العربي نيوز - المخا:
فاجأ، طارق عفاش، قائد ما يسمى قوات "المقاومة الوطنية حراس الجمهورية" الممولة من الامارات في الساحل الغربي لليمن، جميع المراقبين المحليين والاقليميين، بإعلان غير مسبوق، تضمن ما اعتبره مراقبون للشأن اليمني "اعترافا جريئا، بالفساد ونهب المال العام والاتجار بحرب اليمن".
جاء هذا في تصريح جديد ومفاجئ، لطارق عفاش، نشره على حسابه الرسمي بمنصة إكس (توتير سابقا)، الخميس (23 مايو)، تسبب في فتح النار عليه، قال فيه: "يوم مشهود في الساحل الغربي، حيث احتفلنا بتخرج أول دفعة من طلاب وطالبات جامعة الحديدة من مقرها الجديد بمديرية الخوخة".
مضيفا في تصريحه الهادف الى التباهي والدعاية السياسية: "وقد تبرعت بمبلغ مليار ريال نيابة عن كل افراد المقاومة الوطنية لبناء قاعات جديدة للجامعة. كانت وستبقى "تهامة" ميدانا للعلم والايمان، قدوة للجمهورية، وبالعلم نكافح سرطان الكهنوت في كل مكان". من دون أيضاح مصدر المليار.
شاهد .. اعتراف جريء لطارق عفاش بنهب المال العام
في المقابل، ذهبت تعليقات السياسيين والناشطين اليمنيين إلى طرح التساؤلات نفسها: "ما مصدر المليار ريال"، و"من اين لك هذا". مشيرين إلى أن "مبلغ مليار ريال يفوق 10 اضعاف راتب طارق عفاش لعشر سنوات، وبفرض ان راتبه مليون ريال شهريا، رغم ان المعتمد رسميا اقل بكثير جدا من هذا".
وأثار سياسيون وناشطون على منصات التواصل الاجتماعي، السؤال نفسه: "من اين له هذا؟". مشيرين إلى أن طارق عفاش، لم يكن تاجرا او مستثمرا، يوما ما، وظل ضابطا برتبة عميد، قبل ان يفر من العاصمة صنعاء عقب انفجار الصراع بين عمه علي عفاش والحوثيين شركائه في الانقلاب نهاية 2017م.
معتبرين في تعليقاتهم، أن اعلان طارق عفاش عن التبرع بهذا المبلغ الكبير جدا من جيبه الخاص، اوقعه في مزلق جديد "يدينه بنهب المال العام والايرادات العامة لمديريات الساحل الغربي المحررة، ويؤكد الاتهامات الموجهة له بالاستيلاء على أراضي الدولة وعقاراتها، والاتجار بالحرب في اليمن".
ورد سياسيون على من برروا لطارق امتلاك اموال تفوق مقدرة الحكومة اليمنية، بأنه "يحظى بدعم سخي من الامارات"، بقولهم: كان حريا به ان يعلن هذا، ويقول أن مبلغ المليار ريال ( 600 الف دولار بسعر صرف عدن)، دعم من دولة الامارات". لافتين إلى أن "طارق عفاش، صار مليارديرا، منذ فراره للساحل الغربي".
يواجه طارق عفاش، اتهامات بنهب الايرادات الجمركية والضريبية في مديريات الساحل الغربي، وايرادات ميناء المخا، بجانب السطو على مئات الهكتارات من أراضي وعقارات الدولة والممتلكات الخاصة للمواطنين بقوة السلاح وفي احسن الاحوال عبر شرائها باثمان بخسة جدا، وبيعها لشبكة من التجار تابعين له في الساحل.
وشارك طارق عفاش عمه الرئيس الاسبق علي صالح عفاش، بدور رئيس في انقلاب 21 سبتمبر 2014م بتسليم معسكرات الجيش اليمني ومخازن اسلحته لجماعة الحوثي، قبل أن يعلنا رسميا شراكتهما بسلطات الانقلاب، في اغسطس 2016م، وجاهر طارق عفاش، بمشاركة كتائب قناصته لمليشيا الحوثي، في الهجوم على الحديدة وتعز وعدن وباقي المحافظات.
شاهد .. طارق يعلن عن دفعة قناصة جديدة الى تعز
شاهد .. جنوبيون ينشرون فيديو فاضح لطارق عفاش
لكنه، بعد انفجار الصراع بين عمه علي عفاش والحوثيين على تقاسم غنائم ومكاسب الانقلاب نهاية 2017م، وتمكن من الفرار الى شبوة، والتحق بالتحالف وتبنت الامارات تمويل تجميعه ضباط ومنتسبي الجيش العائلي (الحرس الجمهوري) الى معسكر "بير احمد" في عدن ثم الساحل الغربي، وتنصيبه حاكما عسكريا للساحل ووكيلا لأجندة أطماعها في اليمن.
استطاع طارق عفاش خلال اقل من عام، الاستيلاء على تضحية المقاومة التهامية و"العمالقة الجنوبية" بآلاف الشهداء والجرحى، وبسط سيطرته على مديريات الساحل الغربي المحررة، بعد تفكيكه هذه الالوية وادماجها بقواته بترغيب الاموال وعطايا السيارات وترهيب الاعتقال والاغتيال، الذي طال العشرات من القيادات العسكرية التهامية والجنوبية.
ومع انه رفع شعار "تجاوزت خلافات الماضي وتوحيد الصف الجمهوري والمعركة ضد الحوثيين". إلا أن الوقائع اثبتت زيف شعاره، وأكدت تحركات طارق عفاش وتوجهاته، سعيه إلى اعلان جمهوريته في الساحل الغربي لليمن، عبر انكبابه على استكمال السيطرة وبسط نفوذه على مديريات الساحل الغربي (التهامي) المحررة في محافظتي الحديدة وتعز.
استغل طارق عفاش، مخاوف التحالف بقيادة السعودية والامارات، وانتكاساته في الحرب على الحوثيين، للتشكيك في القوى الوطنية المنخرطة في مواجهة الانقلاب منذ 2014م، وظل حتى بعد التحاقه بتحالف دعم الشرعية في اليمن نهاية 2017م، يناصب هذه القوى العداء، اعلاميا وسياسيا وعسكريا، ويجاهر بتمرده على الشرعية ممثلة بالرئيس هادي والحكومة اليمنية.
ومطلع ابريل 2022م توج التحالف بقيادة السعودية والامارات، تمرد طارق عفاش على الشرعية، عبر الضغط على الرئيس هادي ونائبه الفريق علي محسن، للتنحي وتفويض الصلاحيات ونقل السلطة لمجلس قيادة رئاسي، يرأسه احد رموز النظام السابق ويضم طارق عفاش وقيادات مليشيات السعودية والامارات في جنوب اليمن (الانتقالي الجنوبي) وغربه (طارق عفاش).
ميدانيا، تفاقمت معاناة الملايين من المواطنين في مديريات الساحل الغربي التهامي الخاضعة لسيطرة قوات طارق عفاش، جراء ممارسات الاخيرة التعسفية واستباحتها الاراضي العامة والخاصة بالبسط والنهب، وفرض جباية الاتاوات غير القانونية، ونهب الايرادات العامة، والهيمنة على السلطات المحلية لخدمة مصالح طارق عفاش والشركات التجارية لحاشيته بقطاع الخدمات.
يشار إلى أن طارق عفاش يسعى إلى إعادة النظام العائلي السابق لعمه الرئيس الاسبق علي عفاش، واستعادة حكم اليمن، عبر الارتهان الكامل لاجندة اطماع التحالف بقيادة السعودية والامارات في اليمن والمنطقة عموما، وعرض خدماته للكيان الاسرائيلي، وامريكا وبريطانيا، في تأمين الملاحة البحرية لسفنها عبر مياه اليمن الاقليمية في باب المندب والبحر الاحمر.