العربي نيوز:
صدر قرار مفاجئ وغير مسبوق، قضى برفع الحصانة القضائية عن عدد من القضاة تمهيدا لتقديمهم الى المحاسبة والمحاكمة في "مخالفات مسلكية" جسيمة، ثبت اقترافهم لها، وتعيين 40 قاضيا في خمس محافظات، بالتزامن مع احالة مجلس القيادة الرئاسي ملفات فساد بنحو ملياري دولار، الى النيابة العامة.
أكدت هذا وكالة الانباء الحكومية (سبأ)، ونقلت عن اجتماع عقده مجلس القضاء الاعلى في العاصمة المؤقتة عدن، الاحد (12 يناير)، برئاسة رئيس المجلس القاضي محسن يحيى طالب، أنه وقف امام تقرير رئيس المحاسبة نائب رئيس المحكمة العليا، القاضي حيدان جمعان، للعام 2024م.
وذكرت أن مجلس القضاء الاعلى في اجتماعه "أقر رفع الحصانة القضائية عن ثلاثة من القضاة وذلك لارتكابهم مخالفات مسلكية، ونقل القاضي علي علي محمد ريشان، رئيساً لمحكمة استئناف مأرب، وإجراء حركة تنقلات قضائية في المحاكم والنيابات بمحافظات عدن، تعز، حضرموت، ابين".
شاهد .. اقالة قضاة وتعيين اخرين (اسماء)
بالتوازي، طالب وزير بارز في الشرعية اليمنية، مجلس القيادة الرئاسي، تعزيز خطوته بإحالة ملفات الفساد المرفوعة من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الى النيابة العامة، واتباعها بتقديم فاسدين الى القضاء "لاكتساب المصداقية العملية للتوجيهات" وتجاوز الانجازات "والمواقف الاعلامية".
وقال، وزير الادارة المحلية، السابق، عبدالرقيب سيف فتح في تدوينة على حسابه بمنصة إكس (توتير سابقا): "التوجهات التي اعلنها مجلس القيادة حول مكافحة الفساد توجهات وتوجيهات ايجابة. لكن حتى تكتسب تلك التوجهات والتوجيهات المصداقية العملية تتطلب تقديم عدد من الفاسدين للقضاء".
مضيفا: "ممن اشارت اليهم اجهزة الرقابة المختلفة واصبحت المكونات الاجتماعية تعرفهم بالاسم". وأردف: "مالم فتلك التوجهات والتوجيهات عبارة عن مواقف اعلامية لن تكتسب المصداقية بل ستصيب حاضنة الشرعية بانتكاسة كبيرة. الكل منتظر ومتابع، خصوصا والاغلبية تراهن على مصداقية" الرئاسي.
شاهد .. وزير يطالب بمحاكمة فاسدين
والاحد (5 يناير) أصدر الرئيس رشاد العليمي، توجيهاته بإحالة ملفات قضايا فساد بقرابة ملياري دولار، مرفوعة من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة إلى النيابة العامة لمحاسبة المسؤولين المتورطين فيها والمتسببين في تفاقم تدهور الاوضاع العامة الخدمية والاقتصادية والمعيشية في عدن والمحافظات المحررة.
شاهد .. العليمي يحيل للنيابة ملفات فساد بالمليارات
في المقابل، لم يجد "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات، بدا من الاعتراف على لسان نائب رئيسه، احمد سعيد بن بريك، بفساد قيادات "الانتقالي" وتورطهم في تفاقم معاناة المواطنين في الجنوب، مبررا ذلك بما سماه "كلفة اختيارات الانتقالي الخاطئة للقيادات". داعيا لالقاء "التعصبات المناطقية والقبلية بالتعيين".
تفاصيل: "الانتقالي" يرضخ ويقر بفساد قياداته (اعلان)
لكن "الانتقالي" عاد للمناورة، باعلان القائم بأعمال رئيسه، ورئيس جمعيته العمومية، علي عبدالله الكثيري، الخميس (9 يناير) المطالبة بما سماه "أن تكون عملية مكافحة الفساد شاملة وغير انتقائية، تشمل جميع الجهات والمستويات دون استثناء، لضمان تحقيق العدالة والمساءلة". مطالبا بمحاكمة نظام صالح ورموزه.
تفاصيل: "الانتقالي" يقرر محاكمة نظام صالح ورموزه
برزت تداعيات الفساد في انهيار قيمة الريال اليمني وتأخر صرف رواتب الموظفين، وارتفاع اسعار السلع والمشتقات النفطية، وتفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية وانقطاع الكهرباء في ظل الصيف اللاهب والشتاء القارس، وتتصاعد مظاهر حالة من الفوضى في عدن بعد انتشار كبير للحبوب المخدرة والحشيش، وانتشار النازحين الأفارقة.
ويرى مراقبون للشأن اليمني، أن تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية "سابق لتوقف تصدير النفط جراء استهداف الحوثيين موانئ التصدير"، مرجعين التدهور إلى "الفساد وحماية شركاء السلطة للمفسدين". متهمين التحالف ومجلس القيادة الرئاسي والحكومة والمجلس الانتقالي بأنهم "شركاء في تدهور الاوضاع العامة وتفاقم معاناة المواطنين".
من جانبهم، يُرجع سياسيون واقتصاديون تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في عدن والمحافظات الجنوبية الى "اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة بجانب تبادل اتهامات الفساد بين شركاء الحكومة".
ويتهم "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي، الحكومة التي يستحوذ نصف مقاعدها بـ "صفقات فساد تتجاوز عدم ايداع ايرادات الدولة في البنك المركزي اليمني إلى نهب المساعدات والمنح المالية وانشاء شركات استثمارية خاصة خارج البلاد، بجانب المضاربة على العملة".
في المقابل، تتهم الحكومة "الانتقالي" بأنه "يعيق عمل الحكومة بإصراره على استمرار انتشار ونفوذ فصائل مليشياته المتعددة" منذ انقلابه المسلح على الشرعية اليمنية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الامارات ومشاركة طيرانها الحربي ضد الجيش الوطني.
مؤكدة أن "استمرار تمرد ‘الانتقالي الجنوبي‘ على الشرعية واستحواذه على قدر كبير من ايرادات الدولة، في عدن وعدد من مدن جنوبي البلاد، فاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار قيمة العملة المحلية وارتفاع اسعار السلع والخدمات العامة والمشتقات النفطية".
وتبنت الامارات في 2017م إنشاء "المجلس الانتقالي" ورئيسه عيدروس الزُبيدي، وتمويل تجنيد وتسليح ما يقارب 50 لواء من المليشيات المسلحة، ليغدو الذراع السياسي والعسكري لها في جنوب البلاد، وأداة فرض انفصال جنوب اليمن، بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن.
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية