العربي نيوز:
أصدرت الولايات المتحدة الامريكية، قرارا جديدا بشأن اليمن، مفاجئا وصادما، يستهدف هذه المرة، الشرعية اليمنية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، ومساعيها الحثيثة للحصول على أكبر دعم اميركي اضافي لمواجهة التحديات الراهنة والازمة الاقتصادية والمالية الحادة التي تمر بها.
جاء هذا في توجيهات جديدة أصدرها وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، إلى جميع المناصب الدبلوماسية والقنصلية الاميركية، قضت بإيقاف الإنفاق على معظم منح المساعدات الخارجية الاميريكية الحالية لمدة 90 يومًا. بما فيها المساعدة العسكرية لأوكرانيا، والمساعدات لليمن وجميع الدول باستثناء دولتين.
وذكرت صحيفة "بوليتيكو". إن توجيهات وزير الخارجية الاميركي روبيو تضمنت امرا بأن "يسري التنفيذ على الفور"، من جميع المناصب الدبلوماسية والقنصلية الامريكية، وإصدار "أوامر وقف العمل" على جميع "منح المساعدات الخارجية الحالية تقريبًا". وتوقعت تجاوز ذلك الامر التنفيذي للرئيس ترامب بهذا الشأن.
موضحة أنه "يبدو أن الأمر يتجاوز الأمر التنفيذي الأخير الذي أصدره الرئيس دونالد ترامب، للوزارة بإيقاف منح المساعدات الخارجية مؤقتًا لمدة 90 يومًا في انتظار مراجعتها من قبل الوزير". وأردفت: "لم يكن من الواضح من أمر الرئيس ما إذا كان ذلك سيؤثر على الأموال المخصصة بالفعل أو المساعدات لأوكرانيا".
وقالت الصحيفة في تقرير لها: إن "الامر صدم مسؤولي الوزارة بسبب تفويضه الشامل"، ونقلت عن ثلاثة مسؤولين حاليين واثنين من المسؤولين السابقين المطلعين، تأكيدهم: أن "التوجيهات الجديدة تعني أنه لن يتم اتخاذ أي إجراءات أخرى لتوزيع تمويل المساعدات على البرامج التي وافقت عليها الحكومة الأميركية بالفعل".
مضيفة: "وتنص التوجيهات على أن ‘القرارات المتعلقة بمواصلة البرامج أو تعديلها أو إنهائها سيتم اتخاذها بعد المراجعة‘ من قبل وزير الخارجية. ولم يرد متحدث باسم وزارة الخارجية على الفور على طلبات التعليق". وأشارت إلى ان وثيقة التوجيهات تستثني من ايقاف المساعدات الامريكية دولتين فقط على مستوى العالم.
وتابعت: "تنص التوجيهات على أن التمويل العسكري الأجنبي لمصر وإسرائيل سيستمر ويسمح بالمساعدات الغذائية الطارئة و‘النفقات المشروعة المتكبدة قبل تاريخ هذا‘ التوجيه ‘بموجب الجوائز الحالية‘". وأردفت الصحيفة: "في بعض النقاط، تقول أيضًا إن القرارات يجب أن تكون ‘متوافقة مع شروط الجائزة ذات الصلة‘".
وفقا للصحيفة الاميركية (بوليتيكو)، فإن "إغفال أوكرانيا أمر مثير للقلق بشكل خاص للمسؤولين الأميركيين الذين يريدون مساعدتها في الحرب". مضيفة نقلا عن مسؤول اخر في وزارة الخارجية الاميركية: "لقد أصبحت الدولة نووية تمامًا في ما يتعلق بالمساعدات الأجنبية". ولفتت إلى أن "الوثيقة توفر بعض الاستثناءات".
واختتمت بقولها: "المسؤولون الحاليون والسابقون قالوا إن التوجيهات يمكن أن تعرض الحكومة الأميركية للمسؤولية المدنية حيث يمكن رفع دعاوى قضائية بشأن العقود غير المنجزة إذا اعتبرت الشروط قد تم انتهاكها، على الرغم من أنها تقول في بعض الأحيان إن القرارات يجب أن تكون ‘متوافقة مع شروط الجائزة ذات الصلة‘".
شاهد .. قرار امريكي مفاجئ وصادم للكثيرين
يأتي القرار الامريكي، في وقت تعول الحكومة اليمنية المعترف بها امالا كبيرة على الدعم الاقليمي والدولي وبخاصة الولايات المتحدة الامريكية في مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، حسب بيان مؤتمر المانحين لليمن المختتم اعماله الاسبوع الفائت في مدينة نيويورك، دون اعلان تعهدات مالية محددة لليمن.
شاهد.. اختتام مؤتمر مانحين لليمن بلا تعهدات
وبدأت بالتوازي، الاثنين (20 يناير)، اجتماعات دولية يشارك فيها صندوق النقد الدولي، لحسم مصير دعم الريال اليمني وسعر صرفه امام العملات الاجنية بمناطق سلطات الشرعية اليمنية بعد تدهور مفاجئ وكبير لقيمة الريال، رغم مواظبة البنك المركزي في عدن على بيع عشرات الملايين من الدولارات لتثبيت سعر الصرف.
تفاصيل : اجتماع دولي يحسم مصير الريال اليمني
تزامن الاجتماع مع تأكيد عدد من كبرى شركات الصرافة وتحويل الاموال، بالعاصمة المؤقتة عدن، أن سعر صرف الريال اليمني واصل التراجع امام العملات الاجنبية، ليصل مساء الاحد (19 يناير)، الى "2189 ريالا مقابل بيع الدولار الامريكي، و2178 سعر الشراء، و 572 ريالا مقابل بيع الريال السعودي، و 571 ريالا سعر الشراء".
وأعلن البنك المركزي اليمني في عدن، الاربعاء (15 يناير) "فتح مزاد لبيع مبلغ خمسين مليون دولار أمريكي (50,000,000 USD)، يوم الإثنين (20 يناير 2025م)، عبر منصة Refinitiv الإلكترونية"، وهو أول مزاد لسنة 2025م، عقب اخر مزادات 2024م رقم (13) والذي اقر سعر الصرف "2007 ريالا مقابل الدولار".
شاهد .. مركزي عدن يقر بيع 50 مليون دولار
يُعد مزاد البنك المركزي اليمني لبيع العملة الاجنبية (الدولار) شهريا، أبرز "اجراءات عاجلة" اقرها، اجتماع طارئ لرئيس مجلس الوزراء احمد بن مبارك مع وزير المالية ومحافظ البنك المركزي، مساء الثلاثاء (15 اكتوبر)، بهدف "إعادة التوازن لسعر صرف العملة الوطنية وتحسين قيمتها".
تفاصيل: قرارات اجتماع طارئ لانقاذ الريال
وباع البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، منذ العام 2022م، وفق اقتصاديين "قرابة ملياري دولار امريكي"، حتى نهاية العام 2023م. إلا أن مزادات بيع العملة التي يوصي بها البنك الدولي، لم تنجح في كبح انهيار قيمة الريال اليمني. ما أكد الحاجة للبحث عن آليات اخرى للحفاظ على استقرار صرف الريال.
وفقا لخبراء اقتصاديين، بينهم الباحث الاقتصادي وفيق صالح، فإن هناك "عوامل أخرى ماتزال تؤثر بسوق الصرف، منها أن كثير من الطلب على العملة الصعبة بالسوق المحلية، ليس طلبا حقيقيا بغرض الاستيراد، وإنما هناك هامش كبير للتلاعب بغرض المضاربة وتحقيق الأرباح، وتحقيق أهداف وأجندات سياسية".
شاهد .. اقتصاديون يؤكدون انعدام جدوى مزادات العملة
وحذر اقتصاديون من أن "استمرار انخفاض قيمة الريال يدفع نحو مزيد من الانهيار الاقتصادي". مطالبين الحكومة بـ "خفض النفقات والتوقف عن صرف رواتب كبار موظفي الحكومة بالدولار والبالغة 110 ملايين دولار شهريا، وتوحيد السياسة المالية للبنك المركزي في عدن وصنعاء، والاتفاق بشأن تصدير النفط والغاز وايراداته والرواتب".
في السياق، عقدت قيادة البنك المركزي اليمني في عدن، الثلاثاء (15 اكتوبر)، لقاء مع سفراء الدول الأوروبية، برئاسة نائب محافظ البنك، محمد عمر باناجه، كُرس لمناقشة مستوى تنفيذ اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي، وبحث التراجع الحاد لقيمة العملة الوطنية. واعتبرت تراجع سعر الريال "نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد".
شاهد .. البنك المركزي يلتقي لسفراء الدول الاوروبية
ونص اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي المبرم بين الشرعية وجماعة الحوثي في يوليو 2024م برعاية المبعوث الاممي الى اليمن، على الغاء قرارات البنك المركزي في عدن بشأن نقل البنوك من صنعاء الى عدن، وفرض نظام الحوالات الموحد، وأن يعقد الجانبان جولة مفاوضات بشأن توحيد السياسة المالية والنقدية بين صنعاء وعدن.
تفاصيل: بشرى سارة بشأن الرواتب والعملة والبنوك
من جانبها، كانت جماعة الحوثي، ابلغت مدير مكتب المبعوث الاممي وكبير مستشاريه الاقتصاديين، الاحد (13 اكتوبر)، "إن أية خطوات لإنجاح عملية التسوية السياسية السلمية والوصول لسلام دائم ومستدام تبدأ أولاً بمعالجة الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعاني منها اليمنيون جراء استخدام الاقتصاد كأداة من أدوات الضغط السياسي على صنعاء".
مضيفة: "إن المعالجات الجادة للوضع الاقتصادي تبدأ أولاً من تمكين الشعب اليمني من ثرواته النفطية والاتفاق على آلية لتصدير الغاز والمشتقات النفطية كمرحلة أولى وإيداعها في حساب خاص لصرف المرتبات تحت إشراف أممي، و"يتم إيداع بقية الأوعية الإيرادية للحساب ذاته". رافضة ربط الملف الاقتصادي والسلام بوقف اسناد غزة ولبنان.
شاهد .. رد الحوثيين بشأن الملف الاقتصادي
جاء اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي، عقب استجابة مجلس القيادة الرئاسي، الجمعة (12 يوليو) لطلب المبعوث الاممي تأجيل قرارات البنك المركزي وعقد حوار عاجل بشأن الملف الاقتصادي (تصدير النفط والبنوك والعملة والرواتب) مع جماعة الحوثي، منعا لما سماه "مغامرات كارثية"، فوتها على الجماعة بعد ساعات على حشدها "التفويض الشعبي" لقصف السعودية.
تفاصيل:"الرئاسي" يعلن تأجيل قرار البنوك بشرط (وثيقة)
برر المبعوث الاممي طلبه، بقوله: “إنني أقدر ما تحملته الحكومة من مظالم اقتصادية، أكثرها ظهوراً وقف صادرات النفط الخام، لكن هذه القرارات الصادرة مؤخراً بشأن البنوك سوف توقع الضرر بالاقتصاد اليمني وستفسد على اليمنيين البسطاء معائشهم في كل أنحاد البلاد، وقد تؤدي إلى خطر التصعيد الذي قد يتسع مداه إلى المجال العسكري”.
تفاصيل: غروندبيرغ يكشف كواليس الغاء قرارات البنك (اعلان)
وأصدر البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، سلسلة قرارات ونفذ حزمة اجراءات في اطار خطة تدعمها الولايات المتحدة الامريكية لإحكام الحصار على جماعة الحوثي الانقلابية، ماليا واقتصاديا، واجبارها على ايقاف هجماتها البحرية والانصياع للسلام بموجب المرجعيات الثلاث، للشرعية في اليمن.
تفاصيل: كماشة اميركية تطبق على الحوثيين
تحظى قرارات البنك المركزي اليمني بدعم امريكي عبرت عنه واشنطن الاثنين (15 يوليو)، بإعلان موقفها من قرارات البنك بشأن نقل البنوك الى عدن والاصلاحات المالية والاقتصادية والرقابة على تحويلات الاموال من وإلى اليمن، ضمن التعاون مع البرنامج الامريكي لمكافحة الارهاب وتمويله وغسيل الاموال.
تفاصيل: اعلان امريكي حاسم بشأن البنك المركزي (وثيقة)
لكن قرارات واجراءات البنك المركزي في عدن، بشأن فرض نظام شبكة موحدة للحوالات ونقل البنوك من صنعاء الى عدن ومزادات بيع عشرات الملايين من الدولارات اسبوعيا، لم تكبح الانهيار المتسارع لقيمة الريال اليمني، ليتجاوز سعر صرفه الـ 2000 ريالا مقابل الدولار الامريكي والـ 500 ريالا مقابل الريال السعودي.
وتسبب استمرار تدهور قيمة الريال اليمني امام العملات الاجنبية، في ارتفاع فاحش لأسعار السلع الغذائية والمواد التموينية والمشتقات النفطية والخدمات العامة، قدرته تقارير البنك الدولي بنسبة 300%. ما جعل نحو 50% من سكان مناطق سيطرة الحكومة اليمنية عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الغذائية الاساسية".
تتصاعد، بالتوازي، تحذيرات الامم المتحدة وبعثات منظماتها العاملة في اليمن من "تداعيات كارثية لاتساع الانقسام المالي والمصرفي وخسارة الريال 38% من قيمته وانعكاساتها على الامن الغذائي لعشرات الملايين من اليمنيين باتوا تحت خط الفقر ويعتمدون المساعدات الاغاثية للبقاء احياء، وباتوا مهددين بالمجاعة".
تفاصيل: إعلان لمجلس الامن بشأن عملة اليمن
جاء هذا التحذير، امتدادا لتحذير اطلقته الامم المتحدة في وقت سابق، مما سمته “عواقب كارثية محتملة” في اليمن "بسبب وجود سلطتين نقديتين متنافستين في اصدار توجيهات متنعنة" و"تهديد الحكومة بقطع وصول البنوك في مناطق سيطرة جماعة الحوثي لشبكة سويفت لنظام التراسل المالي الدولي".مطالبة بـ "وقف التصعيد المصرفي والمالي فورا".
شاهد .. مجلس الامن يطلع على عواقب حرب العملة
تتجاوز تداعيات انهيار قيمة الريال اليمني وتأخر صرف رواتب الموظفين، ارتفاع اسعار السلع والمشتقات النفطية، إلى تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية وانقطاع الكهرباء في ظل الصيف اللاهب والشتاء القارس، وتتصاعد مظاهر حالة من الفوضى في عدن بعد انتشار كبير للمخدرات والنازحين الأفارقة.
ويرى مراقبون للشأن اليمني، أن تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية "سابق لتوقف تصدير النفط جراء استهداف الحوثيين موانئ التصدير"، مرجعين التدهور إلى "الفساد وحماية شركاء السلطة للمفسدين". متهمين التحالف ومجلس القيادة الرئاسي والحكومة والمجلس الانتقالي بأنهم "شركاء في تدهور الاوضاع الاقتصادية والخدمية".
من جانبهم، يُرجع سياسيون واقتصاديون تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في عدن والمحافظات الجنوبية الى "اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة بجانب تبادل اتهامات الفساد بين شركاء الحكومة".
ويتهم "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي، الحكومة التي يستحوذ نصف مقاعدها بـ "صفقات فساد تتجاوز عدم ايداع ايرادات الدولة في البنك المركزي اليمني إلى نهب المساعدات والمنح المالية وانشاء شركات استثمارية خاصة خارج البلاد، بجانب المضاربة على العملة".
في المقابل، تتهم الحكومة "الانتقالي" بأنه "يعيق عمل الحكومة بإصراره على استمرار انتشار ونفوذ فصائل مليشياته المتعددة" منذ انقلابه المسلح على الشرعية اليمنية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الامارات ومشاركة طيرانها الحربي ضد الجيش الوطني.
مؤكدة أن "استمرار تمرد ‘الانتقالي الجنوبي‘ على الشرعية واستحواذه على قدر كبير من ايرادات الدولة، في عدن وعدد من مدن جنوبي البلاد، فاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار قيمة العملة المحلية وارتفاع اسعار السلع والخدمات العامة والمشتقات النفطية".
وتبنت الامارات في 2017م إنشاء "المجلس الانتقالي" ورئيسه عيدروس الزُبيدي، وتمويل تجنيد وتسليح ما يقارب 50 لواء من المليشيات المسلحة، ليغدو الذراع السياسي والعسكري لها في جنوب البلاد، وأداة فرض انفصال جنوب اليمن، بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن.
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.