العربي نيوز:
بدأت المملكة العربية السعودية، رسميا، دعم ما وصفه مراقبون "إحداث تغيير جذري في اليمن"، بما يضمن مصالح المملكة في اليمن وتحت لافتة تنفيذ مخرجات "مؤتمر الحوار الوطني الشامل في اليمن" الذي رعته المملكة ومولت انعقاده في العاصمة صنعاء خلال العام (2013-2014م)، وفي مقدمها "انشاء يمن اتحادي من ستة اقاليم فيدرالية ذات سيادة".
جاء هذا بإعلان "حلف قبائل حضرموت" المدعوم من السعودية برئاسة الشيخ عمرو بن حبريش، رسما عمَّا سماه "وثيقة المبادئ السياسية للحكم الذاتي في حضرموت"، ودعوته قوى ومكونات حضرموت إلى "الإصطفاف خلف الوثيقة لتحقيق مطالب الشراكة الندية في السلطة والثروة" بدءا من حضرموت الغنية بالنفط.
واعتبر حلف قبائل حضرموت أن الوثيقة "مشروع جامع لتطلعات أبناء حضرموت، وقاعدة تأسيسية لمستقبل حضرموت السياسي والاقتصادي والتنموي". موجها دعوة عامة الى "كافة الحضارم بمختلف توجهاتهم الفكرية والسياسة إلى المشاركة في تطويرها وتشكيل اصطفاف وطني حضرمي واسع خلفها".
بدوره، قال "فريق إعداد وثائق الحكم الذاتي لحضرموت" الذي شكله رئيس "حلف قبائل حضرموت" الشيخ حبريش في مايو 2025م: إنه بهذه الوثيقة "أطلق "المسار السياسي السلمي لتمكين حضرموت من إدارة شؤونها بإرادة أبنائها، واستعادة قرارها الوطني بعيدا عن موروثات التبعية والإقصاء والتهميش".
مضيفا في التقديم للوثيقة: إن "الحكم الذاتي صيغة راشدة لتمكين أبناء حضرموت من تقرير مصيرهم التنموي والإداري وبناء نموذج عادل يحترم كرامة الإنسان ويصون خصوصية الأرض والهوية". وأردف قائلا: إن "إعلان الوثيقة يعد الخطوة الأولى نحو عقد اجتماعي حضرمي جديد يعيد القرار لأهله".
نصت الوثيقة على أن "الرؤية: نظام حكم ذاتي حضرمي مستقل له إرادة حرة، وسيادة، يمتلك صلاحيات كاملة للحكم والإدارة، عبر تبني نظام الهياكل المتوازنة، للمعادلة بين المسؤولية والمساءلة وإنشاء مؤسسات التشريع، والقضاء، والرقابة، والمساءلة، وإنفاذ القانون، وتحقيق الشفافية، ومنع الفساد".
مضيفة: إن "الهدف الوصول لمجتمع تسوده العدالة، والتنمية، والكفاءة، وحكم القانون". واعلنت ثلاثة مبادئ للحكم الذاتي الحضرمي، أولها يمنح حضرموت "السيادة الكاملة على ارضها وثرواتها ومواطنيها"، ويقر أن "يكون لحضرموت دستورها وعلمها ونشيدها وبرلمانها وقوانينها وجميع سلطتها الحكومية".
وينص المبدأ الثاني على أن "تنازل حضرموت للدولة عن اي من صلاحياتها السيادية كصك العملة والتمثيل الخارجي وقوات الدفاع، هو بغرض إدارة المصالح المشتركة مع المشاركة الفعالة، والندية، في المؤسسات التي تنشئها الدولة وفق معايير المساحة، والسكان، ونسبة المساهمة في الموازنات العامة".
لكنه في الوقت نفسه يشترط لهذا التنازل ان "تكون هذه المعايير هي المعتمدة في جميع مؤسسات الدولة التشريعية والقضائية والتنفيذية، والمؤسسات الدفاعية والأمنية، والتمثيل الدبلوماسي في الخارج، وتبقى كل هذه المؤسسات تحت المساءلة عبر الوسائل المشروعة في حالة مخالفة هذه المعايير، أو الإخلال بها".
وينص المبدأ الثالث على أن "حقوق الإنسان بما في ذلك حقوق المرأة والطفل، وحرمة الأسرة، والحرية، والمساواة، والعدالة، والنزاهة، ورضا الشعب، وحماية البيئة – من المبادئ الأساسية الحافظة للسلام، والاستقرار، والمؤسسة للتنمية المستدامة، والتي سيتضمن دستور حضرموت وقوانينها بيانها وحدودها".
كما تضمنت الوثيقة 11 بندا تحت عنوان "مفاهيم وقيم الحكم الذاتي"، أولها: أن "حضرموت هي وطن الحضارم من هم على أرضها، أو في المهاجر، وهي الهوية الأصيلة، والتاريخ الممتد، والثقافة الفريدة". وثانيها "تتمسك حضرموت بقيم العروبة، والإسلام، والعدالة، والمساواة، والحرية والديمقراطية، والحداثة".
وشدد ثالث مفاهيم وقيم اعلان الحكم الذاتي الحضرمي، على أن "حضرموت الموحدة، والمستقلة بإرادتها الحرة، لأبنائها كامل السيادة على أرضهم، وثرواتهم وقرارهم السياسي، وحقهم في تقرير مصيرهم، وصياغة مستقبلهم، وتنظيم حياتهم، ويعبر شعب حضرموت عن إرادته بالوسائل الديمقراطية النزيهة".
رابعا: "تنشئ حضرموت مؤسسات الحكم من سلطات تشريعية وقضائية وتنفيذية، وأمنية وسلطات إنفاذ القانون وقوات الدفاع، في ظل دستورها المعبر عن سيادة شعب حضرموت على أرضه". خامسا: "تحكم حضرموت بأحكام وقيم ومبادئ الشريعة الإسلامية، وبالوسائل الديمقراطية الحديثة، وبقواعد الحكم الرشيد".
ونص المفهوم السادس على أن "تلتزم سلطات الحكم في حضرموت بالتنمية البشرية، والحفاظ على البيئة، والدفاع عن حقوق الإنسان كأولوية". بينما نص المفهوم السابع على أن "حضرموت منفتحة على الشراكة الندية والعادلة، والدخول في اتفاقيات لمصلحة شعبها مع كل جوارها مع الاحتفاظ بسيادتها الكاملة.
مقررا في المفهوم الثامن أن "حضرموت تؤمن بالسلام، والتنمية، والتعاون مع الجميع، وترفض كل أشكال الإرهاب والتطرف، واستخدام القوة في فرض أي نظام سياسي". والتاسع أن "تلتزم حضرموت بالحفاظ على الحدود المشتركة مع جيرانها، وتنسق معهم ضمن إستراتيجية أمنية شاملة بما يخدم الجميع".
وأكد المفهوم العاشر أن "أبناء حضرموت في المهاجر هم امتدادا لها، ومصدر قوة أساسي، يساهم في نهضتها ورفعتها، وبذلك يؤمن الحضارم بأن حضرموت أمة عالمية". والحادي عشر أن "تتبنى حضرموت اقتصادا وطنيا حرا مستداما ومتوازنا، يحقق العدالة الاجتماعية، والرفاه الاجتماعي لكافة المواطنين".
مفصلا ملامح وواجبات اقتصاد حضرموت بأنه أيضا "يصون حقوق الأفراد والمجتمع، يضمن فرص متساوية للجميع، ويشجع الاستثمار، والإبداع، والابتكار، وريادة الأعمال، ويؤمن حماية الملكية الخاصة، والقيم الاجتماعية التي تكفل حقوق جميع فئات الشعب، وتوفر بيئة عادلة تضمن حياة كريمة للجميع".
شاهد .. اعلان وثيقة مبادئ حكم حضرموت الذاتي
ويأتي اعلان مبادئ الحكم الذاتي لحضرموت، بعدما اعلن رئيس "حلف قبائل حضرموت" و"مؤتمر حضرموت الجامع" الشيخ عمرو بن حبريش، رفضه اعلان عضو المجلس الرئاسي فرج البحسني انشاء صندوق لتنمية حضرموت، ثم اعلانه عن "تدشين أعمال فريق إعداد الوثائق الأساسية لبناء الحكم الذاتي في حضرموت".
شاهد .. حبريش يدشن اجراءات الحكم الذاتي لحضرموت
جاء هذا بعد ايام على إعلان "حلف قبائل حضرموت" تمكنه من اسقاط ما سماه "مشروع المجلس الانتقالي الجنوبي"، وتأكيده "نهاية الانتقالي الجنوبي" بختام "اللقاء العام لقبائل حضرموت"، المنعقد السبت (12 ابريل)، بمشاركة حاشدة لمشايخ حضرموت، واصدر اعلانا من 10 بنود اولها "تطبيق الحكم الذاتي لحضرموت بدعم سعودي".
تفاصيل: حلف حضرموت يعلن نهاية "الانتقالي"
سبق هذا، تسديد السعودية، رسميا، نهاية مارس، طعنة عسكرية قاتلة لـ "الانتقالي الجنوبي" ورئيسه عيدروس الزبيدي ومليشياته الممولة من الامارات، عبر اعلان التزامها رسميا بتعزيز "قوات حماية حضرموت"، من اطماع الامارات عبر "المجلس الانتقالي الجنوبي" ومليشياته في السيطرة على محافظة حضرموت وثرواتها.
تفاصيل: السعودية تسدد طعنة قاتلة لـ "الانتقالي" !
وعزز هذا كسر السعودية، رسميا "الانتقالي الجنوبي" الجمعة (21 مارس) باستقبال وزير الدفاع السعودي ومسؤول ملف اليمن خالد بن سلمان لرئيس "حلف قبائل حضرموت"، ردا على تهديدات الزُبيدي خلال زياراته للمحافظات الجنوبية، في تطور اعتبره مراقبون "صفعة قوية تعيد تحجيم الزُبيدي ومجلسه بعد تجاوزه حده".
تفاصيل: السعودية تكسر "الانتقالي" بهذا الاجراء !
جاءت الزيارة عقب اطلاق رئيس "المجلس الانتقالي الجنوبي" عيدروس الزُبيدي لدى زيارته المكلا، منتصف مارس الفائت، تهديدا مباشرا إلى "حلف قبائل حضرموت" و"مؤتمر حضرموت الجامع" بـ "التصدي الحازم لهم واستخدام القوة لحماية حضرموت، بوصفها عماد الدولة الجنوبية الفيدرالية" حسب تعبيره.
شاهد .. الزُبيدي يتعهد بفصل جنوب اليمن
قوبلت زيارة الزُبيدي الى حاضرة حضرموت الساحل، مدينة المكلا، والخاضعة لسيطرة مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي المسماة "النخبة الحضرمية"، باحتجاجات المواطنين وهتافات اطلقوها لدى عبور موكب الزُبيدي رددت "برع يا سرق"، وعبرت عن رفض استقبال الزُبيدي ومليشياته بحضرموت.
شاهد .. استقبال مُهين للزبيدي في المكلا (فيديو)
ونفذ عيدروس الزُبيدي، منذ بداية شهر رمضان (مارس الفائت) زيارات إلى المحافظات الجنوبية، وسط احتجاجات شعبية على زيارته، والقى في كل محافظة خطابا، تعمد في جميعها تسويق نفسه رئيسا لما يسميه "دولة الجنوب" وتقديم وعود بالخدمات وانهاء انتهاكات مليشياته بزعم "بسط الامن والاستقرار".
تفاصيل: اهانات شعبية تطارد الزُبيدي (فيديوهات)
بدورها، وجهت السعودية، الاثنين (17 مارس) تحذيرا جديدا اعتبره مراقبون "تحذيرا أخيرا" إلى رئيس "المجلس الانتقالي الجنوبي" عيدروس الزُبيدي، عقب خطابه التحريضي لمليشياته الممولة من الامارات، بالبدء في اسقاط محافظة حضرموت بزعم "حمايتها من قوى الارهاب والحفاظ على ثرواتها".
تفاصيل: تحذير سعودي اخير لـ "الزُبيدي" (وثيقة)
جاء التحذير السعودي، بعدما أعلن زعيم مليشيا "الانتقالي الجنوبي" الانقلابية والمتمردة على الشرعية اليمنية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة المعترف بها دوليا، عيدروس الزُبيدي أن "حضرموت عمود الدولة الجنوبية القادمة، ولن نفرط بها وسندافع عنها" أمرا مليشياته باستكمال السيطرة على كامل حضرموت.
تفاصيل: صدور امر اسقاط هذه المحافظة !
وتتابع هذه التطورات المتسارعة مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية في مدينة المكلا، على تردي الاوضاع العامة وتدهور الخدمات والظروف المعيشية واستمرار انهيار الريال، ومطالبات الموالين لحلف قبائل حضرموت" بتنفيذ مطالب الحلف التي أقرها مجلس القيادة الرئاسي في يناير الفائت، أو "مباشرة السيطرة على حضرموت".
تفاصيل: الرئاسي يحسم مصير حضرموت (قرار)
لكن حضرموت تشهد بجانب تدهور الخدمات وغلاء المعيشة جراء انهيار قيمة الريال؛ توترا متصاعدا، جراء اصرار "الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات على ضم المحافظة لسيطرته ومليشياته، ومواجهته رفضا شعبيا عبر التظاهرات وكذا المواجهات، واخرها تصدي قبيلة النموري لمحاولة الانتقالي انشاء معسكر جديد لمليشياته في الديس الشرقية.
تفاصيل: نمور حضرموت يتصدون لمليشيا "الانتقالي" (فيديو)
وعمَّدت الامارات إلى تمويل انشاء وتجنيد تشكيلات عسكرية في جنوب اليمن من ذوي الانتماء السلفي تمثلت في "الوية العمالقة الجنوبية" و"كتائب أبي العباس" في تعز، والوية مليشيات "الانتقالي الجنوبي"، ودفعت باتجاه سيطرتها على شبوة وحضرموت والمهرة، ما اعتبرته السعودية "تهديدا يمس امنها القومي".
بدورها، سعت السعودية، في مقابل تحركات الامارات ومليشياتها في اليمن، الى اتباع النهج الاماراتي نفسه، وعمدت مع بداية العام 2022 الى تمويل إنشاء ما بات يعرف باسم "قوات درع الوطن"، من سلفيي الجنوب لتكون قوات موازية لمليشيات الامارات السلفية باختلاف مسمياتها وتشكيلاتها المتعددة في جنوب اليمن.
وظلت السعودية تجاهر بمساعيها، منذ ما قبل بدء الحرب وتدخلها العسكري في اليمن بعمليات "عاصفة الحزم"، إلى مد انبوب إلى البحر العربي لتصدير النفط من منطقة خرخير الحدودية مع اليمن في الربع الخالي. وقد تصدت قبائل المهرة لعمليات مد الانبوب في نوفمبر 2018م وقابلتها القوات السعودية بإطلاق الرصاص الحي موقعة قتلى وجرحى.
شاهد .. تفاصيل اطلاق النار على المواطنين بالمهرة
بقيت محافظات حضرموت والمهرة وسقطرى بعيدات عن الانقلاب الحوثي العفاشي. لكن قوات التحالف السعودية الاماراتية سارعت للانتشار في المحافظات الثلاث، وانشاء قواعد عسكرية تضم قوات امريكية وبريطانية، على نحو دعا سياسيين بارزين في الشرعية اليمنية، الى الاعلان عن "اطماع التحالف في اليمن، موقعا وثروات".
يشار إلى أن "المجلس الانتقالي" ومن ورائه الامارات، يسعى للسيطرة على ثروات المحافظات الشرقية النفطية والغازية، لإدراكه أن "الدولة الجنوبية" التي يسعى الى فرضها بالقوة لا يمكن ان تقوم لها قائمة دون محافظات شبوة وحضرموت والمهرة، بما تشكله من مساحة وثروات، مستغلا محدودية سكانها، ومستهينا بمقاومتها المسلحة لتوجهاته الرامية لاخضاعها بالقوة.