الجمعة 2025/10/24 الساعة 12:17 م

العربي نيوز:

اصطدمت قوات "درع الوطن" التي مولت إنشاءها وتسليحها المملكة العربية السعودية، مع قبائل واحدة من اهم المحافظات المحررة، على نحو ينذر باندلاع اشتباكات مسلحة بين الجانبين في اي لحظة، حسب تأكيد مصادر محلية متطابقة ومراقبين للشأن اليمني.

أكد هذا رئيس لجنة الإعتصام السلمي، المناهضة لتواجد قوات التحالف السعودي الاماراتي، في محافظة المهرة، الشيخ علي سالم الحريزي، في كلمة القاها خلال اجتماع استثنائي للجنة بمدينة الغيضة، حذر فيها من تواجد قوات "درع الوطن" المدعومة سعوديا، في المهرة.

وقال الشيخ علي الحريزي: إن "انتشار قوات ‘درع الوطن‘ في محافظة المهرة، غير مقبول إطلاقًا، وسيواجه مهما كانت التضحيات". نافيا ما يشاع ان منتسبيها ينتمون للمهرة، بقوله: "من يقول انها قوات مهرية غير صحيح، وهي لا تحمل حتى علم اليمن".

مضيفا: إن "هذه القوات تعد تابعة للجيش السعودي وفي القريب العاجل سترون علم السعودية وقادتها يُرفع في المطار (مطار الغيضة) اذا لم يتم مواجهتها". واعتبر أن انتشار قوات "درع الوطن" في الغيضة وعدد من مديريات محافظة المهرة "تصعيد خطير".

وتابع الشيخ الحريزي: إن "وجود الحجوريين أخطر لأنهم تكفيريين" في اشارة الى تعمد السعودية تجنيد منتسبي قوات "درع الوطن" من السلفيين في المحافظات الجنوبية المنتمين الى التيار السلفي للشيخ الحجوري، لتكون بموازاة مليشيات الامارات، جنوب اليمن.

رئيس لجنة الاعتصام الحريزي، أكد وجود مستجدات في المهرة، تستدعي نشاطًا ومواجهة. وقال: "نوجه رسالة لمن له شأن في هذه المحافظة بمن فيهم دول تحالف العدوان والأمريكان والبريطانيين، الذين يقفون خلف (درع الوطن) أن انتشار هذه القوات غير مقبول على الإطلاق".

مضيفا: إن السعودية استدعت قبل شهر بعض مدراء المديريات والمشايخ الى الرياض ووجهتهم بتسهيل انشار درع الوطن"، وأردف: "الشعب ابدى رفضه لاي تواجد اجنبي، ولا زلنا سلميين، لكن عندما يُفرض علينا سنواجه، وهذا مصير شعب وأمة ووطن ويجب أن نواجه".

شاهد .. الحريزي يلوح بمواجهة قوات "درع الوطن" (فيديو)

ورد رئيس لجنة الاعتصام في المهرة، الشيخ علي الحريزي، على اتهامات السعودية للمهرة ولجنة الاعتصام وله شخصيا بتسهيل التهريب. وقال: "أنا أتحدى من يقول أن علي سالم الحريزي قام مرة بأي عملية تهريب؛ وهذه الاتهامات نتيجة موقفنا من وجود القوات الأجنبية".

شاهد .. الحريزي يطالب بإثبات مزاعم التهريب (فيديو)

متحدثا عن "تدهور الخدمات العامة مثل الكهرباء والصحة والتربية والتعليم والطرقات مع دخول القوات السعودية إلى محافظة المهرة". وأضاف: "ومؤخرا توقفت الرواتب ايضا". مؤكدا أن التحالف يتبع سياسات استخدام الخدمات والرواتب لاخضاع المواطنين لاجندتها.

مضيفا: "لا زلنا سلميين، لكن عندما يُفرض علينا سنواجه، وهذا مصير شعب وأمة ووطن ويجب أن نواجه". وعلق على "استدعاء السعودية قبل شهر بعض مدراء المديريات والمشايخ الى الرياض ووجتهم بتسهيل انشار درع الوطن"، بقوله: "الشعب أبدى رفضه القاطع لأي تواجد أجنبي في اليمن".

يأتي هذا بعدما بدأت المملكة العربية السعودية، ضمن قيادتها التحالف العربي لدعم الشرعية، وتوجهاتها الجديدة، تمويل انشاء وتجنيد وتسليح قوات جديدة من عناصر تنتمي الى المحافظات الجنوبية والتيار السلفي، لتكون بموازاة مليشيا الامارات، في محافظة المهرة، امتدادا لسيناريو باقي المحافظات الجنوبية.

أكدت هذا مطلع العام الجاري (2025م) مصادر محلية متطابقة في محافظة المهرة، الواقعة على حدود اليمن مع سلطنة عُمان. أفادت بأن "بدء المملكة العربية السعودية ترتيبات متعددة لتدريب وإنشاء معسكرات من عناصر تابعة للتيار السلفي الديني المتشدد الذي ترعاه المملكة ويدين لها بالولاء".

شاهد .. لماذا تمول السعودية قوات في المهرة (فيديو)

موضحة أن "التيار السلفي المتواجد في محافظة المهرة مؤخرا، لم يكن موجودا قبل احداث دماج في صعدة عام 2013م، ونزحت مجاميع كبيرة للمحافظة من مركز دار الحديث بصعدة الذي أسسه الأب الروحي للحركة السلفية في اليمن مقبل هادي الوادعي، عقب عودته من السعودية".

ولفتت إلى أن "موجة نزوح السلفيين من صعدة الى المهرة قوبلت برفض مجتمعي عبرت عنه تظاهرات شعبية في 2017م منعت تأسيس مركز سلفي في مديرية حصوين، قبل ان تمكنهم السعودية من الانتشار بالمحافظة عقب وصول قواتها نهاية 2017م وتوفر لهم الدعم المالي والمساكن".

منوهة إلى أن "مشكلة تمكين السعودية للسلفيين طغت على السطح عقب اصدار عدد من مشايخهم أحكاما تكفيرية بحق شخصيات محلية، والترويج للسياسة السعودية، بما فيها نظرة الرياض للعدوان الاسرائيلي على غزة، قبل ان تتدخل الحكومة وتلزمهم بعدم التحريض الطائفي".

لكن احتجاجات اطراف محلية في المهرة تصاعدت مع بدء توجه السعودية لتشكيل قوات من العناصر السلفية في المحافظة، ستحمل اسم "قوات درع الوطن"، التي مولت السعودية انشاءها والحاقها برئيس مجلس القيادة الرئاسي، وتنتشر عدد من ألويتها في حضرموت، وشبوة وعدن.

ومع ان مسؤولين بالحكومة الشرعية ووزارة الدفاع رفضوا التعليق "لحساسية الموضوع"، إلا أن مصادر حكومية أكدت "وجود توجيهات رئاسية صدرت بتجنيد هذه القوات الجديدة في محافظة المهرة"، وأن "السعودية التي تملك سلطة كبيرة على مجلس القيادة الرئاسي تضغط لتشكيلها".

وسبق للإمارات عقب وصول قواتها الى المهرة، ثم السعودية، إنشاء معسكرات ونقاط أمنية في مختلف مديريات المحافظة، اثارت حفيظة السكان واحتجاجاتهم وتنفيذ اعتصامات مناهضة، ما اضطر السعودية لسحب قواتها تدريجيا من المواقع والنقاط والاحتفاظ بها في مطار الغيظة، الذي يضم قوات امريكية وبريطانية.

ووفقا لوسائل اعلام محلية في المهرة، فإن "قيادة القوات السعودية في مطار الغيظة تتولى التنسيق لتشكيل القوات الجديدة السلفية وانشاء معسكرات لها في المهرة". وتسوق قيادات سلفية لها بوصفها "مكسبا للمهرة" وبزعم أنها "قوة محلية من ابناء المحافظة المهريين سيتم تشكيلها لأول مرة".

في المقابل، تعالت الاصوات المعارضة لتشكيل هذه القوات السلفية في محافظة المهرة، معتبرة أنها "تفتح الباب لإثارة الطائفية والنزاع المذهبي باوساط المجتمع المهري غير الطائفي ولا المذهبي بطبيعته" بينما يرى المؤيدون أنها "تعيد امجاد جيش امارة المهرة قبل استقلال الجنوب 1967م".

وتصدر معارضة انشاء هذه القوات، وكيل محافظة المهرة لشؤون الشباب بدر كلشات، بوصفها "ستورط المهرة بتشكيلات عسكرية ومليشيا ذات طابع طائفي ومتشدد دينيا". بينما لم يصدر حتى الان بيان رسمي عن لجنة الاعتصام السلمي بالمهرة المناهضة لتواجد القوات السعودية والاماراتية.

لكن رئيس الدائرة الأمنية بلجنة اعتصام ابناء المهرة، مسلم رعفيت، أكد في مداخلة مع قناة "المهرية"، أن "لجنة الاعتصام ترفض بشكل قاطع عملية تجنيد السلفيين، وكل العمليات التي تتم خارج مؤسسات الدولة الرسمية" باعتبارها "تحقق مصالح أجنبية، وتقوض أمن المحافظة بنهجها المتطرف".

وتجسيدا لصراع بسط النفوذ المحتدم بين السعودية والامارات في اليمن، عمد الإعلام الاماراتي الى السعي لتأجيج الخلافات بين السعودية والاطراف المحلية في المهرة، زاعما تصدي حزب الاصلاح لتشكيل القوات السلفية في المهرة. في حين يؤيد الحزب السياسة السعودية في اليمن ويتقاطع مع السلفيين.

من جانبهم، ابرز مراقبون تداعيات خطيرة لانشاء السعودية هذه القوات من العناصر السلفية في محافظة المهرة، "تتجاوز المحافظة الى سلطنة عُمان الواقعة على الحدود معها". مشيرين إلى أن "وتصدير هذا التيار السلفي إلى حدود سلطنة عمان من شأنه أن يثير حساسية كبيرة لدى مسقط".

وعمَّدت الامارات إلى تمويل انشاء وتجنيد تشكيلات عسكرية في جنوب اليمن من ذوي الانتماء السلفي تمثلت في "الوية العمالقة الجنوبية" و"كتائب أبي العباس" في تعز، والوية مليشيات "الانتقالي الجنوبي"، ودفعت باتجاه سيطرتها على شبوة وحضرموت والمهرة، ما اعتبرته السعودية "تهديدا يمس امنها القومي".

بدورها، سعت السعودية، في مقابل تحركات الامارات ومليشياتها في اليمن، الى اتباع النهج الاماراتي نفسه، وعمدت مع بداية العام 2022 الى تمويل إنشاء ما بات يعرف باسم "قوات درع الوطن"، من سلفيي الجنوب لتكون قوات موازية لمليشيات الامارات السلفية باختلاف مسمياتها وتشكيلاتها المتعددة في جنوب اليمن.

وظلت السعودية تجاهر بمساعيها، منذ ما قبل بدء الحرب وتدخلها العسكري في اليمن بعمليات "عاصفة الحزم"، إلى مد انبوب إلى البحر العربي لتصدير النفط من منطقة خرخير الحدودية مع اليمن في الربع الخالي. وقد تصدت قبائل المهرة لعمليات مد الانبوب في نوفمبر 2018م وقابلتها القوات السعودية بإطلاق الرصاص الحي موقعة قتلى وجرحى.

شاهد .. تفاصيل اطلاق النار على المواطنين بالمهرة 

يشار إلى أن محافظتي المهرة وسقطرى ظلتا بعيدتان عن الانقلاب الحوثي العفاشي، وبالمثل محافظة حضرموت، لكن قوات التحالف السعودية الاماراتية سارعت للانتشار في المحافظات الثلاث، وانشاء قواعد عسكرية تضم قوات امريكية وبريطانية، على نحو دعا سياسيين بارزين في الشرعية اليمنية، الى الاعلان عن "اطماع التحالف في اليمن، موقعا وثروات".