العربي نيوز - شبوة:
باغتت القبائل المليشيا الانقلابية والمتمردة على الشرعية، بكمين جديد محكم ودامٍ، كبدها خسائر مادية وبشرية كبيرة، امتدادا لجولات الاشتباكات معها، عقب تصاعد التوتر وانفجار الموقف في محافظة شبوة، جراء محاولة احد منتسبي المليشيا اغتصاب امرأة.
وأكدت مصادر محلية وقبلية في محافظة شبوة "أن دورية تابعة لمليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي المسماة دفاع شبوة، (الممولة من الامارات)، تعرضت لكمين محكم، في المُصينعة بمديرية الصعيد، أوقع من افراد الدورية ثلاثة قتلى و7 جرحى، وخلف خسائر مادية".
موضحة أن "مسلحين استهدفوا بعبوة ناسفة تعزيزات كانت في طريقها لمعسكر القعلة التابع لمليشيا دفاع شبوة (النخبة الشبوانية سابقا)، وباغتوا المليشيا داخل المعسكر بقصف مكثف بالقذائف، ما خلف ثلاثة قتلى منهم وسبعة جرحى على الاقل، في محصلة اولية".
بدورها سارعت وسائل اعلام "الانتقالي الجنوبي" ووسائل اعلام الامارات، ومنها قناة "سكاي نيوز" التي تبث من ابوظبي، إلى وصف منفذي الهجوم بأنهم "عناصر من تنظيم القاعدة" كما دأبت في تسويغ حملات اجتياح مدن الجنوب ومداهمتها المنازل واعتقالات المواطنين.
وقالت: إن "قوات دفاع شبوة الجنوبية، أحبطت مساء الخميس (11 يوليو) ‘هجوما إرهابيا غادرا‘ استهدف موقع القلعة التابع لـ ‘اللواء الأول دفاع شبوة‘" بمنطقة المُصينعة في مديرية الصعيد بمحافظة شبوة". وأردفت: "وقتل جنديان وجرح اخرون، في هذا ‘الهجوم الارهابي‘".
مضيفة: إن "‘العناصر الارهابية‘ تسللت إلى منطقة شعب مذاب، وقامت بقصف الموقع بقذائف الهاون و‘آر بي جي‘، فيما كانت قد زرعت عبوة ناسفة في الطريق الواصلة للموقع المستهدف، ما أدى لانفجار العبوة بمركبة عسكرية تابعة لقوات اللواء كانت قادمة للتعزيز".
وزعمت "سقوط قتلى وجرحى" من المهاجمين. وأن "مصادر امنية، أكدت أن ‘العناصر الارهابية‘ لاذت بالفرار بعد تلقيها خسائر كبيرة، ولم تتمكن من إجلاء كل جثث قتلاها، في حين طوقت القوات محيط المنطقة لتأمينها وملاحقة وتعقب من تبقى من ‘العناصر الارهابية‘".
لكن مليشيا "الانتقالي" اعلنت استنفار قواتها وأذاعت "قرار فرض حظر التجوال في منطقة المصينعة من الساعة الثامنة مساء وحتى الساعة السادسة صباحا". مضيفة: "وتستثنى الحالات المرضية من قرار حظر التجوال في المصينعة وضواحيها". دون تحديد مدة سريان الحظر.
شاهد .. الامارات تنعي مليشياتها في شبوة
وأكدت مصادر قبلية ومحلية في شبوة "فشل الوساطة المبذولة من شخصيات قبلية وعسكرية لاحتواء الموقف في المحافظة، ونزع فتيل التوتر المتصاعد، ووقف التحشيدات المتواصلة من قبائل المحافظة وقوات ‘العمالقة الجنوبية‘ إثر محاولة احد قادتها اغتصاب امرأة".
وانفجر الوضع عسكريا، في شبوة، ليل الثلاثاء (2 يوليو)، باندلاع اشتباكات طاحنة بمختلف انواع الاسلحة، بين قبائل المحافظة وقوات "العمالقة الجنوبية" الممولة من الامارات، اثر محاولة قيادي في "العمالقة"، جلال البوكري، اغتصاب امرأة، من قرية حزم غليس بمرخلة العليا.
اكدت هذا مصادر قبلية متطابقة في محافظة شبوة، أفادت بأن "قبيلة آل القبالي طالبت قيادة ‘العمالقة‘ بالتحكيم وتسليم جلال البوكري، لكنهم لم يجدوا اي تجاوب وعلى العكس قامت قوات ‘العمالقة‘ بالاعتداء على القبيلة عسكريا، لينفجر الموقف وتندلع اشتباكات طاحنة".
وذكرت المصادر القبلية المتطابقة، إن "الاشتباكات المسلحة اندلعت بين قبيلة آل القبالي وقوات العمالقة، وتمكنت القبيلة من اسر اثنين من أفراد قوات العمالقة المعتدين، وتم التحفظ عليهم لدى القبيلة حتى يتم تنفيذ مطلبهم، ما دفع ‘العمالقة‘ لتعزيز بكتيبة من اللواء السادس".
جاء هذا عقب اسبوعين على انفجار الموقف بين مليشيا "الانتقالي الجنوبي" وقبائل العقربي في الصبيحة بمحافظة لحج، على خلفية مقتل نجل قيادي بمليشيا "الدعم والاسناد"، اغتصب فتاة بحي بير احمد في عدن، برصاص ذويها، لدى اقتحامه منزلها ومحاولة اختطافها.
تفاصيل: قبائل الطوق تسحق المليشيا وتصادر مدرعة (صور)
وتأتي هذه التطورات بالتوازي مع انفجار الوضع أيضا، ليل الجمعة (21 يونيو)، بين مليشيا "الانتقالي" وقبائل طوق عدن، شرقي مودية في ابين، على خلفية تصاعد التوتر منذ مطلع الاسبوع الفائت، إثر اعتقال المليشيا في عدن قائد كتيبة دفاع جوي من ابين، المقدم علي عشال.
تفاصيل: انفجار المواجهات بين المليشيا وقبائل الطوق (محصلة)
يترافق هذا مع مواصلة مليشيا "العمالقة الجنوبية" و"حزام الانتقالي" منذ بداية مايو الفائت، تنفيذ حملة واسعة لكسر شوكة قبائل لحج واخضاعها، عبر مداهمة منازل مشايخها واعتقال عدد منهم ومصادرة ممتلكاتهم، والتنكيل بهم بتهمة "التعاون مع الاخوان" أو "التخادم مع الحوثيين".
تفاصيل: حملة كبرى على قبائل طوق العاصمة (فيديو)
وأعلنت مليشبا "العمالقة الجنوبية" و"الانتقالي الجنوبي"، مطلع مايو، إقرار خطة حملة واسعة للتنكيل بقبائل محافظات طوق عدن وفي مقدمها الصبيحة، تشمل مداهمات المنازل والاعتقالات ومصادرة الممتلكات واستهداف الشخصيات البارزة قبليا وتجاريا والمعروفة بأعمال تنموية وخيرية.
تفاصيل: المليشيا تقر خطة اعتقال وقمع مشايخ (اسماء)
جاء بين ابرز من طالهم استهداف قائد اللواء الثاني عمالقة جنوبية حمدي شكري، الشيخ ثابت راجح العطري، ورجل الاعمال الشيخ عصام هزاع عبده الصبيحي، المعتقل منذ (7 مايو) ونجله ومرافقه الشخصي على رفضه حصر الصبيحة بدائرة المقاتلين المأجورين والنهوض بها تنمويا واقتصاديا.
تفاصيل: اعتقالات جديدة لمشايخ طوق العاصمة (اسماء)
بالمقابل، اطلق سياسيون وعسكريون نداء عاجلا لمشايخ ووجهاء واعيان الصبيحة، حذروهم من أن "الصمت تجاه ممارسات حمدي شكري التعسفية بحق الشيخ عصام هزاع اليوم لن ينجو احد من ملاقاة نفس المصير". مشددين على أن "ما يتعرض له الشيخ عصام اختبار لما سيطال الجميع لاحقا".
تفاصيل: المليشيا تنفذ حملة لاعتقال مشايخ كبار (اسماء)
ومولت الامارات علنا، عبر قيادة قواتها المشاركة في "التحالف العربي لدعم الشرعية باليمن"؛ انشاء تشكيلات عسكرية محلية وتسليحها، بينها نحو 15 لواء باسم "العمالقة الجنوبية" نكاية بألوية "العمالقة" التي حسمت حرب صيف 1994م ضد انفصال جنوب اليمن.
عقب انتهاء معركة تحرير عدن في مايو 2015م، نقلت الامارات الوية "العمالقة الجنوبية" إلى الساحل الغربي لليمن، لمواجهة الحوثيين والسيطرة على الساحل، ضمن سعيها للهيمنة على المنطقة، عبر الاستحواذ على الموانئ وفرض نفوذها على الملاحة البحرية.
بالتوازي، مولت الامارات في 2017، عيدروس الزُبيدي وانشاء ما سمته "المجلس الانتقالي الجنوبي" ونحو 50 لواء مسلحا بمسميات "الاحزمة الامنية" و"الدعم والاسناد" و"النُخب"، لفرض انفصال جنوب اليمن بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن والمنطقة.
وعمَّدت مليشيا "الانتقالي الجنوبي" ومليشيات الامارات، الى السيطرة على مدن ومديريات الجنوب بغطاء "مكافحة الارهاب" وارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق المواطنين والعيب الاسود، شملت اقتحام المنازل وانتهاك حرماتها، واعتقال واغتيال عشرات من المواطنين الابرياء.
أطلقت مليشيا "الانتقالي" بدعم اماراتي نهاية 2021م حملة لاجتياح محافظة شبوة سمتها "اعصار الجنوب"، وأخرى لاجتياح محافظة أبين سمتها "سهام الشرق" وقوبلت انتهاكاتها لحرمات منازل المواطنين واعتقالهم، بردود فعل قبلية خلفت عشرات القتلى والجرحى من المليشيا بينهم القيادي عبداللطيف السيد.
وتعاني مدينة عدن وعدد من مدن جنوب اليمن، انفلاتا امنيا واسعا، منذ انقلاب "المجلس الانتقالي الجنوبي" ومليشياته على الشرعية في اغسطس 2019م بدعم عسكري اماراتي، تصاعدت معه جرائم الاعتداءات والاختطافات والاغتيالات دون ضبط ومحاكمة أي من الجناة، لانتمائهم الى مليشيا "الانتقالي".
دعمت الامارات بطيرانها الحربي، تنفيذ مليشيات "المجلس الانتقالي" انقلابا عسكريا على الشرعية اليمنية، بدءا من منتصف مايو 2019، مرورا بإسقاط العاصمة المؤقتة عدن (اغسطس 2019)، ثم محافظة سقطرى، ووصولا للسيطرة على محافظتي ابين ولحج ثم شبوة نهاية العام 2021م.
وتسبب الانقلاب الاماراتي بواسطة ذراعها "الانتقالي الجنوبي" ومليشياته، في سيطرة الاخيرة على مؤسسات الدولة ومقدراتها، ومنع الحكومة الشرعية من مزاولة عملها في عدن، وتبعا انهيار الاوضاع المعيشية والادارية والخدمية والاقتصادية والامنية في عدن ومدن جنوب اليمن.
تفاصيل: غضب شعبي يباغت المليشيا بكل شارع (صور)
يتفق مراقبون محليون واقليميون ودوليون للشأن اليمني، في أن "دعم الامارات لانشاء المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات التابعة له انقلاب متكامل على الشرعية اليمنية يعادل انقلاب الحوثيين وعلي عبدالله صالح 2014م إن لم يفقه خطرا بالنظر الى تدعياته على وحدة اليمن وسيادته الوطنية".
وتتهم الحكومة اليمنية المعترف بها، "المجلس الانتقالي الجنوبي" بأنه "يعيق عمل الحكومة بإصراره على استمرار انتشار ونفوذ فصائل مليشياته المتعددة" منذ انقلابه العسكري على الشرعية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الامارات وطيرانها الحربي ضد الجيش الوطني.
مؤكدة أن "استمرار تمرد ‘الانتقالي‘ على الشرعية وسيطرته على مؤسسات الدولة واستحواذه على قدر كبير من ايرادات الدولة، في عدن وعدد من مدن جنوبي البلاد، فاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار العملة وارتفاع اسعار السلع والخدمات والمشتقات النفطية".
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.