العربي نيوز:
يتواصل انكشاف جرائم المليشيا الانقلابية المتمردة على الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، وتورطها في اغتيال المئات من السياسيين والعسكريين والامنيين، في ساحة القضاء بالعاصمة المؤقتة عدن.
توالت الفضائح في الجلسة السادسة عشر للمحكمة الجزائية المتخصصة في عدن، لمحاكمة المتهمين في خلايا الاغتيالات بمحافظتي عدن والضالع، والتي سبق لمتهمين فيها الاقرار بتورط مليشيا "الانتقالي الجنوبي" والامارات في الاغتيالات.
واستعرضت المحكمة في جلستها الاربعاء (29 يناير)، أدلة جديدة من النيابة الجزائية، في القضية رقم 59 المرفوعة ضد المتهم عنتر كردوم وآخرين بتهمة الاشتراك في عصابة مسلحة، وتنفيذ جرائم اغتيالات في محافظتي عدن والضالع.
جاء بين ادلة النيابة، مقطع فيديو مدته 16 دقيقة، عرضته خلال الجلسة مع نسخة مكتوبة لمحتواه، ويظهر فيه المتهم محمد علي مصلح الدعري، إلى جانب عبدالقوي الزبيرـ ويتضمن اعترافاتهما حول عمليات الاغتيال التي طالت عدداً من الشخصيات.
وأقر المتهم محمد الدعري، في إفادته، بمعرفته بتفاصيل عمليات اغتيال عدة، أبرزها اغتيال عبدالرقيب قزيع، الذي نفذه مصطفى حمود، واغتيال أسامة محمد سيف، معترفا بأنه كان يقود الدراجة النارية بينما قام ناجي الخادم بإطلاق النار عليه.
كما ذكر المتهم الدعري عمليات اغتيال أخرى استهدفت شخصيات بارزة، منها الدكتور خالد عبده، الذي تم رصده لفترة طويلة قبل تنفيذ الجريمة، ورصد أحمد قايد الوصابي قبل اغتياله، تورط عنتر كردوم في اغتيال زكي السقلدي وخالد غيمان.
مضيفا: إن الجماعة المسلحة كانت تستهدف عدداً من الشخصيات، منها: "عقيل صالح المعكر، وأبوه صالح المعكر، والصحفي عبدالرقيب الهدياني، وعبدالله مقبل، وفواز عبدالله سناح". وأنها "حاولت اقتحام منزل عبدالرقيب الهدياني بهدف تصفيته".
وتابع: أنهم كانوا يعتبرون "حزب الإصلاح وتنظيم القاعدة خصوماً يجب القضاء عليهم". موضحا أن العصابة شهدت خلافات على الرواتب، ما أدى إلى انقسامها إلى مجموعتين، إحداهما بقيادة غسان أحمد شائف، والأخرى بقيادة مصطفى حمود.
كما أشار المتهم الدعري، إلى أن "عبدالعزيز فضل غالب كان المسؤول المالي في العصابة، ويتلقى التمويل من شخص يدعى أبو كاظم سامح النورجي"، حيث يتم تحويل الأموال من عدن". وسرد تفاصيل عمليات اغتيال طالت شخصيات عدة.
وجدد محامي الدفاع صالح العامري، اعتراضه على عرض النيابة للفيديو، بوصفه "نسخة متصلة من فيديو مجزأ، ما يثير التساؤلات حول توقيت الحصول عليه ومدى قانونيته". مطالبا بـ "اسقاطه من الادلة لتسجيله بطريقة مخفية ودون اذن مسبق".
كما طالب الدفاع باستدعاء عدد من الشهود الموجودين في سجن بئر أحمد، لتقديم شهاداتهم حول القضية. وبدوره جدد المحامي طه حسين تمسكه باعتراضه على التسجيلات، مطالباً المحكمة بمنحه مساحة كافية لتقديم دفوعه". حسب تعبيره.
من جانبها، قررت المحكمة الجزائية بختام جلستها "إلزام النيابة بإحضار الشهود المذكورين في الجلسة القادمة، وأجلت المحاكمة إلى يوم الأربعاء 12 فبراير 2025، لمواصلة النظر في القضية واستكمال إجراءات الإثبات والمرافعات".
والاربعاء (8 يناير)، تلقت الامارات و"المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع لها، فاجعة جديدة باعترافات تؤكد تورطهما في تمويل وإدارة عمليات اغتيالات لسياسيين وعسكريين وقضاة وأئمة مساجد وناشطين، يعارضون نفوذ الامارات في جنوب البلاد.
اقر متهمون بخلية الاغتيالات، في الجلسة الخامسة عشر للمحكمة الجزائية، بينهم المتهم عماد عبدالواحد، بأن "بعض عمليات الرصد والمراقبة للشخصيات المستهدفة بالاغتيال كانت تتم بناءً على تقارير ترسلها جهات خارجية، خاصة الإمارات".
تفاصيل: فضيحة جديدة تصعق الامارات وحكامها
عززت اعترافات المتهمين، ما سبق أن كشفته بريطانيا، ولأول مرة، مطلع 2024م، عن تورط الامارات في ادارة وتمويل مئات الاغتيالات في العاصمة المؤقتة عدن، طالت قيادات عسكرية وامنية وائمة مساجد وخطباء وناشطين معارضين لنفوذها في جنوب اليمن، بواسطة تجنيد مرتزقة امريكيين ويمنيين ايضا من مليشيا "الانتقالي الجنوبي"..
جاء هذا في فيلم وثائقي بثته هيئة الاذاعة البريطانية (BBC)، نهاية يناير 2024م، وفجر موجة جدل واسعة على الصعيدين المحلي والاقليمي، بفتحه واحدا من اخطر الملفات السوداء للتواجد الاماراتي في اليمن ضمن التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، خلال الاعوام التسع الماضية.
وأكدت القناة، الاوسع انتشارا على مستوى العالم، إن "أكثر من مئة شخص قتلوا خلال فترة ثلاث سنوات بعدما تولّت الإمارات المسؤولية الأمنية في الجنوب". موضحة أن "العديد من الذين اغتيلوا كانوا قيادات وعناصر من حزب التجمع اليمني للإصلاح" بجانب قيادات سلفية.
القناة البريطانية سردت بين عمليات الاغتيالات التي شهدتها عدن عقب معركة التحرير يوليو 2015م وسيطرة الامارات ومليشيا "المجلس الانتقالي" على السلطات الامنية "محاولة اغتيال أنصاف مايو، وهو سياسي يمني وزعيم حزب الإصلاح في عدن، المقر المؤقت للحكومة اليمنية".
وأجرت قناة "بي بي سي" البريطاني في فيلمها الوثائقي "كشف حرب الإمارات ضد السياسيين اليمنيين: مهام اغتيال في اليمن" مقابلة مع ضابط سابق في البحرية الأميركية، صار لاحقا نائبا لرئيس شركة سبير الاسرائيلية للعمليات الأمنية، وقال: إنه تلقى العرض عبر رجل الاعمال الاسرائيلي أبراهام جولان".
مضيفا: إنه "انتقل بعد الموافقة الى مقر نادي ضباط القوات المسلحة في ابوظبي، والتقى هناك القيادي الامني السابق في حركة فتح الفلسطينية، محمد دحلان، مستشار محمد بن زايد، وتم الاتفاق على خطة وآلية عمل خلية الاغتيالات الخاصة واعتماد موازنة بلغت 1.5 مليون دولار شهريا".
وأقر الضباط السابق في البحرية الامريكية، إسحق جيملور، بأنه "كان واحداً من عشرات الأميركيين الذين استأجرتهم الإمارات لتنفيذ اغتيالات في عدن ضمن شبكة سيبر، وأنه تولى مع ضباط امريكيين سابقين تدريب ضباط اماراتيين تولوا بدورهم تدريب يمنيين على تنفيذ عمليات الاغتيالات".
أكد فيلم قناة BBC الوثائقي ما سبق أن نشرته مواقع تحقيقات استقصائية امريكية، بكشفها أن "مرتزقة أميركيين قاموا أيضاً بتدريب ضباط إماراتيين، درّبوا بدورهم يمنيين على تنفيذ عمليات اغتيال، مما يجعل تعقبهم إلى الإمارات أمراً صعباً". مستشهدا بـ "أكثر من 10 مصادر يمنية".
وجاء بين مصادر الفيلم الوثائقي المثير للجدل، التي اكدت تورط الامارات المباشر في إدارة وتمويل عمليات اغتيالات طالت المئات في عدن بدوافع سياسية "رجلان قالا إنهما تدربا على يد جنود إماراتيين لتنفيذ اغتيالات غير مرتبطة بالإرهاب" بخلاف مزاعم الامارات ومليشياتها حينها.
كما تضمن فيلم (BBC) الوثائقي، حديثا لرئيس "المجلس الانتقالي" التابع للامارات، عيدروس الزُبيدي، حاول فيه انكار حدوث الاغتيالات في عدن، ثم انسحب من اللقاء عندما واجهته مُعدة الفيلم بأدلة تجنيد الامارات مرتزقة امريكيين لتنفيذ وتدريب منفذي عمليات اغتيالات في عدن.
شاهد .. كشف حرب الإمارات ضد السياسيين اليمنيين (فيلم)
من جانبها، سارعت الامارات إلى الرد على ما كشفته قناة (BBC) البريطانية في فيلمها الوثائقي الذي نفذته الصحفية الاستقصائية المعروفة نوال المقحفي، بإطلاق مسؤول اماراتي تصريحات تنفي ما ورد في التقرير وتقر في الوقت نفسه بما سماه "عمليات ضمن القانون الدولي".
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية "فرانس برس" عن بيان لمسؤول إماراتي قوله إن "ما ورد بشأن اغتيال أفراد لا علاقة لهم بالإرهاب كاذبة ولا أساس لها من الصحة". مضيفا: إن أبوظبي دعمت عمليات مكافحة الإرهاب في اليمن بدعوة وعلم الحكومة اليمنية وحلفائها الدوليين".
وزعم المسؤول الاماراتي في بيانه، إن "دولة الإمارات تصرفت وفقاً للقانون الدولي المعمول به خلال هذه العمليات". متحدثا عن أن "مزاعم مماثلة صدرت في الماضي وثبت بالفعل أنها غير صحيحة ولها دوافع سياسية" حسب زعمه، في اشارة لضحايا الاغتيالات الاماراتية.
لكن المسؤول الاماراتي استدرك في حديثه لوكالة الصحافة الفرنسية بالقول: "في حال ظهور أي مزاعم جديدة يحتمل أن تكون ذات مصداقية في المستقبل، فإن الإمارات العربية المتحدة ستجري بالطبع تحقيقات صارمة". وهو ما يؤكد تورط الامارات في جرائم الاغتيالات.
يشار إلى أن عدن وعدد من مدن جنوب اليمن، شهدت اغتيالات طالت المئات من القيادات العسكرية والامنية وائمة وخطباء المساجد وقيادات سلفية في المقاومة الجنوبية، يتهم بتمويلها الامارات، وبالاشراف عليها هاني بن بريك نائب رئيس "الانتقالي" وعمار صالح وكيل جهاز الامن القومي سابقا.