العربي نيوز - مارب:
تواجه محافظة مارب، خطرا داهما، يهدد بكارثة انسانية تتجاوز سكانها إلى ملايين اليمنيين خارج المحافظة، جراء انتشار مواد خطيرة، مجهولة الأصل والمصدر والآثار على البيئة والصحة، وازدهار استخدامها بين اوساط المزارعين سعيا وراء كمية انتاج اكبر للمحاصيل.
أكد هذا، تحقيق استقصائي حديث، أظهر أن "مزراعي البطاطس (البطاط) في مارب، وخلال ثلاثة أشهر من بداية زرع المحصول حتى الحصاد، يرشون اشجارها بالمبيدات أكثر من عشرين مرة، حيث تكلف كل رشه أكثر من مليون ريال يمني، بحسب المزارع محمد الورد".
وذكر التحقيق أن "ثمانين لترا من الماء وعلبتين من المبيد الحشري الخاص بأمراض العسال، الذي يصيب شجرة البطاطس، تستخدم في خليط يُرش بطرق بدائية في أوقات غير مناسبة على أشجار البطاطس، التي شارفت على الحصاد لينتظر شهرا آخر حتى يجني الثمرة".
وفقا للمزارع محمد الورد بمزرعته شرقي مارب، فإنه "يرش المبيد الحشري للقضاء على العسال، لو تُرك دون مبيد سيسيطر عليه العسال، وسيكون الإنتاج بكميات قليلة"، بينما هو يبحث عن أكبر كمية من البطاطس، خلال الموسم، و"بذلك يزيد كمية المبيد؛ ليزيد كمية الانتاج".
ويشير التحقيق الذي نشرته قناة "بلقيس"، إلى أن الورد كباقي مزارعي مارب "رغم إصابته بالتحسس في يديه وإحدى عينيه، لتخليه عن أدوات الوقاية، فإنه يرش المبيدات وهو يتناول سيجارته، فيما اخرين يتناولون الأكل او القات اثناء الرش ما يعرضهم لابتلاع رذاذ المبيد".
التحقيق الذي نفذته قناة "بلقيس" ينقل عن مدير الإرشاد الزراعي والبحوث في مكتب الزراعة بمأرب، أحمد العزعزي، تأكيده أن "المبيدات الزراعية متنوعة؛ وأخطرها على الإنسان والأرض المبيدات الفسفورية، التي تحمل مواد مسرطنة". وأنها منتشرة رغم منع بيعها او استيرادها.
وقال: "بفعل الحرب وهشاشة الرقابة على الاستيراد والبيع، وكذا بفعل الانقسام الحاصل في البلد، كل ذلك أدى إلى استمرار تهريبها وبيعها في الأسواق، واستخدامها بشكل يومي في الأرض اليمنية"، وأردف مؤكدا: إنها "موجودة بالفعل في الأسواق المحلية بشكل كبير"، حد تعبيره.
وتابع: إن "سبب وجود الآفات القاتلة هو استخدام المبيدات بشكل عشوائي وبكميات كبيرة؛ بحيث يعتقد المزارع أن الكميات الكبيرة تزيد كميات الإنتاج، بينما العكس هو الصحيح، ولذلك نتائج سلبية أخرى على الأرض؛ حيث تقتل أحياء أرضية لها دور في قتل الآفات الداخلة بالتربة".
موضحا أن هذا "خلل بيئي". ومحذرا في الوقت نفسه من إن "المبيدات مواد كميائية مسرطنة وتحمل مخاطر كبيرة على المزارعين وعلى الأرض؛ وقد تتسبب بالسرطان للإنسان؛ إذا استخدمت بطرق غير صحيحة أو عشوائية". ونوه بأن أول المتضررين هم المزارعين انفسهم.
وأضاف في حديثه للقناة: "يجب اختيار الوقت المناسب لرش المبيدات؛ بحيث تكون في ساعات الصباح الأولى أو أوقات متأخرة من النهار، عندما تكون الرياح ساكنة، أو أن يرش عكس هبوب الرياح، حتى لا تعكس الرياح رذاذ المبيد على جسد المزارع". حسب تنبيهه.
مشددا على "ضرورة أدوات الوقاية أثناء رش المبيدات؛ من حيث استخدام الكمامات وكفوف اليدين وملابس وقائية تمنع ملامسة المبيدات جسد الإنسان مباشرة، وضرورة امتناع المزارع اثناء الرش عن تناول الطعام أو الدخان أو القات". لضمان عدم ابتلاعهم رذاذ المبيد.
لكن العزعزي اكد أنه "لا توجد جهة رسمية تقوم بمهمة توعية المزارعين بأهمية استخدام أدوات الوقاية أثناء رش المبيدات، وتوعيتهم بالطرق السليمة لاستخدام الكميات والأنواع المناسبة من المبيدات، عدا ما يتلقاه المزارعون من تعليمات نادرة من قِبل تجار المبيدات، وهذا أمر نادر".