العربي نيوز - لحج:
استبقت المليشيا الانقلابية والمتمردة على الشرعية، ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، تحركا شعبيا وعسكريا واسعا يطيح بانقلابها، عبر اعتقال احد كبار مشايخ قبائل طوق العاصمة المؤقتة عدن، ليضاف الى مشايخ وشخصيات مجتمعية اعتقلتها خلال مايو الفائت.
وأعلنت مصادر محلية في مديرية المضاربة ورأس العارة في لحج ما سمته "تسليم الشيخ ثابت راجح العطري، الى قيادة الحملة الأمنية (لمليشيا العمالقة الجنوبية والانتقالي الجنوبي) في مصنع الحديد قبل انتهاء المهلة المحددة لقبليته" من المليشيا، لتسليمه بوصفه "مطلوبا امنيا بتهمة التحوث والخيانة".
موضحة أن "وحدات من اللواء الثاني عمالقة جنوبية تمكنت من ضبط الشيخ العطري، بعد وصوله الى مسقط رأسه في منطقة الكديرا بمديرية المضاربة ورأس العارة في محافظة لحج، بعد غياب في صنعاء دام تسع سنوات، اتخذتها العمالقة الجنوبية ذريعة لاتهامه بالتورط في العمل مليشيا الحوثي".
وعزز اعتقال الشيخ العطري اتهامات موجهة الى قائد اللواء الثاني عمالقة جنوبية، الشيخ السلفي حمدي شكري بـ "تنصيب نفسه سلطانا للحج" وأنه "يتعمد التنكيل بمشايخ لحج وقبائلها لاخضاعهم عبر حملة اعتقالات بالتهم نفسها: التعاون مع الحوثيين او التعامل مع الاخوان" في اشارة لحزب الاصلاح.
في السياق، كشفت مصادر محلية وقبلية متطابقة بمحافظة لحج، عن فظاعات مروعة لما سمته "طاغية لحج حمدي شكري" بحق المواطنين وقبائل المحافظة وفي مقدمها قبائل الصبيحة، مؤكدة أن "صبر القبائل بدأ ينفد" بعدما امتدت الاعتداءات والانتهاكات الى مشايخ الصبيحة انفسهم، في مسعى لكسرهم.
مشيرة إلى أن "الامارات نَصَّبت حمدي شكري المدعوم بقوات تمولها، سلطانا مالكا لمحافظة لحج وقبائلها، وحاكما لا يرد له أمر أو يرده قانون أو عُرف عن التسلط والظلم، بما في ذلك مداهمة المنازل واعتقال المواطنين وتعذيبهم ومصادرة الممتلكات، حسب تأكيد مصادر محلية وقبلية متطابقة.
وفقا للمصادر، فإن المواطنين في محافظة لحج، يشكون "طغيان الشيخ حمدي شكري" قائد اللواء الثاني مشاه "عمالقة جنوبية". كاشفين عن "تسلط شكري على المواطنين في لحج واخضاع قبائلها وفي مقدمها الصبيحة بقوة السلاح، والتهديد بالاعتقال والاغتيال، لكل من يعارضه او يراجعه".
مؤكدين أن "سجون اللواء الثاني عمالقة جنوبية ممتلئة بالمعتقلين من المواطنين ومشايخ الصبيحة جرى اعتقالهم دون مسوغ قانوني وخارج القانون، بتهم كيدية ابرزها التعاون مع الاخوان (في اشارة لحزب الاصلاح) أو مع الحوثيين دون اي دليل أو احالتهم الى القضاء".
ويواصل الشيخ السلفي حمدي شكري، فرض نفوذه العسكري ومليشيا "الانتقالي الجنوبي" بمحافظة لحج، عبر تعزيز انتشار قواته وإحلال أحد الوية مليشيا "الانتقالي" التي يقودها محسن الوالي ومجنديه من يافع، محل "اللواء التاسع صاعقة" برأس عمران، ومنتسبيه من الصبيحة.
تفاصيل: ارتال عسكرية تتحرك لاقتحام هذه المحافظة
يأتي هذا بعد اقرار مليشبا "العمالقة الجنوبية" و"الانتقالي الجنوبي"، خطة حملة واسعة للتنكيل بقبائل محافظات طوق عدن وفي مقدمها الصبيحة، تشمل مداهمات المنازل والاعتقالات ومصادرة الممتلكات واستهداف الشخصيات البارزة قبليا وتجاريا والمعروفة بأعمال تنموية وخيرية.
تفاصيل: المليشيا تقر خطة اعتقال وقمع مشايخ (اسماء)
وجاء بين ابرز من طالهم استهداف الشيخ شكري، رجل الاعمال والشخصية المجتمعية البارزة، الشيخ عصام هزاع عبده الصبيحي، المعتقل منذ (7 مايو) ونجله ومرافقه الشخصي على رفضه حصر الصبيحة بدائرة المقاتلين المأجورين والنهوض بها تنمويا واقتصاديا.
تفاصيل: اعتقالات جديدة لمشايخ طوق العاصمة (اسماء)
بالمقابل، أثار اعتقال رجل الاعمال والشيخ عصام الصبيحي، موجة استنكار وانتقادات بين اوساط الصبيحة. معتبرين أن "هذا الإجراء يكشف تبدلا مفاجئا لموقف العميد شكري". وشددوا على أن هذا "اساءة سافرة لشيخ مرموق ولقبائل الصبيحة عموما، واستهتار بالقيم القبلية والاجتماعية".
واطلق سياسيون وعسكريون نداء عاجلا لمشايخ ووجهاء واعيان الصبيحة، حذروهم من أن "الصمت تجاه ممارسات حمدي شكري التعسفية بحق الشيخ عصام هزاع اليوم لن ينجو احد من ملاقاة نفس المصير". مشددين على أن "كل ما يتعرض له اليوم الشيخ عصام هزاع هو اختبار لكم جميعا لما سيطالكم لاحقا".
تفاصيل: المليشيا تنفذ حملة لاعتقال مشايخ كبار (اسماء)
من جانبه، فضح وزير الدفاع الاسبق والمستشار العسكري لرئيس مجلس القيادة الرئاسي، الفريق الركن محمود الصبيحي، منتصف مايو الفائت، وفضح زيف اتهامات شكري و"الانتقالي"، معلنا أن الشيخ عصام هزاع محتجز على خلفية قضية ميناء رأس عيسى وسعيه لتفعيله.
تفاصيل: الفريق الصبيحي يوجه صفعة لـ "الانتقالي" (فيديو)
وقَدَم الشيخ السلفي حمدي شكري نفسه لمشايخ قبائل لحج، وفق افادة شخصيات قبلية "محاربا للحوثيين وحاميا للمحافظة وساعيا لنيل المحافظة وقبائلها حقوقها في التنمية التي حرمت منها. لكنه سرعان ما انقلب على الجميع، عقب تمكنه وقواته" الممولة من الامارات.
تتفق المصادر المحلية القبلية والعسكرية في جنوب البلاد عموما ولحج خصوصا، أن حمدي لم يكن من الشخصيات المعروفة في الصبيحة قبل العام 2015م، وكان معلما مغمورا لمادة التربية الاسلامية في إحدى المدارس بواحدة من قرى الصبيحة في محافظة لحج.
ويُعد حمدي شكري من خريجي معهد دماج للسلفيين، وظل على اتصال بالحركات "الجهادية" السلفية بما فيها تنظيم "القاعدة"، وواحدا من قياداتها التي ظهرت إثر انقلاب جماعة الحوثي والرئيس الاسبق علي عفاش، وهجوم قواتهم على جنوب البلاد، مطلع 2015م.
استقطبت الامارات، حمدي شكري مع قيادات بارزة في الحركات السلفية و"تنظيم القاعدة" بمواجهة الانقلاب، امثال هاني بن بريك وعبدالرحمن المحرمي (ابو زرعة) وعبداللطيف السيد، وغيرهم قبل ان تدير اغتيال العشرات منهم معارضي الاجندة الاماراتية بالجنوب.
تفاصيل: بريطانيا تفضح تورط الامارات باغتيالات عدن
ومولت الامارات علنا، عبر قيادة قواتها المشاركة في "التحالف العربي لدعم الشرعية باليمن"؛ انشاء تشكيلات عسكرية محلية وتسليحها، بينها نحو 15 لواء باسم "العمالقة الجنوبية" نكاية بألوية "العمالقة" التي حسمت حرب صيف 1994م ضد انفصال جنوب اليمن.
عقب انتهاء معركة تحرير عدن في مايو 2015م، نقلت الامارات الوية "العمالقة الجنوبية" إلى الساحل الغربي لليمن، لمواجهة الحوثيين والسيطرة على الساحل، ضمن سعيها للهيمنة على المنطقة، عبر الاستحواذ على الموانئ وفرض نفوذها على الملاحة البحرية.
بالتوازي، مولت الامارات في 2017، عيدروس الزُبيدي وانشاء ما سمته "المجلس الانتقالي الجنوبي" ونحو 50 لواء مسلحا بمسميات "الاحزمة الامنية" و"الدعم والاسناد" و"النُخب"، لفرض انفصال جنوب اليمن بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن والمنطقة.
وعمَّدت مليشيا "الانتقالي الجنوبي" ومليشيات الامارات، الى السيطرة على مدن ومديريات الجنوب بغطاء "مكافحة الارهاب" وارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق المواطنين والعيب الاسود، شملت اقتحام المنازل وانتهاك حرماتها، واعتقال واغتيال عشرات من المواطنين الابرياء.
أطلقت مليشيا "الانتقالي" بدعم اماراتي نهاية 2021م حملة لاجتياح محافظة شبوة سمتها "اعصار الجنوب"، وأخرى لاجتياح محافظة أبين سمتها "سهام الشرق" وقوبلت انتهاكاتها لحرمات منازل المواطنين واعتقالهم، بردود فعل قبلية خلفت عشرات القتلى والجرحى من المليشيا بينهم القيادي عبداللطيف السيد.
وتعاني مدينة عدن وعدد من مدن جنوب اليمن، انفلاتا امنيا واسعا، منذ انقلاب "المجلس الانتقالي الجنوبي" ومليشياته على الشرعية في اغسطس 2019م بدعم عسكري اماراتي، تصاعدت معه جرائم الاعتداءات والاختطافات والاغتيالات دون ضبط ومحاكمة أي من الجناة، لانتمائهم الى مليشيا "الانتقالي".
دعمت الامارات بطيرانها الحربي، تنفيذ مليشيات "المجلس الانتقالي" انقلابا عسكريا على الشرعية اليمنية، بدءا من منتصف مايو 2019، مرورا بإسقاط العاصمة المؤقتة عدن (اغسطس 2019)، ثم محافظة سقطرى، ووصولا للسيطرة على محافظتي ابين ولحج ثم شبوة نهاية العام 2021م.
وتسبب الانقلاب الاماراتي بواسطة ذراعها "الانتقالي الجنوبي" ومليشياته، في سيطرة الاخيرة على مؤسسات الدولة ومقدراتها، ومنع الحكومة الشرعية من مزاولة عملها في عدن، وتبعا انهيار الاوضاع المعيشية والادارية والخدمية والاقتصادية والامنية في عدن ومدن جنوب اليمن.
تفاصيل: غضب شعبي يباغت المليشيا بكل شارع (صور)
يتفق مراقبون محليون واقليميون ودوليون للشأن اليمني، في أن "دعم الامارات لانشاء المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات التابعة له انقلاب متكامل على الشرعية اليمنية يعادل انقلاب الحوثيين وعلي عبدالله صالح 2014م إن لم يفقه خطرا بالنظر الى تدعياته على وحدة اليمن وسيادته الوطنية".
وتتهم الحكومة اليمنية المعترف بها، "المجلس الانتقالي الجنوبي" بأنه "يعيق عمل الحكومة بإصراره على استمرار انتشار ونفوذ فصائل مليشياته المتعددة" منذ انقلابه العسكري على الشرعية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الامارات وطيرانها الحربي ضد الجيش الوطني.
مؤكدة أن "استمرار تمرد ‘الانتقالي‘ على الشرعية وسيطرته على مؤسسات الدولة واستحواذه على قدر كبير من ايرادات الدولة، في عدن وعدد من مدن جنوبي البلاد، فاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار العملة وارتفاع اسعار السلع والخدمات والمشتقات النفطية".
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.