العربي نيوز - الخرطوم:
فجر السودان، فضيحة جديدة ومجلجلة لدولة الامارات، عربيا واقليميا ودوليا، بإصداره اعلانا جريئا كشف خفايا خطيرة عن الامارات، وأحرج في الوقت نفسه، الشرعية اليمنية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة المعترف بها دوليا، بعدما سارعت لتأييد المزاعم الاماراتية واصدار بيان ادانة للجيش السوداني.
جاء هذا في بيانين صادرين عن الجيش السوداني ووزارة الخارجية السودانية، نفيا بالادلة القاطعة، اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة للجيش السوداني بقصف مقر سفيرها في الخرطوم، ودحض اتهامات الخارجية الاماراتية للجيش السوداني بتنفيذ عدوان على بعثتها الدبلوماسية في العاصمة السودانية الخرطوم.
وقالت قيادة الجيش السوداني في بيان نشرته على حائطه بمنصة "فيس بوك": "تستنكر القوات المسلحة السودانية وتنفي إتهام دولة الإمارات لها بقصف مقر سفيرها بالخرطوم، وتؤكد أنها لا تستهدف مقار البعثات الدبلوماسية أو مقار ومنشآت المنظمات الأممية أو الطوعية ولا تتخذها قواعد عسكرية ولا تنهب محتوياتها".
مضيفة: "وإنما تقوم بتلك الأفعال المشينة والجبانة مليشيا متمردي آل دقلو الإرهابية التي تدعمها لارتكاب تلك الأفعال دول معلومة للعالم، وتستمر في إرتكابها على مرأى ومسمع من الدول والمنظمات الدولية". في اشارة صريحة إلى دعم الامارات العلني للمليشيا المتمردة على الجيش السوداني ومجلس السيادة الحاكم.
وتابعت قيادة الجيش السوداني في بيانها الصادر على لسان ناطقه الرسمي، الاثنين (30 سبتمبر)، قائلة: إن "القوات المسلحة السودانية لا تقوم بهذه الأعمال الجبانة ولا تخالف القانون الدولي وإنما تستهدف أماكن تواجد هذه المليشيا وهذا حقها في الدفاع عن كيان الدولة السودانية".
شاهد .. الجيش السوداني يفضح اكاذيب الامارات
من جانبها، وصفت وزارة الخارجية السودانية، الاثنين (30 سبتمبر)، الاتهامات التي وجهتها الإمارات للجيش السوداني بقصف منزل سفيرها في الخرطوم بأنها "كاذبة وباطلة". وعرضت ادلة "تنفي الواقعة من الاساس". وأكدت في الوقت نفسه "حق الجيش السوداني في التصدي لكل مايهدد الأمن القومي للبلاد".
والثلاثاء (1 اكتوبر) نقلت صحيفة "سودان تربيون" عن وزارة الخارجية السودانية، قولها: "إن قوات الدعم السريع (المتمردة على الجيش السوداني ومجلس السيادة) اعتدت على سفارة الإمارات في الخرطوم ضمن 40 مقرًا دبلوماسيًا ومنظمات دولية ووكالات تابعة للأمم المتحدة".
شاهد .. الخارجية السودانية تتهم الامارات بالكذب
جاء بيان الجيش السوداني والخارجية السودانية، ردا على مزاعم وزارة الخارجية الاماراتية "قصف الجيش السوداني لمنزل رئيس بعثتها في الخرطوم"، وحشدها تضامنا خليجيا واقليميا واسع النطاق مع أبوظبي، حتى بعد نفي القوات المسلحة السودانية قصف منزل رئيس بعثة الامارات.
وأعربت الخارجية الاماراتية في بيان، عن استنكارها الشديد لما سمتها الأعمال الإجرامية، وأكدت رفضها الدائم لجميع أشكال العنف والإرهاب التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار وتتنافى مع القانون الدولي. وقالت إنه "ستقدم مذكرة احتجاج إلى جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة".
شاهد .. مزاعم الامارات ضد الجيش السوداني
في المقابل، تسبب بيان الجيش السوداني وبيان الخارجية السودانية، في احراج للشرعية اليمنية، التي سارعت عبر بيان صادر عن وزارة الخارجية وشؤون المغتربين إلى إدانة " الاعتداء الذي استهدف مقر رئيس بعثة دولة الإمارات العربية المتحدة في جمهورية السودان". وشددت على "حماية المباني الدبلوماسية".
شاهد .. السودان تحرج الشرعية اليمنية
وطالب سياسيون واعلاميون سودانيون الدول والمنظمات التي سارعت إلى ادانة الجيش السوداني بالاعتذار. وقال الاعلامي السوداني الشهير، خالد علي (الإعيسر): "الدول والمنظمات الإقليمية التي أصدرت بيانات إدانة لما تم -تزويره- من زعم بقصف مبني السفير الإماراتي في الخرطوم، عليها أن تعتذر".
مضيفا: "أنها تعجلت بإصدارها لبيانات إدانة من دون التحقق من مصداقية الخبر عبر بيان الناطق الرسمي بإسم الجيش السوداني أولاً، ثم ثانياً بيان وزارة الخارجية السودانية التي نفت الحادثة من الأساس، وقدمت أدلة وصور للمبنى تنفي صحة الخبر بالشواهد". مشيرا إلى "صمت بعض هذه الدول والمنظمات على جرائم المليشيا ورعاتها الاقليميين انفسهم".
شاهد .. استنكار سوداني للادانات العربية
وتأتي المزاعم الاماراتية بعدما اتهم الجيش السوداني الإمارات مرارا بتقديم الأسلحة والدعم لقوات الدعم السريع التي يتزعمها محمد حمدان دقلو (حميدتي) في الحرب بينها وبين قوات الجيش السوداني، المتواصلة منذ أبريل 2023، ضمن توجهات ابوظبي للسيطرة على الساحل الافريقي.
شاهد.. مساعي الامارات للسيطرة على الساحل السوداني (فيديو)
وتلقت الامارات، نهاية يونيو الفائت، صفعة قوية ومربكة دوليا، داخل مجلس الامن الدولي، التابع لهيئة الامم المتحدة، عبر شكوى رسمية ضد ابوظبي وتدخلاتها العسكرية والسياسية في تمزيق الدول واشعال الصراعات والحروب الاهلية داخلها، تقدم بها سفير السودان لدى الامم المتحدة.
قدم سفير السودان لدى الامم المتحدة، الحارث إدريس الحارث محمد، اتهاما مباشرا للامارات بإشعال الصراع في السودان، خلال اجتماع دوري لمجلس الامن الدولي، تضمن جدول اعماله بحث الوضع في السودان. وقال: إن "قوات الدعم السريع "المدعومة بالسلاح من الإمارات" "تستهدف القرى والمدن بشكل متعمد وممنهج".
مضيفا: "يجب على الإمارات أن تبتعد عن السودان. هذا هو المطلب الأول الذي سيسمح بالاستقرار في السودان، وعليها أن توقف دعمها". وأردف: "إن دعم أبوظبي المالي والعسكري لقوات الدعم السريع هو السبب الرئيسي وراء هذا الوضع المطول". داعيا هيئة الامم المتحدة ومجلس الأمن الدولي إلى "التحدث بشجاعة وإدانة الحكومة الإماراتية علانية".
من جهته، سارع المبعوث الاماراتي لدى الامم المتحدة، إلى الرد على اتهام سفير السودان دولة الإمارات خلال اجتماع لمجلس الأمن، بإثارة الصراع في بلاده، عبر نفي الاتهام السوداني بوصفه "غير صحيح". رغم اثبات وزارتي الخارجية والدفاع السودانيتين التورط الاماراتي.
وسبق أن اتهم الجيش السوداني الامارات، بـ "دعم قوات الدعم السريع المتمردة". كما طلب مجلس السيادة الحاكم في السودان، رسميا في إبريل الفائت، عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي لوضع حد للتدخل الاماراتي في اشعال الصراع بالسودان، لكن مجلس الامن رفض الاستجابة للطلب.
جاء هذا عقب صدور قرار رسمي سوداني نهاية مارس الفائت، بطرد سفير دولة الامارات، هو الثاني للامارات الذي يطرد دوليا خلال اقل من عامين، اعتراضا على خرق الامارات البروتوكول الدبلوماسي بانتهاك السيادة الوطنية والتدخل في شؤون الدول ودعم اضطرابات سياسية وعسكرية فيها.
تفاصيل: فضيحة.. طرد ثاني سفير اماراتي دوليا
وفي (11 ديسمبر) من عام 2023م، أعلنت وكالة الانباء السودانية (الرسمية) طلب السودان رسميا من 15 شخصا من الدبلوماسيين الإماراتيين مغادرة البلاد خلال يومين، عقب استدعاء الخارجية السودانية القائم بالأعمال بالإنابة لسفارة الإمارات لدى الخرطوم، بدرية الشحي.
موضحة أن وزارة الخارجية السودانية أبلغتها قرار الحكومة "إعلان 15 شخصا من الدبلوماسيين العاملين في السفارة أشخاصا غير مرغوب فيهم، وطالبت بمغادرتهم السودان خلال 48 ساعة". وإن "الخارجية السودانية طلبت من القائمة بأعمال سفارة ابوظبي نقل القرار إلى حكومتها".
وفي (28 نوفمبر) الماضي، قال عضو مجلس السيادة مساعد قائد الجيش ياسر العطا: إن الإمارات ترسل إمدادات إلى قوات الدعم السريع" المتمردة، في أول اتهام علني لدولة الامارات بالتورط المباشر في اشعال الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع (الجنجويد).
شاهد .. الخارجية السودانية تطالب بعثة الامارات بالمغادرة
يعد قرار السودان طرد سفير الامارات الثاني بعدما رحلت السلطات المصرية مطلع اكتوبر 2021م سفير الامارات حمد الشامسي، بعد ضبطه متلبسا بجريمة تمس الامن القومي لمصر، في فضيحة دبلوماسية، مدوية تكشف الوجه القبيح للنظام الاماراتي ومؤامراته ضد الدول العربية ذات العمق الحضاري.
تفاصيل: مصر ترحل السفير الاماراتي بعد فضيحة
تزامن قرار السودان بطرد سفير الامارات لدى الخرطوم، مع نشر وكالة استخبارات فرنسية "حرة"، فضيحة كبرى، هزت اركان دولة الامارات، بكشفها عن صفقة ابرمتها الامارات مع ضابط في القوات الفرنسية الخاصة، لتجنيد وتدريب "فيلق" من المرتزقة الاجانب، تعتزم نشر جنوده في اليمن والصومال.
ونشر موقع "إنتليجنس أونلاين" الفرنسي، وثيقة مراسلات بين ضابط كوماندوز بحري فرنسي قديم مع مسؤولين في الجيش الاماراتي، بشأن صفقة انشاء "فيلق نخبة" جديد من المرتزقة الاجانب، قوامه لا يقل عن 3000 مجند اجنبي، لاحكام الامارات سيطرتها على دفتي مضيق باب المندب الاستراتيجي.
تفاصيل: فضيحة دولية كبرى تهز اركان الامارات (وثيقة)
عزا مراقبون اقليميون ودوليون، توجه الامارات نحو تجنيد فيلق من المرتزقة الاجانب عبر فرنسا ونشره في الصومال واليمن، إلى "سعي ابوظبي لاحتلال باب المندب واحكام السيطرة عليه، بمنأى عن مليشياتها اليمنية (طارق عفاش والانتقالي الجنوبي) بحكم ارتباطاتهما بالمملكة العربية السعودية".
وتتبنى الامارات تنفيذ اجندة مشتركة مع الكيان الاسرائيلي لتقسيم الدول ذات الاهمية الاستراتيجية في المنطقة بشريا وعسكريا واقتصاديا (ملاحيا)، عبر تمويل انشاء مليشيات محلية تابعة لها، كما فعلت في ليبيا وسوريا والصومال والسودان، واليمن بتبنيها مليشيا "الانتقالي الجنوبي" ومليشيا طارق عفاش.
عّمَدت الامارات، منذ بدء مشاركتها في تحالف "عاصفة الحزم" في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية (مارس 2015م)، الى الانتشار والسيطرة على موانئ اليمن وسواحله الغربية والجنوبية وجزره الاستراتيجية وأبرزها ميون (بريم) وعبدكوري وسقطرى، ضمن اجندة اطماعها في الهيمنة على الملاحة الدولية.
يشار إلى أن الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق اول عبد الفتاح البرهان، يخوض منذ منتصف أبريل 2023، مع قوات "الدعم السريع" شبه العسكرية، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حربا خلَّفت أكثر من 12 ألف قتيل وأكثر من 6 ملايين نازح ولاجئ وفق الأمم المتحدة.