العربي نيوز:
صدر اول اعلان امريكي، يعلن لأول مرة، بتفاصيل صادمة، عن حلفاء الكيان الاسرائيلي في اليمن، ويكشف كواليس التحالفات القائمة والمباحثات الجارية والتفاهمات المبرمة بين الكيان الاسرائيلي ودولة الامارات، واتباع الاخيرة في غرب اليمن (طارق عفاش) وجنوبه (المجلس الانتقالي الجنوبي).
جاء هذا في تقرير سياسي، أعده لصالح المركز العربي واشنطن دي سي (Arab Center DC)، الرئيس التنفيذي لشركة جلف ستيت أناليتيكس الاستشارية التي تتخصص في الشؤون الجيوسياسية والاستراتيجية، جورجيو كافيير، كشف تفاصيل دقيقة، لعلاقة الكيان مع "الانتقالي".
وقال التقرير المنشور على الموقع الالكتروني لـ "المركز العربي واشنطن دي سي": إن المجلس الانتقالي الجنوبي يمضي نحو أعمق من مجرد تحالفات تقليدية، متجهاً لفتح قنوات سياسية مع إسرائيل والتعهّد بالانضمام إلى "اتفاقيات إبراهام" حال قيام دولة جنوبية مستقلة.
موضحا أنه "وعلى الرغم من الدعم الكبير من الإمارات العربية المتحدة، واجه المجلس الانتقالي الجنوبي صعوبة في الحصول على اعتراف من الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية الرئيسية. في ظل هذه الخلفية، سعى المجلس الانتقالي بشكل متزايد للانفتاح على اسرائيل".
وأكد أن "هذا التوجه لم يعد خطابًا عابرًا، بل أصبح جزءًا من حسابات استراتيجية تتقاطع مع مصالح الإمارات وحساباتها الأمنية في البحر الأحمر". لكنه ورغم أن هذا الانفتاح قد يغري واشنطن وتل أبيب؛ حذر من أن الخطوة ذاتها قد تتحول إلى عبء سياسي داخلي.
ساردا بين ابرز تداعيات هذا الانفتاح من جانب "المجلس الانتقالي الجنوبي" على الكيان الاسرائيلي، أنه سيعود لصالح خصومه السياسيين ويتسبب بفقدانه الحاضنة الشعبية في جنوب اليمن، خصوصا بعد موجة موجة الغضب الشعبي العربي من الإبادة الإسرائيلية في غزة.
وقال: "في سياق رؤية أبوظبي للاتفاقات ‘حافزًا لتغيير أوسع في الشرق الأوسط‘، يرجح أن تنظر دولة الإمارات بعين الرضا إلى انخراط المجلس الانتقالي الجنوبي مع تل أبيب، معتبرةً إياه فرصةً لتأمين الدعم الأمريكي لحليفها في جنوب اليمن، ولتوسيع نطاق التطبيع".
مضيفا: "وإلى جانب الاعتبارات الدبلوماسية والأيديولوجية، تسعى الإمارات العربية المتحدة إلى تحقيق أهداف عسكرية واضحة في خليج عدن وباب المندب والبحر الأحمر، يدعمها التعاون الإسرائيلي المتنامي، ويجري التنسيق الإماراتي الإسرائيلي في هذه المياه منذ سنوات".
وتابع: "تبرز مبادرة ‘كرة الكريستال‘ التي أطلقها وزير الأمن السيبراني الإماراتي من تل أبيب في يونيو 2023، عنصرا اساسيا وتهدف إلى ‘تصميم ونشر وتمكين تعزيز الاستخبارات الإقليمية‘، مستفيدةً من دعم مايكروسوفت، وشركة الأمن السيبراني CPX ومقرها أبوظبي، وشركة رافائيل الإسرائيلية لأنظمة الدفاع المتقدمة".
كاشفا أن دولة الامارات حتى الان "ومن خلال عملية ‘كريستال بول‘، نشرت بدعم إسرائيلي، منصات استخباراتية ومراكز لوجستية وقواعد جوية متطورة في أنحاء جنوب اليمن، بما في ذلك جزر مثل ميون وزقر في البحر الاحمر وعبد الكوري وسمحة في المحيط الهندي".
وقال التقرير: "ومن المرجح أن ينمو الدعم الإسرائيلي للجماعات المدعومة من الإمارات في اليمن، بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات المقاومة الوطنية (تحالف من القوات المناهضة للحوثيين والموالية للمجلس التشريعي الفلسطيني بقيادة الجنرال طارق صالح)".
مضيفا: "مع تزايد أهمية التعاون الإماراتي الإسرائيلي في باب المندب وما حوله في الاستراتيجيات البحرية للبلدين بهذه المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية. ومن الطبيعي أن يتماشى اعتراف إسرائيل بدولة جنوب يمن مستقلة مدعومة من الإمارات ومؤيدة لإسرائيل مع المصالح المتقاطعة لأبو ظبي وتل أبيب".
لكن التقرير أبرز معضلة استراتيجية تواجه "المجلس الانتقالي الجنوبي"، وقال: "إن موقف المجلس الانتقالي الجنوبي المؤيد لإسرائيل يحمل في طياته مخاطر محلية وإقليمية كبيرة. فالمشاعر القوية المعادية لإسرائيل، والتضامن الفلسطيني، ومعارضة الأحزاب السياسية والفصائل المسلحة اليمنية".
مضيفا: "كلها عوامل تُشكك في حاضنة المجلس الانتقالي، في حين أن تدخل إسرائيل والإمارات قد يُفاقم التوترات في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب". وأردف: "يتعين على الامارات أن تتعامل مع الواقع السياسي لما بعد 7 أكتوبر، والذي جعل التطبيع مع إسرائيل سامًا سياسيًا في العالم العربي".
وتابع التقرير السياسي الامريكي، قائلا: "بالإضافة إلى ذلك، ومع حرص خمس من أصل ست دول أعضاء في مجلس التعاون الخليجي على الحفاظ على الوحدة الهشة بين شمال وجنوب اليمن، تُبرز طموحات المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالية، فرص ومخاطر السعي إلى الاستقلال في دولة مُجزأة بشدة".
لقراءة نص التقرير ومحتواه التفصيلي، أنقر هنا
تبنت الامارات، جمع الآلاف من عناصر تنظيم "القاعدة" في جنوب اليمن، لتشكيل مليشيات "مقاومة جنوبية" إبان حرب عدن 2015م، ضمت قيادات سلفية "جامية" جنوبية بارزة امثال: هاني بن بريك، وعبدالرحمن المحرمي، ومحسن الوالي، وحمدي شكري، وعبداللطيف السيد، وبسام المحضار، وغيرهم.
كما مولت الامارات علنا، منذ بدء مشاركتها في التحالف العربي لدعم الشرعية، وعبر قيادة قواتها المشاركة في "التحالف العربي لدعم الشرعية باليمن"؛ انشاء تشكيلات عسكرية محلية وتسليحها، بينها نحو 15 لواء باسم "العمالقة الجنوبية" نكاية بألوية "العمالقة" التي حسمت حرب صيف 1994م ضد انفصال جنوب اليمن.
وعقب انتهاء معركة تحرير عدن في مايو 2015م، من قوات جماعة الحوثي والرئيس الاسبق علي عفاش؛ نقلت الامارات الوية "العمالقة الجنوبية" إلى الساحل الغربي لليمن، لمواجهة الحوثيين والسيطرة على الساحل، ضمن سعيها للهيمنة على المنطقة، عبر الاستحواذ على الموانئ وفرض نفوذها على الملاحة البحرية.
بالتوازي، مولت الامارات في 2017، القيادي السابق في وزارة الداخلية، عيدروس الزُبيدي لانشاء ما سمته "المجلس الانتقالي الجنوبي" ونحو 50 لواء مسلحا بمسميات "الاحزمة الامنية" و"الدعم والاسناد" و"النُخب"، ضمن مسعاها الى فرض انفصال جنوب اليمن بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن والمنطقة.
ودعمت الامارات بطيرانها الحربي، تنفيذ مليشيات "المجلس الانتقالي" انقلابا عسكريا على الشرعية اليمنية، بدءا من منتصف مايو 2019، مرورا بإسقاط العاصمة المؤقتة عدن (اغسطس 2019)، ثم محافظة سقطرى (يونيو 2020م)، ووصولا إلى السيطرة على محافظتي ابين ولحج ثم محافظة شبوة نهاية العام 2021م.
عمَّدت مليشيا "الانتقالي الجنوبي" و"العمالقة الجنوبية" الممولة من الامارات، الى السيطرة على مدن ومديريات جنوب البلاد بغطاء "مكافحة الارهاب"، وارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق المواطنين بما فيها "العيب الاسود"، عبر اقتحام المنازل وانتهاك حرماتها، واعتقال واغتيال المواطنين الابرياء، المعارضين استبدادها وفسادها.
وأطلقت مليشيا "الانتقالي" و"العمالقة" بدعم اماراتي نهاية 2021م حملة لاجتياح محافظة شبوة سمتها "اعصار الجنوب"، وأخرى لاجتياح محافظة أبين سمتها "سهام الشرق" وقوبلت انتهاكاتها لحرمات منازل المواطنين وكرامتهم، بردود فعل قبلية خلفت عشرات القتلى والجرحى من مليشيا "الانتقالي" بينهم القيادي عبداللطيف السيد.
تسبب الانقلاب الاماراتي بواسطة ذراعها "الانتقالي الجنوبي" ومليشياته، في سيطرة الاخيرة على مؤسسات الدولة ومقدراتها، ومنع الحكومة الشرعية من مزاولة عملها في عدن، وتبعا انهيار الاوضاع المعيشية والادارية والخدمية والاقتصادية والامنية في عدن ومدن جنوب اليمن، واستمرار انهيار قيمة العملة الوطنية.
وتعاني مدينة عدن وعدد من مدن جنوب اليمن، انفلاتا امنيا واسعا، منذ انقلاب "المجلس الانتقالي الجنوبي" ومليشياته على الشرعية في اغسطس 2019م بدعم عسكري اماراتي، تصاعدت معه جرائم الاعتداءات والاختطافات والاغتيالات دون ضبط ومحاكمة أي من الجناة، لانتمائهم الى مليشيا "الانتقالي الجنوبي".
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة ومليشيات "العمالقة الجنوبية"، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.
