العربي نيوز - عواصم :
كشفت وثائق رسمية عن الدعم السياسي والمالي الذي قدمته المملكة العربية السعودية لتصعيد الرئيس الأسبق علي صالح عفاش إلى الرئاسة بعد أقل من شهر على مقتل الرئيس أحمد الغشمي أواخر يونيو العام 1978.
من بين تلك الوثائق، تقرير استخباراتي امريكي بشأن جريمة اغتيال الرئيس ابراهيم الحمدي سرد معلومات تفصيلية عن جريمة الاغتيال وظروف ومكان تنفيذها، واشارة إلى ضلوع السعودية في التخطيط لها وتمويلها، واسماء عدد من المشاركين اليمنيين في تنفيذها، بينهم قائد لواء تعز حينها، علي عبدالله صالح عفاش.
وتضمنت الوثيقة التي تداولها بنسختها العربية، سياسيون ونشطاء على منصات التواصل الاجتماعي بمناسبة الذكرى الـ 45 لجريمة اغتيال الحمدي، اقتراح الملحق العسكري بسفارة الرياض في صنعاء صالح الهديان اختيار علي صالح عفاش رئيساً يخلف الحمدي، بوصفه "رجلنا هو علي عبدالله صالح المشترك في القتل".
وبين التقرير الذي أفرجت عنه الولايات المتحدة بعد 40 عاماً من وقوع الجريمة، أن المخابرات الأمريكية التقطت برقيات سعودية مشفرة وأعادت إرسالها إلى وزارة الخارجية الأمريكية، تكشف أن علي صالح عفاش من تولى تنفيذ جريمة إغتيال الرئيس ابراهيم الحمدي في 11 أكتوبر 1977.
وتضمنت إحدى البرقيات التي رصدتها السفارة الأمريكية في جدة يوم مقتل الرئيس أحمد الغشمي بانفجار حقيبة مفخخة، مرسلة من صالح الهديان إلى قيادة الاستخبارات السعودية ممثلة بالقيادي علي مسلم، جاء في نصها: "برقية رقم (901) في 24 /6/1978م صنعاء: تم بتوجيهاتي ما يلي: مجلس رئاسة. العرشي رئيسا . الشيبة قائدا عاما وعضوا. علي عبدالله صالح. عضوا ونائبا للقائد العام ورئيسا للأركان. عبدالعزيز عضوا. الأحوال هادئة وكذلك في عدن الشعور العام هادئ بعد مقتل الغشمي، توجيهاتكم".
وتضمنت البرقية الثانية توجيهات القيادة السعودية عبر القيادي في الاستخبارات السعودية علي مسلم إلى الملحق العسكري للمملكة في صنعاء: "جدة رقم 8792 في 24 /6/78م. اجعلوا من مقتل الغشمي قميص عثمان وابحثوا عن بديل لا نحمل كما حملنا السابق الذي قتل قبل ان يتم دوره. وراقبوا العرشي وزودونا بمعلومات اكثر عنه وعن الوضع كيف حدث ما حدث دون تنبيه مخابراتنا ومخابرات صنعاء".
وشكا الملحق العسكري الهديان في البرقية رقم (918) والموجهة إلى قيادة الاستخبارات السعودية في 29 يونيو 1978، بقوله: "وصول الشيخ عبدالله الأحمر والمشايخ بجموع كبيرة ازعجنا واربكنا. آل الغشمي يخشون من وضع يحاسبهم على قتل الحمدي والآخرين أنا معهم. أرى ان رجلنا هو علي عبدالله صالح المشترك في القتل. الشعور اليمني ملتهب الموقف خطير. توجيهاتكم".
وحملت البرقية رقم (8799) في 29 يونيو 1978 توجيهات من الاستخبارات السعودية الى صالح الهديان، بدعم علي صالح عفاش، بالأموال، بقوله: "أدفعوا الى رجلنا أي مبلغ مما ارسلناه الى الغشمي أخيرا لاستخدامه في عدن. وارهبوا عبدالله الأحمر والمشايخ حتى يخرجوا من صنعاء. لا تقفوا فقد أضعفهم المخطط وسلمهم القدرة على التأثير".
وأبلغ القيادي في الاستخبارات السعودية علي مسلم، في برقية برقم (87815) في 2 يوليو 1978م الملحق الهديان، بقرب وصوله إلى صنعاء بمعية دعم مالي سخي لترتيب الوضع لتنصيب علي صالح رئيساً، كاشفاً عن حرص المملكة على اضعاف شطري اليمن شمالا وجنوباً.
وقال: "سأصل الى صنعاء على متن طائرة خاصة بمال يكفي لحسم الموقف .. يتم تفاهمكم مع قادة الوحدات والضباط فقط ، وتقديم المساعدة اللازمة لهم وكذلك مع أعضاء مجلس الشعب.. استخدموا لغة الإرهاب وخاصة مع المشائخ، فلم يبق لديكم من يستطيع المقاومة، وكلهم بحاجة الى المال وسوف اتصرف عند وصولي، تقرير المندوب الامريكي لا قيمة له لأن هدفنا هو اضعاف الجنوب والشمال وليس اشعال حرب حقيقية، وحادث الغشمي يخدم المخطط برغم انه من ترتيبنا .. ".
وعقب وصول القيادي الاستخبارات السعودية مسلم إلى صنعاء، بعث برقية برقم (87858) في 3 يوليو 1978 إلى مسؤول اللجنة الخاصة السعودية حينها الأمير سلطان بن عبدالعزيز، قال فيها: "لم نكتف بسكوت المشائخ امرناهم باعلان تأييدهم لرجلنا عبدالله الاحمر واخرين واخرين معه كانوا ضيوفي على الغداء وقلت لهم بحزم ان علي عبدالله صالح رجل المملكة تدعمه بكل امكانياتها ولن تسمح لأحد بمعارضته.. سلطنا على العرشي من يرهبه، وسيتم اختيار رجلنا رئيسا وقائدا عاما يوم الثلاثاء القادم ، وكل شيء على ما يرام.. توجيهاتكم".
وتؤكد البرقيات السعودية التي التقطتها الأجهزة الاستخبارية الأمريكية، ونشرتها مواقع للحكومة الأمريكية، أن علي صالح عفاش رجل المملكة بدءاً من جريمة اغتيال الرئيس الحمدي وحتى تمكنت الرياض من تصعيده رئيساً وقائداً عاماً في 17 يوليو 1978.
وسبق أن كشف الخبير العسكري الأردني، اللواء فايز الدويري، تفاصيل ومعلومات وصفها بالخاصة، عن تورط علي عفاش في جريمة اغتيال الرئيس ابراهيم الحمدي وشقيقه، في وليمة الغداء التي وصفها بأنها "كانت شراكا منصوبا للحمدي". مشيرا إلى أن الجريمة وقعت وهو متواجد في صنعاء وأن علي عبدالله صالح عفاش كان من بين الحضور المدعوين للوليمة.
جاء ذلك في لقاء تلفزيوني مع اللواء فايز الدويري، قال فيه: خلال العام 1977م، اغتيل الرئيس إبراهيم الحمدي، وكنا نتواجد في اليمن، .. وتاريخيا، المعلومات التي كنت على علم بها، أنه لا يمكن أن يجتمع إبراهيم الحمدي وأخيه وزوج أخته في مكان واحد، وكان يعتمد أن يكونوا متفرقين خوفا من حدوث تصفية، ولكن تم دعوة الثلاثة وكل منهم لا يعلم أنه مدعو لنفس المأدبة".
منوها بأن المعلومات الخاصة التي حصل عليها، أن الحمدي لدى وصوله علم أن شقيقه وزوج شقيقته قد قُتلا، واصفا في الوقت ذاته الرواية الرسمية التي أُذيعت حينها بشأن مقتل الحمدي، بالـ"مسرحية سيئة الإخراج، بتصوير الحمدي وهو برفقة مضيفتي طيران فرنسيتين وبأوضاع مخلة بالآداب، حتى يلوثوا سمعة ذلك الإنسان النظيف (إبراهيم الحمدي)".
وتابع قائلا: "الأيام اللاحقة كشفت بأن عملية الاغتيال كانت نتيجة مؤامرة اشترك فيها الغشمي مع علي عبدالله صالح، وأشخاص آخرين استدرجوا الحمدي وقتلوه"، مضيفا:"علي عبدالله صالح كان متورطا في عملية اغتيال الحمدي، وأن المعلومات تثبت ذلك واستطعنا لاحقا التأكد بأنه كان متورطا، وأن صالح من قام بطعن الحمدي بالخنجر (الجنبية)، وأطلق عليه الرصاص".
معتبرا الجريمة "اغتيالا للمشروع الوطني اليمني وليس اغتيال لشخص الحمدي". وقال: إن اسقاطات اغتيال الحمدي على اليمن، تعادل اسقاطات (نكسة) عام 1967م على الدول العربية، باعتبار أن الحمدي كان يمثل مشروعا وطنيا، وكان يحاول أن يبني دولة، وبالتالي أصبح الحمدي هاجسا للدول المحيطة باليمن التي لا تطمح لليمن أن يتطور ويحصل على الاستقرار، فتم اغتيال الحمدي".
وأبكت جريمة اغتيال الرئيس ابراهيم محمد الحمدي وشقيقه عبدالله الحمدي في منزل نائبه احمد الغشمي بحي الصافية جنوبي العاصمة صنعاء، ملايين اليمنيين، بوصفها أبشع وأشنع جريمة مروعة عرفها اليمن حتى الآن وبالنظر لضحياها وطبيعة دوافعها واهدافها، واقترانها بوأد احلام اليمنيين في يمن ناهض ومستقل وحر من الوصاية الخارجية، التي اطبقت على البلاد عقب حرف مسار ثورة 26 سبتمبر 1962م.
أحب اليمنيون الشهيد الحمدي لبساطته وصدقه وتواضعه ونزاهته ومبادئه الرافضة بصرامة الفساد والارتزاق والعمالة والخيانة للوطن ووصاية الخارج وجدية توجهه لبناء اليمن الناهض الحر ودولته المدنية الحديثة، التي كان قد انجز من بناها الكثير خلال اقل من ثلاث سنوات، وتوقيت القتلة للجريمة قبيل يوم على مغادرة الحمدي صنعاء إلى عدن، لتوقيع اتفاقية اعادة توحيد شطري اليمن وذوبان الشطرين في كيان واحد.
تفاصيل اوفى عن الجريمة .. اتبع الرابط:
جريمة بشعة بصافية صنعاء تبكي اليمنيين (صور)
يشار إلى أن منفذي الجريمة، حرصوا على اغتيال الرئيس ابراهيم الحمدي ماديا (جسديا) ومعنويا ايضا، عبر نقل جثمانه وشقيقه إلى شقة، تم تجهيزها سلفا بجثتي مضيفتي طيران فرنسيتان، وقناني خمور، لتصوير الامر انتحارا في نهاية حفل بغاء ماجن، لم يصدقه أحد من اليمنيين عن رئيس نزيه وقاضٍ سابق، بقدر ما تسببت في مشكلة مع فرنسا بشأن مطالبتها بتسليم قتلة الفتاتين الفرنسيتين وعدم اقتناعها برواية سلطات الانقلاب بصنعاء.
شاهد فيديو نادر لعفاش يبرر تواطؤه باغتيال الحمدي