العربي نيوز - خاص:
أشعلت تصريحات محافظ مارب، الشيخ اللواء سلطان علي العرادة، موجة انتقادات واسعة بين اوساط العسكريين والسياسيين والناشطين في صفوف الشرعية، بوصفها اتسمت بـ "شفافية مفرطة" إلى درجة ما اعتبروه "كشف اسرار عسكرية"، وبخاصة ما يتعلق بالوضع العسكري للجيش وخسائره.
وانتقد عسكريون وسياسيون وناشطون، على مواقع التواصل الاجتماعي، اعلان محافظ مارب عن احصائية بعدد شهداء وجرحى الجيش الوطني خلال المعركة المستمرة مع الحوثيين، ووصفه لمن ارتقوا من أبطال الجيش بأنهم "قتلى وليس شهداء"، وكذا حديثه عن "تفوق القدرات العسكرية للحوثيين".
معتبرين أن "الزيارة العاجلة من المتحدث الرسمي للتحالف العربي لدعم الشرعية العميد تركي المالكي لمدينة مارب والتقاطه الصور مع المحافظ العرادة في الضفة الاخرى من بحيرة سد مارب، رد من قيادة التحالف على التصريحات الانهزامية والاستسلامية غير الموفقة من المحافظ الشيخ سلطان العرادة".
وتحدث المحافظ العرادة، في مؤتمر صحافي عن حجم تضحيات الجيش الوطني في مواجهة الحوثيين قائلا: "حسب ما هو متوفر لدي فقد طاح من الجيش قرابة 17 إلى 18 ألف قتيل وما يربو على 40 ألفا إلى 50 الف ما بين جريح ومعاق". وأردف: هذا خلال عام فقط، منذ بداية 2020م وحتى الان".
تضمن حديث الشيخ سلطان العرادة، معلومات وُصفت بأنها "صادمة وخطيرة ومحبطة" عن حقيقة الوضع العسكري في مارب، الذي قال أنه "وضع صعب". على نحو أوحى بالهزيمة، وأكده ترحيبه بالمساعي الاممية والمبعوث مارتن غريفيث لإبرام "اتفاق مارب" على شاكلة اتفاق السويد بشأن الحديدة.
وقال محافظ مارب، في المؤتمر الصحفي، الاثنين: إن مارب تواجه حربا فرضتها عليها جماعة الحوثيين المسلحة التي تشن هجومًا شاملًا على المدينة، مركز المحافظة، من ثلاثة محاور، وتتصدى للهجوم بكل استبسال قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية والقبائل مسنودة بطيران التحالف السعودي.
مضيفا في حديثه لمراسلي وكالات الانباء والصحف العالمية في المؤتمر الذي نظمه عبر تقنية "الفيديو كونفرانس"، مركز صنعاء للدراسات: إن الحوثيين يسعون للسيطرة على المحافظة منذ 2015، لكنهم لن يستطيعوا الاستيلاء عليها بقوة السلاح" ما أعتبره مراقبون "تلميحا بإمكانية تسليم مارب باتفاق!".
وسرد معلومات وصفت بأنها تبرر اختراقات الحوثيين وتقدمهم، بقوله: "توقفت الحرب في عدد من جبهات القتال، في مناطق متعددة، في الساحل الغربي، في الضالع، في البيضاء، في بعض مناطق الجوف، في صعدة، في تعز، ما اثر علينا، وجعل الضغط كبيرا على محافظة مارب من كل الاتجاهات".
ذاكرا من بين هذه المبررات ايضا، لاختراقات الحوثيين، تراجع دعم التحالف، بقوله: "السعودية سحبت قواتها من مأرب، كما سحبت الإمارات منظومة الدفاع الجوية (الباتريوت)؛ ليستغل الحوثيون الوضع في قصف الجبهات بالصواريخ الباليستية والمدفعية". مؤكدا "انعدام تكافؤ القدرات في ميدان المعركة".
لكنه في الوقت نفسه، استدرك قائلا: إن "مقاتلات التحالف أحدثت فارقًا في المعارك، بعد أن أظهر الحوثيون تفوقًا من خلال الآليات الثقيلة والمدرعة. ولولا طيران التحالف لكان الأمر مختلفا”. في اشارة إلى رفض التحالف تسليح الجيش الوطني بالاسلحة المتوسطة والثقيلة، الموازية لما يملكه الحوثيون.
وفي سياق التبرير، نوه محافظ مارب الشيخ سلطان العرادة، بدوافع تصعيد الحوثيين هجماتهم بالصواريخ والطائرات المسيرة على القواعد العسكرية الجوية والمطارات السعودية، بقوله: إن جماعة الحوثي تسعى بقوة لوقف عمليات التحالف الجوية بأي طريقة، لتتمكن من إعادة ترتيب قواتها والهجوم من جديد".
متهما سفير إيران لدى الحوثيين في صنعاء، حسن إيرلو، بـ "المشاركة الفاعلة في الحرب كونه عسكري بارز" حسب قوله. لافتًا في تأكيد "تفوق المليشيا"، إلى أن "الحوثيين ليس لديهم الإمكانية في توظيف تقنيات الحرب في المعارك عبر إطلاق الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية، وهذا يتولاه خبراء ايرانيون".
وبدا أنه يتحدث عن "مأزق يمر به الجيش بمارب" في حديثه عن "مشاركة قبائل المحافظة والقبائل اليمنية التي اوت إلى مارب في المعارك". وقوله: "إلى الان وعدونا أن تأتي كتيبة أو كتيبتين من القوات المشتركة في الساحل الغربي وإن شاء الله تصل، وهناك تواصل بيننا وقيادتها". في اشارة إلى طارق عفاش.
كما تطرق محافظ مارب، ضمن سرده الصعوبات التي تواجه الجيش الوطني، إلى مشكلة المرتبات. وقال: "تصرف المرتبات ولكن بشكل متقطع حقيقة، تتأخر كثيرا على الجيش اشهر، وتأتي. وهذا يؤثر تأثيرا سلبيا على اداء الجيش". متحدثا دون جزم عن سؤال بشأن "صراعات سياسية وحزبية في صفوف الجيش".
وقال: "الحزبية وجدت في صنعاء قبل سيطرة الحوثي واوصلتنا إلى ما اوصلتنا اليه. وهي الان موجودة في العواصم خارج اليمن. يجري التنافس في الرياض، في القاهرة (مصر)، في ابو ظبي، في عمَّان، في تركيا وبعض العواصم الغربية". مردفا: لكنها داخل اليمن يجب أن لا تكون موجودة في هذه المرحلة الحرجة".
مضيفا في تأكيد ما يشاع عن انقسامات وأجنحة داخل صفوف الشرعية والجيش الوطني: "وفي اعتقادي أن أي مماحكات حزبية في هذه المرحلة لم تعد تمثل عقل انسان سليم ويجب أن يوجه إلى مصحة نفسية من كان يفكر بهذا التفكير أو بهذه المماحكات (الحزبية) في هذه المرحلة التي يعيشها الشعب اليمني".
كما رد محافظ مارب، بابتسامات على سؤال عن اتهامات الحوثيين بأن تنظيم القاعدة يشارك في القتال مع الجيش بمارب. قائلا: "هناك مشاركة للقبائل تشارك مع الجيش لحظة بلحظة وفق رؤية وتخطيط الجيش وقياداته للمعارك. أما تنظيم القاعدة فلا، وهذه من ادعاءات الحوثي لاستعطاف المجتمع المحلي والدولي".
وتحدث محافظ مأرب الشيخ سلطان العرادة عن حرج الوضع الإنساني والخدمي في مدينة مارب، وقال: إن "الحرب تسببت بنزوح أكثر من مليوني نازح يستقرون في مأرب، لتجد السلطات نفسها أمام تحديات صعبة، في تأمين هذا الكم البشري وتوفير خدمات المياه والكهرباء والتعليم والصحة فالمستفيات تستقبل المئات".
مجيبا على سؤال عن البديل للنازحين امام تقدم الحوثيين أو اشتداد المعارك والقصف، بقوله: "لا يسع النازحين وسكان مارب، إلا كما قيل العدو من امامكم والبحر من خلفكم، اين يذهبون. ليس لهم إلا البقاء في مارب، مع انني مطمئن عليهم أنه لن ينالهم سوء ولا مكروه". مضيفا: في حال سقطت مارب ستكون الهزيمة للانسانية".
وفي رده على دعم الحكومة، قال: إن "الحكومة حقيقة حكومة كفاءات ورئيسها معروف بكفاءته ونزاهته وحرصه على ايجاد عمل للوطن وعلى أن يتجاوز كل الاخفاقات التي سبقت ومعه نخبه من الوزراء نعلق عليهم امال كبيرة. لكن لا تزال هناك عراقيل امامهم كبيرة ومعوقات، ومن أهمها ايجاد الامن والاستقرار في عدن".
أما بشأن فرص السلام، ومساعي المبعوث الاممي في هذا الاتجاه. قال: المبعوث الاممي مارتن غريفيث زارنا إلى مارب ورأى بعينه، وارتبط بنا وكان يتصل بنا من وقت إلى اخر، ويتحدث عن مارب حديث جيد دائما بما لمسه من واقع في مارب، وهو في ذات الوقت حقيقة، لا المس منه إلا الوقوف إلى جانبنا ومراعاة ما تواجه المحافظة".
مضيفا بشأن ما يتردد عن التفاوض لتوقيع اتفاق بشأن مارب شبيه باتفاق السويد الخاص بالحديدة: "والله في اعتقادي ان الكل يبحث عن هذا. كل انسان يحرص على الانسانية، ويحرص على هذه الكتلة البشرية التي نزحت من مناطق سيطرة الحوثيين، على ايجاد سلام. فالسلام هو الامان وسلامة الدماء، وسلامة الاموال وسلامة المؤسسات".
وتابع المحافظ العرادة: "نحن ايضا نحرص كثيرا على السلام، والمبعوث الاممي يعمل جاهدا ويحب أن ينجح في هذا الاتجاه، ويتحدث معي بشكل مباشر بهذا الكلام، ويتحدث مع القيادة السياسية والحكومة اليمنية، والمعنيين بهذا الشأن في الحكومة اليمنية، لكن كلما ذهب إلى الطرف الثاني وجد مواعيد وتسويف وكذب وافتراء، وهذا الحاصل".
مؤكدا "الاستعداد لتقديم كل التنازلات ليس للحوثيين ولكن من اجل الشعب اليمني واليمن، وحكومة الشرعية دائما كل التنازلات على ظهرها، ولكن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة وصل لطريق مسدود مع جماعة الحوثي، الذين ينبغي سؤالهم ماذا سيقدمون من تنازلات لأجل السلام".
وتابع محافظ مارب الشيخ سلطان العرادة: “أعطوني طرفًا يؤمن بالسلام وأعدكم به”. ما اعتبره مراقبون رسالة طلب السلام من جماعة الحوثي، التي لا تنفك تردد دعواتها إلى وقف الحرب وحقن الدماء وتجنب الدمار وتشترط تقاسم ثروات مارب النفطية والغازية والكهربائية، ودفع رواتب الموظفين.
في هذا، قال العرادة: إن "إنتاج حقول صافر من الغاز المنزلي ما يزال مستمرًا كما هو منذ بداية الحرب". مضيفًا: “نوزع الغاز على كل محافظات البلاد بما فيها الخاضعة لسيطرة الحوثيين بنفس الكمية والسعر الرسمي، لكن الحوثيين يزيدون الأسعار وتوظيفها لما يسمونه المجهود الحربي”.
واختتم محافظ مارب حديثه بعرض رأيه ورؤيته لفرصة السلام المتاحة، قائلا: "لا أظن أن يتم سلام في اليمن مالم يحصل اجماع دولي، وكما حصل اجماع على اتخاذ القرارات الاممية بشأن اليمن، أن يحصل اجماع على تنفيذها دون هوادة. دون ذلك باعتقادي لن يتم سلام في اليمن أبدا".
https://www.youtube.com/watch?v=ey8Eicmxj8c