العربي نيوز - الرياض:
كشف سياسيون عن فضيحة كبرى اثارت غضب اليمنيين كافة على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية، واعتبروها أول اختبار لمجلس القيادة الرئاسي، في مدى التزامه بأول مادة بقرار تشكيله واول تعهداته التي اطلقها رئيس المجلس في اول خطاباته الرسمية للشعب، الجمعة، متمثلا في حماية سيادة اليمن وحدوده ووحدة اراضيه، وما سيتخذه حيال انتهاك سافر لحدود الجمهورية اليمنية، جرى تعميمه في شعار مجلس تعاون دول الخليج العربية خلال المشاورات اليمنية التي رعى انعقادها في العاصمة السعودية الرياض.
واستفز حدث فاضح في مشاورات الرياض، مشاعر اليمنيين وغضبهم في الداخل والخارج، على اختلاف توجهاتهم الفكرية والسياسية وانتماءاتهم لارجاء اليمن، لما وصفوه "امتهانا لليمن وكرامة اليمنيين وسيادة اليمن"، واعتبروه "مؤشرا صريحا على نوايا مبيتة" رأوا أنها "تضمر الشر لليمن وتسعى لانتهاك سيادة الاراضي اليمنية ونهب مساحات مترامية منها" تُقدر بمئات الالاف من الكيلومترات.
أظهرت صور متداولة من قاعات المشاورات الجارية في الرياض، والمثيرة لسخط واستياء اليمنيين، شعار مجلس تعاون دول الخليج العربية متضمنا خريطة اليمن تلحق مساحات من اليمن للسعودية، بينما انفردت صورة للشعار بضم مساحات مترامية من اراضيه الشمالية والشرقية إلى السعودية. وضاعف الاستياء والاستنكار ان الصورة معلقة بأحد قاعات أمانة مجلس التعاون.
جاءت الصورة التي استنكر كثير من اليمنيين تعمد الامانة العامة لمجلس التعاون الخليجي تعليقها في إحدى قاعات مشاورات الرياض الجارية بين الأطراف اليمنية اليمنية، متجاوزة في التزوير، بكثير تلك التي جرى اعتمادها في الشعار الرسمي لمجلس التعاون الخليجي وملأت قاعة المشاورات وتنشرها وسائل اعلام سعودية وتمد الحدود السعودية إلى عمق مثلث دلتا ابين.
وتبرز الصورة اقتطاع ما يعادل ثلثي مساحة الجمهورية اليمنية وضم محافظتي حضرموت والمهرة إلى الأراضي السعودية. على نحو اثار حفيظة اليمنيين بالتزامن مع تصاعد حديث الامانة العامة لمجلس تعاون دول الخليج العربية عن توجهات ضم اليمن إلى عضوية الكاملة في المجلس.
وفقا لمعظم تعليقات وردود فعل اليمنيين على منصات التواصل الاجتماعي فإن "هذه الصورة ليست خطأ عارضا بل مقصودا وتعليقها في احد قاعات المشاورات متعمد". معتبرين أنها "رسالة تعكس الاطماع السعودية في اليمن" و"دوافع استماتتها في الحرب دعما لتنفيذ اقاليم اليمن الاتحادية".
وفي حين وصف مسؤول سعودي هذه الصورة بأنها "خطأ غير مقصود" وأكد أن "مسؤولي الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي لن يتوانوا في تعديل هذا الخطأ الغير مقصود". أكد سياسيون يمنيون العكس مشيرين إلى "توسع نقاط ومعسكرات حرس الحدود السعودي في خراخير بحضرموت".
مشيرين إلى أن "جميع صور الشعار الرسمي لمجلس التعاون الخليجي التي تحيط بجميع المشاركين في المشاورات من كل جهة تتضمن خريطة مزورة لحدود اليمن مع السعودية، تتوغل الاخيرة في اراضي اليمن حتى نصف شبوة. ولم يعترض أي من المشاركين في المشاورات على هذا التزوير".
واتفقت ردود فعل اليمنيين في معظمها، في "مطالبة مجلس الرئاسة والحكومة اليمنية بموقف رسمي من هذه الصورة والخارطة المزورة التي تتضمنها لحدود ومساحة الجمهورية اليمنية". واعتبروا التقاعس عن اعلان هذا الموقف الرسمي من وزارة الخارجية "خيانة كبرى" لواجبات المجلس والحكومة ومسؤولياتهما الدستورية.
يأتي هذا بعدما ضغطت السعودية والامارات على الرئيس هادي ونائبه الفريق الركن علي محسن الاحمر، لنقل السلطة إلى مجلس قيادة رئاسي وإصدار قرار تضمن إعلان دستوريا يعطل الدستور والمرجعيات الثلاث ويعين قيادات الفصائل العسكرية الموالية للرياض وابوظبي اعضاء فيه.
قضى القرار بتعيين اللواء رشاد العليمي رئيسا لمجلس القيادة الرئاسي، وتعين 7 اعضاء في المجلس لكل منهم صفة نائب، وهم: سلطان العرادة، وطارق محمد صالح عفاش، عبدالرحمن أبو زرعة، عبدالله العليمي، عثمان حسين مجلي، عيدروس الزبيدي، فرج سالمين البحسني.
ونص القرار على "استناداً إلى الصلاحيات الممنوحة لنا بموجب دستور الجمهورية اليمنية في تجسيد إرادة الشعب واحترام الدستور والقانون وحماية الوحدة الوطنية ومبادئ وأهداف الثورة اليمنية والالتزام بالتداول السلمي للسلطة، .. وتأكيدا لالتزامنا التزامنا بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامته الإقليمية ووحدة أراضيه".
كما التزم رئيس مجلس القيادة الرئاسي المشير الدكتور رشاد محمد العليمي في اول خطاب له الجمعة بأن "إن مجلس القيادة الرئاسي يعاهد الله ويعاهدكم أن يكون محافظاً على الدستور والثوابت الوطنية، ... وأحكام القانون الدولي والأعراف الدولية والقرارات الأممية . وأن يعمل على تجنيب اليمن أطماع الطامعين".
ورأى مراقبون للشأن اليمني أن "نقل السلطة من هادي ونائبه يعتبر اسقاطا للشرعية اليمنية ومرجعياتها وانهاء لتحالف دعمها بقيادة السعودية والامارات، ودفعا لقوى موالية لكل من الرياض وابوظبي للتفاوض مع الحوثيين وتقاسم حكم اليمن سلما أو خوض قواتها معركة حسم معهم".
مشيرين إلى أن "التحالف، ضحى باليمن وامنه واستقراره، لحماية دوله ومنشآتها النفطية من الهجمات الحوثية، وانقلب على الشرعية ومكوناتها السياسية وفي مقدمها تجمع الاصلاح وتضحياته الكبيرة في مختلف جبهات المعارك مع الحوثيين طوال سبع سنوات وتنكر لها بنهاية المطاف".
ولفتوا إلى أن "تعيين العرادة نائبا للرئيس او عضوا بمجلس رئاسي، سيترتب عليه تعيين القيادي المؤتمري في جناح الرئيس السابق ذياب بن معيلي محافظا لمارب ونقل قوات ما يسمى المقاومة الوطنية حراس الجمهورية، إلى مارب لقيادة المعارك ضد الحوثيين". حسب تأكيدها.
منوهين بأن "من شأن هذه التغيرات الكبيرة أن تسفر عن واقع جديد يتصدر فيه طارق عفاش المشهد، بعد افتتاحه فروعا للمكتب السياسي لقواته في محافظات شبوة ومارب وتعز، ضمن توجه التحالف لإعادة نظام الرئيس السابق إلى الواجهة وتسليمه الزمام سياسيا وعسكريا واقتصاديا".
يشار إلى أن توجهات التحالف بقيادة السعودية والامارات حسب مراقبين للشأن اليمني "تسير باتجاه اسقاط سلطة الشرعية والجيش الوطني في المحافظات المحررة، وتقسيم اليمن الى دولتين او اقليمين اتحاديين مبدئيا، شمالي يحكمه نظام الرئيس السابق علي صالح بقيادة جناحه في المؤتمر الشعبي، واخر جنوبي يحكمه المجلس الانتقالي الجنوبي".