العربي نيوز - عدن:
اصدر "المجلس الانتقالي" التابع للامارات، اعلانا انقلابيا جديدا على الشرعية اليمنية، ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية المعترف بها، استدعى تدخلا سعوديا مباشر، لكبح جماح تطرف "الانتقالي" ومليشياته، حسب ما كشفه دبلوماسيون وأكده سياسيون يمنيون.
وحاول "المجلس الانتقالي" ركوب موجة سخط الشارع في عدن والمحافظات الجنوبية على تدهور الاوضاع وتردي الخدمات العامة وفي مقدمها الكهرباء والمياه والصرف الصحي وغلاء المعيشة بفعل استمرار تدهور قيمة العملة، وأعلن اسقاط الحكومة بمنع عودتها إلى عدن.
جاء هذا في اجتماع عقدته الامانة العامة لهيئة رئاسة "المجلس الانتقالي" الاربعاء في عدن، برئاسة عضو هيئة رئاسة المجلس والأمين العام لأمانته العامة، فضل الجعدي، أعلنت فيه حسب ما نقل الموقع الالكتروني لـ "الانتقالي" إنها "ترفض عودة الحكومة الى عدن".
وعزت امانة "الانتقالي" هذا القرار، إلى ما سمته "الجرائم التي ترتكبها الحكومة بحق شعب الجنوب من خلال الحرب الاقتصادية، والخدماتية التي تشنها على المواطنين"، مستبعدا ضلوع وزراء "الانتقالي" في تفاقم الاوضاع العامة المعيشية والخدمية والاقتصادية في جنوب البلاد.
في المقابل، دعت امانة "المجلس الانتقالي" إلى “سرعة العمل على تشكيل حكومة كفاءات أخرى من المحافظات المحررة” تعمل وفق قولها على “تحسين الوضع الاقتصادي، وتحقيق الاستقرار المالي، والنقدي، بمايضمن تحقيق الاستقرار من مستوى أسعار السلع الغذائية والخدمات”.
وكشف دبلوماسيون وسياسيون يمنيون عن تدخل مباشر وسريع من جانب التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، لإلزام "المجلس الانتقالي" بالتراجع فورا عن اعلانه اسقاط الحكومة، وحذف الخبر من موقعه الالكتروني الرسمي ووسائل اعلامه، وهو ما كان عقب اقل من ساعة.
وفقا للمصادر الدبلوماسية والسياسية، فقد تواصل سفير المملكة لدى اليمن محمد آل جابر مع رئيس "الانتقالي" عيدروس الزُبيدي وأبلغه "أن المرحلة لا تحتمل اي تصعيد من اي نوع وعلى اي مستوى"، مبديا "استعداد المملكة لدعم برنامج اقتصادي اسعافي او قرار الرئاسي بتعديل حكومي".
واستبق اعلان "المجلس الانتقالي" صدور قرار جمهوري مرتقب لمجلس القيادة الرئاسي بإقالة حكومة معين عبدالملك وتشكيل حكومة جديدة، برئاسة أحد ثلاثة مرشحين يجري حاليا التداول بشأنهم بين اعضاء مجلس القيادة تمهيدا للتصويت على واحد منهم، حسب تسريبات دبلوماسي يمني.
تفاصيل: قرار جمهوري بإقالة حكومة معين
كما يستبق اعلان "المجلس الانتقالي" انفجارا وشيك لغضب شعبي عارم، شبهه مراقبون بـ الانفجار الكبير لبركان عدن الخامل"، جراء انقطاع التيار الكهرباء والمياه العمومية وطفح مياه الصرف الصحي وتردي الخدمات العامة عموما، والانفلات الامني، وتدهور قيمة العملة وارتفاع اسعار السلع الغذائية والمشتقات النفطية.
تفاصيل: رصد مؤشرات انفجار وشيك لبركان عدن (وثيقة)
ودعا ما يسمى "الإتحاد العام لنقابات عمال الجنوب" إلى التصعيد العمالي والشعبي الواسع احتجاجا ورفضا لتدهور الأوضاع المعيشية للموظفين والعمال، والاوضاع الخدمية والاقتصادية والامنية في العاصمة المؤقتة عدن ومدن المحافظات الجنوبية، عموما.
جاء هذا في بيان صادر عن الاتحاد، دعا فيه العمال والموظفين إلى "التصعيد ورفع الشارات الحمراء ابتداءً من اليوم ٣٠ يناير ٢٠٢٤، بهدف تسليط الضوء على المعاناة وإظهار حجم الأزمة التي يواجهها العمال والموظفين في الجنوب بفعل التدهور الاقتصادي".
موضحا أن "هذه الحملة ستتخذ شكلًا تدريجيًا من خلال التصعيد، حيث سيتم تنفيذ إضرابات جزئية تؤثر على القطاعات الحيوية". داعيا الحكومة إلى "أخذ الدعوة إلى التصعيد على محمل الجد واتخاذ خطوات فعالة لتحسين الأوضاع المعيشية للعمال والموظفين".
وقال: "يأمل الاتحاد العام أن تولي الحكومة إهتمامًا بالمشكلة ويعملوا على تحسين ظروف العمال، إن الدعوة إلى التصعيد تأتي نتيجة لسوء الظروف المعيشية للموظفين والعمال في الجنوب، وهو ما دفع إتحاد العام لنقابات عمال الجنوب للخروج بمناشدة قوية وحازمة".
معبرا عن أنه "يأمل من خلالها الاتحاد العام أن تكون هذه الخطوة بداية لتحقيق التغيير الإيجابي وتحسين الأوضاع المعيشية للعمال والموظفين". ومؤكدا "إن تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير حياة كريمة للعمال يعود بالنهاية إلى استقرار وازدهار المجتمع بأكمله".
ويشكو المواطنون في عدن من أزمة انقطاع الكهرباء والمياه العمومية في معظم المديريات، بسبب ازدياد عدد ساعات انقطاع الكهرباء وتوقف مضخات المياه الى المنازل، بجانب انعدام الغاز المنزلي، وطفح مياه الصرف الصحي (المجارير)، وغلاء المعيشة.
من جانبها، ناشدت الموسسة العامة للكهرباء في عدن الحكومة والسلطة المحلية لعدن، سرعة التدخل للحيلولة دون خروج كامل منظومة توليد الكهرباء عن الخدمة، بفعل نفاذ الوقود المخصص لمحطات التوليد، رغم تسهيلات المنحة النفطية السعودية للمحطات.
وفي وقت سابق ناشدت المؤسسة قيادة محافظة أبين بـ "ضرورة التدخل للإفراج عن ناقلات وقود النفط الخام القادمة من محافظة شبوة، والمخصصة لتزويد محطة بترومسيلة بالوقود ، وذلك عقب قطع الطريق من مسلحين مجهولين في منطقة خبر المراقشة".
بالتوازي، تتصاعد مظاهر حالة من الفوضى في عدن بعد انتشار كبير للحبوب المخدرة والحشيش، وانتشار النازحين الأفارقة في عدة أماكن في عدن أغلبهم من فئة الشباب، وعودة بيع السلاح في مديرية الشيخ عثمان بعد أن تم منعها خلال الفترة الماضية.
كما يعاني المواطنون في عدن ومدن الجنوب عموما، من غلاء فاحش للمعيشة، بعد ارتفاع اسعار السلع الغذائية ومواد التموين بنسبة تتجاوز 300% جراء استمرار انهيار قيمة الريال وتجاوزه 1635 ريالا للدولار الامريكي الواحد، و460 ريالا للريال السعودي.
ويترافق هذا التدهور المتصاعد للأوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية مع بوادر أزمة عجز الحكومة عن دفع رواتب موظفي الدولة، بعد تأخر صرف رواتب المعلمين والعسكريين لشهر ديسمبر الماضي، في ظل نُذر امتداد الازمة لرواتب الاشهر المقبلة.
تفاصيل: اعلان رئاسي بشأن صرف الرواتب (بيان)
من جانبهم، يرجع سياسيون واقتصاديون تفاقم التدهور العام للاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في عدن والمحافظات الجنوبية الى "اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة بجانب تبادل اتهامات الفساد".
ويتهم "المجلس الانتقالي" الحكومة وبصورة خاصة رئيسها معين عبدالملك بـ "صفقات فساد تتجاوز عدم ايداع ايرادات الدولة في البنك المركزي اليمني إلى نهب المساعدات والمنح المالية وانشاء شركات استثمارية خاصة خارج البلاد، بجانب المضاربة على العملة".
من جانبها، تتهم الحكومة "الانتقالي" بأنه "يعيق عمل الحكومة بإصراره على استمرار انتشار ونفوذ فصائل مليشياته المتعددة" والممولة من الامارات منذ انقلابه على الشرعية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الامارات وطيرانها الحربي.
مؤكدة أن "استمرار تمرد "الانتقالي" على الشرعية واستحواذه على قدر كبير من ايرادات الدولة، في عدن وعدد من مدن جنوبي البلاد، فاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار العملة وارتفاع اسعار السلع الغذائية والخدمات والمشتقات النفطية".
وتبنت الامارات في 2017م إنشاء "المجلس الانتقالي" ورئيسه عيدروس الزُبيدي، وتمويل تجنيد وتسليح ما يقارب 50 لواء من المليشيات المسلحة، ليغدو الذراع السياسي والعسكري لها في جنوب البلاد، وأداة فرض انفصال جنوب اليمن، بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن.
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.