العربي نيوز - عدن:
انفجر الوضع في مدينة عدن وبدأ يتمدد الى عدد من المحافظات الجنوبية، اثر اندلاع اشتباكات عنيفة بين مسلحي قيادات جنوبية سياسية وعسكرية متعددة الولاءات، بمختلف الاسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، متسببة بحالة ذعر ورعب غير مسبوقة بين اوساط المواطنين دعت عشرات الالاف منهم لمغادرة منازلهم، وأوقعت محصلة دامية للقتلى والجرحى، تباينت الروايات عن اعدادهم.
عصفت هذه المأساة الدامية بجنوب اليمن في مثل هذا اليوم (13 يناير 1986م)، وفي ذكراها السابعة والثلاثين، حذرت قيادات جنوبية سياسية وعسكرية وقبلية، من تكرار المأساة، في ظل ما يجري في جنوب اليمن، من فرض التحالف "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات، ممثلا وحيدا للجنوب وقضيته وسعيه عبر مليشياته لفرض سيطرته على كامل المحافظات الجنوبية.
وجاء بين ابرز هذه القيادات الجنوبية، نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء سابقا، خالد محفوظ بحاح. في تغريدة على منصة "توتير"، قال فيها: "ما أشبه الخطة "ب" بالبارحة!. وما يُراد لحضرموت بأن تتحول ساحة معركة لتصفية حسابات لن يقبله أبناء حضرموت من أي طرف. يعرف الحضارم طريقهم، وهم في يقظة لكل متربص". وأردف محذرا: "يكفينا ١٣ يناير واحدة !!".
تأتي هذه التحذيرات في وقت مازال جنوب اليمن يعاني من اثار الانفجار الدامي للصراع بين قيادات جنوبية سياسية وامنية وعسكرية واندلاع نيران اشتباكات عنيفة بدأت من داخل مقر المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني بمديرية التواهي، صباح الاحد 13يناير 1986م، ايذانا لحرب اهلية خلفت دمارا واسعا ومجازر دموية ومأساة كبرى، ظلت اثارها نارا تحت الرماد.
وفقا لاجماع المصادر السياسية والعسكرية المحلية والاجنبية، فقد اتفقت في ان "خلافات شديدة بين اجنحة متنافرة في التوجه داخل قيادة الحزب الاشتراكي الحاكم حينها لجنوب البلاد، انفجرت صباح الثالث عشر من يناير 1986 لتحصد ما لا يقل عن 20 الف قتيل وجريح وتشرد مئات الالاف من المواطنين خلال اسبوعين فقط".
وتفيد المصادر المتاحة وشهادات القيادات الجنوبية التي نجت من "تصفيات دامية ببطاقة الهوية لمسقط الرأس (المحافظة)" ان ما حدث في 13 يناير 1986 "كان انقلابا عسكريا داميا ارتكب فيه مختلف اطرافه المتصارعة مجازر وفظاعات بشعة ملأت الشوارع بالجثث والسجون بالمعتقلين واطلقت العنان لأبشع الاعدامات".
موضحة ان انفجار الوضع عسكريا بين رفاق ثورة 14 اكتوبر ضد الاحتلال البريطاني الذين صاروا فرقاء على مقصلة السلطة، جاء امتدادا لصرعات وانقلابات متلاحقة تلت انتزاع الاستقلال (30 نوفمبر 1967م) وتسليم بريطانيا السلطة للجبهة القومية واقصاء الاخيرة لجبهة التحرير، وحصدت 3 رؤساء ونجا الرابع بأعجوبة.
وتلفت المصادر السياسية والعسكرية المتطابقة الى ان الصراع على السلطة والقرار في جنوب اليمن اتخذ بعدا ايديولوجيا اشتراكيا (متشددا راديكالي ومعتدلا برغماتي) يغطي بعدا اخطر قبلي ومناطقي تبعا لقبائل ومحافظات قيادات الحزب والجيش، وهو من ظل يفجر الصراع ومازال يغذيه حتى اليوم.
مشيرة الى ان الصراع بين قيادات السلطة (الحزب الاشتراكي والجيش) ببعديه الايديولوجي والقبلي والمناطقي ظل يؤجج الخلافات ويفجر الصراعات وصولا الى ١٣ يناير ليستمر بين ما عُرف تيار "الزمرة" ويمثل جناح قيادات محافظتي ابين وشبوة وتيار "الطغمة" ويمثل جناح قيادات الضالع ولحج (ردفان ويافع) وحضرموت.
تؤكد مجريات الاحداث في جنوب البلاد منذ ما بعد اعادة توحيد شطري اليمن في 22 مايو 1990م استمرار صراع "الزمرة" التي نزحت قياداتها للشمال و"الطغمة" التي حكمت جنوب اليمن ثم دخلت حكما ائتلافيا مع شماله عقب ذوبان الكيانين السياسيين لشطري اليمن وانصهارهما في دولة الجمهورية اليمنية، وصولا الى انفجار حرب صيف 1994م.
وتجددت مظاهر الصراع عقب تشكل ما عرف "الحراك الجنوبي" عام 2007 من جناح "الطغمة" ضد جناح "الزمرة" في السلطة. وصولا الى تفاقمه عقب اطاحة ثورة الشباب الشعبية السلمية في 11 فبراير 2011 بنظام الرئيس الاسبق علي صالح عفاش وحلفائه من قيادات جنوب البلاد السياسية والامنية والعسكرية المحسوبين على جناح "الزمرة".
ومع ان قيادات أطراف الصراع بالمحافظات الجنوبية دعت وعقدت منذ 2013 وخلال السنوات الماضية "مؤتمرات للتصالح والتسامح" سعيا منها لطي ماضي الصراعات الدامية الا ان الأحقاد ظلت نارا تحت الرماد تتجدد بين حين واخر، وصولا الى اندلاع الحرب بعد انقلاب الحوثيين وعفاش في سبتمبر 2014 وتدخل التحالف بقيادة السعودية والامارات.
نكأ التحالف الجراح الجنوبية وغذا الصراع والثارات بين جناح "الزمرة" الذي يمثله الرئيس هادي وقيادات جنوبية في الشرعية كاللواء احمد الميسري وغيره، وجناح "الطغمة"، عبر تبني الامارات سياسيا وماليا واعلاميا تأسيس "المجلس الانتقالي الجنوبي" في 2017 من قيادات الضالع ويافع وتشكيل 25 لواء مسلحا تابعا لمختلف تشكيلات مليشياته.
ويتفق مراقبون في ان "انتهاج الانتقالي النهج القبلي والمناطقي في تشكيل سلطاته ومليشاته وفرض نفسه ممثلا وحيدا لجنوب اليمن وسعيه لاستكمال السيطرة بقوة السلاح على كامل المحافظات الجنوبية وتحديدا حضرموت والمهرة، ينذر بانفجار وشيك لرحى الصراع الجنوبي الجنوبي مجددا وبصورة ستكون اشد دموية وافدح وخامة وجسامة".
قيادات جنوبية تحذر من تكرار مجازر يناير 1986م
شاهد .. فيلم وثائقي لاحداث "١٣ يناير" الدامية ج ١:
شاهد .. فيلم وثائقي لاحداث "١٣ يناير" الدامية ج 2: