العربي نيوز:
اقدم رئيس "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي التابع للامارات، عيدروس قاسم الزُبيدي، على اجراء، تسبب في توريط المملكة العربية السعودية، بأزمة جديدة في اليمن، تتصاعد وتيرتها في هذه الاثناء، على مختلف المستويات السياسية والنيابية والمدنية والاعلامية، اليمنية.
جاء هذا بتعمد عيدروس الزُبيدي استقبال وفد عسكري من القوات السعودية المشاركة في "تحالف دعم الشرعية في اليمن" بالعاصمة المؤقتة عدن، رافعا خلفه راية علم التشطير الانفصالي الذي يرفعه "الانتقالي الجنوبي" في مساعيه لفرض انفصال جنوب اليمن، بدولة مستقلة.
وحسب الموقع الالكتروني الناطق باسم "المجلس الانتقالي الجنوبي" فقد "بحث الزُبيدي السبت (9 اغسطس) مع مساعد قائد قوات الواجب 802 السعودية للدعم والإسناد، العقيد عوض بن حمود العتيبي، المستجدات والأوضاع الميدانية والأمنية في عدن والمحافظات المحررة".
في المقابل، أثار رفع الزُبيدي علم الانفصال في اللقاء، استياء واسعا وانتقادات متوالية، بين اوساط السياسيين والعسكريين والاعلاميين اليمنيين، بوصفه يعلن عن "دعم سعودي لانفصال جنوب اليمن وتمزيق اليمن وتمكين الحوثيين من السيطرة على مختلف المحافظات اليمنية".
وقال رئيس مؤسسة وصحيفة "الشموع" للصحافة، السياسي والاعلامي، سيف الحاضري، في تدوينة على حائطه بمنصة "فيس بوك": إن "المشهد الذي جمع الأشقاء السعوديين بما يسمى ‘رئيس الجنوب العربي‘ وبحضور علم غير علم الجمهورية اليمنية، ليس مجرد تفاصيل بروتوكولي أو خطأ شكلي".
مضيفا: "بل هو رسالة سياسية عميقة المعاني في توقيت شديد الحساسية، وفوق كل ذلك كان الوفد السعودي عسكريا ممثل بنائب قائد القوة 802 السعودية لبحث التعاون المشترك". وأردف: "وأكد الحاضري أن وجود علم آخر على الطاولة يعني في لغة السياسة الإقرار الضمني بكيان سياسي موازٍ أو بديل".
وتابع: "حتى لو لم يُعلن ذلك في البيان الرسمي. فإنها خطوة أشبه بـ ‘اختبار‘ لردود الفعل، وتهيئة الرأي العام لمرحلة يصبح فيها التعامل مع هذا العلم وهذه القيادة أمرًا مألوفًا، وربما مقبولًا دوليًا". لافتا إلى أن هذه الخطوة "تأتي في لحظة تتكثف فيها الضغوط لفرض ‘خارطة طريق‘ عبر مفاوضات مسقط".
مشيرا إلى أن هذه الاجراء يتزامن و"تصاعد المساعي الدولية والإقليمية لإغلاق الملف اليمني وفق ترتيبات لا تلبي الحد الأدنى من أهداف معركة التحرير"ـ وقال: "يطل هذا المشهد ليؤكد أن هناك من يعمل على إعادة تعريف الأطراف السياسية في المعادلة اليمنية، بل وإعادة صياغة رموزها وهويتها" حسب تأكيده.
الحاضري مضى قائلا في تدوينته: "لكن الأخطر أن هذا النوع من الرسائل يصب مباشرة في صالح المشروع الذي تسعى خارطة الطريق لتمريره: شرعنة الأمر الواقع، وتفكيك الشرعية اليمنية إلى مكونات متساوية في التمثيل، بدل أن تبقى إطارًا جامعًا وموحدًا للدولة". في اشارة الى اعادة تشكيل الرئاسي.
وقال: "رسالة ضغط على الشرعية: إما القبول بالترتيبات القادمة كما هي، أو الاستعداد للتعامل مع أطراف أخرى تُقدَّم للعالم على أنها "شركاء" على قدم المساواة". وأردف: "تأثير على معركة التحرير: إضعاف مركز القرار السياسي الموحّد، وتشتيت الجبهة الوطنية، وفتح الباب أمام أجندات تقسيم وتجزئة اليمن".
وتابع: "إعادة ترسيم الهوية: حين يظهر علم غير علم الجمهورية في مشهد رسمي، فإن الرسالة المبطنة هي أن رمزية الدولة اليمنية لم تعد حصرية أو مقدسة، وأن البدائل قابلة للتداول". منوها الى بعد خطير لهذه الخطوة يكمن في أنها "تتزامن مع تحسن قيمة العملة الوطنية، ومع شعور نسبي بالانفراج الاقتصادي".
موضحا هذا البعد الخطير بقوله: "وكأن المطلوب أن ينشغل الناس بالأثر المعيشي قصير المدى، بينما تُرسم في الكواليس خرائط سياسية طويلة المدى تمس جوهر السيادة ووحدة الأرض". وأردف: "إنها لحظة اختبار للإرادة الوطنية: إما أن تكون الشرعية بمؤسساتها وقواها السياسية على مستوى التحدي، وتواجه بوضوح هذه الرسائل".
وأضاف: "أو أن تصمت، فتتحول هذه اللحظات الرمزية إلى وقائع سياسية راسخة في مفاوضات مسقط وما بعدها". وتابع: "القضية الوطنية ليست سلعة تفاوض ولا علمًا يُستبدل على الطاولات، بل هي هوية وسيادة ومصير شعب. ومهما كان شكل الضغوط أو بريق الوعود، فإن أي مشهد يتجاوز علم الجمهورية اليمنية هو خطوة على طريق تفكيكها".
مختتما تدوينته بالإشارة إلى الرد المفترض بموجب الدستور ومرجعيات المرحلة الراهنة، من جانب الشرعية اليمنية، على هذه الخطوة الانفصالية، واقحام "المجلس الانتقالي الجنوبي" المملكة العربية السعودية في مباركتها وتأييدها وإن شكليا، بقوله: "ومسؤولية التصدي له تقع على كل من يحمل صفة شرعية أو يدّعي الدفاع عن الدولة".
يأتي هذا في ظل تصاعد مظاهر الفوضى والانفلات الامني والإداري والمالي، في عدن ومدن ومحافظات سيطرة مليشيا "الانتقالي"، وتفاقم الاعتداءات على المواطنين وحرمات منازلهم واراضيهم واراضي الدولة والنهب للايرادات العامة للدولة، وجرائم الاغتيالات والاختطافات والاعتقالات خارج القانون، دون ضبط الجناة.
عمَّدت مليشيا "الانتقالي الجنوبي" و"العمالقة الجنوبية" الممولة من الامارات، الى السيطرة على مدن ومديريات جنوب البلاد بغطاء "مكافحة الارهاب"، وارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق المواطنين بما فيها "العيب الاسود"، عبر اقتحام المنازل وانتهاك حرماتها، واعتقال واغتيال المواطنين الابرياء، المعارضين استبدادها وفسادها.
وتبنت الامارات، جمع الآلاف من عناصر تنظيم "القاعدة" في جنوب اليمن، لتشكيل مليشيات "مقاومة جنوبية" إبان حرب عدن 2015م، ضمت قيادات سلفية "جامية" جنوبية بارزة امثال: هاني بن بريك، وعبدالرحمن المحرمي، ومحسن الوالي، وحمدي شكري، وعبداللطيف السيد، وبسام المحضار، وغيرهم.
تفاصيل: الامارات تمول "القاعدة" باليمن (وثيقة)
مولت الامارات علنا، منذ بدء مشاركتها في التحالف العربي لدعم الشرعية، وعبر قيادة قواتها المشاركة في "التحالف العربي لدعم الشرعية باليمن"؛ انشاء تشكيلات عسكرية محلية وتسليحها، بينها نحو 15 لواء باسم "العمالقة الجنوبية" نكاية بألوية "العمالقة" التي حسمت حرب صيف 1994م ضد انفصال جنوب اليمن.
وعقب انتهاء معركة تحرير عدن في مايو 2015م، من قوات جماعة الحوثي والرئيس الاسبق علي عفاش؛ نقلت الامارات الوية "العمالقة الجنوبية" إلى الساحل الغربي لليمن، لمواجهة الحوثيين والسيطرة على الساحل، ضمن سعيها للهيمنة على المنطقة، عبر الاستحواذ على الموانئ وفرض نفوذها على الملاحة البحرية.
بالتوازي، مولت الامارات في 2017، القيادي السابق في وزارة الداخلية، عيدروس الزُبيدي لانشاء ما سمته "المجلس الانتقالي الجنوبي" ونحو 50 لواء مسلحا بمسميات "الاحزمة الامنية" و"الدعم والاسناد" و"النُخب"، ضمن مسعاها الى فرض انفصال جنوب اليمن بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن والمنطقة.
ودعمت الامارات بطيرانها الحربي، تنفيذ مليشيات "المجلس الانتقالي" انقلابا عسكريا على الشرعية اليمنية، بدءا من منتصف مايو 2019، مرورا بإسقاط العاصمة المؤقتة عدن (اغسطس 2019)، ثم محافظة سقطرى (يونيو 2020م)، ووصولا إلى السيطرة على محافظتي ابين ولحج ثم محافظة شبوة نهاية العام 2021م.
تسبب الانقلاب الاماراتي بواسطة ذراعها "الانتقالي الجنوبي" ومليشياته، في سيطرة الاخيرة على مؤسسات الدولة ومقدراتها، ومنع الحكومة الشرعية من مزاولة عملها في عدن، وتبعا انهيار الاوضاع المعيشية والادارية والخدمية والاقتصادية والامنية في عدن ومدن جنوب اليمن، واستمرار انهيار قيمة العملة الوطنية.
وتعاني مدينة عدن وعدد من مدن جنوب اليمن، انفلاتا امنيا واسعا، منذ انقلاب "المجلس الانتقالي الجنوبي" ومليشياته على الشرعية في اغسطس 2019م بدعم عسكري اماراتي، تصاعدت معه جرائم الاعتداءات والاختطافات والاغتيالات دون ضبط ومحاكمة أي من الجناة، لانتمائهم الى مليشيا "الانتقالي الجنوبي".
تفاصيل: غضب شعبي يباغت المليشيا بكل شارع (صور)
عمَّدت مليشيا "الانتقالي الجنوبي" و"العمالقة الجنوبية" الممولة من الامارات، الى السيطرة على مدن ومديريات جنوب البلاد بغطاء "مكافحة الارهاب"، وارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق المواطنين بما فيها "العيب الاسود"، عبر اقتحام المنازل وانتهاك حرماتها، واعتقال واغتيال المواطنين الابرياء، المعارضين استبدادها وفسادها.
وأطلقت مليشيا "الانتقالي الجنوبي" بدعم اماراتي نهاية 2021م حملة لاجتياح محافظة شبوة سمتها "اعصار الجنوب"، وأخرى لاجتياح محافظة أبين سمتها "سهام الشرق" وقوبلت انتهاكاتها لحرمات منازل المواطنين واعتقالهم، بردود فعل قبلية خلفت عشرات القتلى والجرحى من مليشيا "الانتقالي الجنوبي" بينهم القيادي عبداللطيف السيد.
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة ومليشيات "العمالقة الجنوبية"، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.