العربي نيوز - تعز:
شهدت تعز، مجزرة كبرى لتصفية كبار مشايخها جماعيا، وازاحتهم من طريق عفاش الطامح في الحكم، والمستعد للقيام بأي شيء في سبيل السلطة، وكما شارك في اغتيال رئيسين جمهوريين سبقاه للرئاسة، كان مستعدا لانتزاع السلطة حتى لو كان الثمن بحيرات دماء واكوام من الجماجم والاشلاء.
وما تزال الحجرية في محافظة تعز، تتذكر صباح الـ 20 من مايو 1978، حيث كان هدير الطائرات الحربية يعصف بسماء مديريات الحجرية ودوي المدافع يهز ارجاءها والقذائف تستهدف قراها وتهد منازلها، وقائد لواء تعز علي عبد الله صالح عفاش يدخل التربة دون أن تطلق على قواته رصاصة واحدة".
بهذه العبارات، تستهل الدكتورة ايمان الذبحاني، تدوينة نشرتها على صفحتها بمناسبة الذكرى الاربعين لواحدة من ابشع جرائم علي عفاش، وحمامات دماء انقضاضه على السلطة، ووصوله إلى كرسي الرئاسة وتابعت: "وتم تدمير البيوت ونهب وسلب المحلات والممتلكات وجرائم يتذكرها أبنائنا وتم روايتها لنا".
كان الرائد علي صالح عفاش، قد استطاع ان يصل إلى قيادة لواء تعز، أهم الوية الجيش انذاك، وكان يرى أن الطريق نحو رئاسة الجمهورية سيكون ممهدا بالتخلص من القيادات البارزة في محافظة تعز ومن ضمن هذه القيادات مشايخ "مؤتمر الروضة" الذين ساندوا الرئيس ابراهيم الحمدي ضد مشايخ "مؤتمر خمر".
وضمن حملته لتصفية القيادات العسكرية لحركة 13 يونيو التصحيحية التي قادها المقدم إبراهيم الحمدي، ضد الفساد وتقاسم قوى النفوذ العسكرية والقبلية والسياسية، البلاد ومقدراتها، على حساب بناء الدولة اليمنية ومؤسساتها وسيادتها ونهضتها؛ برز قائد المظلات عبدالله عبدالعالم، احد رفقاء الرئيس ابراهيم الحمدي، هدفا رئيسا.
استغل عفاش، مغادرة عضو مجلس حركة التصحيح 13 يونيو وقائد المظلات، عبدالله عبدالعالم صنعاء غاضبا من اغلاق ملف اغتيال الرئيس الحمدي، ومعه رتل عسكري قوامه 100 فرد مع بعض من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، وعندما شارف عبدالعالم أبواب محافظة تعز، طلب منه عفاش الذي كان يشغل منصب قائد لواء تعز ألا يدخل المدينة.
تتفق المصادر العسكرية والقبلية، في أن علي عفاش، ابلغ عبدالله عبدالعالم أن عليه التوجه إلى عدن عبر طريق الحوبان ـ الراهدة، لكن المناضل عبدالعالم رفض طلب عفاش وكسر أوامره ومر بقوته وسط مدينة تعز حتى وصل الى التربة فأقسم "الشاويش" عفاش بأنه سيربي عبدالعالم وسيرد له الصاع صاعين.
وتشير إلى أن علي عفاش، بدأ بالتخطيط لرد الإعتبار لنفسه وكسر شوكة عبدالعالم التي قد تعيق طموحه الرئاسي، ولتحقيق ذلك فقد أفشل كل محاولة لحل الأزمة وجميع الوساطات لإنهائها سلميا وبالغ في وضع الشروط التعجيزية ليغلق جميع الأبواب أمام الحلول السلمية، باتجاه تفجير الموقف عسكريا.
تذكر المصادر أنه "وبينما كان الغشمي يعرض على عبدالله عبدالعالم اختيار أي بلد كي يعينه سفيراً فيها وتعود القوات المرافقة له الى العاصمة صنعاء؛ كان الشاويش علي عفاش يعمل على إعاقة أي حلول او وساطات لانهاء الازمة، ويضع حلاً واحداً وهو تسليم عبدالله عبدالعالم نفسه لقوات أمن تعز".
وتفيد بأنه "حين علم بنزول عبدالعزيز عبدالغني مبعوثاً من الغشمي الى عبدالعالم ليعرض عليه مقترحات لحل الأزمة ومنها العودة إلى صنعاء أو اختيار أي بلد ليعينه سفيراً فيها؛ خرج علي عفاش واعترض موكب عبدالعزيز عبدالغني في الحوبان وطلب منه ايقاف أي مساعٍ لحل الأزمة والعودة إلى صنعاء".
موضحة أن "عبدالعزيز عبدالغني حاول أن يقنع قائد لواء تعز علي عفاش أنه مكلف من الرئيس فغضب عفاش منه، وشحن سلاحه ووجهه إلى صدر عبدالغني وقال له أنا أحبك يا عبده، ارجع إلى الرئيس الغشمي وقل له أني منعتك من مقابلة عبدالعالم بقوة السلاح وأني كنت سأقتلك اذا رفضت أوامري".
ولفتت إلى أن "عفاش بعدما وضع حدا لمساعي عبدالعزيز عبدالغني في الحوبان، اشاع أن عبدالله عبدالعالم رفض مقابلة عبدالعزيز في اللقاء الذي كان مقررا أن ينعقد في نجد قسيم، وكان الغرض من هذه الاشاعات، التمهيد لبدء الهجوم على التربة، بحجة أن عبدالله عبدالعالم أغلق أبواب الحلول على الغشمي".
مشيرة إلى أن "علي عفاش، صباح الـ 20 من مايو 1978، حرك الطائرات الحربية لتحلق بسماء مديريات الحجرية وباشرت قواته بقصف مدفعي مكثف هز ارجاءها واستهدف بقذائفه قراها ومنازلها، بما فيها مكان اجتماع في التربة بين وفد مشايخ ووجهاء تعز وعبدالله عبدالعالم، واتهام الاخير بإعدامهم جماعيا".
في هذا، قالت الدكتورة ايمان الذبحاني في تدوينة نشرتها على حائطها بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" الثلاثاء: إن "الكثير من مشائخ الحجرية (قيل 40 شيخا وفي رواية 80 شيخا) تم اغتيالهم بقصف الطائرات القادمة من صنعاء وتلك الجثث تفحمت فهل عبدالله عبدالعالم كان يمتلك الطيران أم نظام (احمد) الغشمي وعلي صالح (عفاش)؟"
مضيفة: "إذا افترضنا أن عبدالله عبدالعالم هو من قتل مشائخ الحجرية، فمن الذي اغتال الشيخ أحمد سيف الشرجبي بعد عام من أحداث 1978م. وهل هناك عاقل يقبل بتهمة عبدالعالم المنفي الشريد أم كانت عملية اغتيال الشرجبي هي استكمال للمخطط الذي نجا منه الشرجبي في المرة السابقة؟".
وتابعت الدكتورة ايمان الذبحاني، التي تنحدر من مدينة التربة، قائلة: إن الشيخ احمد سيف الشرجبي "لم ينجو إلا لأنه استبعد نفسه قائلا ‘الحلم ولا الشجاعة‘ رغم تهديدات قيادة المحافظة له بالسفر". متحدثة في الوقت نفسه عن كيفية نجاة الشيخ ورجل الاعمال هائل سعيد أنعم من الموت المحتوم في المؤامرة.
أرجعت الذبحاني نجاة هائل سعيد إلى زهده في السلطة، وقالت: "كان هائل سعيد متصالحا مع كل حكام اليمن في حياته وكانت تربطه علاقة بالحمدي ولم يختلف مع الغشمي وارتبط بصالح بعلاقة قوية، وقد كان هائل سعيد ضمن وفد الوساطة الذي سيذهب للتحاور مع عبدالعالم لكنه استثني من الوفد في آخر لحظة".
مضيفة: "ويرى البعض أن استثنائه يؤكد أن الطرف المرسل كان يدبر لمؤامرة". مؤكدة تلفيق علي عفاش تهمة مجزرة مشايخ الحجرية لعبدالله عبدالعالم، لتسويغ الخلاص منه، بالطريقة نفسها التي تم بها إخراج مؤامرة اغتيال الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي وشقيقه قائد لواء العمالقة، عبدالله الحمدي، في صنعاء.
وتابعت الدكتورة ايمان الذبحاني، قائلة: "بعد تنفيذ عملية اغتيال الرئيس ابراهيم الحمدي تم استقدام فتاتين فرنسيتان وقتلهن ورمي جثثهن جوار جثتي ابراهيم وعبدالله الحمدي وتشويههما بأنهما كانا في علاقة مشبوهة، فكيف ستتردد تلك الأيادي عن تلفيق الإتهامات لعبدالله عبدالعالم وغيره من شرفاء هذا البلد".
يشار إلى أن القائد عبدالله عبدالعالم بقي في منفى اختياري خارج اليمن، حتى وافته المنية منتصف يناير الجاري، وشكا نجله شهاب تعذر ترتيب مراسيم جنازة لائقة بالتنسيق مع الشرعية. وردت على شكواه جماعة الحوثي بالترحيب مطالبة بإيصال الجثمان إلى مطار صنعاء، المغلق من التحالف بحظر جوي.
https://twitter.com/Moh_Alhouthi/status/1482097004352360448?cxt=HHwWgMC-se_Xu5EpAAAA
https://twitter.com/Moh_Alhouthi/status/1482098901419241477?cxt=HHwWisC50aXGvJEpAAAA