العربي نيوز:
أطلق رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها، سالم صالح بن بريك، اعلانا مفاجئا لجميع اليمنيين، في الداخل والخارج، يتضمن موقفا غير مسبوق لرؤساء مجلس الوزراء المتعاقبين منذ اندلاع الحرب في مارس 2015م، أكد أنه لن يعود إلى العاصمة المؤقتة عدن، إلا بعد تحقق شرطه للقبول برئاسة الحكومة، متمثلا في توفير دعم مالي للحكومة.
جاء هذا في تصريح نقلته وكالة الانباء الحكومية (سبأ) عن "مصدر مسؤول" في رئاسة مجلس الوزراء، بشأن اسباب بقاء رئيس مجلس الوزراء سالم صالح بن بريك في العاصمة السعودية الرياض، بعد مرور أيام على أدائه اليمين الدستورية رئيسا للحكومة، عقب استقالة سلفه الدكتور احمد عوض بن بريك، المسببة بـ"عدم تمكينه من صلاحياته".
وقال "المصدر المسؤول" في رئاسة مجلس الوزراء: إن "دولة رئيس مجلس الوزراء سالم صالح بن بريك، يتفهم تماما معاناة المواطنين، وصمته في الأيام الماضية لم يكن تجاهلًا لنداءاتهم، بل انشغالًا مكثفا لإيجاد حلول حقيقية وجذرية لمعاناتهم بعيدا عن الخطابات الإعلامية أو الظهور الشكلي، وان الأيام القادمة ستشهد تحولات في عدد من الملفات".
مضيفا: "ولن يرضى بالعودة الى عدن دون ان يحمل معه بشائر الانفراجة، لصرف المرتبات وتحسين وضع الكهرباء واستقرار العملة". وأردف: "إن تأخر عودته يأتي في إطار المتابعة الحثيثة والمباشرة لتوفير دعم عاجل لمعالجة الملفات الاقتصادية والخدمية، وعلى رأسها صرف مرتبات موظفي الدولة، مدنيين وعسكريين، ومعالجة أزمة الكهرباء والعملة".
وتابع: إن "عودة رئيس الوزراء إلى عدن ستكون فور استكمال الترتيبات الجارية، لتحقيق نتائج ملموسة على الأرض وليس مجرد حضور شكلي". ونوه بـ "نتائج اللقاء المثمر والمشجع الذي عقده دولة رئيس الوزراء مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز، وما يبديه الاشقاء في المملكة من حرص على دعم اليمن وشعبها".
موضحا أن "رئيس الحكومة يجري اتصالات ولقاءات مستمرة مع شركاء اليمن وفي المقدمة دول التحالف، لحشد الدعم المالي والاقتصادي العاجل لوقف تراجع سعر صرف العملة الوطنية وضمان انتظام صرف المرتبات، ومعالجة أزمة الكهرباء، وتخفيف الأعباء المعيشية المتزايدة على كاهل المواطنين، خاصة مع قرب حلول عيد الأضحى المبارك".
واختتم بتأكيد "ثقة القيادة السياسية والحكومة والشعب اليمني، في وقوف الاشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والامارات والشركاء من الدول والمنظمات المانحة، مع الحكومة والشعب اليمني في هذا الظرف الاستثنائي والتدخل العاجل للمساهمة في انقاذ الريال اليمني، والذي يهدد بانهيار اقتصادي شامل ومجاعة كارثية ستكون تبعاتها خطيرة".
شاهد .. اعلان لرئيس الحكومة بشأن تأخر عودته
يأتي هذا عقب ايام على أحراج رئيس الحكومة، الولايات المتحدة الامريكية، بتوجيه طلب عاجل لها، أكد انه لا يحتمل التأخير، ويترتب عليه تغيير كبير في المشهد العام في اليمن، في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها اليمن جراء تصاعد تداعيات الحرب المتواصلة للسنة العاشرة على الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية وتفاقم معاناة اليمنيين.
تفاصيل: بريك يحرج امريكا بهذا الطلب العاجل
وجاء طلب بريك عقب يومين على تعهد السفير الامريكي، ستيفن فاجن، لوزير الخارجية في الحكومة اليمنية شائع الزنداني، بوعد "استمرار موقف الولايات المتحدة الداعم لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا"، في ظل ما توجهه من تحديات كبيرة، اقتصادية وخدمية كبيرة وانهيار قيمة العملة الوطنية، الى 2550 ريالا للدولار.
تفاصيل: امريكا تتعهد للشرعية بهذا الوعد
كما طالب رئيس الحكومة سالم بن بريك، القائم بأعمال السفير الامريكي لدى اليمن، جوناثان بيتشيا، في لقاء معه الاربعاء (7 مايو) في الرياض، بـ "إعادة النظر في وقف مساعدات وكالة التنمية الامريكية لليمن واستئناف مشاريعها". وتأكيده "استعداد الحكومة للتعاون مع امريكا في مواجهة تهديدات جماعة الحوثي".
شاهد .. رئيس الحكومة يوجه طلبا عاجلا لامريكا
وسبق أن اصدرت امريكا، السبت (3 مايو) اعلانا بشأن الحكومة اليمنية المعترف بها عقب تغيير رئيسها؛ فاجأ اليمنيين بتجاهله اسباب استقالة الدكتور احمد بن مبارك، وما اعتبروه "ابتزازا للحكومة اليمنية" عبر ربطه الدعم الامريكي للحكومة بشروط تحقيق مصالح الولايات المتحدة واغفال مصالح اليمن.
تفاصيل: اعلان امريكي يفاجي جميع اليمنيين ! (بيان)
إلى ذلك، صارح رئيس الحكومة اليمنية، سالم بن بريك، الاحد (11 مايو)، جميع اليمنيين بحقائق صادمة وصفها مراقبون بأنها "فاجعة"، بشأن ما كارثية الاوضاع الراهنة اقتصاديا وخدميا ومعيشيا، وما ستؤول إليه بفعل التحديات والصعوبات التي تواجهها الحكومة، وأولويات عملها، وفق الامكانات المتاحة.
تفاصيل: رئيس الحكومة يصارح اليمنيين بفاجعة !
والثلاثاء (6 مايو)، أصدر مجلس القيادة الرئاسي، اعلانا مفاجئا، بشأن مواجهة التطورات المتسارعة التي يشهدها اليمن، اقتصاديا وخدميا ومعيشيا وامنيا وعسكريا، والمتغيرات المترتبة على تعيين رئيس جديد للحكومة، بعد استقالة الدكتور أحمد بن مبارك لاسباب "عدم التمكين من ممارسة الصلاحيات الدستورية".
تفاصيل: اعلان مفاجئ للرئاسي يصدم اليمنيين!
في المقابل تتصاعد ميدانيا، احتجاجات المواطنين في عدن المحافظات المحررة، على تدهور الاوضاع، مطالبين السلطات "القيام بواجباتها وتنفيذ حلول سريعة ونهائية لأزمة الكهرباء، وتحسين الخدمات العامة، ووضع حل لتأخر صرف الرواتب وارتفاع اسعار السلع جراء انهيار قيمة الريال وتجاوزه 2550 ريالا للدولار".
كما تطالب هتافات ولافتات وبيانات وقفات ومسيرات الاحتجاجات المتلاحقة بـ "تقديم الفاسدين لمحاكمات علنية". وتشدد على ان تدهور الاوضاع ناتج عن "الفساد وحماية شركاء السلطة للمفسدين". متهمين التحالف ومجلس القيادة الرئاسي والحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي بأنهم "شركاء في تدهور الاوضاع والخدمات".
والسبت (10 مايو) شهدت عدن، أول خروج حاشد للنساء، ملأ ساحة العروض، وضج بالهتافات المناؤة لـسلطات "المجلس الانتقالي الجنوبي" ومليشياته، وسيطرتها على مؤسسات الدولة ومواردها منذ انقلابها على الشرعية في اغسطس 2019م، وتسببها في مفاقمة تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية.
شاهد .. نساء عدن يباغتن "الانتقالي" بثورة (فيديو)
رددت المشاركات في التظاهرة التي انطلقت السبت (10 مايو) باسم "ثورة النسوان"، هتافات مناوئة لمليشيا "الانتقالي الجنوبي" والحكومة الشرعية، طالبت برحيلهما وافساح المجال أمام غيرهما، لتوفير الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها الكهرباء والمياه، بوصفها "حقوقا لا مطالب" بالإضافة إلى معالجة الانهيار المستمر في الوضع الاقتصادي.
شاهد .. نساء عدن يطالبن برحيل "الانتقالي" (فيديو)
بدوره، دفع "الانتقالي الجنوبي" بعشرات النساء من ناشطاته، للمشاركة في التظاهرة النسوية الحاشدة، ومحاولة حرفها عن مسارها برفع رايات علم التشطير الانفصالي الذي يرفعه "الانتقالي"، لكنهن قوبلن برد حازم من جانب جموع النساء المشاركات في الاحتجاجات، وارغمنهن على مغادرة ساحة العروض مع راياتهن الانفصالية.
شاهد .. نساء عدن يصفعن ناشطات "الانتقالي" (فيديو)
يترافق هذا مع تصاعد ساعات انقطاعات الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن ومحافظة لحج، مع بدء دخول الصيف اللاهب، واستمرار انهيار قيمة العملة المحلية وتجاوزه سقف 2500 ريالا مقابل الدولار الامريكي، وتبعا استمرار ارتفاع اسعار السلع والخدمات والمشتقات النفطية، وتفاقم تدهور الاوضاع المعيشية للمواطنين.
ويتزامن هذا التدهور المتصاعد للأوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية مع بوادر أزمة عجز الحكومة الشرعية عن دفع رواتب موظفي الدولة في عدن والمحافظات المحررة، بعد تأخر صرف رواتب المعلمين والعسكريين والحوافز والعلاوات، في ظل نُذر امتداد الازمة لرواتب الاشهر المقبلة.
تفاصيل: اعلان رئاسي بشأن صرف الرواتب (بيان)
من جانبهم، يشير سياسيون واقتصاديون إلى أن تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في عدن والمحافظات الجنوبية سابق لتوقف تصدير النفط، ويرجعونه الى "اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة بجانب تبادل اتهامات الفساد". حسب تعبيرهم.
ويتهم "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع الى الامارات، وسياسييوه، الحكومة بـ "صفقات فساد تتجاوز عدم ايداع ايرادات الدولة في البنك المركزي اليمني إلى نهب المساعدات والمنح المالية وانشاء شركات استثمارية خاصة خارج البلاد، بجانب المضاربة على العملة". حسب زعمه.
في المقابل، يتهم مسؤولون في الحكومة "الانتقالي الجنوبي" بأنه "يعيق عمل الحكومة بإصراره على استمرار انتشار ونفوذ فصائل مليشياته المتعددة" منذ انقلابه على الشرعية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الامارات وطيرانها الحربي في اغسطس 2019م.
مؤكدين أن "استمرار تمرد ‘الانتقالي الجنوبي‘ على الشرعية واستحواذه على قدر كبير من ايرادات الدولة، في عدن وعدد من مدن جنوبي البلاد، فاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار العملة المحلية وارتفاع اسعار السلع والخدمات والمشتقات النفطية".
وتبنت الامارات في 2017م إنشاء "المجلس الانتقالي" ورئيسه عيدروس الزُبيدي، وتمويل تجنيد وتسليح ما يقارب 50 لواء من المليشيات المسلحة، ليغدو الذراع السياسي والعسكري لها في جنوب البلاد، وأداة فرض انفصال جنوب اليمن، بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن.
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.