العربي نيوز:
صدم رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد محمد العليمي، المواطنين اليمنيين في الداخل والخارج، باعلان جديد، يتجاوز ما تضمنه، صدمة اعلانه قبل ايام عن "الخضوع لتهديدات جماعة الحوثي بقصف المطارات والموانئ بالمحافظات المحررة".
جاء هذا في كلمة للرئيس العليمي، لدى ترؤسه الثلاثاء (3 يونيو) جانبا من أول جلسة يعقدها رئيس مجلس الوزراء في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، بكامل قوام المجلس، في قصر معاشيق الرئاسي بالعاصمة المؤقتة عدن.
وأعلن العليمي أن الشرعية اليمنية ستنهار في عدن والمحافظات المحررة لولا دعم التحالف بقيادة السعودية والامارات، بقوله: "هذا الصمود ما كان ليتحقق لولا دعم الأشقاء في المملكة العربية السعودية، من خلال تمويل الموازنة العامة".
مخاطبا الحكومة، بقوله: "هذه اللحظة هي لحظة مواجهة صريحة مع النفس، ومع مسؤولياتكم، ومع التطلعات المشروعة لشعبنا الصابر الذي يستحق منكم حكومة فعل، والعمل بروح المسؤولية، والعزم، والتجرد لمصلحة الوطن والمواطن".
مضيفا: "امام الحكومة اليوم مهمة وطنية كبرى تتلخص في عملية البناء المؤسسي والتعافي الاقتصادي والخدمي، واستكمال معركة الخلاص، والاعتماد على النفس على طريق الصمود، والتماسك المستدام". وشدد على "العمل من الداخل".
ونقلت وكالة الانباء الحكومية (سبأ) عن أول اجتماع للحكومة برئاسة سالم بن بريك في عدن، أن "الرئيس العليمي حث الحكومة على تأمين الموارد العامة للدولة والحفاظ عليها وتنميتها، وتسخيرها للوفاء برواتب الموظفين، وتحسين الخدمات".
مضيفا: إن "تحسن الوضع الاقتصادي لن يتحقق الا من خلال خطة شاملة للتعافي، تتضمن موازنة عامة للدولة وفق الإجراءات الدستورية، وانتهاج سياسات تقشفية واقعية لترشيد الإنفاق العام، وتنمية الموارد غير النفطية، وتحسين كفاءة تحصيلها".
وشدد على "دعم استقلالية البنك المركزي، وتمكينه من إدارة السياسة النقدية واستخدام أدواته لكبح التضخم وتعزيز موقف العملة الوطنية"، و"تفعيل منظومة الرقابة ومكافحة الفساد، وسرعة اعلان تشكيل اللجنة العليا للمناقصات بما يعيد الاعتبار لمبدأ المساءلة".
موضحة أن "العليمي وجه الحكومة بتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وتمكينه من قيادة مشاريع التنمية الحيوية، وتخفيف العبء عن الدولة في خلق فرص العمل، والتخفيف من المعاناة الانسانية". وشدد على "بناء اقتصاد مستدام وأقل اعتمادا على الخارج".
وقال "المسؤولية أيضا تقتضي تنظيم العلاقة بين المركز والسلطات المحلية، ومراجعة الهياكل، وتقليص البعثات الدبلوماسية، وترشيد الابتعاث الخارجي، وانشاء هيئة عليا للاغاثة لتوحيد الجهود الانسانية، وتقديم التسهيلات لوكالاتها وموظفيها، ومحاسبة من يعرقلها".
مفصحا عن تراجع الدعم الخارجي بقوله: إن على الحكومة "العمل على تقديم اليمن كشريك جدير بالثقة، ومصدر استقرار، وكدولة تعتمد على نفسها". وشدد على "اهمية التفكير خارج الصندوق وبناء نموذج ناجح في المحافظات المحررة، وتحقيق الاعتماد على النفس".
شاهد .. العليمي يصدم اليمنيين بهذا الاعلان
ويترافق هذا مع كشف رئيس الحكومة اليمنية سالم صالح بن بريك، بصراحة وصفت بالجريئة والشجاعة، المستور عن ما تواجهه الحكومة من ضغوط كبيرة تجبرها على اعلان عجزها في مواجهة التحديات المتصاعدة اقتصاديا واداريا وخدميا، حيال التدهور المستمر للاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية لملايين المواطنين في عدن والمحافظات المحررة.
تفاصيل: رئيس الحكومة يكشف المستور بشجاعة !
في المقابل تتصاعد ميدانيا، احتجاجات المواطنين في عدن المحافظات المحررة، على تدهور الاوضاع، مطالبين السلطات "القيام بواجباتها وتنفيذ حلول سريعة ونهائية لأزمة الكهرباء، وتحسين الخدمات العامة، ووضع حل لتأخر صرف الرواتب وارتفاع اسعار السلع جراء انهيار قيمة الريال وتجاوزه 2550 ريالا للدولار".
كما تطالب هتافات ولافتات وبيانات وقفات ومسيرات الاحتجاجات المتلاحقة بـ "تقديم الفاسدين لمحاكمات علنية". وتشدد على ان تدهور الاوضاع ناتج عن "الفساد وحماية شركاء السلطة للمفسدين". متهمين التحالف ومجلس القيادة الرئاسي والحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي بأنهم "شركاء في تدهور الاوضاع والخدمات".
وتواصل نساء عدن منذ السبت (10 مايو) خروجهن الحاشد في شوارع عدن وساحة العروض، ضاجة بالهتافات المناؤة لـسلطات "المجلس الانتقالي الجنوبي" ومليشياته، وسيطرتها على مؤسسات الدولة ومواردها منذ انقلابها على الشرعية في اغسطس 2019م، وتسببها في مفاقمة تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية.
شاهد .. نساء عدن يباغتن "الانتقالي" بثورة (فيديو)
رددت المشاركات في التظاهرة التي انطلقت السبت (10 مايو) باسم "ثورة النسوان"، هتافات مناوئة لمليشيا "الانتقالي الجنوبي" والحكومة الشرعية، طالبت برحيلهما وافساح المجال أمام غيرهما، لتوفير الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها الكهرباء والمياه، بوصفها "حقوقا لا مطالب" بالإضافة إلى معالجة الانهيار المستمر في الوضع الاقتصادي.
شاهد .. نساء عدن يطالبن برحيل "الانتقالي" (فيديو)
بدوره، دفع "الانتقالي الجنوبي" بعشرات النساء من ناشطاته، للمشاركة في التظاهرة النسوية الحاشدة، ومحاولة حرفها عن مسارها برفع رايات علم التشطير الانفصالي الذي يرفعه "الانتقالي"، لكنهن قوبلن برد حازم من جانب جموع النساء المشاركات في الاحتجاجات، وارغمنهن على مغادرة ساحة العروض مع راياتهن الانفصالية.
شاهد .. نساء عدن يصفعن ناشطات "الانتقالي" (فيديو)
يترافق هذا مع تصاعد ساعات انقطاعات الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن ومحافظة لحج، مع بدء دخول الصيف اللاهب، واستمرار انهيار قيمة العملة المحلية وتجاوزه سقف 2500 ريالا مقابل الدولار الامريكي، وتبعا استمرار ارتفاع اسعار السلع والخدمات والمشتقات النفطية، وتفاقم تدهور الاوضاع المعيشية للمواطنين.
ويتزامن هذا التدهور المتصاعد للأوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية مع بوادر أزمة عجز الحكومة الشرعية عن دفع رواتب موظفي الدولة في عدن والمحافظات المحررة، بعد تأخر صرف رواتب المعلمين والعسكريين والحوافز والعلاوات، في ظل نُذر امتداد الازمة لرواتب الاشهر المقبلة.
تفاصيل: اعلان رئاسي بشأن صرف الرواتب (بيان)
من جانبهم، يشير سياسيون واقتصاديون إلى أن تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في عدن والمحافظات الجنوبية سابق لتوقف تصدير النفط، ويرجعونه الى "اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة بجانب تبادل اتهامات الفساد". حسب تعبيرهم.
ويتهم "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع الى الامارات، وسياسييوه، الحكومة بـ "صفقات فساد تتجاوز عدم ايداع ايرادات الدولة في البنك المركزي اليمني إلى نهب المساعدات والمنح المالية وانشاء شركات استثمارية خاصة خارج البلاد، بجانب المضاربة على العملة". حسب زعمه.
في المقابل، يتهم مسؤولون في الحكومة "الانتقالي الجنوبي" بأنه "يعيق عمل الحكومة بإصراره على استمرار انتشار ونفوذ فصائل مليشياته المتعددة" منذ انقلابه على الشرعية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الامارات وطيرانها الحربي في اغسطس 2019م.
مؤكدين أن "استمرار تمرد ‘الانتقالي الجنوبي‘ على الشرعية واستحواذه على قدر كبير من ايرادات الدولة، في عدن وعدد من مدن جنوبي البلاد، فاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار العملة المحلية وارتفاع اسعار السلع والخدمات والمشتقات النفطية".
وتبنت الامارات في 2017م إنشاء "المجلس الانتقالي" ورئيسه عيدروس الزُبيدي، وتمويل تجنيد وتسليح ما يقارب 50 لواء من المليشيات المسلحة، ليغدو الذراع السياسي والعسكري لها في جنوب البلاد، وأداة فرض انفصال جنوب اليمن، بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن.
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.