العربي نيوز:
تفاجأت المليشيا الانقلابية المتمردة على الشرعية، بهجوم مباغت ومحكم، ضرجها بالدماء وأوقع العشرات في صفوفها بين قتيل وجريح، ضمن سلسلة هجمات متعاقبة تصاعدت وتيرتها في الاونة الاخيرة، على إثر تنامي الخلافات بين فصائل مليشيا "الانتقالي الجنوبي" والعمالقة الجنوبية" الممولة من الامارات.
وأفادت مصادر محلية متطابقة في محافظة ابين، أن "دورية تابعة لمليشيا حزام المجلس الانتقالي الجنوبي (التابع للامارات) تعرضت لهجوم مباغت من عناصر مسلحة امطرتها بالنيران، في موقع الردفاني بقرية امبقيرة في وادي عومران بمديرية مودية، موقعة قتلى وجرحى بصفوف المليشيا واحراق طقمها المسلح".
جاء الهجوم ضمن سلسلة هجمات متصاعدة بين فصائل مليشيا "الانتقالي الجنوبي" و"العمالقة الجنوبية" الممولة من الامارات، في محافظات ابين ولحج وشبوة، كان بين ابرزها، هجوم نفذه الاحد (18 اغسطس) طقم مسلح تابع لألوية "العمالقة" على نقطة تابعة لمليشيا "الانتقالي" بنقطة مفرق القوز في مديرية مودية محافظة ابين.
وأسفر الهجوم عن مقتل قائد مليشيا "الحزام الأمني" التابعة لـ "الانتقالي الجنوبي" في مديرية المحفد بمحافظة أبين، حسين الرابض وثلاثة من مرافقيه، في حين قالت مصادر محلية أن الهجوم جاء بعد اكتشاف الرابض معلومات خطيرة عن "تسهيل العمالقة هجوم تنظيم القاعدة الانتحاري على مليشيا الانتقالي في مديرية مودية".
تفاصيل: "العمالقة" تصفي قائدا بمليشيا "الانتقالي" (صور)
من جانبها، أصدرت الحكومة الشرعية، ليل الاثنين (19 اغسطس) أول ادانة رسمية لمليشيا "العمالقة" بالتواطؤ مع "تنظيم القاعدة" في الهجوم الانتحاري على معسكر لمليشيا "الانتقالي"، ثم اغتيال قائد الاخيرة في المحفد ومرافقيه. مطالبة بـ "لجنة تحقيق فيما حدث من إختراق من بعض العناصر المتواطئة مع العناصر الارهابية".
تفاصيل: الحكومة تدين "العمالقة" بالتواطؤ مع "القاعدة"
وزعمت قيادة مليشيا "الحزام الامني" في ابين حسبما نقل مركزها الاعلامي، إن الاشتباكات اسفرت عن "هلاك الإرهابي شاكر صالح الكازمي، شقيق أمير تنظيم القاعدة سلمان الكازمي، ومرافقه الارهابي فاروق خميس لشعب، ومقتل من كان على متن الطقم الذي كانا الإرهابيين يستقلونه، واصابة ثلاثة اخرين من منتسبي الحزام".
شاهد .. بيان لقيادة حزام "الانتقالي" في ابين
بدورها، أقرت قيادة مليشيا "العمالقة الجنوبية" بالواقعة، وأصدرت "اعلانا خطيرا وغير مسبوق" بنظر المراقبين للشأن اليمني، بررت فيه ارتباط طقم مسلح تابع لها مع عناصر "تنظيم القاعدة"، في الهجوم على نقطة مفرق القوز بمديرية مودية، واغتيال قيادي بارز في مليشيا "الانتقالي الجنوبي" ومرافقيه.
تفاصيل: اعلان خطير وغير مسبوق لـ "العمالقة" (بيان)
وأكد هذا الارتباط، بيان صادر عن ما يسمى "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب واليمن"، انبرى فيه، للدفاع عن مليشيا "العمالقة الجنوبية" وتبرئتها من الاتهامات الموجهة له بالتواطؤ مع في دفن اسرار خطيرة لهجوم مودية الدامي، واغتيال قيادي بارز في مليشيا "الانتقالي الجنوبي" بنقطة مفرق القوز في مودية.
تفاصيل: "القاعدة" تدافع عن "العمالقة" لأول مرة !
وتعرضت مليشيا ما يسمى "اللواء الثالث دعم واسناد" التابعة لـ "المجلس الانتقالي"، الجمعة (15 اغسطس) لهجوم انتحاري مباغت استهدف احد معسكراتها في بلدة الفريض بمديرية مودية، شرقي أبين، اثناء تجمع صباحي لمجندي المعسكر، بسيارة مفخخة عصفت بهم وأوقعت ما يزيد عن 60 قتيلا وجريحا.
تفاصيل: "الانتقالي" يتلقى ضربة قاصمة أخرى (فيديو)
تبنى الهجوم الدامي، يومها، ما يسمى "تنظيم انصار الشريعة" الرديف لما يسمى "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب"، وبث عبر حسابات ناشطين تابعين له على منصات التواصل الاجتماعي بيان تبنيه الهجوم وصورا توثق تنفيذه. تحت عنوان "هلاك وإصابة 50 من مرتزقة الامارات في ابين".
وتزامن توقيت الهجوم مع ذكرى اعلان تنظيم القاعدة (انصار الشريعة) في اغسطس 2023م، تبنيه عملية اغتيال القيادي السابق في التنظيم قبل أن يصير بعد 2018م قائدا لملييشيا "حزام الانتقالي" في ابين الممولة من الامارات، عبداللطيف السيد ويقود حملة "سيوف حوس" ضد التنظيم.
تفاصيل: "القاعدة" يبث مشاهد استهداف "السيد" (فيديو)
كما ارجعت مصادر محلية وعسكرية الانفجارات التي دوت منتصف ليل السبت (17 اغسطس) في انحاء مدينتي عدن ولحج، بالتزامن مع عودة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي الى عدن بطائرة وحراسة سعودية، إلى "صراع العمالقة الجنوبية والانتقالي على خلفية هجوم مودية الانتحاري".
تفاصيل: استقبال العليمي بانفجار يهز عدن ولحج (صور)
والسبت (3 اغسطس)، باغت كمين محكم قائد كتيبة في اللواء الثاني "العمالقة الجنوبية" الممولة من الامارات، سلطان بجاش العطري، باستهداف سيارته بعبوة ناسفة، في منطقة الفيوش بمحافظة لحج، واسفر الهجوم عن مقتل العطري واصابة سائقه وبتر قدميه.
تفاصيل: كمين يعصف بقائد كتيبة في المليشيا (فيديو)
تترافق هذه الهجمات، مع مواصلة مليشيا "العمالقة الجنوبية" و"حزام الانتقالي" منذ بداية مايو الفائت، تنفيذ حملة واسعة لكسر شوكة قبائل لحج واخضاعها، عبر مداهمة منازل مشايخها واعتقال عدد منهم ومصادرة ممتلكاتهم، والتنكيل بهم بتهمة "التعاون مع الاخوان" أو "التخادم مع الحوثيين".
تفاصيل: حملة كبرى على قبائل طوق العاصمة (فيديو)
وارتبط قائد "العمالقة الجنوبية"، الشيخ السلفي عبدالرحمن المحرمي (ابو زرعة) بأجنحة سلفية ضمن تنظيم "القاعدة" وعلاقات وثيقة مع اميركا ترجع لحقبة تحشيد اجهزة الاستخبارات الامريكية المقاتلين العرب إلى افغانستان نهاية عقد السبعينيات، لمواجهة زحف الاتحاد السوفيتي سابقا نحو منابع الثروات في المنطقة.
تفاصيل: خفايا مثيرة للقاء المحرمي وسفير امريكا
مولت الامارات، جمع الآلاف من عناصر تنظيم القاعدة" في جنوب اليمن، لتشكيل مليشيات "مقاومة جنوبية" إبان حرب عدن 2015م، ضمت قيادات سلفية جنوبية بارزة امثال: هاني بن بريك، وعبدالرحمن المحرمي، ومحسن الوالي، وحمدي شكري، وعبداللطيف السيد، وبسام المحضار، وغيرهم من القيادات.
تفاصيل: الامارات تمول "القاعدة" باليمن (وثيقة)
وسبق لقيادات بارزة في مجلس ومليشيا "الانتقالي الجنوبي" أن أكدت استعانة الامارات بقيادات وعناصر تنظيم "القاعدة" في معركة تحرير عدن 2015م، واستيعابهم لاحقا ضمن مليشيات أحزمة ودعم واسناد "الانتقالي الجنوبي" و"العمالقة الجنوبية" و"قوات النخبة" الممولة من الامارات حتى اليوم.
تفاصيل: قيادي بالانتقالي يعترف بتجنيد "القاعدة" (فيديو)
كما وجهت المملكة العربية السعودية، مطلع يوليو 2023، ولأول مرة، اتهاما مباشرا إلى "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات، باحتوائه قيادات وعناصر تنظيم "القاعدة" في مليشياته المسماة "الحزام الامني" و"الدعم والاسناد" و"قوات النُخب"، على خلفية تطاول قيادات "الانتقالي" على قيادة المملكة.
تفاصيل: اول اتهام سعودي للانتقالي برعاية الارهاب (وثيقة)
عمَّدت مليشيا "الانتقالي الجنوبي" و"العمالقة الجنوبية" الممولة من الامارات، الى السيطرة على مدن ومديريات الجنوب بغطاء "مكافحة الارهاب" وارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق المواطنين والعيب الاسود، شملت اقتحام المنازل وانتهاك حرماتها، واعتقال واغتيال عشرات من المواطنين الابرياء.
وأطلقت مليشيا "الانتقالي" بدعم اماراتي نهاية 2021م حملة لاجتياح محافظة شبوة سمتها "اعصار الجنوب"، وأخرى لاجتياح محافظة أبين سمتها "سهام الشرق" وقوبلت انتهاكاتها لحرمات منازل المواطنين واعتقالهم، بردود فعل قبلية خلفت عشرات القتلى والجرحى من المليشيا بينهم القيادي عبداللطيف السيد.
مولت الامارات علنا، منذ بدء مشاركتها في التحالف العربي لدعم الشرعية، وعبر قيادة قواتها المشاركة في "التحالف العربي لدعم الشرعية باليمن"؛ انشاء تشكيلات عسكرية محلية وتسليحها، بينها نحو 15 لواء باسم "العمالقة الجنوبية" نكاية بألوية "العمالقة" التي حسمت حرب صيف 1994م ضد انفصال جنوب اليمن.
وعقب انتهاء معركة تحرير عدن في مايو 2015م، من قوات جماعة الحوثي والرئيس الاسبق علي عفاش؛ نقلت الامارات الوية "العمالقة الجنوبية" إلى الساحل الغربي لليمن، لمواجهة الحوثيين والسيطرة على الساحل، ضمن سعيها للهيمنة على المنطقة، عبر الاستحواذ على الموانئ وفرض نفوذها على الملاحة البحرية.
بالتوازي، مولت الامارات في 2017، القيادي السابق بوزارة الداخلية، عيدروس الزُبيدي لانشاء ما سمته "المجلس الانتقالي الجنوبي" ونحو 50 لواء مسلحا بمسميات "الاحزمة الامنية" و"الدعم والاسناد" و"النُخب"، ضمن مسعاها الى فرض انفصال جنوب اليمن بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن والمنطقة.
ودعمت الامارات بطيرانها الحربي، تنفيذ مليشيات "المجلس الانتقالي" انقلابا عسكريا على الشرعية اليمنية، بدءا من منتصف مايو 2019، مرورا بإسقاط العاصمة المؤقتة عدن (اغسطس 2019)، ثم محافظة سقطرى، ووصولا للسيطرة على محافظتي ابين ولحج ثم شبوة نهاية العام 2021م.
تسبب الانقلاب الاماراتي بواسطة ذراعها "الانتقالي الجنوبي" ومليشياته، في سيطرة الاخيرة على مؤسسات الدولة ومقدراتها، ومنع الحكومة الشرعية من مزاولة عملها في عدن، وتبعا انهيار الاوضاع المعيشية والادارية والخدمية والاقتصادية والامنية في عدن ومدن جنوب اليمن.
وتعاني مدينة عدن وعدد من مدن جنوب اليمن، انفلاتا امنيا واسعا، منذ انقلاب "المجلس الانتقالي الجنوبي" ومليشياته على الشرعية في اغسطس 2019م بدعم عسكري اماراتي، تصاعدت معه جرائم الاعتداءات والاختطافات والاغتيالات دون ضبط ومحاكمة أي من الجناة، لانتمائهم الى مليشيا "الانتقالي".
تفاصيل: غضب شعبي يباغت المليشيا بكل شارع (صور)
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة ومليشيات "العمالقة الجنوبية"، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.