العربي نيوز - لحج:
تتصاعد في هذه الاثناء، حدة التوتر في جنوب البلاد، معلنة نذر حرب جنوبية جنوبية طاحنة، حسب توقعات عسكريين ومراقبين للشأن اليمني، كشفوا عن تصاعد الخلافات بين قوات "درع الوطن" الممولة سعوديا، ومليشيا "الانتقالي الجنوبي" و"العمالقة الجنوبية" الممولة اماراتيا.
وأكدت مصادر عسكرية متطابقة أن مليشيا "الانتقالي الجنوبي"، بدأت تحركات واسعة للسيطرة على قاعدة العند الجوية في لحج، كبرى القواعد العسكرية في عموم البلاد، رغم ان التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية كان سلم هذه القاعدة العسكرية رسميا في وقت سابق لقوات "درع الوطن".
موضحة أن "المجلس الانتقالي الجنوبي بدأ التحرك للسيطرة على قاعدة العند الجوية في لحج، بادخال وحدات من مليشياته إليها بزعم التدريب وتواطؤ من قائد المنطقة العسكرية الرابعة، الموالي للانتقالي. وبعد انتهاء مدة التدريب رفضت مغادرة قاعدة العند بتوجيهات مباشرة من عيدروس الزبيدي".
وذكرت المصادر أن "قائد قوات درع الوطن، التابعة لرئيس مجلس القيادة الرئاسي، اعترض على بقاء مليشيا "الانتقالي" في العند، باعتبار قاعدة العند مسؤولية قوات درع الوطن" بالتنسيق مع التحالف بقيادة السعودية". منوهة بأن "التوتر يتصاعد بين الجانبين وينذر بحرب جنوبية جنوبية طاحنة".
تترافق هذه التحركات، مع بدء التحالف بقيادة السعودية والامارات توجها جديدا وخطيرا في اليمن، بتسليمه منافذ البلاد البرية والبحرية والجوية والقصور الرئاسية ومؤسسات الدولة في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، لقوات جديدة، تحل محل قوات الجيش الوطني والتشكيلات التابعة للانتقالي و"العمالقة الجنوبية" وحراس طارق عفاش.
أكد هذا، رئيس مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية، عبدالسلام محمد، وقال على حسابه بمنصة إكس (توتير سابقا): "الشرعية سلمت المنافذ وحماية القصور الرئاسية ومهمات خاصة أخرى لقوات درع الوطن السلفية، والإنتقالي سلم الأمن ومكافحة الإرهاب ومهمات خاصة أخرى لقوات العمالقة السلفية ..!".
مضيفا: "القوات السلفية في اليمن ستكون القوات الرسمية الممولة والمدعومة التي ترتكز عليها وحدات الجيش والأمن، وتصبح بقية الوحدات من الجيش الوطني والمقاومة الوطنية وألوية الجنوب مجرد وحدات مساعدة، مالم تتمرد". لكنه في المقابل حذر من تداعيات خطيرة لمثل هذا التوجه على المدى المنظور.
تفاصيل: تسليم منافذ الدولة ومؤسساتها لهذه القوات !
في السياق، بدأت قوات "درع الوطن" مطلع يونيو الفائت، الرد على اعلان "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات في محافظة حضرموت، بيانه الانقلابي الاول، وفرضه سيطرته الكاملة على المحافظة عبر مليشياته المسماة "النخبة الحضرمية"، ورفض اي تواجد او انتشار لقوات "درع الوطن" في حضرموت خاصة ومحافظات الجنوب عامة.
تفاصيل: "درع الوطن" تبدأ الرد على انقلاب الانتقالي (صور)
وفي وقت سابق، كشف خبير يمني بالشؤون الاستراتيجية السياسية والعسكرية، عن حقيقة قوات "درع الوطن" التي بدأت السعودية تمويل تجنيدها وتسليحها في العام 2021م من السلفيين في المحافظات الجنوبية، قبل ان يصدر لاحقا قرار جمهوري يلحقها برئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، مطلع يناير 2023م.
جاء هذا في تصريح لرئيس مركز الدراسات السياسية، الدكتور خالد الشميري، الموالي للـ "المجلس الانتقالي"، نشره على حسابه الرسمي بمنصة إكس (تويتر سابقا)، تعليقا على الكشف عن بدء الولايات المتحدة الامريكية تدريب جيش سلفي من "درع الوطن" و"العمالقة الجنوبية" على الاراضي السعودية.
وقال: "إن "وجود معسكرات تدريب لقوات درع الوطن داخل الاراضي السعودية ومدربين أمريكيين تفند أي تصريحات تدعي أن ولاء تلك القوات للجنوب، بل أنها تؤكد أن هذه القوات وجدت لهدف وحيد وهو دعم أجندات المملكة في الجنوب ومواجهة أي قوى جنوبية تتعارض أهدافها مع أجندات المملكة".
تفاصيل: خبير يمني يكشف حقيقة "درع الوطن" ! (وثيقة)
في المقابل، علق سياسيون يمنيون بأن "الأكيد هو ولاء قوات ما يسمى درع الوطن للمملكة العربية السعودية". موضحين أن "انشاء هذه القوات تم بقرار وتمويل سعودي للحفاظ على نفوذها في جنوب البلاد بمواجهة النفوذ الاماراتي ومليشياتها المسلحة"، ولفتوا إلى "السعودية تسعى لاحلالها محل الجيش الوطني".
وبدأت الولايات المتحدة الامريكية تدريب جيش يمني من السلفيين على الاراضي السعودية، تمهيدا لنشره في المحافظات الشرقية للبلاد (شبوة، حضرموت، المهرة)، في تحرك عسكري مباغت للجميع، ومثير لريبة المراقبين السياسيين والعسكريين للشأن اليمني، وتساؤلات عن الغايات الفعلية لهذه الخطوة الامريكية العسكرية، الجديدة في اليمن.
كشفت هذا مصادر عسكرية في المنطقة الاولى للجيش الوطني بحضرموت، وكذا جنود عائدين من منفذ الوديعة، أفادوا بأن "القوات الامريكية الخاصة، بدأت وسط تكتم شديد، تدريب مجاميع خاصة من قوات درع الوطن، في منفذ شرورة بنجران، المقابل لمنفذ (الوديعة)، في مجالات نوعية عدة، تشمل الاقتحام والاشتباك والتفجيرات والقناصة".
موضحين أن "التدريبات العسكرية الامريكية لمجاميع خاصة من قوات درع الوطن تضم الآلاف، وجرى اختيارهم بعناية، وتتواصل على نطاق واسع في معسكرات خاصة بمنطقة شرورة، وسط تكتم كامل من جانب الولايات المتحدة الامريكية والمملكة العربية السعودية، لمنع انتشار الخبر بين اوساط منتسبي قوات درع الوطن وعائلاتهم".
وأكدت الناشطة ميار العولقي، غياب عدد من اقاربها المنتسبين لقوات درع الوطن في مهام خاصة غير معلنة، وقالت: "هل يعلم ربعي وعزوتي في شبوه وكل اهلنا في الجنوب اين ابنائهم المجندون في قوات درع الوطن اين مختفيين وليش?! ام انهم لازالو في معسكرات جنوب المملكه??", وأردفت: "المحرمي لديه اجابة السؤال".
https://x.com/awlqy_d/status/1708542182104154445?s=20
كما أكدت منصة "يمانيون ضد الإمارات"، هذه المعلومات، وقالت في خبر على حسابها بمنصة إكس (تويتر سابقا): "تزامنا مع لقاء المحرمي مع السفير الامريكي في حفل زفاف نجل طارق مدربين من القوات الخاصة الامريكية تقوم بتدريب مجاميع خاصة اقتحام واشتباك وقناصة من قوات درع الوطن في منطقة شرورة بنجران السعودية".
https://x.com/Yamanis_vs_UAE/status/1708521910223396892?s=20
جاء هذا بالتزامن مع كشف مشاركين في حفل زفاف عفاش طارق عفاش، قائد ما يسمى قوات "المقاومة الوطنية حراس الجمهورية" الممولة من الامارات في الساحل الغربي، والمقام في ابوظبي، عن تفاصيل مثيرة شهدها الحفل، تصدرها ما سموه "لقاء حميم بين السفير الامريكي لدى اليمن وقائد الوية العمالقة الجنوبية عبدالرحمن المحرمي".
تفاصيل: خفايا مثيرة للقاء المحرمي وسفير امريكا
وأكد عسكريون وسياسيون، في وقت سابق، تصاعد نُذر ما وصفوه "معركة حسم استعادة الدولة اليمنية وسيادتها على كامل اراضيها بدءا من المحافظات المحررة"، ورجحوا ان يبدأ "اندلاع نيرانها من محافظة حضرموت، بين قوات الشرعية ومليشيا الانتقالي الجنوبي، مالم يتدخل التحالف بقيادة السعودية".
مشيرين إلى أن "اصرار الانتقالي الجنوبي بدفع اماراتي على بسط سيطرته ومليشياته على محافظة حضرموت، ورفض تواجد قوات الجيش الوطني وانتشار قوات درع الوطن الرئاسية، ينذر بمعركة حسم وشيكة". ولفتوا إلى أن "بيانات الانتقالي بهذا الشأن تشي بانقلاب جديد وتسير باتجاه التصعيد العسكري".
وتوقعت المصادر العسكرية والسياسية "تدخل التحالف بقيادة السعودية لاحتواء التوتر المتصاعد في حضرموت قبل انفجار الموقف". لافتة إلى "تصاعد الخلافات السياسية والحدودية بين السعودية والامارات، قد ينفجر عسكريا على الاراضي اليمنية، بدءا من المحافظات الشرقية، وبخاصة محافظة حضرموت".
يسعى "المجلس الانتقالي" ومن ورائه الامارات، لاستكمال سيطرته على جنوب اليمن بالسيطرة على المحافظات الشرقية وثرواتها النفطية والغازية، لإدراكه أن "الدولة الجنوبية" التي يسعى الى فرضها بالقوة لا يمكن ان تقوم لها قائمة دون محافظات شبوة وحضرموت والمهرة، بما تشكله من مساحة وثروات.
وعمدت الامارات إلى تمويل انشاء وتجنيد تشكيلات عسكرية في جنوب اليمن من ذوي الانتماء السلفي تمثلت في "الوية العمالقة الجنوبية" و"كتائب أبي العباس" في تعز، والوية مليشيات "الانتقالي الجنوبي"، ودفعت باتجاه سيطرتها على شبوة وحضرموت والمهرة، ما اعتبرته السعودية تهديدا يمس امنها القومي.
سعت السعودية، في مقابل تحركات الامارات ومليشياتها في اليمن، الى اتباع النهج الاماراتي نفسه، وعمدت مع بداية العام 2021 الى تمويل إنشاء ما بات يعرف باسم "قوات درع الوطن"، من سلفيي الجنوب لتكون بموازاة مليشيات الامارات السلفية في اليمن باختلاف مسمياتها وتشكيلاتها المتعددة في جنوب اليمن.
ومولت الامارات علنا، منذ بدء مشاركتها في التحالف العربي لدعم الشرعية، وعبر قيادة قواتها المشاركة في "التحالف العربي لدعم الشرعية باليمن"؛ انشاء تشكيلات عسكرية محلية وتسليحها، بينها نحو 15 لواء باسم "العمالقة الجنوبية" نكاية بألوية "العمالقة" التي حسمت حرب صيف 1994م ضد انفصال جنوب اليمن.
عقب انتهاء معركة تحرير عدن في مايو 2015م، من قوات جماعة الحوثي والرئيس الاسبق علي عفاش؛ نقلت الامارات الوية "العمالقة الجنوبية" إلى الساحل الغربي لليمن، لمواجهة الحوثيين والسيطرة على الساحل، ضمن سعيها للهيمنة على المنطقة، عبر الاستحواذ على الموانئ وفرض نفوذها على الملاحة البحرية.
بالتوازي، مولت الامارات في 2017، القيادي السابق في وزارة الداخلية، عيدروس الزُبيدي لانشاء ما سمته "المجلس الانتقالي الجنوبي" ونحو 50 لواء مسلحا بمسميات "الاحزمة الامنية" و"الدعم والاسناد" و"النُخب"، ضمن مسعاها الى فرض انفصال جنوب اليمن بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن والمنطقة.
ودعمت الامارات بطيرانها الحربي، تنفيذ مليشيات "المجلس الانتقالي" انقلابا عسكريا على الشرعية اليمنية، بدءا من منتصف مايو 2019، مرورا بإسقاط العاصمة المؤقتة عدن (اغسطس 2019)، ثم محافظة سقطرى، ووصولا للسيطرة على محافظتي ابين ولحج ثم شبوة نهاية العام 2021م.
تسبب الانقلاب الاماراتي بواسطة ذراعها "الانتقالي الجنوبي" ومليشياته، في سيطرة الاخيرة على مؤسسات الدولة ومقدراتها، ومنع الحكومة الشرعية من مزاولة عملها في عدن، وتبعا انهيار الاوضاع المعيشية والادارية والخدمية والاقتصادية والامنية في عدن ومدن جنوب اليمن.
وتعاني مدينة عدن وعدد من مدن جنوب اليمن، انفلاتا امنيا واسعا، منذ انقلاب "المجلس الانتقالي الجنوبي" ومليشياته على الشرعية في اغسطس 2019م بدعم عسكري اماراتي، تصاعدت معه جرائم الاعتداءات والاختطافات والاغتيالات دون ضبط ومحاكمة أي من الجناة، لانتمائهم الى مليشيا "الانتقالي".
تفاصيل: غضب شعبي يباغت المليشيا بكل شارع (صور)
عمَّدت مليشيا "الانتقالي الجنوبي" و"العمالقة الجنوبية" الممولة من الامارات، الى السيطرة على مدن ومديريات الجنوب بغطاء "مكافحة الارهاب" وارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق المواطنين والعيب الاسود، شملت اقتحام المنازل وانتهاك حرماتها، واعتقال واغتيال عشرات من المواطنين الابرياء.
وأطلقت مليشيا "الانتقالي" بدعم اماراتي نهاية 2021م حملة لاجتياح محافظة شبوة سمتها "اعصار الجنوب"، وأخرى لاجتياح محافظة أبين سمتها "سهام الشرق" وقوبلت انتهاكاتها لحرمات منازل المواطنين واعتقالهم، بردود فعل قبلية خلفت عشرات القتلى والجرحى من المليشيا بينهم القيادي عبداللطيف السيد.
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة ومليشيات "العمالقة الجنوبية"، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.