العربي نيوز - عدن:
أحرج القيادي الجنوبي المنضم حديثا لهيئة رئاسة ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات، فادي باعوم، قيادات "الانتقالي"، بفضح فسادها الفاحش، علنا، قبل أن يضطره الهجوم الواسع من الجيش الالكتروني لـ "الانتقالي" إلى حذف بيانه المثير للجدل.
جاء هذا في بيان جريء نشره باعوم، على حسابه بمنصتي "فيس بوك" و"إكس" (توتير سابقا)، انتقد فيه فساد قيادات "المجلس الانتقالي" في العاصمة المؤقتة عدن، منذ استيلاء مليشيات المجلس على عدن بانقلاب اغسطس 2019م بدعم اماراتي.
وقال فادي باعوم: "من مظاهرِ الفسادِ التي تُحيطُ بنا من كلِّ جانبٍ، قادةٌ يمشون في المدنِ، وخلفَهم عشراتُ الأطقمِ والمدرعاتِ والجنودِ، بطريقةٍ استعراضيةٍ فجّةٍ". متسائلا: ألا تستفزّكم هذهِ الصورةُ؟". في إشارة مباشرة وصريحة منه إلى قيادة "الانتقالي".
متسائلا بصفته مسؤولا عن مكافحة الفساد في "الانتقالي"، عن مصادر دخل هؤلاء الفاسدين: "من أينَ لهؤلاءِ القادةِ مصاريفُ كلِّ هؤلاءِ الجنودِ ومحروقاتِ الأطقمِ والمدرعاتِ؟ كم يصرفُونَ يومياً؟ وكم مرتّباتُهم؟ متابعا: أليسَ هذا تظاهراً فجّاً ووقحاً بالفسادِ؟".
وتابع باعوم في تدوينته المثيرة لجدل واسع جدا: ""كان بإمكانِ هؤلاءِ القادةِ حفظُ أمنِهم بمصفحةٍ وثلاثةِ جنودٍ، فهم في مدينةٍ عدنَ، وليس في جبهةٍ مشتعلةٍ. الغريبُ في الأمرِ أنّهُ عندما يأتي هؤلاءَ المتفاخرونَ بالفسادِ، يتلقّاهمُ الناسُ بالترحيبِ والتقديرِ والتبجيلِ".
مستدركا بالقول: "فكيفَ نحاربُ الفسادَ ونحنُ نبجّلُهُ؟". ما فتح عليه النار وحملة شعواء من الجيش الالكتروني التابع لـ "المجلس الانتقالي"، بتعليقات لم تخل من اتهامات التخوين والخيانة للجنوب، وتهديدات ايضا بالتصفية في حال لم يحذف منشوره، فحذفه.
وجاءت تدوينة (بيان) فادي باعوم، عقب اسابيع على ايكال "المجلس الانتقالي" له مسؤولية ملف "مكافحة الفساد" الذي تحصره قيادات المجلس في "الحكومة" و"الشرعية اليمنية" فقط، وعقده اجتماعات مع ما يسمى "اللجنة التحضيرية للاتحاد الجنوبي لمكافحة الفساد".
ترافقت تدوينة باعوم مع تصاعد حالة احتقان الشارع العام في عدن والمحافظات المحررة عموما، وبصورة اكبر طوال السنوات الخمس الاخيرة، التي شهدت تصاعد السخط الشعبي المتأجج بتظاهرات لا يخلو شهر من خروجها، احتجاجا على تفاقم تدهور الاوضاع العامة.
وشهدت عدن والمحافظات المحررة عموما، تصاعد غلاء المعيشة الفاحش، وتدهور الاوضاع العامة وانقطاع التيار الكهرباء والمياه العمومية وطفح مياه الصرف الصحي والانفلات الامني، وتدهور قيمة العملة وارتفاع اسعار السلع الغذائية والمشتقات النفطية.
تسبب استمرار انهيار قيمة العملة الوطنية متجاوزة 1660 ريالا للدولار و440 ريالا للريال السعودي، وسريان قرار الحكومة رفع سعر صرف الدولار الجمركي 150%.في ارتفاع اسعار السلع الغذائية ومواد التموين بنسبة تتجاوز 350% .
بالتوازي، تصاعدت مظاهر حالة من الفوضى في عدن بعد انتشار كبير للحبوب المخدرة والحشيش، وانتشار النازحين الأفارقة في عدن أغلبهم من فئة الشباب، وعودة بيع السلاح في مديرية الشيخ عثمان بعد أن تم منعها خلال الفترة الماضية.
ويترافق هذا التدهور المتصاعد للأوضاع، مع بوادر أزمة عجز الحكومة عن دفع رواتب موظفي الدولة بالمحافظات المحررة، بعد تأخر صرف رواتب المعلمين والعسكريين لشهر ديسمبر الماضي، في ظل نُذر امتداد الازمة لرواتب الاشهر المقبلة.
تفاصيل: اعلان رئاسي بشأن صرف الرواتب (بيان)
بدوره، دعا ما يسمى "الإتحاد العام لنقابات عمال الجنوب" في (30 يناير) إلى "التصعيد العمالي والشعبي الواسع بدءا برفع الشارات الحمراء"، احتجاجا على سوء الظروف المعيشية للموظفين والعمال، ورفضا لتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية.
من جانبهم، يتفق سياسيون واقتصاديون في ارجاع تفاقم التدهور العام للاوضاع في عدن والمحافظات الجنوبية الى "اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة بجانب تبادل اتهامات الفساد".
ويتهم "المجلس الانتقالي" التابع للامارات، الحكومة التي يشارك بنصفها، وبخاصة رئيسها معين بـ "صفقات فساد تتجاوز عدم ايداع ايرادات الدولة في البنك المركزي إلى انشاء شركات استثمارية خاصة خارج البلاد، بجانب المضاربة على العملة".
في المقابل، ظلت الحكومة تتهم "الانتقالي" بأنه "يواصل اعاقة عمل الحكومة بإصراره على استمرار نفوذه بمؤسسات الدولة وانتشار فصائل مليشياته المتعددة" منذ انقلابه على الشرعية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري اماراتي مباشر.
وتتهم "الانتقالي" بـ "استحواذه على قدر كبير من ايرادات الدولة" في عدن ومدن جنوبي البلاد، و"التسبب في تفاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار العملة وارتفاع اسعار السلع الغذائية والخدمات والمشتقات النفطية".
وتبنت الامارات في 2017م إنشاء "المجلس الانتقالي" ورئيسه عيدروس الزُبيدي، وتمويل تجنيد وتسليح ما يقارب 50 لواء من المليشيات المسلحة، ليغدو الذراع السياسي والعسكري لها في جنوب البلاد، وأداة فرض انفصال جنوب اليمن، بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن.
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.