العربي نيوز:
فاجأت مكونات محافظة حضرموت، جميع الاطراف والقوى السياسية داخل اليمن وخارجه، بخطوة وصفت بالتاريخية، واتفقت على انهاء حالة الانقسام والخلافات البينية، وبدء العمل المشترك على تحسين الاوضاع العامة، وتحصين المحافظة من محاولات جرها إلى مربع الفوضى والاضطراب، ومساعي ضمها بالقوة لسيطرة مليشيا "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات.
جاء هذا بتوصل السلطة المحلية لمحافظة حضرموت بقيادة المحافظ مبخوت بن ماضي و"حلف قبائل حضرموت" برئاسة وكيل أول المحافظة الشيخ عمرو بن حبريش، إلى تفاهمات تهدف إلى معالجة الأزمة الراهنة وإنهاء الانقسام القائم بالمحافظة منذ نحو عام، والعمل المشترك على تحسين الخدمات الاساسية وحياة المواطنين.
وفقا لمصادر محلية متطابقة في حضرموت فقد "جاءت هذه التفاهمات برعاية من المملكة العربية السعودية، وشملت التوافق بشأن الملفات الخدمية والاقتصادية الحيوية، بينها رفع إضراب المدارس، وضع حلول لأزمة الكهرباء، وتوفير المشتقات النفطية، بما يسهم في تحسين الخدمات الأساسية وحياة المواطنين في حضرموت".
كما أكد هذا، ترحيب الهيئة الشعبية الإعلامية لمساندة حلف قبائل حضرموت بـ "جهود التقارب الحضرمية–الحضرمية"، لكنها شددت على "ضرورة اعلان تفاصيل الاتفاق، خاصة فيما يتعلق بملف الديزل المنتج من شركة ‘بترومسيلة‘، بوصفه رافدًا أساسيًا لميزانية المحافظة. مؤكدة أن "ثروات ومقدرات حضرموت خط أحمر".
وكشف سياسيون واعلاميون بينهم رئيس تحرير صحيفة "المحرر" الصحفي صبري بن مخاشن، والمقرب من حلف القبائل، عن أن "الطرفين توصلا إلى تفاهمات تهدف إلى إنهاء الخلافات والانقسامات، وشملت التفاهمات التعليم والصحة والكهرباء وتوفير المشتقات النفطية، لمحطات توليد الكهرباء، وغيرها من الملفات الخدمية".
موضحا في تدوينة على حائطه بمنصة "فيس بوك" للتواصل: إن "التفاهمات شملت السماح بمرور الكميات الكافية من الوقود التجاري، وعودة المدارس للعمل، وتغطية حقوق المعلمين والمتعاقدين، ما انعكس مباشرة في إعلان نقابة المعلمين بساحل حضرموت تعليق الإضراب واستئناف العملية الدراسية ابتداءً من الثلاثاء الماضي".
واعتبر الصحفي صبري بن مخاشن أن "هذه التفاهمات شكلت ضربة لمخططات المجلس الانتقالي الجنوبي، وكشفت نواياه الخفية في السيطرة على موارد المحافظة وإضعاف القرار المحلي". في اشارة إلى سعي ما يسمى "الهيئة التنفيذية المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت"، إلى استغلال الخلافات لضم المحافظة.
كاشفا عن أن تحركات "المجلس الانتقالي الجنوبي" الأخيرة في حضرموت، تضمنت "الدفع قوات جديدة إلى ساحل حضرموت من خارج المحافظة تحت مسمى ‘الدعم الأمني‘ بقيادة المدعو صالح بن الشيخ أبو بكر (أبو علي الحضرمي)، وقام أيضا بتعيين قيادات من خارج المحافظة في التوجيه المعنوي والاستخبارات العسكرية".
في المقابل، فاجأت هذه الخطوة "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات، وقلبت الطاولة على اجندته ومساعيه لاستغلال الخلافات بين مكونات حضرموت، لاستكمال السيطرة على مديريات ومدن المحافظة، بعد تمكن مليشياته من السيطرة على مدينة المكلا، حاضرة ساحل حضرموت، وعدد من مديريات الساحل والوادي.
عبَّر عن هذا انزعاج "المجلس الانتقالي" من المصالحة الحضرمية الحضرمية واتفاق الشراكة، واصداره بيانًاغاضبًا يناهض أي تفاهم بين محافظ جضرموت مبخوت بن ماضي والوكيل الاول للمحافظة، رئيس "حلف قبائل حضرموت" و"مؤتمر حضرموت الجامع" الشيخ عمرو بن حبريش، ووصف التفاهم بـ "المشبوه" حد زعمه.
فأجأ بيان ما يسمى "الهيئة التنفيذية لقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت"، الجميع في المحافظة بإعلانه صراحة عن رفضه القاطع لأي اتفاق بين السلطة المحلية وحلف قبائل حضرموت، بزعم أن أي "تفاهمات مشبوهة" تهدف إلى ما وصفه بـ "شرعنة الفساد وتقاسم المصالح على حساب حقوق أبناء المحافظة".
وقال البيان، المنشور على حائط "المجلس الانتقالي الجنوبي القيادة المحلية حضرموت" بمنصة "فيس بوك" الاثنين (6 اكتوبر): إن "أي اتفاق من هذا النوع يُخضع القرار المحلي لابتزاز القوى النافذة، ويكرّس الفساد، مؤكداً تمسكه بحق أبناء حضرموت في إدارة مواردهم بشفافية وعدالة بعيدًا عن شبكات المصالح والنفوذ" حسب قوله.
قوبل بيان "الانتقالي الجنوبي"، بموجة استنكار بين اوساط السياسيين والاعلاميين والناشطين في حضرموت، واتفقت ردودهم وتعليقاتهم في أن موقف "الانتقالي الجنوبي" يعكس سعيه لزرع الفتنة وإعاقة أي جهود لتحقيق الوحدة والاستقرار الحضرمية". و"محاولة الاستمرار في نهب خيرات المحافظة والسيطرة على قرارها الداخلي".
واعتبر المحامي شهاب السكوتي، بيان "الانتقالي الجنوبي"، بأنه "انتهازي ومؤشر على نهاية شهر العسل". في إشارة إلى انتهاء الاتفاقات السابقة بين "الانتقالي الجنوبي" ومحافظ حضرموت، الذي اتهم خلال العام الفائت من احتدام الخلافات وتفاقم تدهور الاوضاع العامة الخدمية والمعيشية، بـ "التواطؤ مع الانتقالي الجنوبي".
من جانبه، قال الصحفي أمين بارفيد في تدوينة على حائطه: إن "هناك بوادر مصالحة واتفاق لإنهاء الانقسام الحضرمي وسد الثغرات التي قد يستغلها المجلس الانتقالي". مشيرا إلى أن الاخير "أرسل يحيى الشعيبي كمشرف على حضرموت بعد إيقاف رئيسه بساحل حضرموت اللواء سعيد المحمدي، لكن النتيجة لم تكن بالحسبان".
ميدانيا، يواصل "حلف قبائل حضرموت"، استكامل تشكيل الهيكل القيادي لقواته المسماة "قوات حماية حضرموت" والمدعومة من السعودية، بعد قرابة عام على نشر الحلف نقاط مسلحة في هضبة حضرموت، والتحكم في مناطق حقول النفط، والاشراف على توريد المشتقات النفطية الخاصة بمحطات توليد الكهرباء في المحافظة وعدن.
وتعتبر السعودية، المحافظات اليمنية الشرقية (شبوة، حضرموت، والمهرة) "جزءا من الامن القومي للمملكة" حسبما سبق ان اعلن قائد القوات المشتركة في تحالف "دعم الشرعية في اليمن"، ومن هذا المنطلق، سارعت السعودية الى دعم مكونات حضرموت لانشاء مجلس وطني وكيانات سياسية ثم عسكرية، ضد "الانتقالي الجنوبي".
عمَّدت السعودية مطلع 2022م الى انشاء قوات محلية من السلفيين في المحافظات الجنوبية باسم "درع الوطن" لنشرها بمحافظات اليمن الشرقية، ثم انشاء قوات تابعة لـ "حلف قبائل حضرموت"، لصد محاولات الامارات بسط نفوذها في هذه المحافظات وسعيها إلى ضمها لسيطرة مليشيا "الانتقالي الجنوبي" وقوات "النخبة الحضرمية".
تفاصيل: اول صور لقوات جديدة بدعم سعودي (فيديو)
وسددت السعودية، رسميا، الثلاثاء (25 مارس)، طعنة عسكرية قاتلة لـ "المجلس الانتقالي الجنوبي" ورئيسه عيدروس الزبيدي ومليشياته الممولة من الامارات، عبر التزامها رسميا بدعم مكونات حضرموت وحماية المحافظة من اطماع الامارات عبر مليشيا "الانتقالي الجنوبي" في السيطرة على حضرموت وثرواتها.
تفاصيل: السعودية تسدد طعنة قاتلة لـ "الانتقالي" !
سبق هذا توجيه السعودية، الاثنين (17 مارس 2025م) تحذيرا جديدا اعتبره مراقبون "تحذيرا أخيرا" إلى رئيس "المجلس الانتقالي الجنوبي" عيدروس الزُبيدي، عقب خطابه التحريضي لمليشياته، بالبدء في اسقاط محافظة حضرموت بزعم "حمايتها من قوى الارهاب والحفاظ على ثرواتها".
تفاصيل: تحذير سعودي اخير لـ "الزُبيدي" (وثيقة)
جاء التحذير السعودي، بعدما أعلن زعيم مليشيا "الانتقالي الجنوبي" الانقلابية والمتمردة على الشرعية اليمنية، عيدروس الزُبيدي أن "حضرموت عمود الدولة الجنوبية القادمة، ولن نفرط بها وسندافع عنها" ضمن كلمة القاها في زيارته للمكلا، أمرا مليشياته باستكمال السيطرة على كامل حضرموت.
تفاصيل: صدور امر اسقاط هذه المحافظة !
وتتزامن هذه التطورات المتسارعة مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية في حضرموت على تردي الاوضاع العامة وتدهور الخدمات وغلاء المعيشة، ومطالبات "حلف قبائل حضرموت" بتنفيذ مطالبه التي أقرها مجلس القيادة الرئاسي في يناير 2025م، وتهديده بـ "مباشرة الحكم الذاتي للسيطرة على الارض والسلطة والثروة".
تفاصيل: الرئاسي يحسم مصير حضرموت (قرار)
لكن حضرموت تشهد بجانب تدهور الخدمات وغلاء المعيشة جراء انهيار قيمة الريال؛ توترا متصاعدا، جراء اصرار "الانتقالي الجنوبي" على ضم المحافظة لسيطرة مليشياته، ومواجهته رفضا شعبيا عبر التظاهرات وكذا المواجهات، واخرها تصدي قبيلة النموري لمحاولة "الانتقالي" انشاء معسكر جديد لمليشياته في الديس الشرقية.
تفاصيل: نمور حضرموت يتصدون لمليشيا "الانتقالي" (فيديو)
وبقيت محافظات حضرموت والمهرة وسقطرى بعيدات عن الانقلاب الحوثي العفاشي. لكن قوات التحالف السعودية الاماراتية سارعت للانتشار في المحافظات الثلاث، وانشاء قواعد عسكرية تضم قوات امريكية وبريطانية، على نحو دعا سياسيين بارزين في الشرعية اليمنية، الى الاعلان عن "اطماع التحالف في اليمن، موقعا وثروات".
يشار إلى أن "المجلس الانتقالي" ومن ورائه الامارات، يسعى للسيطرة على ثروات المحافظات الشرقية النفطية والغازية، لإدراكه أن "الدولة الجنوبية" التي يسعى الى فرضها بالقوة لا يمكن ان تقوم لها قائمة دون محافظات شبوة وحضرموت والمهرة، بما تشكله من مساحة وثروات، مستغلا محدودية سكانها، ومستهينا بمقاومتها المسلحة لتوجهاته الرامية لاخضاعها بالقوة.