العربي نيوز – عدن:
كشف اقتصاديون ومراقبون عن تطورات مثيرة بشأن الإيرادات العامة وأزمة رواتب موظفي الدولة، التي تسببت في تعثر جهود تجديد الهدنة المعلنة من الأمم المتحدة للمرة الرابعة منذ الإعلان عن سريانها مطلع أبريل الماضي.
وتحدث الاقتصاديون عن احصاءات صادمة للإيرادات العامة المتحصلة في محافظات سيطرة سلطة جماعة الحوثي ومناطق مجلس القيادة الرئاسي، منذ نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن.
وأوضحوا أن "عدد موظفي مختلف قطاعات الدولة، في عموم الجمهورية اليمنية، حسب كشوفات العام 2014م، يبلغ 1.5 مليون موظف وموظفة، ويُعيلون وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، نحو 15 مليون يمني ويمنية على الأقل".
مضيفين أن "بند الأجور يُعد أكبر بنود الموازنات العامة للدولة منذ ما قبل اندلاع الحرب، وكان يغطى حتى العام 2014 من عائدات النفط والغاز"، مؤكدين أن "إنقطاع رواتب الموظفين منذ نقل البنك المركزي إلى عدن في سبتمبر 2016، أحد أبرز أسباب حدوث الأزمة الإنسانية في اليمن، التي تصفها تقارير الأمم المتحدة بأنها الأسوأ على مستوى العالم".
الاقتصاديون اعتبروا أن "لا مبرر لأزمة دفع رواتب الموظفين ولا أن تكون نقطة الخلافات الأبرز التي أفشلت مفاوضات تجديد الهدنة وفق الإحاطة الأخيرة للمبعوث الاممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن الدولي".
وذكروا أن "نقطة الخلاف بشأن رواتب الموظفين تتركز في بند تغطيتها، حيث يصر مجلس القيادة الرئاسي على أن تدفع جماعة الحوثي رواتب الموظفين في مناطقها من رسوم دخول سفن المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، وهو ما ترفضه المليشيا مشترطة دفع الرواتب من عائدات النفط والغاز".
مشيرين إلى "أن جماعة الحوثي تبرر رفضها بأن العائدات الجمركية والضريبية لميناء الحديدة لا تغطي ما نسبته 10% من الرواتب، كون رسوم الجمارك والضرائب رمزية لتوفير المشتقات بسعر التكلفة".
منوهين بأن "ذلك سبب انخفاض أسعار الوقود في محافظات سيطرة الحوثيين بنسبة 45% عن مناطق سلطة مجلس القيادة، حيث تبيع شركة النفط في عدن الـ20 لترا من البنزين بمبلغ 19,500 ريال، والديزل بـ22,000 ريال، بينما تبيع شركة النفط في صنعاء الـ20 لترا من البنزين بمبلغ 10,500 ريال، والديزل بـ12,500 ريال".
ولفتوا إلى "أن الحكومة في المقابل رفعت مطلع العام سعر الدولار الجمركي 100%، وهو ما قفز بالايرادات الجمركية لموانئ ومطارات ومنافذ مناطق سلطة مجلس القيادة إلى 611 مليار ريال سنويا، حسب مصلحة الجمارك في عدن".
وأشار خبراء الاقتصاد إلى "التقرير السنوي الصادر عن وزارة النفط للعام 2021م، بتجاوز عائدات بيع النفط والغاز في المناطق المحررة، 11 مليون دولار شهريا، أي 1.4 مليار دولار سنويا لا تورد إلى البنك المركزي في عدن".
وأرجعوا "أسباب شكوى الموظفين في المناطق المحررة، من تأخر صرف رواتب الموظفين وخاصة الجيش الوطني وعدم انتظامها. وتردي الخدمات الأساسية وفي الصدارة الكهرباء والمياه، وتراجع أداء الصحة، إلى اختلال المالية العامة والعشوائية".
واتفق الاقتصاديون مع ما جاء في تقارير دولية أن "رواتب الموظفين جرى اتخاذها سلاح حرب منذ نقل البنك المركزي اليمني إلى عدن"، محذرين من "أن استمرار اختلال المالية العامة للحكومة المعترف بها قد يفضي إلى انهيار كلي للاقتصاد الوطني وانتشار المجاعة".
مؤكدين أن "عدم توريد عائدات النفط والغاز إلى البنك المركزي اليمني في عدن، وطبع ترليونات من العملة المحلية دون غطاء اغرق السوق وشجع المضاربة بها على الدولار، وأدى إلى انهيار العملة".
مشيرين إلى "أن الريال في المحافظات المحررة يراوح عند حاجز 1100 مقابل الدولار الامريكي الواحد بعدما تدهور إلى 1500 ريال، فيما استقر سعر الصرف في صنعاء ومناطق سيطرة جماعة الحوثي بين 550 و560 ريالا".
ووفق الاقتصاديين، "فإن التدهور المتواصل لقيمة الريال اليمني أدى إلى ارتفاع اسعار السلع الغذائية والمواد التموينية والمشتقات النفطية واسعار خدمات الكهرباء والمياه والمواصلات، في عدن ومناطق سلطة مجلس القيادة بنسبة تجاوزت 200%".
خبراء الاقتصاد توقعوا أن تشهد الأوضاع الاقتصادية والمعيشية تحسناً حال تقديم المملكة العربية السعودية الدعم المعلن منها عقب تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في السابع من ابريل الماضي، بمبلغ ثلاثة مليارات دولار أمريكي منها مليارا دولار مناصفة بين السعودية والامارات، دعماً للبنك المركزي اليمني، ومليار دولار من السعودية خصصت 600 مليون دولار منها لصندوق دعم شراء المشتقات النفطية، و400 مليون دولار لمشاريع ومبادرات تنموية.
معتبرين أن عدم وصول الدعم السعودي والاماراتي رغم مرور نحو 7 أشهر منذ الإعلان عنه، تسبب في تفاقم تدهور قيمة العملة اليمنية، وارتفاع اسعار السلع الغذائية والمواد التموينية والمشتقات النفطية، وانقطاع خدمات الكهرباء والمياه، وتصاعد الاحتجاجات الشعبية.