العربي نيوز - مسقط:
صدر اعلان جريء من سلطنة عُمان، فاجأ دول مجلس التعاون الخليجي بشأن اليمن وفلسطين ولبنان وسوريا والعراق ومصر، وعَده مراقبون اقليميون ودوليون تدشينا لمرحلة جديدة وخطيرة في المنطقة، تغادر فيه السلطنة "الحياد" إلى الانفراد بموقف سياسي واقتصادي وربما عسكري عن باقي دول المنطقة.
جاء هذا في رسالة عُمانية مباشرة الى دول المنطقة، وُصفت بالجريئة، أعاد نشرها الاستاذ المشارك في جامعة السلطان قابوس، الدكتور حمود النوفلي، على حسابه الرسمي بمنصة التدوين المصغر إكس (توتير سابقا)، المتابع من قرابة 150 ألفا حول العالم، بعنوان "رسالة إلى الاخوة الاشقاء في الخليج".
وقالت الرسالة مخاطبة دول الخليج: "نحن في السلطنة نحبكم ويعلم الله أنكم الأقرب إلى قلوبنا أكثر من أي أحد بالعالم، ونحن معكم سند وضد كل من يعتدي عليكم، ومعكم في كل مشاريع الخير والبناء والتي تزيد من رقي وسعادة وراحة شعوبنا الخليجية، ولكن اعذرونا لسنا معكم في الخلافات المذهبية والشحن الطائفي".
مضيفة في بيان خصوصية سلطنة عُمان: "نعيش في عُمان كمسلمين ونادر جدا أحد يعرف أو يسأل عن مذهب الآخر،نعمل وندرس ونتزوج من بعض دون أي تفرقة، ونعيش كجسد واحد إباضية وسنة وشيعة، فلن نجاملكم وندخل معكم في تكفير أي مسلم". وأردف: "ولدينا علاقة جيرة وعلاقة دين مع جمهورية إيران الإسلامية".
وتابعت: "وهذه العلاقة استفاد منها الشعبين بالعلاج والسياحة والسلع الرخيصة لقرب وقلة كلفة شحنها، ولم نلمس من إيران أي تدخل أو كما تقولوا نشر لتشيع ولا تدخل في التأثير على أي مواطن عماني، وبالتالي لن نشارك معكم في أي صراع وخلاف مع إيران، لأن لا مصلحة لنا بذلك، ولا يحق لكم أن تقذفونا وتفرضوا علينا خلق مشكلة مع دولة إسلامية وجارة لم تضرنا بشيء".
الرسالة العمانية، أكدت على الموقف الرسمي للسلطنة من العدوان الاسرائيلي وحصاره المتواصل على قطاع غزة، وقالت: "في القضية الفلسطينية نحن ندعم الحق الفلسطيني سواء كمقاومة أو سلطة ضد الكيان الصهيوني، وهذا موقف شعبي ورسمي، وننطلق من مبادئ ديننا الإسلامي بأن من حق كل حركات المقاومة مقاومة المحتل، وواجب علينا مساندتهم".
مضيفة: "دون النظر إلى أي مذهب ينتمون، ولا إلى أي حركة ينتسبون، ولا من أي مكان يتسلحون، فنحن لا يوجد لدينا صراع مع الاخوان ولا أي مذهب ولا مع أي فلسطيني، فإذا لديكم فوبيا وتكفير للأخوان، وخلاف سياسي معهم، فنحن لا نتدخل فيكم، ولا نسمح لكم بإلزامنا أن تفرضوا علينا خلافكم ذلك، لنا قرارنا الشعبي والرسمي المستمد من ديننا الذي يجمع ولا يفرق".
وتابعت الرسالة العُمانية لدول الخليج، المنشورة لأول مرة نهاية 2023م: "وليس لدينا أي مصلحة ولا خوف من انتصار أي مقاومة، ولا يهمنا لأي حركة تنتسب، والسبب ببساطة لأننا بعمان لا يوجد لدينا حركات ولا جماعات كالأخوان، ولا يوجد لدينا أحزاب سياسية، وكلنا نعيش في حزب واحد وهو حزب دين الله وعمان كوطن نعيش فيه سواسية دون أي تقسيم مناطقي أو طائفي".
كذلك بشأن اليمن، قالت الرسالة: "في اليمن كذلك ننظر لليمنيين كلكم بمبدأ الأخوة في الدين أولا ثم الأخوة في العروبة ثانيا والاخوة في الجيرة ثالثا، فنتعامل معهم بسواسية ولا ندخل بينهم بالفتن وتأييد هذا على ذاك، ونحاول أن نصلح ونقرب بينهم ما أن سمحت لنا الظروف، وطوال 9 سنوات نحن لم نتدخل بالحرب ولزمنا الصمت، والنصيحة لمن يقبل منا".
مضيفة: "لذلك نرجوكم إذا لديكم مصالح بدعم أحد وتكفير آخر، وخوف من حكم أحدهم، سواء لاعتبارات سياسية أو مذهبية، فنحن اتركونا وشأننا، فلا نسمح لأحد يهجم علينا كوننا لم نكفر فصيل معين، لأننا لدينا مبدأ أن المشاركة في إراقة دم مسلم ولو بالقول يعتبر عند الله عظيم وأثمه كبير. ومن قال الشهادتين فقد عصم دمه وماله وعرضه ولا نتدخل في مذهبه ومن يوالي ومن يخاصم".
وتابعت الرسالة العُمانية، الجريئة لدول الخليج، قائلة: "في لبنان كذلك لا يوجد لدينا أي مصلحة بمن يحكم ومن يستبعد، فننظر لحزب الله فصيل مقاومة مسلم وعربي استطاع أن يحرر جنوب لبنان، ومستمر حتى يحرر باقي الارض اللبنانية، والأخوة الآخرين بلبنان لا يحق لنا أن نتدخل بينهم، ونحب سنتهم وشيعتهم دون أي ميل لطرف عن آخر".
معبرة عن استنكار مهاجمة سياسيي واعلاميي وناشطي دول الخليج، السلطنة لمجرد تأييدها العلني شعبيا وسياسيا لفصائل مقاومة الكيان الصهيوني، بقولها: "لذلك إذا لديكم خلاف سياسي أو مذهبي مع حزب الله، فلا يعني أن تقذفوننا إذا أيدنا أو شكرنا الحزب في ضربه ومقاومته للصهاينة ودعمه لأخوته في غزة، فكلهم عرب ومسلمون كعينين في جبين واحد".
وبخصوص سوريا، قالت الرسالة العمانية: "في سوريا حدثت فتنة وحرب داخلية بين الأخوة السوريين وتم دعم آخرين بالمال والافراد وتسببت في قتل مسلم لمسلم لأكثر من 8 سنوات، ونحن وقفنا بعيدا عن تلك الفتنة ولم نؤيد النظام ولا الأخوة الثائرين عليه، لأننا نعتبرهم جميعا ضحايا فتنة كانت تقف خلفها امريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني".
مضيفة: "لذلك لا يحق لكم تجبروننا على مخاصمة طرف عن طرف، وسيبقى كل سوري عربي مسلم أياً كان مذهبه هو أخ لنا ودمه وعرضه حرام أن نناصر عليه أو نشعل الفتنة بينهما،فاتركونا على موقفنا وسيثبت لكم المستقبل من هو على حق ومن على باطل، كما تركناكم تشاركون في تلك الفتنة دون أن نعاتبكم أو نملي عليكم رأينا".
وتابعت: "في العراق كذلك حدثت فتنة بعد سقوط النظام الذي شاركت كثير من دول الخليج في الإطاحة به، ولم نشارك كذلك في الفتنة التي اشعلها الموساد بين السنة والشيعة، لأنهم جميعا نراهم أخوة لنا لا فرق بينهم،وبالتالي لا يحق لكم أن تجبروننا على معاداة طرف أو تهاجموننا إذا اقمنا علاقة مع طرف آخر، فلا يوجد لدينا أي خصومة مع أي فصيل أو حزب وكلهم سواسية معنا".
مردفة: "وهكذا في مصر وليبيا وغيرها من الدول العربية الشقيقة التي حدثت بها فتن وحروب داخلية، فنحن نحب الخير للجميع ونصلح ما يفسده غيرنا، وإذا عجزنا عن الصلح بسبب الشياطين القوية الداخلة في تلك الفتنة نلزم الصمت والحياد". واختتمت بالقول: "لذلك نتمنى منكم يا أحبتنا بالخليج والدول العربية أن تتركوا لنا حرية القرار والخيار دون وصاية ولا خصومة".
شاهد .. رسالة عُمانية جريئة لدول الخليج عن اليمن
وعقب الدكتور حمود النوفلي على سيل من الانتقادات الخليجية لرسالته، في تدوينة اخرى، الجمعة (15 مارس)، قائلا: توضيح: أهل عمان جميعهم أخوان للمسلمين، ولكن لا يوجد في عمان تنظيم للأخوان، وليسوا في عداء معهم ولا مع حماس أو الجهاد أو الشيعة أو السنة أو أنصار الله أو حزب الله، ولا أحد في عمان ينتسب لأي تنظيم في حد علمي".
مضيفا: "لأن أهل عمان آمنوا بفكرة أن تنظيم الإسلام يكفي لأن يكونوا تحت رايته". وأردف: "وجب هذا التوضيح بعد أن لاحظنا محاولة الصهاينة العرب، ربط موقف أهل عمان تجاه القضية الفلسطينية بتنظيم الأخوان، الذي هم تركوا الدين بسببه وبسبب الشيعة، وارتموا في أحضان الصهيونية نكاية بالأخوان والشيعة، وخوفاً منهم".
شاهد .. تعقيب عُماني على انتقادات خليجية للسلطنة
وصدرت مواقف عُمانية جديدة من الهجمات البحرية في مياه اليمن الاقليمية لجماعة الحوثي، أثارت جدلا واسعا ووصفها مراقبون بالجريئة، تتجاوز صراحة وشجاعة سلسلة مواقف سلطنة عُمان حيال العدوان الاسرائيلي وحصاره المتواصلين على قطاع غزة في فلسطين المحتلة.
تفاصيل: موقف عُماني جريء من هجمات الحوثيين (وثيقة)
كما سبق، أن اعلنت سلطنة عمان في بيان لوزارة خارجيتها، الجمعة (12 يناير) عن "ادانتها القصف الامريكي البريطاني الذي طال عدة مدن في الجمهورية اليمنية الشقيقة". وطالبت بـ "التركيز على معالجة الأسباب الحقيقية للأزمة". مؤكدة أن المعالجة تبدأ بوقف الحرب على غزة.
شاهد .. موقف سلطنة عمان من الغارات الامريكية على اليمن
وفي مقابل هذه المواقف، أعلنت سلطنة عمان، نهاية يناير الفائت عن نتائج المباحثات العُمانية البريطانية، بشأن تطورات الحرب على غزة ووساطة مسقط لوقف الهجمات البحرية لجماعة الحوثي، المتواصلة بزعم "منع مرور سفن الكيان الاسرائيلي والرد على العدوان الامريكي البريطاني على اليمن".
تفاصيل: مسقط تعلن نتائج الوساطة بشأن البحر الاحمر
عزز هذا الموقف مفتي سلطنة عمان، الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، ببيان قال فيه: "لن يفت عدوان الاستكبار العالمي الغاشم في عضد الشعب اليمني المجاهد، ولن يثنيه عن المضي قدما في نصرة الحق وتأييد إخوانه المؤمنين.حفظ الله #اليمن الشقيق قلعة شامخة راسخة رسوخ الرواسي، لا تزعزعها الزعازع ولا ترجها الأحداث".
شاهد .. مفتي عُمان يدين الغارات الامريكية على اليمن
وعلق مراقبون وسياسيون، بأن الموقف الشجاع لسلطنة عمان، يعري مؤامرات دول في المنطقة على القضية الفلسطينية والمنطقة برمتها، وفي مقدمها دولة الامارات، التي اظهرت معركة "طوفان الاقصى" انحيازها الكامل للكيان الاسرائيلي الصهيوني وتصفية المقاومة الفلسطينية التي تصنفها "تنظيمات ارهابية" وتصفية قضية فلسطين.
جاء بين ابرز هؤلاء السياسيين، رئيس "منتدى السلام وايقاف الحرب في اليمن"، القيادي السابق في "المقاومة الجنوبية"، والناشط السياسي الجنوبي البارز، عادل الحسني الذي علق على دلالات الموقف العُماني، بقوله: "#سلطنة_عُمان الشقيقة تمنع أجوائها من أي اعتداء على اليمن. موقف عروبي مشرف، ولنعم الجوار أنتم".
شاهد .. اصداء واسعة لموقف عُمان من الغارات الامريكية
مضيفا في تدوينة ثانية على حسابه الرسمي بمنصة إكس (توتير سابقا): "تدين الإمارات العبرية قصف سفن الصهاينة في البحر الأحمر. بينما تبدي #سلطنة_عُمان موقفًا مدافعًا عن القصف الذي طال الأراضي اليمنية، وتؤكد هجومها على الكيان الصهيوني. ليست حدود ما تفصل بين الدولتين، بل قيم ومبادئ وشرف.
شاهد .. فضيحة عُمانية للامارات وانحيازها للكيان
يشار إلى أن سلطنة عمان، رفضت المشاركة في تحالف "عاصفة الحزم" العسكري في اليمن بقيادة السعودية والامارات، وحافظت على موقف محايد من مختلف الاطراف اليمنية والاقليمية، وظلت بوابة للمساعدات الانسانية وعلاج جرحى الحرب، وحاضنة لمباحثات ومفاوضات انهاء الحرب واحلال السلام في اليمن.