العربي نيوز:
بدأ طارق عفاش، قائد ما يسمى قوات "المقاومة الوطنية حراس الجمهورية" و"القوات المشتركة" الممولة من الامارات في الساحل الغربي لليمن، تنفيذ انقلاب متكامل على الشرعية اليمنية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة، مستغلا تدهور الاوضاع، عبر شروعه في تأسيس جبهة اعلامية تحريضية، تضم وجوها من مكونات الشرعية، للاطاحة بها.
أكدت هذا مصادر سياسية وعسكرية متطابقة، جاء بين ابرزها، ضابط التوجيه المعنوي بالمنطقة الخامسة للجيش الوطني، النقيب راشد معروف، في سياق تعليقه على استقطاب طارق عفاش، بأموال الشعب المنهوبة، اعلاميين وناشطين بارزين في ثورة الشباب، لاسقاطها واستغلال تدهور الاوضاع للتحريض على مكونات الشرعية.
وكشف معروف عن توجه طارق عفاش نحو استكمال بناء جبهة اعلامية تحريضية، تضم وجوها من مختلف المكونات، بقوله: "أستطاع طارق عفاش يستقطب كبار الإعلاميين ممن كانوا محسوبين على الإصلاح وكذلك أستقطب إعلاميين كانوا محسوبين على الإنتقالي، واليوم نصف القوم قدهم في المخأ شغالين، بقناة الجمهورية".
موافقا اعلاميين وناشطين في انتقادهم تقصير الاصلاح والاحزاب الوطنية تجاه الجبهة الاعلامية والانفاق عليها وكوادرها، وتركها كوادرها عرضة للاستدراج واستغلال ظروفهم المعيشية الصعبة، بقوله: "فيما الإصلاحيين ماقدروا يستقطبون حتى سارة عبدالجليل، فاشلين الحزب في بناء العلاقات المحلية وكذلك الدولية".
وتابع: "القيادة الحالية شابت ومضى عليها الزمن، وصل بهم الحال لدرجة أنهم مش قادرين يمولون قناة سهيل التي بسبب العجز المالي تخلت عن كثير من الإعلاميين الكبار مثل الأضرعي والحاوري والقائمة تطول، وتراجع مستوى القناة كثيرا، لا برامج ولا مبدعين، مافيش معهم غير النشرة الإخبارية وكمل أبو الليم".
شاهد .. طارق يبدأ انقلابا جديدا على الشرعية
في المقابل، سادت على منصات وتطبيقات التواصل الاجتماعي، موجة سخط واستياء واسعة من انسياق عدد من الاعلاميين والناشطين البارزين في ثورة الشباب (11 فبراير) إلى العمل مع قاتلي شباب الثورة ومصاصي دماء الشعب وادوات الامارات في اليمن. إما بدافع الحاجة او التنكر لدماء وتضحيات شباب الثورة.
وحذر سياسيون وإعلاميون من "الانخداع بشعارات طارق عفاش وادعائه الانفتاح على الجميع، وطي صفة الماضي واخطائه وخلافاته وتوحيد الصف الجمهوري لاستعادة الدولة والجمهورية". مؤكدين أن "وقائع الواقع تثبت زيف هذه الشعارات" وأن "طارق يسعى لاستغلال رموز الثورة في دعم سعيه الى استعادة حكم اسرته لليمن".
كما حذروا من "توجهات طارق عفاش لتنفيذ انقلاب على الشرعية من داخل صفوفها، عبر جبهة اعلامية تلمعه وتستغل تدهور الاوضاع لمهاجمة باقي مكونات الشرعية". مُذكّرين بـ "اعتماد ثورة عفاش المضادة ترسانة اعلامية (اليمن اليوم) تشتري باموال الشعب المنهوبة اعلاميين وناشطين وسياسيين بارزين في ثورة الشباب، لاسقاطها".
وذّكَّر سياسيون وناشطون، بـ "الرصيد الاسود لطارق عفاش"، لافتين إلى "جرائم طارق عفاش الدموية بحق شباب ساحات التغيير والحرية في صنعاء وتعز، وجرائم انقلابه والحوثيين وقناصته في تعز والحديدة وعدن". وأن "الجمهورية التي يزعم طارق سعيه الى استعادتها هي جمهورية عفاش ونظامه العائلي الفاسد والمستبد والفاشل".
مُعبرين في المقابل، عن اسفهم على كل من سقط في وحل طارق عفاش"، ومعلنين "البراءة من كل اعلامي وناشط ومثقف اغرته دراهم طارق عفاش والامارات، وباع مبادئ واهداف ثورة الشباب وتنكر لدماء شهدائها وتضحيات اليمنيين، في سبيل اقامة الدولة اليمنية الحديثة المستقلة، دولة المواطنة المتساوية والعدالة والسيادة والنهضة".
وأطاحت ثورة الشباب الشعبية السلمية (11 فبراير) في العام 2011م بنظام الرئيس الاسبق علي صالح عفاش العائلي الفاسد، وانهت استحواذ عائلة عفاش وأصهاره على مفاصل الدولة وقيادة قوات الجيش والامن، وتسخيرها لصالح العائلة واثرائها على حساب افقار اليمن طوال 33 عاما من حكمها المستبد.
في المقابل، قاد علي عفاش ثورة مضادة، بدعم اماراتي، عمدت الى الانتقام من ثورة الشباب الشعبية السلمية التي اطاحت بنظامه العائلي، عبر سلسلة اعمال انتقامية، شملت بجانب المجازر بحق شباب ساحات الثورة في صنعاء وتعز، تنفيذ مئات الاغتيالات والتفجيرات للمنشآت العسكرية والامنية والخدمية.
واتهم خبراء لجنة الامم المتحدة ومنظمات دولية حقوقية علي عفاش ونجله احمد وابن اخيه طارق عفاش، بنهب "60 مليار دولار من ثروات اليمن" و"ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان وعرقلة العملية الانتقالية وتهديد استقرار اليمن والسلم والامن بالمنطقة والعالم"، ما استدعى اخضاع عفاش ونجله للعقوبات الدولية.
متحدثين بالتفصيل في تقارير دولية عدة، عن أن انتقام علي عفاش واحمد علي وطارق عفاش، تواصل طوال الاعوام (2012-2014م) وصولا إلى تسليم معسكرات ومخازن الجيش اليمني الى جماعة الحوثي والمشاركة في انقلاب سبتمبر 2014م، حتى مصرع علي عفاش بانقلابه على الحوثيين نهاية 2017م.
تفاصيل: ادانة دولية تقصم ظهر أسرة علي عفاش (وثيقة)
شارك طارق عفاش وأحمد علي عفاش مع الرئيس الاسبق علي عفاش، في انقلاب 21 سبتمبر 2014م بتسليم جماعة الحوثي معسكرات ومخازن اسلحة الجيش، قبل أن يعلنا شراكتهما بسلطات الانقلاب، في اغسطس 2016م، وجاهر طارق بمشاركة كتائب قناصته لمليشيا الحوثي، في الهجوم على الحديدة وتعز وعدن وباقي المحافظات.
شاهد .. طارق يعلن عن دفعة قناصة جديدة الى تعز
شاهد .. جنوبيون ينشرون فيديو فاضح لطارق عفاش
لكن طارق عفاش، بعد انفجار الصراع بين عمه علي عفاش والحوثيين على تقاسم غنائم ومكاسب الانقلاب نهاية 2017م، تمكن من الفرار الى شبوة، والتحق بالتحالف وتبنت الامارات تمويل تجميعه ضباط ومنتسبي الجيش العائلي (الحرس الجمهوري) الى معسكر "بير احمد" في عدن ثم الساحل الغربي، ونصبته حاكما عسكريا للساحل ووكيلا لأجندة أطماعها في اليمن.
استطاع طارق عفاش خلال اقل من عام، الاستيلاء على تضحية المقاومة التهامية و"العمالقة الجنوبية" بآلاف الشهداء والجرحى، وبسط سيطرته على مديريات الساحل الغربي المحررة، بعد تفكيكه هذه الالوية وضم قواتها بترغيب الاموال وعطايا السيارات وترهيب الاعتقال والاغتيال، الذي طال العشرات من القيادات العسكرية التهامية والجنوبية.
ومع ان طارق عفاش رفع شعار "تجاوزت خلافات الماضي وتوحيد الصف الجمهوري والمعركة ضد الحوثيين". إلا أن الوقائع اثبتت زيف شعاره، وأكدت تحركاته وتوجهاته، سعيه إلى اعلان جمهوريته في الساحل الغربي لليمن، عبر انكبابه على استكمال السيطرة وبسط نفوذه على مديريات الساحل الغربي (التهامي) المحررة في محافظتي الحديدة وتعز.
كما فاجأت قوات طارق عفاش (المقاومة الوطنية حراس الجمهورية) والوية العمالقة الجنوبية والمقاومة التهامية الموالية لطارق، الجميع ليلة 11 نوفمبر 2021م بانسحابها من اطراف مدينة الحديدة وكيلو 16 ومديريات الدريهمي والجاح وغيرها بكامل عديدها وعتادها، في وقت تتحدث عن انها "تسعى لتحرير صنعاء".
تفاصيل: اول موقف رسمي للشرعية يحسم جدل انسحابات الحديدة
وسبق أن كشف عسكريون وسياسيون عن دوافع خطيرة لهذا الانسحاب المفاجئ من جانب قوات طارق عفاش والوية "المقاومة التهامية" و"العمالقة الجنوبية" الموالية له في "القوات المشتركة"، بينها ما سموه عملية "القوس الذهبي" الهادفة للسيطرة على مساحة بشكل قوس تمتد من ريف تعز إلى باب المندب.
تفاصيل: الشرعية تكشف سر انسحاب طارق من الساحل الغربي (وثيقة)
جاء الانسحاب المفاجئ لقوات طارق عفاش وألوية "القوات المشتركة" الموالية له من مساحة 110 كم مربع في مديريات ومدينة الحديدة، تدشينا رسميا لاجراءات انشاء اقليم جديد، هو الاهم في اليمن، بالنظر لموقعه واهميته الاستراتيجية سياسيا واقتصاديا وعسكريا، محليا واقليميا ودوليا، باشراف مباشر من التحالف.
تفاصيل: شاهد .. تدشين الاقليم الجديد والاهم في اليمن
بالمقابل، استغل طارق عفاش، مخاوف التحالف بقيادة السعودية والامارات، وانتكاساته في الحرب على الحوثيين، للتشكيك في القوى الوطنية المنخرطة في مواجهة الانقلاب منذ 2014م، وظل حتى بعد التحاقه بتحالف دعم الشرعية 2018م، يناصب هذه القوى العداء، اعلاميا وسياسيا وعسكريا، ويجاهر بتمرده على الشرعية ممثلة بالرئيس هادي والحكومة اليمنية.
ومطلع ابريل 2022م توج التحالف بقيادة السعودية والامارات، تمرد طارق عفاش على الشرعية، عبر الضغط على الرئيس هادي ونائبه الفريق علي محسن، للتنحي وتفويض الصلاحيات ونقل السلطة لمجلس قيادة رئاسي، يرأسه احد رموز النظام السابق ويضم قيادات مليشيات السعودية والامارات في جنوب اليمن (الانتقالي الجنوبي والعمالقة الجنوبية) وغربه (طارق عفاش).
ميدانيا، تفاقمت معاناة ملايين المواطنين في مديريات الساحل الغربي التهامي الخاضعة لسيطرة قوات طارق عفاش، جراء ممارسات الاخيرة التعسفية واستباحتها الاراضي العامة والخاصة بالبسط والنهب، وجباية الاتاوات غير القانونية، ونهب الايرادات العامة، والهيمنة على السلطات المحلية لخدمة مصالح طارق عفاش وشركات حاشيته بقطاع الخدمات.
كما انتشرت في مديريات الساحل الغربي المحررة، سجون غير قانونية، تضم آلاف المعتقلين لانتقادهم او اعتراضهم على ممارسات قوات طارق ونفوذ الامارات، وكان اخر ابرز جرائمها قتل المعتقل التهامي علي شجيعي تحت التعذيب، بسجن معسكر "ابو موسى الاشعري"، امتدادا لجرائم مماثلة، وثقتها منظمات حقوقية عدة بينها منظمة سام، ومقرها جنيف.
تفاصيل: وثائق تفضح فظاعات سجون طارق عفاش (اسماء)
يشار إلى أن طارق عفاش يسعى إلى إعادة النظام العائلي السابق لعمه الرئيس الاسبق علي عفاش، واستعادة حكم اليمن، عبر الارتهان الكامل لاجندة اطماع التحالف بقيادة السعودية والامارات في اليمن والمنطقة عموما، وعرض خدماته للكيان الاسرائيلي، وامريكا وبريطانيا، في تأمين الملاحة البحرية لسفنها عبر مياه اليمن الاقليمية في باب المندب والبحر الاحمر.