العربي نيوز:
واجهت الناشطة اليمنية الحقوقية والسياسية، الحائزة جائزة نوبل للسلام، توكل عبدالسلام كرمان، موقفا محرجا، شعبيا ورسميا، في احدى الدول العربية، لدى زيارة بدأتها مطلع الاسبوع الجاري، بدعوة من الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والسيدة الأولى في الصومال.
وحظيت توكل كرمان، باستقبال رسمي وشعبي واسع، في العاصمة الصومالية مقديشو، وفعالية شعبية تكريما لها، على مواقفها الحقوقية والسياسية الداعمة والمساندة للمرأة عموما، والعربية خصوصا، منذ اندلاع ثورة الشباب الشعبية السلمية (11 فبراير 2011م) في اليمن.
اظهرت هذا صور ومشاهد فيديو، تداولها ناشطون يمنيون وصوماليون على منصات التواصل، واعادت كرمان نشر بعضها، على حساباتها الرسمية بمنصات التواصل، مشيدة بالعلاقات اليمنية الصومالية، وبقوة المرأة الصومالية ودورها البارز في دعم السلام والاستقرار والتنمية.
وقالت توكل كرمان، في كلمة القتها خلال لقاء نسوي في العاصمة الصومالية مقديشو: "أنا فخورة أني هنا اليوم بين أهلي وناسي وأمهاتي وأخواتي"، وأردفت: إن "الصومال بلدي الثاني إن لم يكن الأول مكرر". مشيدة بـ "مشاركة المرأة الصومالية السياسية في البرلمان والحكومة".
لكنها تعهدت أيضا بـ "دعم النساء الصوماليات والدفاع عن حقوقهن". وعبّرت عن شكرها وتقديرها للصومال. وقالت: "أشكر شعب الصومال على حسن الضيافة والكرم وحفاوة الاستقبال، من المطار وكل ركن زرته في الصومال الشقيق والأم، الذي أثبت للعالم كله شجاعته وكرمه".
مضيفة في الكلمة التي القتها بلقاء مع نساء الصومال وتزين مكانه بلافتات تضمنت صورها وعلمي البلدين وعبارات ترحيب بثلاث لغات: "هذا البلد عظيم بخيراته وشفافيته وأهله". وأشارت إلى أن "اليمن يربطه بالصومال الكثير من الروابط، التاريخ والجغرافيا والثقافة والمصير المشترك".
وجرى في الفعالية الشعبية التكريمية، منح توكل كرمان عددا من الدروع والهدايا، قُدمت باسم عقيلة الرئيس الصومالي، وكتلة النساء في البرلمان، وإدارة المرأة في الرئاسة ومحافظة مقديشو، إضافة إلى عشرات الهدايا الرمزية والمشغولات اليدوية التي قدّمتها الجمعيات النسائية.
عبرت نساء الصومال عن ترحيبهن بتوكل كرمان، عبر أهازيج صومالية وزغاريد نسائية رفرفت خلالها الأعلام اليمنية والصومالية، كما ألبسن توكل كرمان الزي التقليدي الصومالي، وسط أجواء شعبية احتفالية جسدت مكانتها كرمز عالمي للنضال السلمي وحقوق الإنسان.
والاربعاء (3 سبتمبر)، التقى رئيس البرلمان الصومالي شيخ آدم محمد نور، توكل كرمان، وأشاد بزيارتها و"اهتمامها بقضية الصومال وكفاح شعبه لاستعادة دولته". واعتبرها "تمثل رسالة شجاعة وواضحة للعالم بأن الصومال يحقق انتصارات كبيرة على الإرهاب، وبات آمنا".
معبرا عن اعتزازه بمواقف كرمان في المحافل الدولية "دفاعًا عن الحقوق والحريات وحقوق الشعوب المظلومة في مواجهة الاستبداد والقوى المارقة التي تسعى لتدمير البلدان واستغلال حالة الضعف والانقسام". وفي مقدمها الصومال، الذي قسمته القوى الامبريالية الى ثلاث دويلات.
وقال رئيس برلمان الصومالي في مقديشو، شيخ آدم نور: إن "اليمن هي الدولة الأقرب إلى الصومال، وتربطه بشعبها روابط قرابة وأخوّة، ويشعر الشعب الصومالي اليوم بمعاناة أشقائه في اليمن ويرحب بكل اليمنيين الذين فروا من الحرب ويعتبرهم جزءًا من نسيجه الاجتماعي".
مستذكرا "موقف اليمنيين الداعم للصوماليين خلال الحرب الأهلية، وبأن التجار اليمنيين اليوم يشكلون جزءًا مهمًا من الاقتصاد الصومالي". ودعا توكل كرمان إلى "توسيع انشطة مؤسستها الدولية لدعم البرامج الانسانية والتنموية لتشمل الصومال ودعم برنامج الحكومة للتعافي".
ومن جانبها، قالت توكل كرمان في اللقاء: "أشيد وأحيي دوركم المميز في دعم الدستور والقانون، من خلال الدعوة إلى الوحدة الوطنية والمشاركة في المؤتمر الوطني التشاوري لتعزيز التشريع ومراجعة الدستور المؤقت. وأثمّن جهودكم في الحفاظ على الهوية الإسلامية للصومال".
مضيفة: "والحرص على أن تنسجم التشريعات مع مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة، إلى جانب دوركم البارز في دعم الوحدة الوطنية والإصلاح التشريعي والبرلماني. وأحيي جهودكم في إعادة البناء والتنمية، لا سيما في إصلاح البنى التحتية كالميناء والمطار في مقديشو".
واثنت على جهود شيخ آدم في "بناء المدارس والمستشفيات، بما يهدف إلى تحسين الخدمات الأساسية ورفع مستوى حياة المواطنين. كما أقدر عملكم من أجل التنمية الديمقراطية عبر إصلاح النظام الانتخابي والدستوري، والسعي إلى الانتقال إلى الانتخابات بالتصويت العام".
مؤكدة أن الانتقال الى التصويت العام من شأنه "ترسيخ الوحدة الوطنية والحيلولة دون أي انقسامات عشائرية أو فئوية". واردفت: "لا يفوتني أن أحيي جهودكم في تخفيف الحظر الدولي على الأسلحة، ومساعيكم لبناء جيش وطني قوي يبسط سيطرة الدولة الصومالية على كافة ترابها".
وعبرت عن آمالها في تمكن الجيش الصومالي من "بسط سيطرة الدولة الصومالية على كافة ترابها الوطني ويحمي استقلالها السياسي ووحدة أراضيها". وتقديرها جهود شيخ آدم "في مواجهة التطرف والإرهاب والانفتاح على العالم". حسب تعبيرها، في تدوينة على حسابها بمنصة إكس.
مضيفة: "العلاقات بين الصومال واليمن ضاربة الجذور و عميقة الأبعاد؛ تاريخياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً. فنحن نجتمع على ضفتي باب المندب، هذا المنفذ العالمي الفريد الذي ظل اليمنيون والصوماليون يعبرونه جيلاً بعد جيل، لمزاولة التجارة، ونشر الدعوة، والتعليم، وبسط النفوذ".
وتابعت توكل كرمان، قائلة: "سيظل الشعبان حماة هذا الممر الاستراتيجي. لقد لعب الشعبان دوراً بارزاً في نشر دعوة الإسلام السمحة في إفريقيا، وهما يعتزان بالهوية الإسلامية الجامعة، كما يجمعهما الانتماء إلى جامعة الدول العربية. وقد نشأت خلال قرون طويلة تداخلات إنسانية عميقة".
مشيرة إلى أن "ملايين الصوماليين من أصول يمنية، وجاليات يمنية كبيرة في الصومال، حتى صار كل طرف جزءاً لا يتجزأ من الآخر". وأردفت: "تجمعنا كذلك المخاطر المشتركة من الإرهاب والمؤامرات الإقليمية والدولية، ونحتفظ في المقابل بـ أحلام مشتركة وتطلعات واحدة لبلدين كاملَي السيادة والاستقلال، ينشدان الوحدة الوطنية، والحرية، والديمقراطية، والازدهار".
يشار إلى أن الناشطة اليمنية، توكل عبدالسلام كرمان، غدت من ابرز الشخصيات المشهورة عالميا في مجالات الدفاع عن الحقوق والحريات ومساندة المرأة ودعم برامج التنمية، ولها مشاريع كبيرة تتركز بصورة اكبر في اليمن ودول المنطقة التي شهدت ثورات "الربيع العربي" وكانت توكل احد قياداتها في اليمن.