العربي نيوز - عواصم:
تصاعدت على نحو مفاجئ وبوتيرة متسارعة حدة ازمة سعودية إماراتية، سياسية وإعلامية، تنقل صراع النفوذ بين الجانبين من اليمن الى حدودهما المشتركة وتنذر بمواجهة عسكرية بين الحليفين، حال فشل المساعي الدبلوماسية في احتواء نزاع حدودي ناشب على منطقة ذات سيادة مشتركة بين البلدين.
وانتقل صراع بسط النفوذ بين المملكة العربية السعودية ودولة الامارات، الدائر في المنطقة عموما وعلى الاراضي اليمنية خصوصا، منذ تشكل التحالف العربي بقيادة البلدين في مارس 2015م، إلى صراع حدودي ناشب بين البلدين.
أكد هذا اتساع دائرة تبادل الاتهامات والتهديدات سياسيا وإعلاميا وعلى منصات وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بين المملكة العربية السعودية ودولة الامارات، بفعل نزاع ناشب على منطقة حدودية، يزعم كل طرف سيادته عليها.
وكشفت مذكرة سعودية رسمية، عن رفع المملكة ولأول مرة، شكوى ضد دولة الامارات الى امين عام الامم المتحدة، تضمنت احتجاجا رسميا على إعلان الإمارات، منطقة "الياسات" ذات السيادة المشتركة بين البلدين "محمية بحرية".
وفقا للمذكرة، فقد عبّرت السعودية عن رفضها المرسوم الأميري لدولة الإمارات المتحدة لسنة 2019 بإعلان منطقة الياسات محمية بحرية. وقالت: إنه "لا يعتد به ولا يعترف به ولا يعترف بأي أثر قانوني له كونه مخالف للقانون الدولي".
وشددت السعودية على عدم اعترافها "بأي إجراءات أو ممارسات يتم اتخاذها أو ما يترتب عليها من حكومة الإمارات في المنطقة قبالة الساحل السعودي بما في ذلك البحر الإقليمي للمملكة ومنطقة السيادة المشتركة وفي جزيرتي مكاسب والقفاي".
مؤكدة أن "المملكة العربية السعودية تتمسك بكافة حقوقها ومصالحها وفقا للاتفاقية المبرمة بين البلدين في 21 أغسطس 1974 الملزمة للبلدين وفقا للقانون الدولي"، والتي "لا تثبت أي حق للإمارات، ولا تؤثر على حقوق السعودية ومصالحها".
وطالبت السعودية الأمم المتحدة بتعميم احتجاجها الرسمي على أعضاء الأمم المتحدة وفق الإجراءات المتبعة. داعية الامارات إلى "استكمال تنفيذ المادة الخامسة من اتفاقية تعين الحدود البرية والبحرية المؤرخة بين البلدين في عام 1974م".
جاءت مذكرة الاحتجاج السعودي الصادرة بتاريخ 18 مارس 2024، من البعثة الدائمة للمملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة، والموجهة إلى الأمين العام، عطفا على مذكرة من الخارجية السعودية بذات الشأن. ما ينذر بتصعيد مرتقب.
بالتوازي مع هذا الاحتجاج السعودي غير المسبوق والشكوى الرسمية ضد الامارات، لدى الامم المتحدة، بدأت حملة تصعيد اعلامي وسياسي بين البلدين، تصدر له كبار السياسيين والاعلاميين من مشاهير منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام.
وجاء بين ابرز السياسيين السعوديين البارزين تصعيدا للقضية، السياسي سلطان الطيار، ملوحا في تدوينة نشرها على حسابه بمنصة إكس (توتير سابقا)، الاثنين (15 ابريل)، بأن بلاده قد تضطر لاستخدام القوة لاستعادة جزر متنازع عليها من الإمارات.
قال السياسي الطيار، والمقرب من دوائر القرار السعودي: "#الامارات_تحتل_جزر_سعودية ماهو الرد الأمثل: الشكوى للأمم المتحدة أم استعادتها بالقوة ؟". مختتما بوسم حملة واسعة ينفذها الجيش الالكتروني لجهاز المخابرات السعودية #محمية_الياسات_سعودية
شاهد .. تلويح سعودي بالحرب على الامارات
مضيفا في تدوينة اخرى: "الإمارات تحفر للمملكة بدسائس جديدة حيث قامت بالإعلان رسميا بمرسوم من محمد بن زايد أن أربع جزر ذات سيادة مشتركة مع السعودية محمية إماراتية خالصة محمية الياسات وبعد 5 سنوات من التعنت الإماراتي أمام التفاوض السعودي".
شاهد.. السعودية تحذر الامارات من الهلاك
تُصنف منطقة "الياسات" من المواقع الهامة سياحيا وبيئيا، لتميزها بتوافر مواطن حساسة من الشعاب المرجانية والأعشاب البحرية والشواطئ الرملية، فضلا عن أهميتها التاريخية والثقافية. وتعتبرها السعودية "منطقة سيادة مشتركة" مع الامارات، بينما تتدعي الاخيرة ملكيتها.
ووسعت الامارات هوة الخلافات بينها والسعودية، بموقفها المناهض سعي المملكة الى السلام مع جماعة الحوثي عبر وساطة عُمانية، وعرقلتها نتائج المفاوضات بينها والجماعة ومجلس القيادة الرئاسي، واعاقة توقيع ما سمته المملكة في ابريل 2022م "خارطة السلام الشامل في اليمن".
عمَّدت الامارات الى الدفع بذراعها السياسي والعسكري في جنوب اليمن (المجلس الانتقالي الجنوبي) إلى رفض الخارطة، رفضا للتسوية المطروحة للقضية الجنوبية، وما يترتب عليها من فقدان ابوظبي مكاسبها العسكرية والاقتصادية المتحققة لها طوال سنوات الحرب في جنوب البلاد.
تفاصيل: الامارات تعارض وساطة عُمان والسعودية ترد
وبرز صراع النفوذ بين السعودية والامارات في اليمن، بصورة علنية، مع تبني الرياض تمويل انشاء قوات "درع الوطن" من السلفيين الجنوبيين لكبح تمرد مليشيا "الانتقالي" على مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، وردع إصرار ابوظبي على بسط نفوذها على المحافظات اليمنية الشرقية.
بدأت المملكة منذ بداية العام 2022م بتمويل معسكرات تجنيد قوات سمتها بداية "اليمن السعيد" ثم "درع الوطن"، واحلالها بمحافظات (شبوة، المهرة، حضرموت) ضدا لمساعي الامارات تمكين مليشيات "الانتقالي" من السيطرة عليها، ما تعتبره السعودية "مساسا بأمنها القومي ومصالحها الاستراتيجية".
تفاصيل: السعودية تحسم عسكرياً صراع النفوذ في حضرموت (صور)
وكشفت تسريبات دولية، سياسية وعسكرية، منتصف سبتمبر الماضي، عن تطورات متسارعة تسير باتجاه اندلاع حرب جديدة في اليمن، قالت أنها ستكون "جولة عنيفة ودامية" بين مختلف الفصائل المسلحة، جراء تصاعد واحتدام الصراع بين السعودية والامارات، على بسط النفوذ في اليمن.
تفاصيل: تسريبات دولية لحرب دامية وشيكة باليمن (وثيقة)
لكن المملكة العربية السعودية، سرعان ما استطاعت بهدوء ودهاء سياسي، اجهاض احلامه ومن ورائه الامارت في السيطرة على محافظة حضرموت، وتمكنها من محاصرة "المجلس الانتقالي" في اتجاهين كلاهما يقضيان على طموحاته، ويفضيان إلى انهياره وتبعا اجندته في اليمن ومن ورائها الامارات.
تفاصيل: السعودية تباغت "الانتقالي" والامارات بضربة قاضية
يشار إلى أن الازمة السعودية الاماراتية، طفت على السطح رسميا، بتغيب ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان عن حضور قمة مصغرة دعت اليها الامارات في ابوظبي، ثم في انفراد السعودية بقرار اتفاق مصالحة ايران، ثم بقرار انهاء الحرب في اليمن والسعي للمصالحة بين قوى مجلس القيادة الرئاسي ولمصالحة جماعة الحوثي وارسال وفد إلى صنعاء، لتوقيع اتفاق سلام شامل.