العربي نيوز - الرياض:
أصدرت المملكة العربية السعودية، اعلانا هاما وسارا، انتظره اليمنيون بلا استثناء، طوال سنوات الحرب المتواصلة للسنة التاسعة على التوالي، بشأن اتفاق انهاء الحرب واحلال السلام وبدء معالجة تداعياتها الاقتصادية والانسانية وفي مقدمها استئناف دفع رواتب الموظفين وتصدير النفط والغاز واطلاق جميع الاسرى وفتح الطرق والمطارات.
جاء هذا في الكلمة الافتتاحية لصحيفة "عكاظ" السعودية، وهي المنبر الاعلامي الثاني للنظام السعودي بعد صحيفة "الرياض"، في عددها الصادر الخميس (27 يونيو)، تحت عنوان "اليمن نحو تحقيق الاختراق"، بشرت فيه جميع اليمنيين بانفراج كبير للسلام في اليمن واستحقاقاته الانسانية والاقتصادية، ثم الاستحقاقات السياسية، ثم الامنية والعسكرية.
وقالت الصحيفة، في التمهيد للحدث المرتقب: "تتوجه أنظار الشعب اليمني (الأحد) القادم إلى العاصمة العمانية مسقط التي تحتضن مفاوضات إنسانية واقتصادية مهمة بين طرفي الصراع (الحوثي والشرعية) بعد نجاح الوساطة السعودية - العمانية في تقريب وجهات النظر وبرعاية أممية، ما يشكل اختراقا للوصول إلى سلام دائم وشامل انتظره اليمنيون كثيراً".
مضيفة: "لم يأت إعلان الطرفين التنسيق لفتح الطريق الرئيسي بين مدينة تعز (الشرعية) والحوبان شرق المدينة التي يسيطر عليها الحوثي، وكذلك طريق مأرب البيضاء، من فراغ بل جاء نتيجة جهود جبارة سهرت عليها الدبلوماسية السعودية والعُمانية بهدف تنفيذ قرارات التهدئة التي أقرتها الأمم المتحدة كخطوة لبناء الثقة بين الأطراف المتصارعة".
وتابعت صحيفة "عكاظ" في كلمتها الافتتاحية، قائلة: "إن الشتات الذي يعيشه الشعب اليمني إنسانياً واقتصادياً ومجتمعياً ليس في الداخل فحسب، بل تحولت عدد من عواصم الدول العربية إلى حاضنة للكثير من اليمنيين التواقين لوطن يسعد فيه الجميع وينتهي فيه استرخاص الروح الإنسانية ويطوون عقوداً من الحروب والأزمات والتشرذم والتفكك الأسري".
الصحيفة السعودية، شبه الرسمية، ألمحت لأول مرة الى تشكيل مجلس رئاسة موحد بين الشرعية وجماعة الحوثي لمرحلة انتقالية، بقولها: "ويعود الجميع إلى مجلس واحد وغرفة واحدة يناقشون فيها همومهم ويتبادلون فيها الآراء لبناء الدولة التي يتطلع إليها كل حر ومخلص لدينه ووطنه ليتم إعلاء المصلحة العليا للبلاد على المصالح الدنيئة والرخيصة".
واختتمت صحيفة "عكاظ" السعودية، المقربة من الديوان الملكي، كلمتها الافتتاحية بشأن جولة المفاوضات المرتقبة في العاصمة العُمانية مسقط، بقولها: "الشارع ينتظر اليمن الجديد الذي يجب أن يعود سعيداً بأبنائه وجيرانه المخلصين الذين يبذلون كل غال ورخيص في سبيل رأب الصدع وتوحيد اليمنيين على كلمة سواء والحفاظ على يمن واحد موحد".
شاهد .. اعلان سعودي لاتفاق سلام بمسقط
يأتي هذا، بعد انسداد جهود احلال السلام في اليمن، إثر تطورات اندلاع معركة "طوفان الاقصى" في فلسطين والعدوان الاسرائيلي الغاشم على قطاع غزة وحصاره الجائر المتواصلين للشهر العاشر تواليا، وتصعيد جماعة الحوثي الانقلابية هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيرة على الكيان الاسرائيلي وسفنه وسفن الدول الداعمة له، اميركا وبريطانيا.
تفاصيل: جماعة الحوثي تباغت الجميع بهذا الاعلان (فيديو)
ويُرجع مراقبون هذه التطورات، إلى تصاعد حدة التهديدات الحوثية للسعودية مؤخرا، إثر فتور بين الجماعة والمملكة اعقب "التفاهمات المبرمة بين التحالف بقيادة السعودية وجماعة الحوثي الانقلابية، والاتفاق الذي افضت اليه جولات مفاوضات غير مباشرة عبر مسقط ثم جولتا مفاوضات مباشرة في صنعاء والرياض، جرت خلال عامين بوساطة عُمانية".
تفاصيل: تدخل سعودي غير متوقع لصالح الحوثيين
أكدت هذا بريطانيا، منتصف مايو الفائت، بتسريبها مفاجأة كبرى لليمنيين بلا استثناء، الثلاثاء (14 مايو)، بشأن قرار امريكي بريطاني وقف العمليات العسكرية لتحالف "حارس الرخاء" في البحرين العربي والاحمر، ودعم انجاز "خارطة الطريق للسلام في اليمن"، وتنفيذ بنودها بشأن استئناف تصدير النفط والغاز ودفع رواتب الموظفين واطلاق الاسرى.
تفاصيل: بريطانيا تكشف مفاجأة كبرى لليمنيين
مارست السعودية، ضغوطا مباشرة على الشرعية اليمنية، ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية لتقديم تنازلات اضافية بما فيها الغاء توجيه الشرعية لوفدها رفض التفاوض مع الجماعة حتى استجابة الاخيرة لحزمة اشتراطات بشأن ملفات فتح الطرقات واطلاق الاسرى ودفع رواتب الموظفين وغيرها من ملفات المرحلة الاولى لخارطة السلام.
تفاصيل: ضغوط سعودية لانتزاع هذا القرار من الشرعية !
كما شملت الضغوط السعودية، الدفع باتجاه تراجع البنك المركزي في عدن عن سلسلة قرارات، بينها فرض نظام موحدة للحوالات مرتبط بالبرنامج الامريكي لمكافحة الارهاب وغسيل الاموال، ونقل البنوك الى عدن، ضمن خطة محكمة لخنق جماعة الحوثي واجبارها على الاستجابة للسلام وفقا للمرجعيات الثلاث، ودون اعتبار لما يسمى "متغيرات الواقع".
تفاصيل: كماشة اميركية تطبق على الحوثيين
وبدأت السعودية، في فبراير الفائت، تحركا دبلوماسيا واسعا ولافتا، يسعى إلى إصدار قرار دولي جديد بشأن اليمن، يعمد اتفاقها مع جماعة الحوثي الانقلابية بشأن السلام والرواتب والمطارات، ايذانا للبدء بتنفيذه عمليا، رغم تحفظات مجلس القيادة الرئاسي على بعض بنوده، الملبية تشرطات الجماعة لقبولها ببدء مفاوضات سياسية مع المجلس.
تفاصيل: تحرك سعودي لتنفيذ اتفاق السلام والرواتب
في السياق، نشرت السعودية، تفاصيل مسودة الاتفاق المطروحة على مجلس القيادة الرئاسي، بوصفها "خارطة سلام شاملة للأزمة في اليمن" تنفذ على ثلاث مراحل برعاية أممية، تبدأ بوقف شامل لإطلاق النار وفتح جميع المنافذ البرية والجوية والبحرية، ودمج البنك المركزي، واستئناف تصدير النفط ودفع رواتب الموظفين واستكمال تبادل الأسرى.
تفاصيل: رسميا.. السعودية تنشر خطة السلام في اليمن (وثيقة)
وعقدت السعودية منذ سبتمبر 2022م مفاوضات غير مباشرة ثم مباشرة مع جماعة الحوثي الانقلابية عبر وساطة عُمانية ورعاية المبعوث الاممي إلى اليمن، لتمديد الهدنة ستة اشهر مع توسيع بنودها لتشمل "دفع رواتب الموظفين من ايرادات النفط والغاز وفتح المطارات والموانئ والطرقات واطلاق الاسرى، وبدء ترتيبات انهاء الحرب واحلال السلام".
يشار إلى أن الرياض دفعت بالوساطة العُمانية، نهاية 2021م، عقب تمادي مليشيا الحوثي الانقلابية في استهداف المنشآت النفطية والاقتصادية في كل من المملكة العربية السعودية والامارات، بالطائرات المسيرة المفخخة والصواريخ الباليستية، تحت عنوان "حق الرد على غارات طيران التحالف وحصار ميناء الحديدة ومطار صنعاء". حسب زعمها.