الخميس 2025/08/28 الساعة 12:17 م

اعلان فاجعة كبرى لجميع اليمنيين !

العربي نيوز:

اكدت مصادر حكومية وسياسية، متطابقة، ما وصفته بـ "اكبر صدمة فاجعة" لجميع اليمنيين بلا استثناء، جراء انكشاف معلومات ووثائق خطيرة، بينت لأول مرة احد اهم اسباب افقار اليمنيين وتدهور الخدمات وانهيار العملة المحلية بالمناطق المحررة، والمتمثل في صرف الحكومة ملايين الدولارات شهريا "مخصصات اعاشة" لآلاف المنسوبين للشرعية خارج اليمن.

جاء هذا بعدما فتح مسؤولون ملف اعتماد رئيس مجلس الوزراء الاسبق، ونائب رئيس المؤتمر الشعبي العام، احمد عبيد بن دغر، ما يسمى "كشف الاعاشة" لمسؤولين واعلاميين وناشطين، معظمهم من نظام عفاش والموالين له، يقيمون في عواصم عدة، ويعيشون في بحبوحة ورغد عيش، من دون أي أعمال وظيفية تذكر لصالح اليمن واليمنيين.

ويضم "كشف الإعاشة" آلاف الأسماء من المنسوبين إلى السلطة الشرعية، المقيمين خارج البلاد غير العاملين في السلك الدبلوماسي، تُصرف لهم مبالغ شهرية بالدولار الامريكي والريال السعودي، تحت بند "إعاشة"، تبلغ في حدها الادنى (2000 دولار) وتتجاوز (7500 دولار)، بجانب رواتب شهرية تصرف من البنك المركزي في عدن.

وفقا لوثائق مسربة من "كشف الاعاشة"، فإن ما يصرفه البنك المركزي في عدن من الايرادات العامة للدولة بالمناطق المحررة بعد مصارفتها الى الدولار والريال السعودي، يتجاوز مبلغ 40 مليون دولار شهريا، في وقت يعجز البنك عن صرف رواتب متأخرة لمنتسبي قوات الجيش والامن وموظفي الدولة، ومخصصات تشغيل قطاع الخدمات.

وجاء فتح ملف "كشف الاعاشة" بعدما وجه رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بصرف مخصصاته رغم توجيه رئيس مجلس الوزراء سالم بن بريك، بإيقاف صرفها ضمن الاصلاحات المالية والادارية التي شرع فيها لتثبيت استقرار سعر العملة المحلية وتأمين رواتب موظفي الدولة ونفقات تشغيل مؤسسات الدولة وقطاع الخدمات.

حسب دراسة بحثية، نشرت في وقت سابق، فإن ما عُرف إعلاميًا باسم "كشف الإعاشة"، لا ينحصر على مسؤولين وموظفين حكوميين حاليين وسابقين، بل يمتد إلى اعتماد مخصصات مالية شهرية ليمنيين مغتربين ومقيمين خارج اليمن، ليس لهم أي صفة، لا سابقا أو لاحقا، بالخدمة العامة في القطاع المدني أو القطاع العسكري للدولة.

وكشفت الدراسة البحثية الصادرة عن مركز المخا للدراسات، في (مايو 2024م)، أن "كشف الاعاشة يساهم في إطالة أمد الحرب، لكونه يؤمن امتيازات مالية بمبالغ خيالية ومن دون اي مقابل لآلاف منسوبين للشرعية، ويبطل اي حافز لعودة السلطة الشرعية إلى الداخل، ما يجعل "ملف الاعاشة" تهديدًا جوهريًا لشرعية الحكومة نفسها.

موضحة "فوارق ضخمة بين ما يحصل عليه المستفيدون من كشف الإعاشة المصنفين الى فئات، بحسب قربهم من صاحب القرار، مقارنة برواتب قيادات ومنتسبي قوات الجيش والامن المرابطين في الجبهات وموظفي الدولة المتواجدين في مؤسسات الدولة بالداخل، ما يعكس خللًا صارخًا في العدالة المالية، يهدد صمود الشرعية ويطيل امد الحرب.

ودعت الدراسة ضمن توصياتها، إلى "إدراج ملف "كشف الإعاشة" ضمن مصفوفة الإصلاحات الاقتصادية للحكومة، وخفض المبالغ الشهرية للمستفيدين بنسبة 50% في مايو، ثم 25% إضافية في سبتمبر، تمهيدًا لإنهاء العمل بالكشف مطلع العام القادم. وإلزام جميع المسؤولين والموظفين الحكوميين غير الدبلوماسيين بالعودة للدوام من داخل اليمن.

مؤكدة أن "معالجة هذا الملف بحزم لم يعد خيارًا، بل بات ضرورة ملحة لإنقاذ الشرعية من داخلها، وضمان عدالة مالية تعزز الصمود ولا تُطيل أمد الحرب". وتقلص الفجوة الحاصلة بين السلطة الشرعية وبين جموع المواطنين الذين يعيشون في ظروف صعبة وقاسية ويتجرعون معاناة انسانية على مختلف المستويات الاقتصادية والمعيشية والخدمية.

كما نشر الرئيس السابق للهيئة العامة لحماية البيئة باليمن‏‏‏‏‏، عبدالقادر الخراز، على حائطه بمنصة "فيس بوك" بعضا من اسماء ومخصصات "كشف الاعاشة"، وقال:"هذي المرتبات الدولارية  الاعاشة، في 2021 قمنا بجرد جزء منها وفق العدد والمناصب وتحديد حجمها في حينه وبجدول مفصل". منوها بأن "الاعاشة تصرف بجانب مخصصاتهم بالريال اليمني".

وأثار فتح ملف "كشف الاعاشة" موجة جدل واسعة بين اوساط السياسيين والاقتصاديين والاعلاميين والناشطين اليمنيين، على تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي، الذين اتفقوا في تأكيد انعدام اي مسوغ او مبرر لصرف هذه المخصصات المالية شهريا لآلاف الانتهازيين المقيمين خارج اليمن، على حساب حرمان ملايين المواطنين الجوعى بالداخل.

كما اتفقت ردود فعل اليمنيين من مختلف التيارات الفكرية والاطياف السياسية في "رفض جميع مبررات المدافعين عن كشف الاعاشة"، والمطالبة بـ "عودة جميع المستفيدين من هذه الاعاشة الدولارية إلى عدن والمحافظات المحررة كسائر المواطنين"، واعتبار "الغاء كشف الاعاشة معيارا عمليا لمدى جدية السلطة في مواجهة الفساد وإعادة ترتيب الأولويات".

وأكدت الناشطة السياسية والحقوقية اليمنية، الحائزة جائزة نوبل للسلام، توكل عبدالسلام كرمان، أن استحداث واستمرار "كشف الاعاشة" أحد اهم اسباب ضعف وفشل الشرعية ومظاهر فسادها، وقالت في تدوينة على حائطها بمنصة "فيس بوك" للتواصل الاجتماعي: إن "عيال كشف الإعاشة يخشون من استعادة الدولة وإسقاط الانقلاب أكثر من الحوثيين".

بدوره، أكد الصحفي الاقتصادي، وفيق صالح، أن مخصصات كشف الاعاشة سبب رئيس في انهيار قيمة العملة اليمنية، وقال في تدوينة: إن "التحويلات الكبيرة الى الخارج تمثل استنزافا للموارد النقدية للبلاد وتضعف من قيمة العملة المحلية". مشددا على أن الاصلاحات الحقيقية تبدأ بتنظيم عمليات تحويل العملة الصعبة من الداخل بمسمى الاعاشة". 

وابرزت الصحفية والناشطة الحقوقية، فاطمة الأغبري، جانبا من الاثار الكارثية لهذا الملف على حياة معظم اليمنيين، وقالت في تدوينة على حسابها على منصة إكس (توتير سابقا) للتدوين: إن "كل دولار يستلموه هو مغمس بالدم اليمني، هم فالحين فقط يظهروا لنا عبر المنصات ويعملوا أنفسهم وطنيين، وهم جالسين يتعاشوا على الوطن وأهله".

مضيفة: "المواطن في الداخل حالته حالة، وهم يتاجروا به ويستلموا مبالغ خيالية، لدرجة أن راتب الواحد فيهم ممكن يعالج مشكلة 100 أسرة تعاني من الفقر المدقع في الداخل، وكمان ممكن يساهم في علاج المرضى، مش لاقيين قيمة العلاج، ودفع رواتب الناس". وأردفت بحسرة تعبر عن ملايين المواطنين، قائلة: ""صحيح الذي اختشوا ماتوا".

من جانبه، قال رئيس تحرير صحيفة "عدن الغد" الاعلامي فتحي بن لزرق، في تدوينة لى حسابه بمنصة إكس: "إن يوم أمس الأول (الاحد 24 اغسطس) تم صرف مبلغ وقدره 11 مليون دولار، وتم تحويله بنكيًا إلى حسابات المسؤولين الحكوميين المقيمين في الخارج تحت بند الإعاشة الشهرية للمؤلفة قلوبهم (دفعة أولى)" حسب قوله.

مضيفا: "من المعيب أن يتم تحويل كل هذه الأموال إلى الخارج، في حين أضغط أنا وغيري منذ أسابيع على معلم لا حول له ولا قوة، راتبه 60 ألف ريال لم يُصرف منذ ثلاثة أشهر، نطالبه بسرعة "العودة" إلى قاعات التدريس، ومثلهم الآلاف من جنود الجيش والأمن الذين ينتظرون منذ أشهر مرتبهم اليتيم الذي لم يصل حتى اليوم".

وتابع قائلا: إن منتسبي قوات الامن والجيش والموظفين بقطاعات الخدمة المدنية "يسمعون بانخفاض الأسعار ولا يستطيعون شراء شيء". مختتما تدوينته المثيرة لجدل واسع: "وصمة عار ما يحدث، بل أنه الخزي والعار ذاته، ما يحدث من تصرف بمال الشعب للقابعين في الخارج فعل لم يعد مقبولًا، ولا مقبولًا استمراره، كفى عبثاً".

من جهته، كشف ناصر الشريف، عن احد نماذج "الاعاشة" واستمرارها رغم اغترابه في أمريكا، وقال في تدوينة: "أحد وكلاء الوزارات اشتغل مع جماعة الحوثي بصنعاء حتى العام 2018. استغنى الحوثيون عن خدماته، فأقالوه من منصبه فغادر مباشرة إلى عدن ومن عدن الى الرياض، حيث تم اعتماد 5000$ (دولار) له في كشف الإعاشة".

ودعا سليم خالد، اليمنيين الى كف المناكفات وتبادل الاتهامات والتركيز على مطلب وحيد، وقال: "المطلب إسقاط الكشف ووقف هذه الممارسة التي تشرعن الفساد باسم الحفاظ على بناء الدولة ونصرة الجمهورية". وأردف: ""نشر الكشوفات وتصنيف الأسماء لا يعني شيئاً إذا لم تتوقف مهزلة الإعاشة والنضال بالواي فاي".

مضيفا في مخاطبة جميع اليمنيين بلا استثناء، عبر تدوينة على حائطه بمنصة "فيس بوك" للتواصل الاجتماعي، أيدت مطالبات التوقف عن عدم دعم النهب المنظم للمال العام وتعويم الفساد الماثل بمناكفات هوية الفاعل، بقوله: "لا تضيعوا المطلب بالمناكفة وتبادل الاتهامات، وكالعادة تصنعون ضجيجاً وتتركون الطحين".

وتسببت مصارفة مخصصات "الاعاشة" في انهيار قيمة الريال اليمني امام العملات الاجنبية في عدن والمحافظات المحررة لتتجاوز 2900 ريالا للدولار و750 ريالا مقابل الريال السعودي، ما تسبب بارتفاع اسعار السلع والخدمات الى حد بات راتب الموظف أو المعلم او الجندي بالكاد يوازي ثمن كيس قمح واسطوانة غاز.

يشار إلى عشرات الملايين من اليمنيين في المناطق المحررة يعانون من تردي وانقطاع خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والتعليم والصحة، وأن "80 % من سكان اليمن باتوا في دائرة الفقر المدقع ويواجهون المجاعة ويعتمدون على مساعدات الاغاثية للبقاء احياء". حسب تأكيد تقارير منظمات الامم المتحدة.