفي تضمن اعلانه حقيقة اسباب تدهور الاوضاع الاقتصادية والخدمية والمعيشية في عدن والمحافظات المحررة، ذكر بين ابرزها "نهب 75% من ايرادات الدولة، وافتقاد الحكومة لموازنة، ونفوذ شركات صرافة".
تفاصيل: رسميا..الكشف عن جرعة سعرية قاتلة!
لكن مصرفيين واقتصاديين، حذروا في تعليقهم على التحسن النسبي لسعر الريال من "ارتدادات عكسية خطيرة متوقعة" للتحسن السريع الذي شهدته قيمة الريال اليمني في عدن والمحافظات المحررة، وقالوا: إنه "لا يستند الى اصلاحات جوهرية في السياسة المالية والموارد الاقتصادية، تؤمن العملة الصعبة، بقدر ما يستند الى قرار سياسي لمواجهة السخط".
وتتابعت هذه التطورات مع تصاعد السخط الشعبي في المحافظات المحررة على نحو يتجاوز التظاهرات الاحتجاجية الى مظاهر غضب وقطع للطرقات ودعوات للعصيان، تنذر بخروج الامر عن السيطرة، جراء تدهور الخدمات وغلاء المعيشة بفعل انهيار سعر الريال اليمني إلى 2900 ريال للدولار و750 ريال مقابل الريال السعودي.
تطالب احتجاجات المواطنين المتصاعدة في عدن المحافظات المحررة، السلطات "القيام بواجباتها وتنفيذ حلول سريعة ونهائية لأزمة الكهرباء، وتحسين الخدمات العامة الاساسية وفي مقدمها الكهرباء والمياه والتعليم والصحة، ووضع حل لتأخر صرف الرواتب وارتفاع اسعار السلع وغلاء المعيشة جراء انهيار قيمة الريال".
كما تطالب هتافات ولافتات وبيانات وقفات ومسيرات الاحتجاجات بـ "تقديم الفاسدين لمحاكمات علنية". وتشدد على ان تدهور الاوضاع ناتج عن "الفساد وحماية شركاء السلطة للمفسدين". متهمة التحالف بقيادة السعودية والامارات ومجلس القيادة الرئاسي والحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي بأنهم "شركاء في تدهور الاوضاع والخدمات".
وترافق تصاعد الاحتجاجات وتصاعد ساعات انقطاعات الكهرباء إلى 20 ساعة بالعاصمة المؤقتة عدن ومحافظة لحج، مع بدء دخول الصيف اللاهب، واستمرار ارتفاع اسعار السلع والخدمات والوقود، وتوقف التعليم لاضراب المعلمين، وتفاقم تدهور الاوضاع المعيشية للمواطنين، بفعل محدودية الراتب وعدم اعتماد العلاوات السنوية.
كما يتزامن التدهور المتصاعد للأوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، مع بوادر أزمة عجز الحكومة الشرعية عن دفع رواتب موظفي الدولة في عدن والمحافظات المحررة، بعد تأخر صرف رواتب المعلمين والعسكريين والحوافز والعلاوات، في ظل نُذر امتداد الازمة لرواتب الاشهر المقبلة.
من جانبهم، يشير سياسيون واقتصاديون إلى أن تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات الجنوبية سابق لتوقف تصدير النفط، ويرجعونه الى "اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة بجانب تبادل شركاء السلطة، اتهامات الفساد". حسب تعبيرهم.
ويتهم "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع الى الامارات، وسياسييوه، الحكومة بـ "صفقات فساد تتجاوز عدم ايداع ايرادات الدولة في البنك المركزي اليمني، ونهب المساعدات والمنح المالية وانشاء شركات استثمارية خاصة خارج البلاد، بجانب المضاربة على العملة، وتعطيل مصافي عدن وغيرها من المنشآت الايرادية". حد زعمه.
في المقابل، يتهم مسؤولون في الحكومة اليمنية الشرعية "الانتقالي الجنوبي" بأنه "يعيق عمل الحكومة بإصراره على استمرار انتشار ونفوذ فصائل مليشياته المسلحة المتعددة" منذ انقلابه على الشرعية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الامارات وطيرانها الحربي، و"استحواذه على معظم الايرادات العاامة للدولة".
مؤكدين في تصريحات متلاحقة، أن "استمرار تمرد ‘الانتقالي الجنوبي‘ على الشرعية واستحواذه على قدر كبير من الايرادات العامة للدولة، في عدن وعدد من مدن جنوبي البلاد، فاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار العملة المحلية وارتفاع اسعار السلع والخدمات والمشتقات النفطية والعجز عن دفع رواتب الموظفين".
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة ومليشيات "العمالقة الجنوبية"، في فرض انفصال جنوب اليمن، لتمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.