الجمعة 2024/11/01 الساعة 05:29 م

بنك يمني يقتل الريال بتهريب مليارات لهذه الدولة (تفاصيل)

العربي نيوز - عدن:

كشف مسؤولون مصرفيون عن تسبب واحد من اكبر البنوك اليمنية الحكومية في الانهيار المتسارع لقيمة الريال اليمني امام العملات الاجنبية، من خلال قيامه بنقل وتهريب مئات الملايين من العملات الصعبة إلى خارج اليمن، عبر رحلات جوية، متعاقبة، وبتواطؤ وتسهيل من السلطات الامنية في مطار عدن الدولي. 

وأفادت مصادر مصرفية متطابقة، في العاصمة المؤقتة عدن، بأن "بنك التسليف التعاوني الزراعي (كاك بنك) قام بنقل وتهريب المليارات وأخرها تهريب مبلغ ٩٠ مليون ريال سعودي (ما يعادل 376 مليار و20 مليون ريال) إلى مدينة جدة في السعودية، عبر الرحلة رقم ٥١٢ لطيران اليمنية، بتواطؤ وتسهيل من أمن مطار عدن".

من جانبهم، أكد خبراء اقتصاديون، في تناولاتهم الوضع، أن التراجع الحاد في قيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية في عدن خلال الأيام الماضية "لا يعكس الواقع الاقتصادي للبلاد". كاشفين عن "عمليات مضاربة متعمدة بالعملة تقوم بها جهات معينة تستغل الظروف السياسية والأمنية الراهنة في البلاد".

وقال المحلل الاقتصادي فارس النجار في تدوينة على حسابه بمنصة "فيس بوك": إن "التراجع الأخير في سعر صرف العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية ليس له أسباب حقيقية وجوهرية بل يدخل في نطاق المضاربة التي تحركها قوى المضاربة في السوق”. في اشارة إلى المضاربة على العملة الصعبة. 

مضيفا: "الزيادة الطفيفة في الطلب على النقد الأجنبي نتيجة دخولنا في موسم الذروة يناير 2024م لا تستدعي هذا الكم من التغيير المبالغ فيه". وأردف: "يتطلب الأمر تكاتف أمني، استخباراتي، محلي إلى جانب البنك المركزي والسلطات المحلية لضبط المتلاعبين وحماية الاقتصاد الوطني من التلاعب والاستنزاف".

شاهد .. محلل اقتصادي يكشف سبب انهيار قيمة العملة

يتزامن هذا الكشف مع تسجيل سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الاجنبية، تراجعا حادا يسبق الانهيار الكبير، بختام التداولات المسائية الاحد، في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، ما دفع قيادة البنك المركزي اليمني في عدن إلى اتخاذ اجراء عاجل لكبح التدهور ومنع الانهيار الكبير.

وأكدت كبرى شركات الصرافة، أن "سعر صرف الريال مساء الاحد، بلغ في عدن 1590 ريالا لبيع الدولار الواحد، و418 ريالا مقابل الريال السعودي، بينما يواصل الاستقرار النسبي في صنعاء عند 528 ريالا مقابل الدولار و140 مقابل الريال السعودي".

من جانبه، قرر البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة، استئناف عمليات بيع الدولار للبنوك وشركات الصرافة في المزادات الاسبوعية المفتوحة، بعدما توقفت طوال الاشهر الثلاثة الماضية، بفعل افتقاد البنك السيولة النقدية من العملة المحلية والاجنبية.

وأعلن البنك المركزي اليمني، الأحد (21 يناير)، على موقعه الاكتروني عن اقامته الاربعاء المقبل (24 يناير) المزاد رقم (1/2024)، لبيع 40 مليون دولار. بزيادة 10 ملايين دولار عن اخر مزاد نفذه البنك في 19 أكتوبر الماضي لبيع 30 مليون دولار.

جاء اعلان البنك المركزي اليمني استئناف مزاداته الاسبوعية لبيع العملة الأجنبية، على البنوك وشركات الصرافة والتحويلات البنكية، عقب ايام على اعلانه تحويل الدفعة الثانية من الوديعة السعودية النقدية الاخيرة لدعم الإقتصاد الوطني وفاتورة الاستيراد.

شاهد .. البنك المركزي ينفذ اجراء لانقاذ الريال

ومع أن مزادات البنك المركزي التي بدأها منذ 2022م وباعت قرابة ملياري دولار امريكي، لم تكبح تدهور قيمة الريال اليمني، إلا أن فريق خبراء البنك الدولي اوصى في ختام زيارته الى عدن في يونيو الماضي بـ "ضرورة استمرار مزادات بيع العملة الاجنبية".

تسبب استمرار تدهور قيمة الريال اليمني امام العملات الاجنبية، في ارتفاع فاحش لأسعار السلع الغذائية والمواد التموينية والمشتقات النفطية والخدمات العامة، قدرته تقارير البنك الدولي بنسبة 300%، مشيرة إلى أن 50"% من سكان مناطق سيطرة الحكومة باتوا عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الغذائية الاساسية جراء التدهور الاقتصادي المتسارع".

يتزامن هذا مع انباء صادمة وغير سارة بالمرة، بشأن صرف رواتب الموظفين في عدن والمناطق المحررة، تفسر اسباب تأخر صرف رواتب المعلمين والعسكريين وعدد من قطاعات الدولة، وتكشف مصير رواتب الاشهر المقبلة، بفعل ما وصفته مصادر حكومية "ازمة مالية حادة" قالت إن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، تمر بها منذ أشهر.

وأكدت مصادر حكومية متطابقة في وزارة المالية والبنك المركزي اليمني، إن "الازمة المالية التي تمر بها الحكومة جراء توقف تصدير النفط والغاز، بعد الهجمات الحوثية على موانئ تصديرهما؛ ازدادت حدتها مع نهاية العام المنصرم وبداية العام الجاري. ما تسبب في تعذر صرف رواتب قطاعات كبيرة من موظفي الدولة للشهرين الماضيين".

موضحة أن "الحكومة فقدت اهم موارد الخزينة العامة ممثلة بعائدات النفط، بعد هجمات مليشيا الحوثي على موانئ التصدير في حضرموت وشبوة، وبلغت خسائر الحكومة منذ توقف تصدير النفط في اكتوبر 2022م، وحتى الان أكثر من ملياري دولار، وانعكس هذا على قيمة العملة الوطنية التي فقدت نحو 28% من قيمتها على مدار 12 شهراً الماضية".

ولفتت إلى أن "الحكومة تواجه صعوبات في تأمين رواتب موظفي الدولة في المناطق التي تسيطر عليها، بعد أن اقترضت 80 مليار ريال من بنك القطيبي خلال الشهرين الماضيين، بفعل نقص سيولة النقد المحلي والاجنبي، يعاني منه البنك المركزي ووزارة المالية، ويجعلهما غير قادرين على دفع 835 مليار ريال، فاتورة الرواتب السنوية".

ولم تستبعد المصادر الحكومية في وزارة المالية والبنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن "عجز الحكومة عن دفع رواتب الموظفين في عدن والمحافظات المحررة اعتبارا من يناير الجاري، مالم يتدخل التحالف العربي ممثلا بالمملكة العربية السعودية ودولة الامارات، بدعم مالي عاجل لتغطية أكبر بنود موازنة الدولة، ممثلا في الرواتب والاجور".

في السياق، كان رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد محمد العليمي قد حذر، في مقابلة متلفزة مع قناة "العربية" اجرتها معه بتاريخ (19 ديسمبر 2022م)، من عجز الحكومة عن دفع رواتب الموظفين بسبب توقف صادرات النفط والغاز اليمني، وانقطاع ايراداتها البالغة حسب مندوب اليمن لدى الامم المتحدة "1.5 مليار دولار حتى اغسطس 2023م".

ويضيف خبراء اقتصاديون ومنظمات دولية بينها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى اسباب الأزمة المالية التي تمر بها الحكومة اليمنية "اختلالات المالية العامة وصرف رواتب كبار موظفي الدولة بالعملة الصعبة ونفقات اقاماتهم خارج البلاد"، في اشارة إلى اتهامات الفاسد المالي المتبادلة بين مختلف اطراف مجلس القيادة الرئاسي والحكومة،.

كما امتدت اثار الازمة المالية وتداعيات الانهيار الاقتصادي في عدن والمحافظات المحررة، إلى مختلف قطاعات الخدمات، التي شهدت تدهورا كبيرا طغت معه انقطاعات مياه الشبكة العمومية وانقطاع التيار الكهربائي معظم ساعات اليوم باستثناء 3-4 ساعات في عدن ومحافظات جنوب البلاد، وتكدس النفايات وطفح مياه الصرف الصحي.

وشنت جماعة الحوثي نهاية اكتوبر 2022م، هجمات على موانئ الضبة والنشيمة وقنا في محافظتي حضرموت وشبوة وحذرت سفن شحن النفط الخام والغاز من دخول هذه الموانئ، بزعم أن "النفط والغاز ملك كل اليمنيين"، ومطالبتها بـ "توجيه ايرادات النفط والغاز لصرف رواتب جميع موظفي الدولة" بما فيهم قرابة مليون موظف بمناطق سيطرتها.

يشار إلى أن التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية بدأ منذ سبتمبر 2022م وعبر وساطة عُمانية، مفاوضات غير مباشرة ثم مفاوضات مباشرة مع جماعة الحوثي، لإنهاء الحرب واحلال السلام واستئناف تصدير النفط والغاز ودفع رواتب جميع موظفي الدولة وفتح المطارات والموانئ والطرقات واطلاق الاسرى، وكادت مختلف الاطراف توقع عليه لولا تداعيات العدوان الاسرائيلي على غزة.