العربي نيوز - عدن:
سجل صرف الريال اليمني مقابل الدولار والريال السعودي تغيرا مفاجئا وغير متوقع لجميع المتعاملين والمهتمين بالعملات الاجنبية، التي سجلت تراجعا لافتا، قياسا بما وصلت اليه اسعارها مساء السبت من ارتفاع هائل جراء التدهور المتسارع لقيمة العملة المحلية، وتواصل اتهيار الريال.
وأكدت عدد من كبريات شركات الصرافة في البلاد، ان "الريال اليمني سجل في التعاملات الصباحية اليوم الاحد (4 فبراير)، في عدن استقرارا عند سقفه الجديد البالغ 1662 ريالا مقابل الدولار الامريكي بعدما كان وصل إلى 1665 ريالا، و437 ريالا مقابل الريال السعودي بعدما كان 440".
موضحة أن "هذا الارتفاع الطفيف لسعر الريال غير ثابت ومرتبط بسعر بيع البنك المركزي وضخه ملايين الدولارات للسوق وتحويلات المغتربين"، ومشيرة إلى أن "سعر صرف الريال في صنعاء ومحافظات سيطرة جماعة الحوثي واصل استقراره عند 528 ريالا للدولار، و140 ريالا للريال السعودي".
ويعاني المواطنون في عدن ومدن الجنوب عموما، من غلاء فاحش للمعيشة، بعد ارتفاع اسعار السلع الغذائية ومواد التموين بنسبة تتجاوز 350% حسب تقارير البنك الدولي، جراء استمرار انهيار قيمة الريال اليمني، وسريان قرار الحكومة رفع سعر صرف الدولار الجمركي 150%.
يترافق غلاء المعيشة الفاحش، مع تصاعد السخط الشعبي على تفاقم تدهور الاوضاع العامة وانقطاع التيار الكهرباء والمياه العمومية وطفح مياه الصرف الصحي وتردي الخدمات العامة عموما، والانفلات الامني، وتدهور قيمة العملة وارتفاع اسعار السلع الغذائية والمشتقات النفطية.
ويشكو المواطنون في عدن وعدد من المحافظات الجنوبية من تفاقم أزمة انقطاع الكهرباء والمياه العمومية في معظم المديريات، بسبب ازدياد عدد ساعات انقطاع الكهرباء وتوقف مضخات المياه الى المنازل، بجانب انعدام الغاز المنزلي، وطفح مياه الصرف الصحي (المجارير).
من جانبها، ناشدت الموسسة العامة للكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن الحكومة والسلطة المحلية لعدن، سرعة التدخل للحيلولة دون خروج كامل منظومة توليد الكهرباء عن الخدمة، بفعل نفاذ الوقود المخصص لمحطات التوليد، رغم تسهيلات المنحة النفطية السعودية للمحطات.
وفي وقت سابق ناشدت المؤسسة العامة للكهرباء في عدن قيادة محافظة أبين بـ "ضرورة التدخل للإفراج عن ناقلات وقود النفط الخام القادمة من محافظة شبوة، والمخصصة لتزويد محطة بترومسيلة بالوقود ، وذلك عقب قطع الطريق من مسلحين مجهولين في منطقة خبر المراقشة".
بالتوازي، تتصاعد مظاهر حالة من الفوضى في العاصمة المؤقتة عدن بعد انتشار كبير للحبوب المخدرة والحشيش، وانتشار النازحين الأفارقة في عدة أماكن في عدن أغلبهم من فئة الشباب، وعودة بيع السلاح في مديرية الشيخ عثمان بعد أن تم منعها خلال الفترة الماضية.
ويترافق هذا التدهور المتصاعد للأوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية والامنية، مع بوادر أزمة عجز الحكومة المعترف بها عن دفع رواتب موظفي الدولة، بعد تأخر صرف رواتب المعلمين والعسكريين لشهر ديسمبر الماضي، في ظل نُذر امتداد الازمة لرواتب الاشهر المقبلة.
تفاصيل: اعلان رئاسي بشأن صرف الرواتب (بيان)
بدوره، دعا ما يسمى "الإتحاد العام لنقابات عمال الجنوب" في (30 يناير) إلى "التصعيد العمالي والشعبي الواسع بدءا برفع الشارات الحمراء"، احتجاجا على سوء الظروف المعيشية للموظفين والعمال، ورفضا لتدهور الأوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في عدن والجنوب عموما.
وأعلن في بيان: أن "هذه الحملة ستتخذ شكلًا تدريجيًا من خلال التصعيد، حيث سيتم تنفيذ إضرابات جزئية تؤثر على القطاعات الحيوية" في البلاد. داعيا الحكومة إلى "أخذ هذه الدعوة إلى التصعيد على محمل الجد واتخاذ خطوات فعالة لتحسين الأوضاع المعيشية للعمال والموظفين".
من جانبهم، يتفق سياسيون واقتصاديون في ارجاع تفاقم التدهور العام للاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات الجنوبية الى "اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة بجانب تبادل اتهامات الفساد".
ويتهم "المجلس الانتقالي" التابع للامارات، الحكومة التي يشارك بنصفها، وبخاصة رئيسها معين عبدالملك بـ "صفقات فساد تتجاوز عدم ايداع ايرادات الدولة في البنك المركزي اليمني إلى نهب المساعدات والمنح المالية وانشاء شركات استثمارية خاصة خارج البلاد، بجانب المضاربة على العملة".
في المقابل، تتهم الحكومة "المجلس الانتقالي" بأنه "يواصل اعاقة عمل الحكومة بإصراره على استمرار نفوذه بمؤسسات الدولة وانتشار فصائل مليشياته المتعددة" والممولة من الامارات منذ انقلابه على الشرعية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الامارات وطيرانها الحربي.
مؤكدة أن "استمرار الاضطراب واعاقة تمكين مؤسسات الدولة" في اشارة لتمرد "الانتقالي" واستحواذه على قدر كبير من ايرادات الدولة، في عدن ومدن جنوبي البلاد "فاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار العملة وارتفاع اسعار السلع الغذائية والخدمات والمشتقات النفطية".
وتبنت الامارات في 2017م إنشاء "المجلس الانتقالي" ورئيسه عيدروس الزُبيدي، وتمويل تجنيد وتسليح ما يقارب 50 لواء من المليشيات المسلحة، ليغدو الذراع السياسي والعسكري لها في جنوب البلاد، وأداة فرض انفصال جنوب اليمن، بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن.
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.